علوم

ماذا لو صادرت الانترنت المراجع التاريخية والعلمية؟

كتب أكرم بزي

أسماؤنا باتت مستعارة، ولغتنا مطعّمة بمفردات اللغات الأخرى، لا بل أحياناً ننسى معنى مفردة بلغتنا فنستعين بتفسيرها بالانكليزيّة او الفرنسيّة، كي نصل لما يشبهها بالعربيّة.

هل هذه هي الحداثة، أو العولمة، أن نتنكر للغتنا وأصولنا وتقاليدنا، بحجة أننا نلحق بركب التطور.

أصبحت Amazon و Apple و Facebook و Google و Twitter ، هي المرجعية لنا، (غوغلها) أو (فسبكها)، لتحصل على المعلومة التي تطلبها!.

كنت أطرب لسماع أحد القرويين، قبل 30 عاماً، عندما كان يحدثني عن أمرٍ ما، حين يذكر بيت شعر أو قصيدة بأكملها، أو فلان ولد بتاريخ كذا ومات بتاريخ كذا، وهو من أصول كذا، ومن قرية كذا، الآن، إذا لم تسعفنا ذاكرتنا، و(غالباً ما يحصل)، نستعيض بالهاتف المحمول، للحصول على المعلومة التي نريد من أحد محركات البحث الآنفة الذكر.

حتى أننا نستعين بها للوصول الى الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية الشريفة، أو آيات الانجيل، او أي شيء آخر له علاقة بالعلوم وما شابه.

سؤال خطر على بالي، ماذا لو تم التلاعب بهذه المعلومات، وتم تحريفها، أو حذف شيءٍ منها، ماذا لو بعد 50 عاماً، (افتراضاً)، انقرضت الكتب والمنشورات والأبحاث المكتوبة والمطبوعة، عمداً أو إهمالاً، ولم يبق لنا إلا المعلومات الموجودة على الانترنت، أليس بمقدور المتحكم بالانترنت أن يضيف ويزيد ويمحي أو يغير أي معلومة من هذا الكم الهائل من المعلومات وكتب التاريخ… الخ… ومن السهل على المحترفين القدرة على اختراق المعلومات الشخصية لأي شخص، واستخدام هذه المعلومات بطرق غير مشروعة.

الناس يدمنون على الإنترنت، بعضهم يدمن على الألعاب،  بل صممت خصيصاُ وبتحفيز من الشركات العالمية المتخصصة للإدمان عليها، وممكن أن تؤدي الى الدمار النفسي، ناهيك عن الاعتلال الجسدي، كالافراط في السمنة وعدم الحركة او التصلب في الشرايين، أو حدوث جلطات دموية الخ… نتيجة الجلوس لساعات طويلة وفي كل الأوقات.

ومن السهل أن يقوم شخص ما بانتحال شخصية لاستغلال طرف آخر وإيذائه، سواء كان من جنس آخر أو من الجنس نفسه، بالإضافة إلى انتشار المواد الإباحية التي تمكن الصغار من الوصول اليها بسهولة، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث مشاكل اجتماعية ونفسية بالغة الأثر وأحياناً إلى ضياع.

أما بالنسبة الى مواقع التواصل الاجتماعي والتي تؤدي الى انعزال الأفراد عن المجتمع والوحدة والانعزال  عن العائلة والأصدقاء، اذ خلقت هذه المواقع، حياة افتراضية، تجعل من الفرد أسير لهذه الحياة بكافة أشكالها، لا بل ذهب البعض الى استثمار حياته فيها، من خلال صرف مدخراته لشراء أفضل الأجهزة السريعة لتلبي احتياجاته من عرض الأفلام او التواصل السريع مع الآخر او نشر موضوع ما او قراءة او مشاهدة حدث ما. وأحيانا تصل به، ومن خلال العلاقات التي ينشئها، من حجز تذاكر السفر أو ارسال الأموال للأشخاص الذين تعرف عليهم والذهاب الى بلاد أخرى فقط ليتحقق من أنّ من يتحدث معه هو واقع، وبالتالي تحويل الحلم الافتراضي الى حقيقة، وهنا ماذا اذا كانت الصدمة بأن الشخص الذي ذهب لملاقاته هومن جنس آخر، او كان يظن أنه فتاة وإذ هو شاب او رجل، وهنا الكارثة.

أما بالنسبة الى التعليم عن بعد للأطفال، فيمكن للتلميذ إذا فاته درسه أن يحصل على المعلومات من خلال المواقع التعليمية على شبكة الإنترنت، إلّا أن الخلل في عدم قدرة الطلاب على مقاومة المغريات، من خلال الالتهاء بالألعاب ومقاطع الفيديو المختلفة والدردشة، وبذلك يبتعد عن هدفه الأساس. وبالنسبة الى رجال الأعمال، فحدث ولا حرج عن حجم التزوير، والخسائر، وأحياناً لا يجرؤ أحد التحدث عنها، نتيجة الحسابات المزورة، والشركات المتخصصة لسرقة أموال الناس من خلال الشركات الوهمية، وخاصة الشركات الاستثمارية المالية والعقارات وما الى ذلك والتي تنتشر بشكل واسع في كل العالم.

لست من المعارضين لاستعمال شبكات الانترنت، إنما من المعترضين على السلوكيات المتبعة في استعمال هذا الاختراع والذي بات حاجة ملحّة ولا يمكن الاستغناء عنه، إنما يجب مراقبته وقوننته ووضع القوانين اللازمة للحد من المشاكل الكثيرة التي باتت مجتمعاتنا تعاني منها.

أكرم بزي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى