سياسةمحليات لبنانية

من هي الدولة العميقة في لبنان؟

 


لطالما قرأنا ان في الدول المتطورة تركيبات بنيوية واضحة وظاهرة وتركيبات غامضة و خفية، منهم من قال ان الشركات الكبرى والمصانع الكبرى في الولايات المتحدة الاميركية هي التي تحكم وفق مصالحها المالية.
ذهب البعض في تحليلاته الى  ان العالم أجمع تتحكم به حكومة ماسونية خفية خاضعة لتأثيرات يهودية-مسيحية متطرفة. العقل الديني يقول ان الله يريد ما يشاء ويسير بالعالم كله الى نهاياته.  وفق هذه الرؤية وهذا التصور للأمور، من هي الدولة العميقة في لبنان؟
بما ان لبنان بلدا طائفيا يظن المرء للوهلة الاولى ان المطارنة والمشايخ هم الدولة العميقة للدولة ،انما الواقع يشير الى انهم ليسوا الا عصا تتحرك للتهديد ان مُسّت توازنات غير مرئية للعيان وانها قوة احتياطية تتحرك عندما يشعر الحاكم السياسي بخطر على نفوذه.لا يستطيع رجال الدين حبك شبكة دولة عميقة لان ما يفرقهم اكثر بكثير مما يجمعهم.
هل الاحزاب  هي الدولة العميقة؟ 
لايُعرف للأحزاب الحالية مفكرون عظام في المكاتب السياسية او بين مجالس القيادة، ولم نقرأ منذ اكثر من اربعين سنة وثيقة او تحليلا او رؤية فكرية او استراتيجية متكاملة لاي حزب او تيار، بل تصريحات ومواقف على قاعدة "فعل و ردة فعل"…ما يؤكد ان القرار السياسي لا تصنعه المكاتب السياسية انما الزعيم لوحده ،وربما مع بعض المستشارين او المقربين. الاحزاب ليس قيادة ظلّ.حزب الله ليس بدولة عميقة، حزب الله محاصر ودماغه عسكري-امني وليس اجتماعيا-ماليا-سياسيا.

هل السفراء والمخابرات هم الدولة العميقة ؟
السفراء ينقلون افكارا هادئة وتمنيات مع ابتسامات، عبارات تخفي بين كلماتها تهديدات ورغبات حكومات  تحمي مصالحها ،انما لا تؤسس لدولة عميقة حاكمة ،اما المخابرات فهمّها الذئاب المنفردة والقطيع التائه.
إذن، من هي الدولة العميقة في لبنان؟
لا دولة عميقة في لبنان،لان الشرط الاول للدولة العميقة هو وجود دولة حقيقية. في لبنان قبضة مالية حاكمة،قبضة عصابة حقيقية، تقوم بمهام الدولة العميقة ،قبضة مالية أجبرها الافلاس وانتفاضة الخريف والقائد كوفيد التاسع عشر ،يسّر الله امره، ان تخرج من حجرها لتظهر بعضا من رؤوسها، فإذ برأس الحاكم بأمر المال، واذ برؤوس رئيس واعضاء لجنة الرقابة على المصارف، وإذ برؤوس رئيس واعضاء جمعية المصارف، وإذ برأس ممثل مصالح البرجوازية الشيعية غير المتدينة  يطل كوزير للمالية، وإذ برؤوس ممثلي مصالح برجوازيات الطوائف  تطل تباعاً لتدافع عن هذا وذاك بالوكالة ولتمنع المسّ بالمحرمات، الى ان أطلت الادارة الاميركية مباشرة لتدافع عن رأس السيد بعاصيري ما يعني ان لا اسم يمر في القبضة المالية الحاكمة من دون اذن او موافقة الادارة الأميركية، ما يعني ان السيد رائد شرف الدين لم يكن  على اسمه اي اعتراض اميركي ولو كان ابن اخت مؤسس المقاومة السيد موسى الصدر.
الدولة العميقة في لبنان هي هذه القبضة المالية من العائلات والمرجعيات السياسية الحاكمة.حزب الله ليس له مكان في القبضة المالية لان الاميركي المالك الوحيد للدولار يرفض وجوده .
حاليا الدولة العميقة مضطربة فيما بينها بما خص العقوبات الاميركية على سوريا وايران وحزب الله ،وبسبب تمرد القطيع التائه على منظومة مالية عالمية حاكمة . ونتيجة هذا الاضطراب نرى ونشاهد في السياسة والاقتصاد والمال ما نشاهده.
القبضة المالية الحاكمة والتي خرجت من جحرها الى النور لم تخرج لترى النور فقط، انما خرجت لتلسع مهدديها ،ومع انتفاضة الخريف والافلاس العام ومع القائد كوفيد ربما ستضطر ان تلسع نفسها إن لم تنجح ان تلسع اموال المودعين لتنقذ نفسها كأمل اخير.
لهذه القبضة المالية اعلاميون ومبشرون وكهنة ومشايخ ومثقفون وقضاة ومدعون عامون واطباء وكتبة وفنانون وحفارو قبور ايضا تدفن معارضيها.
باستطاعة القبضة المالية تشويه مناقبية اي كان. اسقاط الرئيس سليم الحص وانجاح السيدة جلول، تشويه السيد حسن نصرلله وتجميل اي شخص يقبل بالمهمات القذرة كافلاس البلاد و كإلغاء وظيفة سلاح المقاومة من دون سحبها. كترويض القطيع التائه وكالقبول بنسيان فلسطين…………..

:مولخا" "مولخا "لسنا من يوقد النار في الغابة لقتل الوحوش. نحن من يضيء الليل باقمار لتنتبه العصافير من غدر الافاعي والصيادين التي تظنها حماة للطبيعة وحماة لوجودها و حراسا لمعابدها…

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى