أطروحة التشيع المحاصر بين الخلافة وولاية الفقيه..كتاب جديد للدكتور حسن عاشور
الحوار نيوز – خاص
صدر عن دار العارف في لبنان والعراق كتاب جديد للكاتب والباحث العراقي الشاعر الدكتور حسن العاشور تحت عنوان : "أطروحة التشيع المعاصر بين الخلافة وولاية الفقيه- حزب الدعوة الإسلامية مثالا"، وهذا الكتاب الهام يقدم قراءة جديدة لاشكالية الموقف من الحكم والدولة لدى التشيع من خلال استعراض دور النجف الأشرف ومواقف العلماء المسلمين الشيعة من الحكم وأبرز النظريات التي تم تبنيها سواء ولاية الفقيه أو الشورى أو الخلافة ويستعرض دور المرجع السيد محسن الحكيم في رعاية العمل السياسي في العراق ومن ثم تجربة تأسيس حزب الدعوة إلاسلامية ودور المرجع السيد محمد باقر الصدر وتأثير انتصار الثورة الإسلامية في إيران على مواقف السيد الصدر وتجربة الحزب ويستعرض أيضا مواقف المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله والأمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين من نظرية ولاية الفقيه.
ومن أهم الأفكار والطروحات التي وردت في الكتاب :
أن حزب الدعوة الإسلامية كان محاولة لإعادة صياغة التشيّع النظري، بمسارات عملية، متسقا مع مناخه الإسلامي الأصيل، رافقت تأسيسه أواخر خمسينيات القرن العشرين ظروف سياسية واجتماعية اتسمت بالسعي للتحرر من مستعمر، قمع ثورة العشرين، وفرض حكومة موالية له، وروّج لعلمانية معادية للدين، ما فرض على الحزب مجابهة الاستعمار والعلمانية في الوقت نفسه، بدعم من آية الله العظمى السيد محسن الحكيم، الذي كوّن غطاء شرعيا للحزب، وكان له دور في تأسيسه ورعايته.
وكان من اهداف حزب الدعوة تنقية الساحة الإسلامية من لوثة الطائفية، وهي في جذورها التاريخية نزعة ممزقة، كرّسها الحكم، فالحزب يرى أن المسلمين يبلورون مذاهبهم تفاصيل فقهية على خط عام، يلتقون عليه جميعا، مترفعا عن، دعا إلى قيام حكم إسلامي على أساس الشورى، وإزالة آثار الانحراف المتمثل بحكومة المتغلب الذي استوطن كيان الأمة، بفعل أيديولوجية جهدت على ضخ مقولات فقه الطاعة، وتجفيف مقولات حرية الأمّة، وكان هدف الحزب هو التصحيح والعودة بالأمة إلى منهجها الصائب، المتمثل بالشورى وحرية الإرادة، وهو المنهج الذي أكده الإمام علي (ع)، وصالح بهدف إحيائه الإمام الحسن (ع)، واستشهد من أجله الإمام الحسين (ع)، وقد انطلق الحراك الدعوي بتكتل ذي أسس فكرية، ومشروع سياسي، قابل لبلورة تنظيم حزبي في خضم ظرف محلي وإقليمي وعالمي معقد.
إن تنحية الرئيس العراقي احمد حسن البكر، الذي كان يتمتع بقدر نزير من عقلانية، يفتقدها صدام حسين الذي تولى الحكم بعده، فهو لا يتورع عن إنزال أشد أنواع التنكيل والبطش بمعارضيه، وقد تزامن ذلك مع نجاح الثورة الإسلامية في إيران، فوضع الشهيد السيد الصدر أمام خيارين، إما أن يداهن الحكم ويعطيه مشروعية الإسلام، أو ينازله، فنازلة منازلة الاولياء، فذهب رضوان الله تعالى عليه شهيدا في 9/4/1980م، وبعد اشهر اندلعت الحرب، فكانت المواجهة بين حزب الدعوة الاسلامية ونظام صدام، ثم الهجرة، فقد أيّد الحزب موقف الجمهوربة الإسلامية ولكن حصلت بعض التباينات داخل الحزب بين الالتزام بولاية الفقيه أو اعتماد رؤية إسلامية اخرى، فكان خياره العمل بولاية الفقيه، في حين أنّ رؤيته كانت تقوم على "أنّ للمجتهد ولاية مشروطة بالكفاءة يستعملها لرفع بعض أحكام الحرمة، التي تحتاجها إدارة شؤون المسلمين،
بعد سقوط نظام صدام عام 2003م، حاول الحزب مدة تولي المالكي رئاسة الوزارة ان يرمم الهوية الوطنية العراقية التي شظاها منهج صدام الطائفي، ولكنه اصطدم بعقبات وضعها خصوم ومنافسون، وربما دعاة لاختلاف الرؤية، أو لاسباب أخرى، علاة على ان حسابات الحاكمين قد لا تتفق وحسابات المؤسسين، فلم ينجح هؤلاء حيث نجح أولئك.
لقد تضمن الكتاب مدخلا وفصلا تمهيديا بمبحثين تناول الأول دور النجف الاشرف في العراق والمنطقة، وتناول الثاني العلاقة بين التشيع والتصوف، وفصلين تناول الأول تأسيس حزب الدعوة الإسلامية، أمّا الفصل الثاني فتناول الحكم.
وهذا الكتاب يشكل قراءة نقدية لفكر وتجربة حزب الدعوة الإسلامية وكذلك لرؤية التشيع المعاصر بين نظرية ولاية الفقية والشورى والخلافة وهو يطرح الكثير من القضايا التي تحتاج للنقاش والتفكير والبحث وكما يتضمن معلومات ومعطيات هامة عن تأسيس حزب الدعوة ودوره في الحركة الإسلامية طيلة الستين سنة الماضية.