سياسةمحليات لبنانية

لكي تكون الثورة.. ثورة!

 

حكمت عبيد -الحوارنيوز
على مدى خمسة عشر عاما خاض اللبنانيون غمار حرب أهلية ( ١٩٧٥ – ١٩٩٠)، انقسموا خلالها بين من يناضل لتغيير النظام الطائفي وتثبيت الوجه العربي للبنان وبين من يدافع عن امتيازاته الطائفية وإبقاء لبنان نظاما لقيطا لا هوية له.
ورغم صدق بعض القوى التغييرية.
ورغم بعض المحطات الناصعة في المسار النضالي، لم تنجح هذه القوى من فرض تغيير بحجم الطموحات وأسلمت لتسوية، فتحت المجال للتقدم خطوة إلى الأمام تمثلت في اتفاق الطائف.
ومنذ العام ١٩٩٠ تسلمت السلطة قوى وأحزابا، تعمّدت تأخير تنفيذ الإصلاحات الدستورية، وحولت الدولة وإداراتها إلى مستودع للغنائم والزبائنية العمياء.
تدهورت الأوضاع المعيشية لغالبية اللبنانيين. ترهلت الإدارة العامة وفسدت. تقاسم المعنيون قالب الجبن.
مؤخرا، بلغ الأمر حد الإنهيار الشامل.
كان لا بد من الحراك الشعبي، من ثورة لها برنامجها وشعاراتها وخطتها لإسقاط هذه السلطة وضمان قيام سلطة وطنية تحقق الطموحات الشعبية.
بدأت التحركات وكانت موضع ارتياح الغالبية من اللبنانيين لنقائها ووضوحها، والأهم، لوجود قوى وشخصيات ذات مصداقية سياسية …
ماذا حدث؟؟
اليوم يتحرك قسم من المنتفضين تحت شعارات مطلبية -معيشية.
ويتحرك قسم آخر تحت شعارات مذهبية.
لكننا لم نر القوى ذات المصلحة الوطنية والتي لطالما شكلت عنوانا رصينا وجديا للثورة، حاضرة في برامجها.
بعض قوى التغيير طرحت شعارات وبرامج ووضعت خارطة طريق موضوعية للإنتقال السلمي للسلطة، "كمواطنين ومواطنات في دولة"، لكن للأسف جرى رفضها من السلطة ومن بعض الشوارع، لا بل وقفت قوى النظام ( المشاركة في السلطة اليوم وغير المشاركة) في وجه المشاريع المطروحة للإنقاذ.
وها نحن اليوم نشهد تحركات تفتقد للأفق، ويبرر البعض ذلك بأن لا موجب للتنظيم أو التخطيط علينا هدم الهيكل ومن ثم نرى ماذا نفعل…
كأننا لم نتعلم من عبث الحرب الأهلية.
كأننا لم نتعلم من محطات سابقة وبعضها ليس بعيدا…
كأننا لم نشبع من توظيف دم الشباب في آتون الرسائل السياسية المشفرة والمباشرة.
عيب على بعض القوى السياسية التغييرية ألا تملأ الساحات تحت شعار واحد: قانون انتخابات وطني غير طائفي وانتخابات نيابية مبكرة.
بعض الإعلام والإعلاميين يستثمرون اليوم في دماء الفقراء، ويتحدثون ويكتبون كلاما عاطفيا بهدف الكسب، دون علم. صارت الشهرة شهوة البعض.
ماذا يعني أن تفرغ طرابلس من معالم الدولة وحضورها الأمني والإداري…
لماذ تقصّد الاستيلاء على مقر عام، اي مقر عام في طرابلس… ما هي الأهداف وما هي الخطوة اللاحقة.
ماذا لو قررت غدا السلطة الجائرة والفاشلة أن تقوم بتوزيع بعض الخدمات وتعالج بعض اسباب الإعتراضات… هل تنتهي الثورة؟
حتى تكون الثورة … ثورة، فلتخرج قوى التغيير من سباتها فترفع شعارات قابلة للتحقق وتمنع بذار حرب أهلية تولد من جديد…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى