الحوار نيوز – خاص
نجا طفل بأعجوبة نادرة، بعدما كاد الأسد أن يفترسه اثناء زيارته لحديقة الحيوانات Animals City الكائنة في منطقة نهر الكلب، شمالي بيروت، منذ أكثر من أسبوع، بعدما انتزعه جده ومساعد له من بين أنياب الأسد، وقد أصاب بأنيابه ومخالبه ثلاثة أشخاص بجروح بالغة.
أصيب الطفل (…) بجروح بليغة في جميع أنحاء جسده، استدعت دخوله المستشفى على عجل، وإجراء عمليات جراحية سريعة له، بعدما هاجمه الأسد في حديقة الحيوانات المذكورة أعلاه.
وفي التفاصيل التي رواها الجد (لم يشأ ذكر اسمه)، مع الكثير من الغصات والدموع، أنه في 13 كانون أول الجاري، أقل أحفاده الثلاثة، (6 سنوات)، (4 سنوات) وجود (3 سنوات ونصف السنة)، ومعه مساعده، إلى Animals City، بقصد الترفيه عنهم. قال: كنت أتخيل حدائق الحيوانات الحديثة في الغرب، والأطفال يناولون الحشائش للحيوانات، وهم يراقبون أشكالها، ويتعرفون على بعض أساليب حياتها، فيكون للزيارة هدف ثقافي وترفيهي في الوقت نفسه، ولم أكن أتخيل للحظة ما حدث معنا، إذ بينما كنا نتجول في الحديقة، رأينا أكثر من أسد، داخل الأقفاص، بينها أسد ولبوة ممددان على طاولة في أحد الأقفاص. عندما رأى الأطفال الثلاثة الأسود اندفعوا نحوها، فركض الطفلان في الممر يساراً، والطفل الضحية يميناً حيث يقبع الأسد واللبوة، وخلال لحظات فوجئنا وقد أمسك الأسد يده، وراح ينهشه في كل أنحاء جسده، محاولاً إدخاله من بين فتحات الحديد الواسعة ليفترسه. جن جنوننا، فركضنا في اتجاهه بسرعة البرق. حاول مساعدي الشاب أن ينتزع الطفل من بين أنياب الأسد، فغرز أنيابه بيديه الاثنتين، لكنه لم ييأس، وبقي ممسكاً به، ووجدت نفسي أندفع بقوة نحوهما، وقد رأيت الأسد بأم عيني وهو يحاول إدخال الطفل من تلك الثغرة. كان الشاب يشد الطفل من الأمام، والأسد يشده من الخلف، فما كان مني إلا أن أمسكت الطفل من جهة أنياب الأسد وحضنته، غير آبه بضربات أنياب الأسد على يديّ، وشددت مع الشاب بقوة ذلك الجسد الطري المرتبك الذي يفر منه الدم، لنخطف أخيراً الطفل من بين الأنياب.
تابع الجد بحزن وصبر ممزوجين بالأمل: كل ذلك حصل في لحظات قليلة. ثم لا أتذكر كيف كنت أصرخ! وماذا كنت أقول! ولا أعرف من أين أتتني تلك القوة، ولماذا لم اسقط منهاراً أمام المشهد. كل ما أذكره، في تلك اللحظات القليلة، أن صورة ابني (رحمه الله) حلقت في مخيلتي، وقد خطفه الموت من حضننا وهو فتى، توازت مع صورة حفيدي، في ومضة عين تخيلت فيها حال ابنتي الحامل التي كان يمكن أن يخطف الأسد ابنها.
صمت الجد قليلاً، وأكمل سرد تلك الحادثة المؤلمة: حضر صاحب الحديقة إثر صراخنا وصراخ الناس، وقال إن لديه تأميناً على الحديقة، وأنه يفضل أخذ الطفل إلى “مستشفى سرحان”، لكننا آثرنا الذهاب فوراً إلى مستشفى الجامعة الأمريكية، أسرعنا بالطفل، وفي الطريق اتصلت بمدير المستشفى وهو صديق، كي يطلب على الفور جراحاً عاماً وجراح تجميل، وأخبرت زوجتي وابنتي، والدة الطفل، أن جود جرح في يده، ونحن في طريقنا إلى المستشفى، من دون أن أشير إلى أي حادثة. بقينا كل النهار في غرفة العمليات لتضميد جروحه، وقد احتاج الطفل إلى بنج عمومي، ففي جسمه 21 جرحاً، معظمها بليغ، إذ دخل ناب الأسد في يده النضرة عميقاً حتى الجهة الأخرى، وقد حاول الأسد أن يضرب شريان رقبته، لكنه لم يصبه، وكذلك أمسكه من ظهره وفخذه. كان الأمر مؤلماً، لكن الطفل، ولله الحمد، يتابع علاجه حالياً في المنزل.
وبصوت متهدج عبّر الجد عن مشاعره المرتبكة: ما زلنا، بعد أكثر من أسبوع، مأخوذين بالصدمة، تنهشنا أحلام مرعبة، نتساءل بذهول ماذا لو لم نستطع إنقاذه؟ وأي دمار كان يمكن أن يصيب حياتنا كلنا في العائلة؟.. تخيلوا معي كيف يمكن لشخص أن يرى فلذة كبده يفترسه أسد أمام ناظريه! إنه مشهد مروّع، لا نتمنى أن يجربه أحد!
وأكد الجد، أنه أراد أن يخبر الرأي العام اللبناني بهذه الحادثة، لا لسبب شخصي، فقد تقدم والد الطفل، أساساً، بشكوى قانونية ضد أصحاب الحديقة، عن طريق سفارتي بريطانيا وأستراليا اللتين يحمل جنسيتيهما، إنما لينتبه من يقرأ أو يسمع بالحادثة، إلى الخطر الكامن في تلك الحديقة، أو ربما في حدائق أخرى بلبنان، لا تؤمّن حماية كافية لمنع أي خطأ يودي بحياة الأبرياء، خصوصاً الأطفال، وليسأل عن الرقابة المشددة التي نفترض قيامها بالتفتيش المستمر في مثل هذه الحدائق، لتفادي مكامن الخطر.
ثم أراد الجد أن يوجه نداء إلى الناشطين في جمعيات الرفق بالحيوان، كي يتنبهوا إلى أن سجن الحيوانات أمر مرفوض في المبدأ، وإن حصل فله أسسه، وعلى الأقل يجب ألا يجوع الأسد المسجون، لدرجة أنه لو أفلت من قفصه، سوف يهجم على الناس، ويتسبب بمجزرة…
لكن يبدو أننا نعيش في غابة تديرها (…).