ثقافةكتاب

مذكرات محمد جواد ظريف بالعربية عن “دار هاشم” في معرض بيروت للكتاب

 

الحوارنيوز – خاص

صدرت عن “دار هاشم للكتب والنشر” الطبعة العربية من كتاب وزير الخارجية الإيرانية السابق محمد جواد ظريف (صمود الدبلوماسية: مذكرات ثماني سنوات في وزارة الخارجية)،وتعرض في مقصورة الدار(D11) في معرض بيروت العربي والدولي للكتاب الذي افتتح أعماله أمس الخميس .

يعتبر الكتاب وثيقة تاريخية من 618 صفحة، وقد أنجزه ظريف في بداية العام الحالي ،وهو عصارة تجربته الدبلوماسية ،ومن ضمنها المفاوضات حول الاتفاق النووي .

سيرة حياتية

محمد جواد ظريف، ولد في طهران عام 1960 ، تلقى تعليمه الجامعي في الولايات المتحدة حيث حاز درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة سان فرانسیسکو، قبل أن ينال درجة الدكتوراه في القانون الدولي والسياسة من كلية جوزيف كوريل للدراسات الدولية بجامعة دنفر عام 1988.

 

بدأ رحلته الدبلوماسية عام 1980 مستشارا في القنصلية الإيرانية في سان فرانسیسكو، ثم تدرج في المناصب ضمن بعثة إيران في الأمم المتحدة، حتى أصبح سفير بلاده في المنطقة الدولية، قبل أن يعينه الرئيس حسن روحاني وزيرا للخارجية لثماني سنوات بين عامي 2013 و2021، قاد خلالها الفريق التفاوضي الإيراني الذي أنجز خطة العمل الشاملة المشتركة للاتفاق النووي الإيراني في تموز/ يوليو 2015 .ومع انتخاب مسعود پزشکیان رئیسا عام 2030، عين ظريف مستشارا للرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية.

شارك ظريف في جميع جولات التفاوض الدولية التي خاضتها إيران منذ قيام الجمهورية الإسلامية.

له مؤلفات عديدة من أبرزها “سعادة السفير»، كما نشر مقالات في عدد من الصحف الإيرانية والإقليمية والدولية، وعمل أستاذ محاضرا في جامعة طهران وعدد من الجامعات الغربية.

 مقدمة الناشر

كتب علي هاشم في مقدمة الناشر:

تأتي الطبعة العربية من كتاب صمود الدبلوماسية في سياق سياسي إيراني بالغ التعقيد والتركيب. فإيران تدار بنظام جمهوري إسلامي متعدد المستويات، يجمع بين سلطات منتخبة (كالرئاسة والبرلمان) ومراكز قوى غير منتخبة.

في قمة هرم القرار يقف القائد الأعلى الموجه الرئيسي للسياسات السيادية وخاصة الخارجية. وبجانبه، يعمل المجلس الأعلى للأمن القومي كموقع تنسيقي بين الأجهزة السياسية العسكرية الأمنية والدينية.

في هذا النظام، لا تعمل وزارة الخارجية باستقلال تام، بل تتحرك ضمن هوامش مرسومة، حيث تناط بها مهمة التنفيذ والتواصل، دون أن تملك قرار التوجيه في الملفات المصيرية.

ضمن هذه البنية، برز تداخل واضح بين مهام وزارة الخارجية وبين أذرع نافذة مثل الحرس الثوري الإيراني، خصوصًا قوة القدس. فقد أوكلت لطهران مهمة مزدوجة: إدارة ملفات الإقليم دبلوماسيًا، وأمنيًا وعسكريًا في آن معا. وقاد الراحل قاسم سليماني هذا المسار الموازي، بتنسيق مباشر مع مكتب القائد الأعلى، غالبًا بمعزل عن المسار الوزاري.

 

ظريف نفسه لم يخف هذه الحقيقة، بل أعلن أنه كان يعقد اجتماعات تنسيقية أسبوعية مع سليماني. ومع ذلك، كان يقر أن الميدان» غالبا ما يتقدم على الدبلوماسية في رسم الوقائع.

ويكتسب هذا العمل أهمية استثنائية بوصفه أول شهادة مكتوبة من الداخل لمسؤول بحجم ظريف يكشف فيها أسرار المفاوضات، وحسابات المؤسسة وتحديات الوزارة.

 

فالكتاب لا يوثق المسار النووي فحسب بل يشرح منظومة صناعة القرار في طهران، بكل ما فيها من ازدواجيات بين الثورة والدولة، بين الرمز والمؤسسة، بين الكلمة والرصاصة.

يتحدث ظريف عن العلاقة المتأزمة مع الولايات المتحدة، عن الشكوك المتبادلة، عن طاولة عمان التي سبقت توقيع الاتفاق، وعن التحولات التي رافقت عهد ترامب.

ولا يخفي رأيه في الدور الروسي المزدوج، الذي ساعد أحيانًا وعرقل أحيانا بدافع من قلق موسكو من انفتاح إيراني على الغرب قد يقصيها من اللعبة.

في محور المقاومة، يحدد ظريف موقفا واضحا. إيران داعمة ومساندة، لكنها ليست الآمرة.

 

يشرح كيف أن العلاقة مع حزب الله وحماس وسوريا والعراق، ليست قائمة على الهيمنة، بل على التقاطع حول العدو والمبدأ، رغم تفاوت الأساليب وتقدير المصالح.

جدير بالذكر أن اختيار اللغة العربية لنشر هذه المذكرات لم يكن محض صدفة أو مجرد توسع في دائرة القراء، بل يحمل دلالة رمزية خاصة أشار إليها ظريف نفسه. فقد كتب في تقديمه للطبعة العربية أن نظره كان يتجه غربا فيرى أمامه الجيران العرب أولا – وهم أكثر من جيران، بل شركاء في الدين والحضارة والتاريخ – مؤكدًا على عمق التشابك الثقافي والحضاري بين الإيرانيين والعرب.

إن صدور هذا الكتاب بالعربية هو جسر للتواصل مع الأمة العربية لرواية فصول مهمة من التاريخ المشترك والتأمل في دروس الماضي لبناء مستقبل أكثر إشرافًا.

 

كما أنه يعكس إيمانًا عميقًا بأهمية الحوار وتعزيز الروابط الحضارية بين الشعبين الإيراني والعربي من هذا المنطلق. وتقدم “دار هاشم» للنشر هذه الترجمة إيمانًا منها بأن فهم التجربة الإيرانية من أفواه صانعيها سيسهم في تقريب وجهات النظر وفتح آفاق جديدة للتفاهم بين القراء في العالم العربي وإيران.

مقدمة الكاتب للقارئ العربي

 

يقول محمد جواد ظريف في مقدمته للطبعة العربية :

 

أنظر غربا، وأول من أرى هم الجيران العرب. هم الذين حملت وصايا النبي الكريم في حقهم. هم أكثر من جيران ،شركاؤنا في الدين والحضارة والتاريخ، وجزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية للمنطقة التي تجمعنا. ورغم التحديات السياسية والتقلبات التاريخية، تبقى العلاقة بين العرب والإيرانيين متجذرة لا يمكن إنكارها. علاقة صاغها التاريخ وأغنتها عقول مبدعة من الطرفين.

 

في كتابي هذا، أسرد رحلة طويلة من التجارب والتحديات. تجربة بدأت بخيوط متناثرة، نسجتها الأيام حتى أضحت بساطاً حملني عبر عواصم العالم ومحطاته لأجد نفسي في نهاية المطاف، أمام حصاد سنوات قضيتها في صنع المواقف.

 

بعضها كان صائبا، بينما علمني بعضها الآخر دروسًا قاسية. هذا الكتاب ليس مجرد مذكرات شخصية، أو استعراضا لمسيرة مهنية، بل جسر تواصل مع الأمة العربية ومحاولة لسرد فصول مهمة من تاريخنا المشترك، والتأمل في دروس الماضي من أجل بناء مستقبل أكثر إشراقًا.

 

لعلاقة إيران بالعالم العربي فصول وازنة ضمن هذا الكتاب، ولا يمكن الحديث عن هذه العلاقة من دون استحضار التاريخ العميق الذي يجمعنا. تاريخ صنعته الحضارات الإسلامية الممتدة من خراسان إلى الأندلس، وعبرت عنه العلوم والآداب والفنون التي ارتقت في ظلال وحدة ثقافية وحضارية فريدة. من هذا المنطلق، فرض التاريخ والجغرافيا علينا مصيرا مشتركا. هذا المصير لا يمكن تجاهله مهما تعاظمت الخلافات السياسية ومهما تعمقت الجراح.

 

علينا اليوم أن نعيد تصوّر المنطقة كمركز للوئام والتضامن، وليس كمیدان معركة. تصوّر يلحظ الفرص المشتركة والتقدم الجماعي. ويتطلب ذلك انخراطاً في محادثات صادقة وبنّاءة لصياغة مستقبل قائم على التعاون والتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية والأمل المتجدد. إن تحويل غرب آسيا إلى منارة للسلام

 

والتعاون ليس مجرد طموح مثالي، بل هو ضرورة استراتيجية، وهدف يمكن تحقيقه بالتزام مشترك ورؤية موحدة، فالجغرافيا والتاريخ جعلا منا شركاء في المصير، وهذه الشراكة تستدعي العمل معا كي نتجاوز الماضي في مسار بناء مستقبل أكثر إشراقا.

 

ومن أبرز الشواهد على هذا المصير المشترك التداخل الثقافي العميق من الفارسية والعربية. كان الأدب أحد الجسور الرئيسة التي جمعت بيننا.

حافظ الشيرازي، شاعر فارسي عظيم، أبدع في تصوير هذه الوحدة بقوله:

 

ألا يا أيها الساقي أدر كأسا وناولها

که عشق آسان نمود أول، ولي افتاد مشکل ها

 

في هذين البيتين، يمتزج جمال اللغة العربية بالروح العميقة للشعر الفارسي، وهو ما يرمز إلى العلاقة التداخلية بين الثقافتين. لا حواجز بين الفكرين العربي والفارسي بل امتزاج يسهم في إثراء الروح الحضارية المشتركة.

 

هذا الكتاب ليس قضة شخصية فقط، بل دعوة لإعادة التفكير في تاريخ طويل من التفاعل بين العرب والإيرانيين. إنه دعوة للتأمل في اللحظات التاريخية التي وحدت شعوبنا، واستخلاص الدروس منها لبناء جسور جديدة تضمن لنا جميعا مستقبلاً مزدهرا.

إن نشر هذا الكتاب باللغة العربية ليس مجرد خيار لغوي بهدف الانتشار بل هو رسالة رمزية تعكس الإيمان بأهمية الحوار والتواصل بين الشعبين. كما أن توثيق التجارب السياسية والدبلوماسية المشتركة، وتلك التي نتقاطع فيها مع الآخرين، يعكس رغبة عميقة في تعزيز الروابط الحضارية والعلاقات المستقبلية.

 

أتوجه بالشكر الجزيل لكل من ساهم في إنجاز هذا العمل وترجمته وتحريره ونشره، وأخص بالذكر “دار هاشم للنشر». أسأل الله أن يوفق جهودهم، وأن يجعل هذا الكتاب خطوة نحو تحقيق قيم التعاون والوحدة التي تجمع شعوبنا.

 

ستة فصول

يتضمن الكتاب ستة فصول:

الأول:العودة الى وزارة الخارجية

الثاني: وزارة الخارجية ونظرة من الداخل

الثالث :العلاقة مع مؤسسات الحكم

الرابع :إطار العلاقات الخارجية

الخامس:العلاقات مع الجوار والجنوب العالمي

السادس :إيران والقوى الكبرى

ويختم بمجموعة من الوثائق والصور.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى