منوعات

ندوب الحرب الخفية: صدمات نفسية تتوارثها الأجيال (زينب عوالي)

 

 زينب عوالي – الحوارنيوز- خاص

لطالما طرقت الحرب باب لبنان على مدار عقود، بداية من الاجتياح الاسرائيلي سنة 1982 الى الحرب الأخيرة التي خاضها لبنان ضد الكيان الغاصب عام 2024. مع تتالي هذه الحروب كانت تتوالى معها العديد من الأزمات منها الاقتصادية، الاجتماعية، ولا سيما الأزمات التي تضر بالصحة النفسية. 

   العديد من الدراسات أثبتت نتائج الحرب السلبية على الصحة النفسية، حيث أظهر استطلاع أجرته اليونيسف في كانون الثاني/يناير 2025 أن 72 في المئة من مقدمي الرعاية أفادوا بأن أطفالهم كانوا يعانون من القلق أو التوتر خلال الحرب، بينما قال 62 في المئة أنّ أطفالهم يشعرون بالإكتئاب. ويمثل هذا ارتفاعاً ملحوظاً مقارنة بالبيانات المسجلة قبل الحرب في عام 2023. كما ان دراسة للمعهد الوطني للصحة في الولايات المتحدة تقول إنه تم تقييم الأحداث الصادمة المرتبطة بالحرب وأعراض اضطراب ما بعد الصدمة باستخدام استبيان “هارفارد للصدمات النفسية، وتقييم الاضطرابات النفسية العامة باستخدام استبيان الصحة العامة. أظهرت النتائج أن نحو 97.7% من المشاركين قد تعرضوا شخصيًا أو شهدوا أو سمعوا عن حدث صادم متعلق بالحرب. أما نسبة انتشار اضطراب ما بعد الصدمة الحالي فقد بلغت 29.3%. 

  وفي حديث مع المعالجة النفسية أمل شهاب منذر حول تأثير الحرب على الصحة النفسية وكيفية تفادي هذه النتائج بعد الحرب ، أشارت المعالجة إلى عدة اثار للحرب، لا سيما أعراض النفس الجسدية كالأمراض المزمنة مثل: الضغط،السكري، وعلى المدى الطويل يمكن ان تؤدي إلى أمراض سرطانية.

 وأضافت أن الأحداث السلبية التي يتعرض لها الانسان منذ الصغر والصدمات التي يتلقاها خلال حياته تتخزن بالعقل الباطني ،ما يسبب في المدى البعيد القلق، التوتر، نوبة هلع في بعض الأحيان دون الإلتفات للأسباب التي تكون نتاج التراكمات الداخلية وعدم مصارحة النفس أو اللجوء لعمليات تفريغ صحية سواء من خلال معالج نفسي، التحدث مع شخص قريب، أو من خلال ممارسة نشاطات متعددة تساهم في تخفيف حدة الأزمة. 

  من ناحية أخرى، تطرقت أمل منذر إلى الدور الأساسي الذي يلعبه الوالدان في الدعم النفسي والعاطفي للطفل. فدعم الأهل جداً مهم لأطفالهم في حالات الهلع والتوتر ، فهم الأساس في التخفيف عن أطفالهم وفي السيطرة على ردات فعلهم. كما أن على الأهل إستيعاب الطفل ومراقبة التداعيات النفسية التي تتركها الحرب على الطفل من خلال ملاحظة تصرفاته إن أصبحت عدوانية او لجوئه للعزلة.

 بالموازاة، إنَّ عدم سيطرة الأهل على ردات فعلهم خلال الأزمات وتصرفهم بتوتر، تؤثر على مشاعر الطفل. فالمشاعر  السلبية أو الإيجابية تنتقل من الأهل إلى الأطفال، إضافةً إلى أهمية تعزيز الأهل في تربيتهم للطفل وإيمانهم بالله عز وجل وبعقيدتهم ، ما يزيد من قوة الطفل بالله، ويخفف من خوفه من المصير الغامض ويحوّل تركيزه الى قوة وإيمان وصبر من خلال أخذ بعض الشخصيات المركزية في الدين كقدوة عند مواجهة المصائب. 

  في سياقٍ آخر، وفي كيفية الحد من النتائج السلبية للحرب والضغوط النفسية في تأثيرها على حياتنا أشارت المعالجة أمل شهاب منذز لبعض الخطوات التي يمكن إتباعها : اللجوء لرياضة مفضلة، إتباع نظام غذائي وحياة صحّي، النوم بشكل كافٍ، الإبتعاد عن مسببات التوتر كسماع الأخبار السلبية بشكل مستمر أو مجالسة أشخاص سلبيين، الأمرالذي ينعكس سلباً على حياتنا ويخفف من قدرة الانسان على التركيز او الانتاج. 

   وأخيرًا، تؤكد المعالجة النفسية  شهاب منذرعلى أهمية اللجوء إلى العلاج النفسي. فالعلاج النفسي هو عملية تفريغ  وأسلوب علاجي يقوم على التفاعل والتواصل بين المعالج النفسي والمريض بهدف فهم ومعالجة المشكلات النفسية، الإنفعالية، أو السلوكية التي تؤثر على حياة الفرد اليومية وعلاقاته. كما يهدف الى مساعدة الفرد على فهم نفسه بشكل أعمق، تغيير أنماط التفكير والسلوك السلبية، التكيف مع الضغوط والصدمات النفسية، وتحسين العلاقات الشخصية.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى