فنون

مسلسل دقيقة صمت: عمل ملحمي جريء يحاكي واقعنا العربي

 

دقيقة صمت عمل يبقيك في حالة صمت يخفي التفاعل المتواصل مع تسلسل المشاهد بصورة دراماتيكية قل فيها التكرار الذي تشهده بعض مسلسلات رمضان للموسم الحالي.
هو عمل فني ملحمي أبدع كاتبه وقدم أبطاله آداء نوعيا حقيقيا وجريئا (المخرج – عابد فهد – فادي صبيح – خالد القيش – فايز قزق – رنا شميس – ستيفاني صليبا – اندريه سكاف – يوسف حداد – فادي أبي سمرا – أياد أبو الشامات –  محسن غازي –  جفرا يونس –  العواد، بائع الطحين، الخ ..) فحولوه إلى عمل يطرح قضايا راهنة تعيشها غالبية بلداننا العربية في سوريا كما لبنان وبلاد العرب قاطبة.
لكن ما يميز الإدارة الرسمية السورية عن سائر البلدان العربية أنها أجرأ بكثير من مثيلاتها العربية، كانت قبل دقيقة صمت ولا تزال، والشواهد على ذلك كثيرة.
في لبنان مثلا مسموح لك أن تتحدث عن الحرية وممنوع أن تمارسها!
لك أن تنتقد وممنوع أن تغير، فاللعبة الطائفية المصاغة بمعادلة حكم مركبة على أعمدة من حقد لا تسمح لك بالسير في حلم الدولة المدنية أو العلمانية ولا حتى بدولة القانون والمواطنة، وصار تطبيق الدستور الحالي حلما يستحيل تنفيذه!!
في سوريا، نظام عسكري صاغ أولوياته على أسس المصالح القومية (مواجهة إسرائيل) وأرسى مبادىء الدولة المدنية لكنه بقي ممسكا بقبضة من حديد في المسار العام للتطور الاجتماعي والثقافي والسياسي ما أفقده حسنة النموذج المدني.
وكان الفساد لازمة المسارت العربية كلها لاسيما في الأجهزة الأمنية، وهذا ما يقدمه دقيقة صمت بدقة في النموذج السوري، وقد تماهت السلطات السورية مع هذا النص وغيره من النصوص النقدية لأنها تعتبر أن ذلك يتماشى مع الحرص على الإضاءة على مكامن الفساد وبالتالي الإقتصاص منها.
يخوض النظام السوري الآن معركة مثلثة: إرهاب دولي يستهدف الجغرافية السورية، والإرهاب الإسرائيلي الذي يسعى لقضم ما تيسر من أراض تحت غطاء حرب الإضعاف المنظمة، أما الضلع الثالث للمثلث فهو بقاء الشعب السوري المتعب على إيمانه بدولته بعد أن بدلت الحرب شكلها وأولوياتها وصار الموضوع الداخلي أولوية لا تقبل التأجيل.
كان مفاجئا ومستغربا وغير منطقي أن يحصر الكاتب سامر رضوان كلامه عن النظام السوري بمعركته ضد الإرهاب، ويقول أن النظام وافق على التصوير في سوريا ليوحي بأنه بلد ديمقراطي الخ
فإلى جانب كلامه غير الموضوعي، أغفل الكاتب بأن النظام وافق على نصوص مماثلة في عز حضوره الأمني وممارساته الحديدية.
ثم أغفل أن النظام نفسه ليس هو هو، والحالة السورية اليوم تعيش مرحلة نقاش حيال الهوية الوطنية والإقتصادية للنظام المقبل وعلى الجميع المساهمة في الدفع بإتجاه قيام حكم ديمقراطي وعلماني في سوريا على نقيض سلطة الحزب الواحد وبالتالي لا يكفي الشتيمة عن بعد ولا إستغلال اللحظات التاريخية لتوظيفها في الحسابات الشخصية.
أي سوريا نريد اليوم ؟

لا شك أن سوريا المقبلة يجب أن تبني على بعض الجوانب الإيجابية السابقة لاسيما في الحقبة الأخيرة من التاريخ السوري الحديث لترتقي الى الأمام وقطع الطريق أمام مساع تريد لسوريا أن تصبح سوريات قائمة على أسس مذهبية وأفضل الخيارات حينذاك النموذج اللبناني الهرم ،والهرم ميت حي!!
لقد حرصت شركتا صبّاح إخوان وإيبلا على تقديم عملهما بكونه
"عملاً وثائقياً وقد تم تصويره في سوريا و ساهمت الجهات الرسمية مشكورة بتسهيل التصوير والدخول الى مراكز التوقيف والسجون لإعطاء العمل بعده الدرامي الموضوعي المطلوب".
وكشفت الشركتان أن العمل "حصل كسائر الاعمال الدرامية على التصريحات اللازمة من الجهات الفنية المسؤولة في سوريا وبالتالي فان محاولة استخدام نجاح المسلسل من اجل تسجيل موقف هنا او هناك مستهجن وغير مبرر".
وبالتالي ستقوم الشركتان  باتخاذ ما هو مناسب من اجراءات للنأي بالنفس عن التصريحات الشخصية والسياسية لرضوان بما يضمن القيمة والبعد الفنيّ للعمل ويحافظ على صورتهما وصورة نجوم العمل وطاقمه المهنية والمحترفة".

في المحن الوطنية يكثر صائدو الجوائز، كما هو الحال في زمن الثورات يكثر الانتهازيون، كما هو الحال في أنظمة الإستبداد يكثر في أروقتها الفاسدون.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى