رأي

تآمر غربي وصمت عربي..والآتي أعظم (حيدر شومانن

 

بقلم حيدر شومان – الحوار نيوز

مع تقدم الأيام في ما نشهده من العدوان الإسرائيلي على غزة فإن حدة الغارات والصواريخ تزداد في كل يوم، ما يشي بأن الآتي سوف يكون أعظم، وذلك نية المحتل في تدمير القطاع وكل سبيل للمقاومة من أجل اجتياحه برياً. وما شهدناه في هذا العدوان استثنائياً هو تضخيم الوسائل الإعلامية في إسرائيل وحلفائها من الولايات المتحدة والغرب عموماً، حيث إبراز العنف الفلسطيني وسرد روايات عن قتل وتدمير وقطع رؤس دون مشاهد أو صور تؤكد مثل هذه الروايات

. لم نشهد من قبل تصريحا للرئيس الأميركي وهو يرثي قتلى الإسرائيليين وضحاياه بطريقة درامية، والدعوة إلى القضاء على حماس بأية طريقة كانت. كذلك تحدث نتنياهو عن الأوضاع الحزينة التي عاشها الإسرائيليون والدموع تكاد تنهمر من عينيه. ولا ننسى الاتصالات الأميركية والغربية المتكررة لقادة إسرائيل وزيارات قادة الغرب والإعلان عن التأييد المطلق لكل ما تريد أن تفعله لمعاقبة القتلة والإرهابيين. من الواضح أن استخدام الإعلام الإسرائيلي والغربي الداعم له في هذه الحرب الاستثنائية بطريقة مبالغ فيها لإتاحة الفرصة لما سيأتي (وهو ما يحدث طيلة الأيام الماضية واللاحقة كما يبدو) والتعمية الكاملة لمعاناة غزة وأهلها بشكل يرقى إلى جرائم حرب تُرتكب ضد المدنيين، من خلال القتل والتدمير وقطع الماء والكهرباء والوقود والاتصالات. ولقد أعلن القادة الإسرائيليون عن النية في القضاء على حماس وإزالتها من الوجود، والمؤازرة الغربية كانت واضحة ومشجعة. 

ومن الغريب فعلاً الصمت العربي الرسمي المطبق ولو بالشجب الخجول، ويتبعه كذلك الصمت الشعبي أيضاً وكأن ما يحدث في غزة أمر يجري في بلد لا صلة لهم به، أو كأنهم اعتاوا العنف الإسرائيلي على شعب أعزل يعاني القتل والدمار والمجاعة والأمراض منذ سنوات طويلة ولا حول ولا قوة إلا بالله. فلا تظاهرات منددة، ولا مؤتمرات تنطق بشيء من الخجل، ولا برامج توضح للناس الأوضاع التي يعيشها أهل غزة والعنف غير المسبوق للآلة العسكرية المجرمة. لقد تُرك أهل غزة يعانون وحدهم في هذا العدوان ولا دعم عربياً أو إسلامياً ولو بالكلمة الضعيفة والخجولة.

لأول مرة نرى إسرائيل تتحدث عن معاناتها بهذه الطريقة الكاريكاتورية، وكأنها تريد للعالم الغربي والداخل الإسرائيلي أن يبكي آلامهم ويتفهموا الطريقة الوحشية التي سوف يتعاملون فيها مع المجرمين القتلى ومن يسانده من الشعب دون هوادة. ولقد أثار البعض شكوكه نحو عدد القتلى في صفوف الإسرائيليين الذي تجاوز الألف ومائتي قتيل، واعتبره عدداً مبالغاً فيه من أجل التعاطف الدولي وإثارة البلبلة في صفوف المستوطنين، وإلا أين الجنازات ودفنها التي لم تبرز في الإعلام الذي يستغل أية فرصة لإبرازها.

الإعلام الغربي ركز على الساعات الأولى لطوفان الأقصى، وتعامى عن الجرائم المرتكبة في غزة طيلة الأيام المنصرمة، كما تعامى عن إيجاد الحلول للمعاناة التي يعيشها شعبها وكأن ما ارتكبته حماس يبرر لإسرائيل ارتكاب ما ترتكبه دون رحمة أو شفقة مع العلم أن من يُقتل ويعاني هم المدنيون الذين لم يفعلوا شيئاً.

هكذا يتعامل الغرب مع ضحايانا وقتلانا، وهكذا يغفل العرب رسمياً وشعبياً عما يجري، فهل تتغير الأمور عندما تجتاح إسرائيل غزة برياً وهل تساند المناطق الفلسطينية الأخرى غزة حينئذ، هذا ما سوف نترقبه في الأيامة القليلة القادمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى