سياسةمحليات لبنانية

العلامة الخطيب في ذكرى تغييب الامام الصدر: لا سبيل للخروج من الأزمة سوى الحوار والتفاهم

 

الحوار نيوز – خاص

رأى نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب ،في رسالة وجهها لمناسبة الذكرى الخامسة والاربعين لجريمة تغييب المام الصدر ورفيقيه،أن  لا  سبيل للخروج من الازمة اللبنانية الراهنة سوى الحوار والتفاهم بما يفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية وانتظام المؤسسات الدستورية.

وجاء في رسالة العلامة الخطيب:

*بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله الطاهرين واصحابه المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين والشهداء والصالحين.*

*خمس وأربعون عاما مضت على تغييب الامام السيد موسى الصدر واخويه الشيخ محمد يعقوب والاستاذ عباس بدر الدين تآمرًا على لبنان، وعلى قضيته قضية وحدته شعبا وارضا واصلاح النظام فيه ببناء دولة المواطنة واحترام الإنسان وكرامته بتحقيق المساواة في الحقوق والواجبات بين مواطنيه بديلا عن دويلات المزارع والمحاصصات لزعامات طائفية ومذهبية وتحميل الطوائف والمذاهب زورًا أوزارَ هذا النظام ومساوئه، وتحويلها إلى قبائل متقاتلة ومتصارعة.*

*لقد اصطدم هذا المشروع الاصلاحي للإمام السيد موسى الصدر بمصالح المستفيدين من هذا النظام، الذين لم يكن لهم همٌّ سوى الحفاظ عليها، ولم يكن يعنيهم ابدا بناء دولة حقيقية يشعر فيها ابناؤها بانهم مواطنون، وإنما أبناء الاقطاع السياسي لا تربطهم بوطنهم ولا بالآخرين من ابناء الطوائف الاخرى رابطة الا من خلال الاقطاعيين ومصالحهم الذين وقفوا في وجه مشروع الامام السيد موسى الصدر الاصلاحي بتعميق الشرخ بين أبناء الشعب اللبناني، للحؤول دون تحقيقه باشعال الحرب الاهلية، وما سببته من قتلى وجرحى ومعوقين وارامل وايتام ودمار وخراب وقتل وتهجير وخطف على الهوية، وما خلفه ذلك من آلام واحقاد وآثار نفسية يصعب زوالها وتبقى آثارها مع الزمن يصعب محوها من الذاكرة ويستحيل معها لأم الجراح لتحقيق مشاريعهم التقسيمية، كان الامام يحسب حسابها ويعمل على تداركها قبل وقوعها، واطفاء نيرانها بعد اشتعالها، ولكن المحرضين عليها والمشعلين اوارها بالتواطؤ مع القوى الخارجية المتآمرة الذين حاولوا تعطيل اي جهد لايقافها غيبوا الامام الصدر ظنا منهم انهم سيحققون ما اراد حيث سعى جاهدا لايقافها، بما في ذلك العمل على توحيد الموقف العربي، وادخال قوات الردع الى لبنان، ووقوفها حاجزا بين المتقاتلين.*

*وكانت زيارته ليبيا بدعوة من رأس النظام المجرم الذي غدر بضيوفه واخفى اثرهم وما زال مصيرهم مجهولا حتى اليوم.*

*لقد ازعجت مواقف الامام الصدر لاطفاء نيران الحرب وايقافها المتآمرين في الداخل والخارج الذين حيل بينهم وبين ما ارادوا من إقامة دويلات طائفية ومذهبية تحقق أحلامهم، وتكون بداية لمشروع الشرق الاوسط حماية للدولة اليهودية العنصرية، لكن الامام الصدر كان قد اعد العدة لمواجهة هذا المخطط كاستراتيجية للمستقبل فانشأ المقاومة التي حمت وحدة لبنان، واستطاعت بعد ذلك ان تحرره من الاحتلالين الاسرائيلي والتكفيري.*

*ان جريمة القذافي ونظامه المقبور كانت وما زالت جريمة بحق لبنان وشعبه وبحق فلسطين والقدس والشعب الفلسطيني وتآمرا عليه وعلى قضيته التي هي قضية العرب والمسلمين وتآمرا على وحدة لبنان ارضا وشعبا، ويتحمل النظام الليبي الحالي مسؤولية الكشف عن مصيره وهم مطالبون بالتعاون مع القضاء اللبناني لانهاء هذه القضية، وعدم التهرب منها، لانها سوف تلاحقهم وسيعتبرون شركاء في هذه الجريمة، ليس في حق الامام الصدر وعائلته فحسب، وإنما بحق لبنان وبحق القضية الفلسطينية الذي كان أكبر واهم نصير لها، وكانت إلى جانب قضية وحدة لبنان من اهم اسباب اخفائه.*

*نحن لن نترك اسرانا في السجون وسوف نلاحق هذه القضية إلى أن نكشف خفاياها، ونستعيد الامام إلى أهله ووطنه لمتابعة مسيرته وقضيته، ونقول للبنانيين ان مشروع الدولة باقامة نظام العدالة والمساواة القائم على المواطنة هو الطريق الوحيد للاستقرار، والذي يخرج لبنان نهائيا من دوامة الازمات والحروب والمحاصصة بدلا عن التسويات المؤقتة التي جربها اللبنانيون ولم تنتج سوى المزيد من الحروب والازمات والانقسامات والتدخلات الخارجية بما يتوافق مع مصالحها، التي بدا واضحا ان لها مشروعا واحدا وهو تقسيم المنطقة العربية بما فيها لبنان إلى دويلات طائفية لمصلحة الكيان الاسرائيلي، ولن تكون لمصلحة اي من الافرقاء اللبنانيين أو العرب بل لجعلهم خدما لدى السيد الاسرائيلي.*

*لذا فإنه لا سبيل أمام الافرقاء والقوى السياسية سوى الحوار والتفاهم للخروج من الازمة الحالية لإنتاج حل داخلي والخروج بسلة تفاهم تفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة وتعيين المراكز الأساسية الشاغرة، وعدم الرهان على التطورات في المنطقة واوهام تغيير المعادلات الداخلية.*

*ان هذه المراهنات تقوم على فكرة الانتصار على الوطن وليس للوطن وتنبأ عن فكر تخريبي شيطاني وليس عن فكر وطني. يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا.*

*ان الاستمرار في تكرار الماضي المأساوي يدفع المواطنون من جميع الطوائف ثمنه غاليا لا يعوض من أبنائهم وارزاقهم ومستقبل وطنهم تخلفا وفقرا ودمارا وتهجيرا، فكفى تجارب بدماء اللبنانيين ومستقبلهم باسم الطوائف والمذاهب.*

*ان الحوار والوصول الى تفاهمات وطنية بين القوى السياسية هي البديل الوطني لتسريع الخروج من الازمة الحالية ونأمل ان يعمم الحوار الذي يجري بين بعض المكونات ليشمل جميع القوى السياسية لمصلحة لبنان وشعبه المنهك جراء الجدل السياسي العقيم.*

*ايها اللبنانيون*
*اليوم تتعرض سيادة لبنان لمؤامرة اخرى يتهدد معها الكيان حينما تريد بعض الدول الكبرى التغيير في مهمة اليونفل واستصدار قرار من الامم المتحدة باعطائها حرية الحركة بدون تنسيق مع الجيش اللبناني تحت البند السابع مما يعني احتلالا اسرائيليا مقنعا لمناطق عملها مدعوما بقرار دولي، وهو اعتداء صارخ على لبنان وشعبه ما يفرض على جميع القوى السياسية توحيد الموقف الرافض له حفاظا على سيادة لبنان وسلامة أرضه وشعبه، وتجنبا للمواجهة مع القوات الدولية، لان الشعب اللبناني لن يسمح لاحتلال اسرائيلي جديد مقنع تحت عنوان الامم المتحدة بعدما دفع آلاف الشهداء والجرحى والارامل والايتام لتحرير هذه المناطق، واجبار العدو الصهيوني على الانسحاب منها.*

*وننبه الامم المتحدة من العواقب الخطيرة لاصدار قرار من دون التنسيق مع الدولة اللبنانية، لانه سيمثل مسا بسيادة لبنان على أرضه مما يعتبر عدوانا سيواجهه الشعب اللبناني بكل الوسائل المشروعة.*

*لقد كان على الأمم المتحدة تنفيذ تعهداتها باستكمال إظهار الحدود في المناطق المتبقية والنقاط المتحفظ لبنانيا عليها، واجبار العدو الاسرائيلي على الانسحاب منها، بما فيها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا بدل العمل من بعض الدول على مساندة الاحتلال الصهيوني في احتلال المزيد من الأراضي اللبنانية، وتوجيه تهديداته المتكررة للبنان بما فيها تهديده الأمني بالقيام بالاغتيالات على الساحة اللبنانية، الذي يقتضي من الامم المتحدة ادانتها وردع العدو عن هذا الارهاب، وما سيكون له من تداعيات تهدد الأمن والسلم الدوليين.*

*ان عدم الإسراع بالتوافق الداخلي يشرع الأبواب أمام الأخطار التي تهدد الكيان اللبناني، سواء محاولة التغيير في مهام القوات الدولية، أو التراخي في معالجة النزوح السوري التي تضغط بثقلها على لبنان وتهدد مصيره بالزوال، وتحتم التواصل الرسمي مع الحكومة السورية لمعالجة هذا الملف الخطير، كما أن المصلحة اللبنانية والسورية تقتضي التنسيق بين الدولتين لمواجهة الأخطار التي تتعرضان لها.*
*حمى الله لبنان حمى الله اللبنانيين من المغامرين والمقامرين.*

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى