رأي

موقف أوردغان تجاه جرائم أسرائيل : سياسي ،إنساني ام عقائدي ؟(جواد الهنداوي)

 

  د.جواد الهنداوي – الحوار نيوز

   أظّنُ انه الرئيس الوحيد الذي وصفَ نتنياهو ،علناً و بوضوح ،  بهتلر ،وإسرائيل بدولة ارهابية ، وجرائم الابادة  والأخرى التي ترتكبها اسرائيل ،ومنذ اكثر من شهريّن في غزّة ، بالجرائم التي ارتكبتها النازيّة في المانيا  ، ( رأي اليوم ،صحيفة الكترونية ، ٢٠٢٣/١٢/٢٧، نقلاً عن رويتر ) .

     و استرسل الرئيس اوردغان ،بالتأكيد على النعوت التي منحها لنتنياهو وللكيان المُحتل ،قائلاً :” يتعين اخضاع قادة الكيان للمساءلة امام المحاكم الدولية ” . و أضاف: ” دأبوا على سوء القول عن هتلر . ما الفرق بينكم وبين هتلر ؟ هل ما يفعله نتنياهو اقل مما فعله هتلر ؟ لا ليس اقل” . و عبّرَ الرئيس اوردغان بالترحيب بالأكاديميين والمثقفين الذين يعانون من الاضطهاد بسبب أرائهم عن الصراع في غزّة . ( ذات المصدر أعلاه ) .

   تصريحات لاذعة و جريئة ،لاسيما من رئيس دولة ،  عضو في الحلف الأطلسي ،ولها علاقات سياسية و دبلوماسية متطورة مع إسرائيل .

لم يسمعْ الغرب و لا الشرق تصريحا رسميا ،لرئيس دولة ، يصف رئيس وزراء الكيان المحتل بهتلر ،  وجرائمه المُرتكبَة في غزّة بأسوأ من النازية ، لأنَّهما وصفان في تضاد مع ثوابت الصهيونية ،التي هي منهج لفكر وسياسة الغرب ،ولانهما وصفان في تضاد مع الساميّة ، وهي ( اقصد الساميّة ) العباءة التي يرتديها ويتذرع بها الغرب لجعل انتقاد  الكيان المحتل والصهيونية مِنْ المِقدّسات المُحرّمات !

رّد َنتنياهو على تصريحات الرئيس أُوردغان مُعلناً في بيان ” ان اوردغان الذي يرتكب جرائم ضد الأكراد ويسجل الرقم القياسي لاعتقال الصحفيين هو آخر من يعظنا بالأخلاق ” ( وكالة الصحافة الفرنسية ) .

نسي نتنياهو ، بأنَّ جيشه قتلَ ، وعن عمَدْ وليس بالخطأ ، حتى الآن  105 صحافيين فلسطينيين و عرب و اجانب .

 صَدَقَ الرئيس أوردغان بما قاله عن نتنياهو وعن الكيان المُحتل وجرائمه ، ولمْ يُبالغْ ، والذي أدلى به يجول في خواطر الكثير من سياسيي ومثقفي و صحفيي العالم بأسره ، والبعض منهم يبوح به سّراً ، و آخرون يكتمون ، خوفاً من التبعات و حفاظاً على الامتيازات  او نفاقاً وتملقا .

مسؤول العلاقات الخارجية بالمفوضية الاوربية السيد جوزيب بوريل تبنى وصفاً لما يجري في غزّة ،مقاربا احدى تعليقاته ، بتاريخ ٢٠٢٣/١٢/١١ ، وفي لقاء مع وزراء خارجية، في المضمون لما صرّح به الرئيس اوردغان ،حيث قالَ  ،في دول الاتحاد الأوربي: ” ما تشهده غزّة من دمار اسوأ مما حصل في المانيا بعد الحرب العالمية الثانية ” . وعلينا ان ندرك ابعاد هذه المقاربة . قطاع بمساحة ٣٦٥ كيلومترا مربعا شهدَ و لا يزال ضررا وقتلا وقصفا اكثر مما شهدته المانيا ، أبان الحرب العالمية الثانية ، ومساحة المانيا هي ٣٦٥٠٠٠ الف كيلو متر مربع ،اي اكثر ١٠٠٠ مرّة مساحة قطاع غزّة !

 ليس عبثاً أنْ تجعلنا مشاهد غزّة ( قتل بأسلحة فتّاكة و محرمّة ، تجويع متعمد ، طوابير من الرجال عُراة ،منع وصول الدواء والماء و الغذاء.. الخ ) أنْ نعود بالذاكرة، ليس إلى حروب اسرائيل والعرب  ، وإنما إلى النازية .فهي تتجدّد اليوم في غزّة ، وكأنَّ بذور النازيّة رحلت مع الذين فرّوا ، ناجين من محارقها او مساهمين فيها ، لاجئين إلى فلسطين وإلى دولنا .

وهذا ما جعلني أُفّكرُ حقاً بأن الصهيونية هي التي انجبت النازية في المانيا ، وهي ذاتها تنجبُها ثانيّةً في غزّة . ( مقال لنا بعنوان الصهيونية تنجبُ من جديد النازية في غزّة ، ٢٠٢٣/١١/١٤ ، منشور في عدة مواقع ومنها رأي اليوم ، والحوار . و آخر بعنوان عُذراً ايها التاريخ كذبت وصدقت غزّة ، بتاريخ ٢٠٢٣/١١/١٨ ، ذات المصادر ) .

أعودُ للأجابة على السؤال عنوان المقال ..

تصريحات الرئيس أوردغان شُجاعة و صادقة ومزعجة جداً للكيان الصهيوني و محُرجة لأمريكا وللدول الداعمة للكيان الصهيوني ، ولكن ليست سياسيّة . أي أنها لا تعبّر عن موقف سياسي ،وليس لها اثار او تداعيات سياسيّة ،فالعلاقات ،وعلى كافة الصُعد مع الكيان المحتل مستمرّة .

التصريحات ذات بُعد عقائدي ،دينياً وانسانياً و حزبياً او حركياً (حركة حماس ) .و حّدة التصريحات تؤكّد معلومات عن تحذيرات تركية وُجّهتْ إلى إسرائيل دبلوماسياً ورسمياً من مغّبة قيام إسرائيل بمسعى او محاولات لاغتيال قادة لحماس على أراضيها .كما لموقف وتصريحات الرئيس أُوردغان صدى إيجابي للرأي العام التركي والإسلامي .

ليس لتصريحات الرئيس أُوردغان ردود افعال دولية ، لا من دول محور المقاومة ،وبالأخص إيران ، و لا مِنْ الدول الأخرى ، وبالأخص أمريكا ودول الناتو . ما يهّمُ الدول المواقف السياسيّة ونتائجها وليس التصريحات ذات البُعد الإنساني والمُعّبرة عن المشاعر .

لا خلاف على انَّ التصريحات أزعجت إسرائيل ونتنياهو ، و قاربت الجرائم في غزّة مع جرائم النازية ، و نتنياهو مع هتلر ، مما سيساهم في سقوط نتنياهو دولياً .

*سفير عراقي سابق.رئيس المركز العربي الأوربي للسياسات وتعزيز القدرات /بروكسل /. ٢٠٢٣/١٢/٢٩

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى