رأي

المفاوضات الاميركية السعودية : ماذا تريد إسرائيل وماذا يريد العرب وشعوب العالم؟(جواد الهنداوي)

 

د. جواد الهنداوي – الحوارنيوز 

مناسبة السؤال هو انَّ العالم بأسره يعيش اجواء احياء القضية الفلسطينية،اخلاقياً وسياسياً وعسكرياً ،ومن المفيد معرفة ماذا تريد إسرائيل و ماذا يريد العرب والعالم ازاء قضيّة قرنيّن من الزمن ،وقضية اجيال ، وقضيّة حق ؟ 

وفي مقدمة العرب الفلسطينيون ،وبمختلف انتماءاتهم و توجهاتهم ، والمملكة العربية السعودية .

الفلسطينيون،لانهم اصحاب الارض المحتلة واصحاب القضيّة ،والمملكة العربية السعودية لأسباب : السبب الاول انها هي التي طرحت مبادرات السلام ،المبادرة الاولى في 1981/8/7 ,مبادرة الامير فهد ولي عهد المملكة ، والمبادرة الثانية هي مبادرة السلام العربية ،والتي اطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز ، في القمة العربية في بيروت عام 2002 ، والتي نالت تأييد الدول العربية و الجامعة العربية . وهدف كلا المبادرتيّن هو اقامة الدولة الفلسطينية وإحلال السلام في الشرق الأوسط. والسبب الثاني ،والذي يضع المملكة العربية السعودية في مقدمة العرب ،هو انغماسها سياسياً ،في الوقت الحاضر ،بمصير القضيّة .اسرائيل وامريكا يلهثون خلف المملكة من اجل التطبيع ومن اجل المصالح الأمريكية في المنطقة ، والمملكة تصّرُ على مواقفها السابقة ( دولة فلسطينيّة مقابل السلام ) ، و تؤكد اليوم الموقف ،وهي تفاوض بلينكن ،وزير خارجية امريكا ، فلا تطبيع من دون وقف الحرب في غزة وبدء مسار اقامة الدولة الفلسطينية ووفقاً للشرعية الدولية و قرارات مجلس الامن . والسبب الثالث هو مكانة المملكة في المنطقة وفي العالم ،وثقلها الاقتصادي والسياسي . 

ماذا تريد إسرائيل ؟ 

بالرغم من المعارك في غزّة وتورط جيش الاحتلال وجرائمه ، واشهار شعوب العالم الوجه القبيح لإسرائيل ، فأنَّ هّمْ إسرائيل ،اليوم ،ليس القضية الفلسطينية،وليس الدولة الفلسطينية، وليس السلام في المنطقة ، وانما الفوز بالتطبيع مع المملكة العربية السعودية ، و محاربة الوجود الإيراني العسكري في سوريا وفي المنطقة ، وحزب الله في لبنان ،والذي بسببه ، تشهد إسرائيل انعدام الحياة في شمال فلسطين المحتلة . هذه هي أولويات إسرائيل او ما تريده إسرائيل ،في جهودها وفي مفاوضاتها مع الجميع ،حلفائها او خصومها .

الخطر الذي تواجهه اسرائيل اليوم هو خطر وجود وليس خطر حدود ،  وتخطئ ان ظّنتْ ان التطبيع مع المملكة او مع دول اخرى ،دون أقامة الدولة الفلسطينية، سيقيها حالة التردّي والانهيار ،لاسيما وان فلسطين لم تعدْ اليوم ،قضيّة العرب والمنطقة ،و انما العالم .

جهود إسرائيل السياسية تنصبُ ،في الوقت الحاضر ،على أولوياتها المذكورة أعلاه ،وليس على حقوق الفلسطينيين، وجهودها العسكرية تنصّبُ على مواجهة إيران وحزب الله ،والاستمرار في ارتكاب المجازر و الاغتيالات هنا وهناك .

ماذا يريد العرب ؟ 

يريد العرب السلام في المنطقة ، والذي لا يتحقّقْ الاّ بأقامة الدولة الفلسطينية وتطبيق قرارات مجلس الآمن في اعادة الأراضي العربية المحتلة . لذلك جهود المملكة وإصرارها على اقامة الدولة الفلسطينية كشرط للسلام في المنطقة ،تتماشى مع ما تطالب به الشعوب في تظاهراتها   ، وتحت شعار ” فلسطين حرّة ” .

اليوم ،ليس فقط العرب مَنْ يطالبون بدولة فلسطينية، و انما شعوب العالم ،وخاصة شعوب تلك الدول التي خلقتْ  اسرائيل و دعمتها . 

اسرائيل ترفض دولة فلسطينية، دون مراوغة وكذب ، و موقفها هذا ليس بجديد وتاريخ اتفاقيات أوسلو للسلام ولدولة فلسطينية ليس ببعيد ، ومعروف عن نتنياهو الكذب ،ويصفه أصدقاؤه الغربيين  ” بالكذّاب ” ، ولكنه صادق فقط في رفضه لدولة فلسطينية،و يعلن عن موقفه صراحة للأمريكيين و لغيرهم ،ونرى اليوم بلينكن ( وزير خارجية امريكا ) يتوسلهُ ، بقبول ” بدء مسار لدولة فلسطينية ” ، و وقف حرب الابادة في غزّة ، كي تمضي مفاوضاته مع المملكة العربية السعودية بنجاح ! لكنه يرفض : يرفضُ وقف حرب الابادة في غزّة  و يرفضُ اي حديث عن مشروع دولة فلسطينية. 

ماذا تستنتج قيادات  حماس الميدانية في غزّة ،والتي تتابع حتماً و تراقب المخاض السياسي ،في المنطقة وفي العالم ،لقضيتهم ومعركتهم  ، من مسار التفاوض بين المملكة العربية السعودية ووزير الخارجية الأميركي؟ 

يستنتجون رفضا مُسبقا لإسرائيل على شروط المملكة العربية السعودية ،والتي هي : وقف الحرب في غزّة وبدء مسار الدولة الفلسطينية ، والتي هي ذات الشروط لقيادات حماس وللسلطة الفلسطينية و للعرب و للعالم . لذلك ،لا تثقُ حماس مطلقاً بمفاوضات وشروط مع إسرائيل ، عبر الوسطاء ، تقود إلى إطلاق سراح الاسرى او الرهائن الاسرائيلين لدى حماس ( حسب التعبير الإسرائيلي ) مقابل وعود بوقف حرب الابادة في غزة وعودة لسكان القطاع إلى منازلهم في شمال و وسط القطاع ! 

و ماذا يجب ان تستنتج القيادة الفلسطينية من مسار التفاوض بين المملكة العربية السعودية و امريكا ،والتي مفاتيحها هي وقف حرب الابادة في غزّة و البدء بمشروع الدولة الفلسطينية ، والمرفوضة من قبل اسرائيل ،رغم توسّل امريكا ؟ 

لاشي تستنجهُ السلطة الفلسطينية غير فقدان بصيص الأمل ومسار قاتم وشائك في التعامل مع حكومة نتنياهو ، و مع وعود أمريكية ليس سوى هراء . 

موقف المملكة العربية السعودية وشروطها بالتفاوض مع امريكا من اجل السلام في المنطقة رسّخَ امام العالم حقائق عن عدوانيّة اسرائيل و نواياها ، فهي ( واقصد إسرائيل ) لا تريد دولة فلسطينية، ولا تريد حتى دويلة فلسطينية .

*رئيس المركز العربي الأوربي للسياسات وتعزيز القدرات /بروكسل /٢٠٢٤/٥/٤.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى