حروبسياسة

تحليلات إسرائيلية: “لا جدوى من تسويق انتصار غير موجود للجمهور الإسرائيلي”

 

كتب بلال ضاهر – موقع “عرب 48”:

 

يسكن في المنطقة التي تخطط إسرائيل لإقامة “حزام أمني” في قطاع غزة أو بمحاذاتها ما بين 100 – 300 ألف فلسطيني، ولن يسمح لهم بالعودة إليها وبناء بيوتهم مجددا، حسبما ذكر المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ناحوم برنياع الجمعة.

 

وأضاف أن الاعتقاد في إسرائيل بتراجع زعيم حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، “سيتراجع مقابل الكارثة الإنسانية في القطاع، هو اعتقاد ساذج في أفضل الأحوال، وفي أسوأ الأحوال هذا اعتقاد صبياني وخطير”.

وأشار إلى وجود توجهين في إسرائيل حول صفقة تبادل أسرى. “هناك من يقول إنه فقط إذا اعتقد السنوار أن أربع فرق عسكرية ستهاجم في غزة إلى الأبد، سيلين ويحرر المخطوفين، وهذا الاعتقاد الذي زرعه الجيش في المستوى السياسي والجمهور. وهناك من يقول العكس: سيوافق السنوار على صفقة فقط إذا شعر أن أمامه فرصة لتحقيق إنجاز”.

وكرر برنياع ما يقوله محللون آخرون، أن “لا شك الآن في أن الأهداف التي وضعها المستوى السياسي أمام الجيش كانت غير قابلة للتحقيق. وهذا كان واضحا للجميع منذ اليوم الأول (للحرب). التصفية، التدمير، الحسم، هي أمنيات وليست إستراتيجية. ولا جدوى من تسويق انتصار غير موجود للجمهور”.

وحسب برنياع، فإن حزب الله سحب في الأيام الأخيرة قوة “الرضوان” من نقاط هامة على طول الحدود اللبنانية، إلى مسافة سبعة كيلومترات بالمتوسط في جنوب لبنان. “لكن لا يزال الاحتفال بذلك سابق لأوانه. والتقديرات في إسرائيل أن الانسحاب تكتيكي. وعلى الأرجح أنه عندما تتوقف النيران أو تخف، سيحاول إعادة قوة الرضوان جنوبا، قريبا من الحدود”.

 

وشدد على أن “هذا التحرك لحزب الله لن يعيد 83 ألفا من سكان الشمال إلى بيوتهم التي تم إجلاؤهم منها. ولا أحد يعتقد ذلك سواء بين صناع القرار أو الذين تم إجراؤهم”.

وأفاد بأن “المطالب الإسرائيلية في المفاوضات غير المباشرة مع حزب الله تتحدث عن إبعاد قوة الرضوان إلى ما وراء مدى القذائف المضادة للمدرعات، أي حوالي ثمانية كيلومترات. وربما أكثر، إذا سيتم الأخذ بالحسبان إمكانية اقتحام هذه القوة للبلدات (الإسرائيلية الحدودية) بالطريقة نفسها التي اقتحمت فيها حماس غلاف غزة”.

وأضاف أن اتفاقا مرحليا سيكون أقل من قرار مجلس الأمن رقم 1701، بحسب أحد وزراء الكابينيت السياسي – الأمني، لكن “التقديرات بالحكومة الإسرائيلية هي أن تغييرا حقيقيا سيحدث فقط إذا هاجم الجيش الإسرائيلي لبنان بريا”.

ووفقا لبرنياع فإن الضباط الإسرائيليين عند الحدود اللبنانية يطالبون بشن هجوم واسع، لكن قيادة الجيش رفضت ذلك. “وعندما جرى الإعلان عن هدنة في غزة، أعلن نصر الله، بخطوة لامعة، أنه يوقف إطلاق النار أيضا. وأوضح قراره أن بنظره كلتا الجبهتين في الشمال والجنوب هما جبهة واحدة. والضباط في الشمال أرادوا الاستمرار في إطلاق النار، كي يدرك الجميع أن الجبهتين منفصلتين. وفي مقر وزارة الأمن في تل أبيب قرروا أن من الصواب وقف إطلاق النار”.

 

 

وأشار برنياع إلى أن الجيش الإسرائيلي يسوّق لجنوده أسطورة توراتية حول قيام اثنين من أبناء يعقوب بن إسحاق، هما شمعون وليفي، بقتل سكان نابلس انتقاما من أن أحدهم مس بشرف عائلتهما، رغم اتفاق مصالحة مع عائلة يعقوب. وأضاف أن الضابط يائير بن دافيد، روى لجنوده بعد خروج كتيبته من بيت حانون هذه الأسطورة التوراتية بعد تجميلها بصياغة التيار الحريدي – القومي المتطرف.

ونقل برنياع عن بن دافيد قوله لجنوده إن “الكتيبة 9208 فعلت في بيت حانون ما فعله شمعون وليفي في مدينة نابلس. لكن المهمة لم تكتمل. وهناك غزة بكاملها كي ننفذ فيها ما نفذناه في بيت حانون. وبمشيئة الله، فإن نابلس كلها وأي مدينة تجرؤ على أن ترفع رأسها ضد شعب إسرائيل، ستبدو مثل بيت حانون”.

وأضاف برنياع أنه “كنت في بيت حانون والمدينة مدمرة فعلا، من القصف الجوي وليس بسبب انتقام شمعون وليفي. اقتلوا، انهبوا، اهدموا: هكذا يسوّقون التوراة للجنود. وهكذا يسوقون الحرب لهم”.

دعوات لتشديد الحرب وتقنين المساعدات الإنسانية

من جهة أخرى، دعا رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، مئير بن شبات، والرئيس الحالي لـ”معهد ميسغاف للأمن القومي والإستراتيجية الصهيونية، إلى تشديد الحرب على غزة، بادعاء أن “ميزان القتال في الأيام الأخيرة يلزم القيادة السياسية والأمنية في إسرائيل أن تغير الشروط التي يعمل الجيش الإسرائيلي بموجبها في قطاع غزة”.

واعتبر في مقال نشرته صحيفة “يسرائيل هيوم” أن “مميزات الهجوم الإسرائيلي تغيرت. وغارات الطائرات القتالية الواسعة باتت أقل. ورغم أن القتال البري مكثف، لكنه يوفر فرصة لحماس كي تستهدف قواتنا، بأساليب استعدت لها جيدا، عن طريق فتحات أنفاق، كمائن ومصائد تمكن من إعدادها”.

وادعى بن شبات أن حماس “تستفيد من الإمدادات التي تسمح إسرائيل بنقلها إلى السكان من معبر كرم أبو سالم. والوقود يستخدم لتشغيل الأنفاق. وحماس تواصل الصمود وتحافظ على قيادتها وتتواصل قدرتها على الحكم حتى لو بشكل غير منتظم، وهي تشعر بالتودد من جانب قطر ومصر، وتستمد التشجيع من الضغط الداخلي في إسرائيل ومن التقارير حول الساعة الرملية التي أخذت تنتهي، وترى أفقا وأملا ببقائها كمنظمة وحكم، واستنفاد أورق المساومة التي بيدها كي تنهي الحرب ’بتسوية’”.

 

وأضاف أن “حماس تشعر أنها آمنة الآن كي ترفض أي صفقة لا تشمل إنهاء الحرب وتحرير جميع المخربين المسجونين في إسرائيل”، معتبر أن “صورة إنهاء كهذه هي بمثابة كارثة أخرى لأمن إسرائيل ومكانتها الإقليمية، التي تستند بقدر كبير على صورة قوتها”.

وتابع بن شبات أنه “يجب العودة إلى المعادلة التي استخدمتها إسرائيل في المرحلة الأولى من القتال وشملت هجمات مكثفة من الجو، إخلاء سكان من مناطق لم تهاجمها حتى الآن، مثل مخيمات اللاجئين في وسط القطاع، منع عودة سكان شمال القطاع إلى أحيائهم وإلى ما تبقى منها، اغتيالات في القطاع وخارجه، وليس أقل أهمية السيطرة على تزويد الوقود الداخل إلى القطاع. ويجب النظر إلى هذه المُركّبات على أنها ذخيرة، وتقليص الكميات ومنع تسربها إلى حماس”.

وبحسبه، فإن “حماس تسيطر فعليا على معظم المساعدات التي تدخل إلى القطاع وتحافظ بواسطتها على مكانتها كجهة تحطم السكان. وإسرائيل تنازلت عمليا عن فرض حصار كامل”.

 

 

وتابع بن شبات أن “موافقة إسرائيل على تحويل المساعدات الإنسانية عن طريق معبر كرم أبو سالم يضع عمليا حجر رحى على عنق إسرائيل. وستستدعي بذلك ضغوطا من أجل زيادة كمية المساعدات، وتمنع إسرائيل من إمكانية وقف ضخها عندما تريد ذلك، كي لا يتهمها المجتمع الدولي بتجويع السكان، والأخطر من ذلك كله، بنظرة مستقبلية، هو العودة إلى تحميل إسرائيل المسؤولية عن الجوانب المدنية لقطاع غزة”.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى