دولياترأيسياسة

أوروبا منقسمة بين مؤيدٍ لروسيا و معارضٍ للحرب : ما هي الشواهد؟(د.جواد الهنداوي)

 

د. جواد الهنداوي – الحوارنيوز خاص

 

تُخطّط الولايات المتحدة الاميركية سياسياً وعسكرياً لإطالة مدة الحرب، وتشارك أوروبا سياسياً وعسكرياً فيها. كلاهما ( اميركا وأوروبا ) تتبعان منهج التصعيد التدريجي ، من خلال خطوات سياسيّة تتمثلُ في جُرعات العقوبات الاقتصادية والمالية واخرى ، تصدرُ بين حين وآخر ، ومن خلال اجراءات عسكرية تتمثّلُ في ارسال اسلحة ومعدات عسكرية متطوّرة الى الجيش الاوكراني .

وتُضاف الى ما ذُكرْ من اجراءات، أُخرى نفسيّة واعلامية وتحريضيّة ، يتبناها الرئيس الأميركي بايدن ، واصفاً نظيره الروسي بوتين بنعوتٍ ، لمْ تُستخدمْ ،من قبل ، لوصف رئيس دولة عظمى ، عضو دائم في مجلس الأمن ، مثلْ مجرم حرب او ديكتاتور قاتل او الحديث عن ضرورة مغادرة بوتين السلطة.

تصريحات اعتدنا سماعها من قادة او رؤساء اميركيين عن رؤساء لدول ، ساهمت أميركا بتدميرها وبسرقة ثرواتها كالعراق وسوريا وليبيا ، وبإسم الديمقراطية والبناء و حقوق الانسان .

يصفُ الاعلام الأميركي والغربي ما فعلتهُ وما تزال جيوشهم واداراتهم في العراق وفي سوريا وفي ليبيا بانه تحرير ،  ويصف ما تقوم به روسيا في أوكرانيا  بأنه غزو .

وتعتبر اميركا أمنَ دولٍ في منطقتنا،  والتي تبعد عن أميركا ستة الاف كيلو متر هو جزء من أمنها القومي ، ويستكثر الغرب على روسيا ويقف ضّدها حين تهتم روسيا بسلامة أمنها القومي من تمدّد حلف الناتو وتموضعهِ في اوكرانيا ، على حدود روسيا وببعد اقل من ٩٠٠ كيلو متر بّراً ، بين موسكو وكييف ، عاصمة اوكرانيا .

ما نكتبه أعلاه ليس تبريراً للحرب وانما وصف مختصر جداً لبعض اسبابها ، التي تكمنُ في نهجٍ مُتبعٍ في السياسة الأميركية هو ” التحريض و التوريط ” ، اي دفع الخصم لاتخاذ قرار استراتيجي ( الحرب ) ، من اجل استنزافه و مُعاداته ، والتحريض على معاداتهِ ،دولياً و أُممياً .

كثيرٌ من النخب الاوروبية ، ونسبة كبيرة من الرأي العام الاوروبي يدركون أنَّ في الحرب الدائرة في اوكرانيا ارادة و رغبة اميركية و ناتويّة ( من حلف الناتو ) .

هم يتضامنون و يتعاطفون مع الضحايا ،و يتفهمون الاسباب التي دعت روسيا للحرب ، ولكنهم لا يؤيدون الحرب ،التي تخوضها روسيا ،والتي لحلف الناتو وللولايات المتحدة الأميركية ارادةً ومصالح  فيها.

رئيس وزراء فرنسا الاسبق دومنيك فيلبان ( كان وزيراً للخارجية في عهد الرئيس جاك شيراك ،والقى كلمته المشهورة في الامم المتحدة،في آذار عام ٢٠٠٣ ، مدافعاً بشّدة عن موقف فرنسا المعارض للحرب على العراق ،ثّمَ رئيساً للوزراء ) ،في مقابلة تلفزيونية له قبل ايام ، مع احدى القنوات الفرنسيّة ، تحدّثَ وبصراحة عن دور كبير لأميركا وللناتو  في الحرب الروسيّة الاوكرانية ، وقال  “نحن كذبنا على الرئيس بوتين ،وهو لمْ يعُدْ يثق بنا” .

صعود احزاب اليمين المتطرف ، كحزب الجبهة الوطنية ، وبرئاسة السيدة ” ماري لو بان ” ، وكذلك المرشّح “زامور ” والمعروف بعنصريته ، هو شاهدُ آخر على تأييد شريحة من المجتمع الفرنسي لموقف السيدة ” لو بانْ ” المتفهم للموقف الروسي والرافض للهيمنة الأميركية والصهيونيّة ، حتى انّ خصوم السيدة ” لو بانْ ” من السياسيين الفرنسيين ينعتونها ب ” بوتين الفرنسي “. النجاح الذي حققّته احزاب اليمين المتطرف في فرنسا ، في هذه الانتخابات ، يُعزى الى عوامل تتعلق بالسياسة الخارجية اكثر من عوامل تتعلق بالسياسة الداخلية والظروف الاجتماعية والاقتصادية في فرنسا .

الفوز الكبير الذي حققّه السيد فيكتور روبان ، في الانتخابات التي جرتْ في هنغاريا بتاريخ ٢٠٢٢/٤/٣ ،يفسّرُ ايضاً تأييدا شعبيا لمواقفه ، ومنها موقفه المعارض جداً لفرض عقوبات على روسيا ،والمعارض لسياسة مقاطعة منتجات الطاقة الروسيّة .

ما حدثَ في باكستان ، واقالة رئيس الوزراء السيد عمر خان ، شاهد آخر على تدخل وتحكّم أميركا في مصائر الشعوب واستقلالية الدول ، ويتزامن هذا التدخل المكشوف والذي اعلن عنه صراحة وندّده السيد عمر خان في وقت تتفاقم فيه تداعيات الحرب الروسيّة الاوكرانية ، وخاصة في ارتفاع اسعار الكهرباء والوقود والمواد الغذائية ،الأمر الذي زادَ من شعور الشعوب بالغضب ، ليس تجاه روسيا وانما تجاه سياسة أميركا  ،التي تقف وراء حروب وفتن وازمات المجتمعات والدول.

*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات – بروكسل

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى