رأي

تعليق مواد في الموازنة: ذر الرماد في عيون الفقراء(عماد عكوش)

 

بقلم د. عماد عكوش – الحوار نيوز

 

لم تقم الطبقة السياسية والتي تسيطر بشكل شبه كامل على أركان الاقتصاد اللبناني، لم تقم يوما بتقديم او أصدار مشروع قانون يراعي الطبقة الفقيرة في لبنان ويحقق التوازن الاجتماعي في عملية فرض الضرائب، ما بين الطبقة الغنية والطبقة الفقيرة، والتي توسعت اليوم بعد التضخم المفرط الذي حصل خلال الاربع سنوات الماضية، وتدهور القدرة الشرائية للمواطن اللبناني، وبعد ان وضعت نفس الطبقة يدها على الودائع، وقامت بحجزها لمصلحتها وبتهريب ما أمكنها للخارج من دون اي حسيب او رقيب .

الطبقة السياسية لم تقم يوما بأصدار قانون يراعي العدالة الاجتماعية وفق ما يجري في الدول التي تحترم شعوبها، وخاصة الطبقات الفقيرة غير القادرة على دفع المزيد من الضرائب في ظل ظروف كالظروف التي يعيشها لبنان للوصول الى تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي، حيث الغني يدفع بشكل يتناسب مع حجم الثروة والارباح المحققة لتأمين خدمات الحد الادنى لكامل المجتمع .

هذه الطبقة السياسية عودتنا دائما على الاحتيال في مواجهة المواطن، فهي تراعي دائما ونظريا مبدأ العدالة الضريبية، وبالتالي تراعي الطبقات الفقيرة على الورق عند فرضها للرسوم والضرائب لتحاول أقناعها بقبول الضرائب الجديدة، فتلجأ دائما الى وضع مواد في القوانين تدّعي زورا انها تمس الطبقة السياسية وكارتلات التجار المرتبطة بها ، لكن اذا ما قرأنا هذه المواد نجد انه يشوبها الكثير من الغموض ، قابلة للاجتهاد ، تحتاج الى الكثير من المراسيم التطبيقية بعكس المواد التي تمس الفقراء ، وحتى قابلة للطعن ، فتمر بذلك رسوم وضرائب الفقراء من دون اي اعتراض منها على امل تطبيق الرسوم والضريبة التي تمس الطبقة السياسية المرتبطة بالكارتلات ، ومع مرور الوقت يتم نسيان هذه المواد ، او تعليق تطبيقها بعدم اصدار المراسيم التطبيقية ، او تعليق تطبيقها بالطعن فيها .

هذا ما حصل سابقا مع الاملاك البحرية ، والرسوم على الحفارات والمرامل ، واليوم هذا ما يحصل مع الضرائب على أرباح منصة صيرفة ، وهذا ما يحصل مع غرامة عدم الولوج الى الشاطئ ، والضريبة على أرباح الدعم .

بالعودة الى تفاصيل المواد التي تم تعليق العمل بها ، وهي المواد 36 ، 45 ، 72 ، 93 ، و المادة 94 ، فإن المادة 36 ميزت ما بين الاملاك التجارية والسكنية بحيث زادت القيمة التأجيرية على السكن عشرة أضعاف، بينما زادت القيمة التأجيرية على المباني التجارية ما بين 15 الى 20 ضعفا وفق شروط محددة ، وبالتالي هي راعت الى حد ما الطبقات الفقيرة التي بالعادة لا تملك مباني تجارية .

بالنسبة للمادة 45 وهي تنص على فرض غرامات على من رخص له باستثمار املاك بحرية، وخالف مبدأ الولوج الى الشاطئ عبر انشاء حاجز مادي او فرض تدابير تمنع الولوج، وتراوحت الغرامة ما بين عشرة الاف الى خمسة وثلاثين الف دولار اميركي او ما يعادلها بالليرة اللبنانية ، وفي حال المخالفة يفرض على المخالف ضعفا الغرامة السابقة على الا تقل عن الحد الاقصى السابق ويوقف العمل بالترخيص الى حين ازالة المخالفة .

بالنسبة للمادة 72 والتي تحدثت عن فرض غرامة بنفس عملة الضريبة ضمن حد أدنى وحد اقصى على الشركات التي يتوجب عليها ضريبة بغير العملة اللبنانية وهي غرامة منطقية .

بالنسبة للمادة 93 والتي نصت على فرض ضريبة على الارباح المحققة على عمليات صيرفة ضمن حد أدنى 15000 دولار للعمليات وتبلغ الضريبة الاستثنائية 17 بالمئة .

أما المادة 94 فقد نصت على فرض ضريبة استثنائية على الأرباح المحققة للشركات على عمليات الدعم التي قدمها مصرف لبنان، مقابل عمليات الاستيراد لبعض المواد الضرورية وغير الضرورية بمبالغ تفوق العشرة الاف دولار اميركي ، وتبلغ الضريبة 10 بالمئة .

هذا باختصار ما تضمنته هذه المواد التي تم تعليق العمل بها بانتظار القرار النهائي، والذي سيطول كالعادة الى ان يموت في الادراج او التدخل سياسيا لإيقاف العمل بها نهائيا، وبالتالي يكون الشعب اللبناني قد بلع التعديلات الضريبية التي طالته وتم اعفاء الطبقة الغنية عبر الغاء هذه المواد او حتى المماطلة في اصدار المراسيم التطبيقية في حال لم يبطلها المجلس الدستوري تحت ضغط الشارع .

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى