أتركوا هذا الرجل يعيش حياته بهدوء وسلام!(واصف عواضة)
كتب واصف عواضة
لا أعرف ما هي العبرة وما هو الهدف من ترداد وتكرار لازمة وفاة الرئيس الدكتور سليم الحص عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام ،سوى بعض الولدنة ،على بعض السخافة ،على بعض العيب،وكأن حياة الرجل باتت مزعجة للبعض،مع العلم ان الرئيس الحص صار وجوده لا يزعج أحدا.
نعم ،كان الرئيس الحص في حياته العملية مزعجا للفاسدين والمفسدين والناهبين والمزورين والمرائين والكاذبين والسافلين وتجار السياسة والدين والطوائف ،وما أكثرهم في هذا الوطن. لكن الرئيس الحص الذي كلّ لسانه وجسده وضميره الحي من النصيحة والموعظة الحسنة لتفادي ما وصلنا اليه من انهيار ،يمضي خريف العمر بحسرة ،عازفا حتى عن الكلام ،بعدما فات ميعاد الانقاذ من لدن طبقة سياسية ونظام أفلس في تحقيق القيامة لهذا الوطن الجريح .
هذا الرجل النزيه الآدمي النظيف الكف والعقل ،لا يستحق هذا التصرف من قبل بعض المراهقين الذين يستسهلون الاساءة لمن لا يستحق الإساءة ،بلا سبب وبلا هدف،اللهم إلا استجلاب الضوء الى ظلام أيامهم.
ان حياة سليم الحص ،أطال الله في عمره ، ستظل صرخة مدوية في جحيم هذا البلد الذي طالما نبه من المصير الأسود الذي ينتظره .ربما أكثر ما يزعج الرئيس الحص اليوم ،ويقض مضجعه،أنه لم يستطع ان يلجم الموغلين في نحر البلد وأهله ،وها هو يشهد أسوأ ما يمكن أن يشهده صاحب ضمير حي،ولربما كان هذا الضمير يفضل ألف مرة لو كانت خاتمته الدنيوية، قبل أن يعيش هذا الإنهيار المريع لوطن أحبه وعمل المستحيل من أجل قيامته.
بالتأكيد ،كل نفس ذائقة الموت ،وسبحان من لا يفوته فوت ،لكن ضمير الرئيس الحص سيبقى في ذاكرة الأجيال ،معلما يهتدي بوحيه كل وجدان حي.
وحتى يأذن الباري عز وجل ،ولأن خير الكلام ما قل ودل، نقول : أتركوا هذا الرجل يعيش حياته كما يرغب بسلام وهدوء،بعيدا عن ضجيج زواريب الحرتقات والانقسامات اللبنانية، وهو الذي غادرها نحو سمو الوطن منذ مدة. والسلام على من اتبع الهدى !