رأي

كانوا سبباً للحرب..وما زالوا سبباً لمنع تطور النظام(محمد هاني شقير

 

محمد هاني شقير – خاص الحوار نيوز

اليوم ١٣ نيسان، الذكرى المشؤومة التي مرت على لبنان منذ ٤٧ سنة، وتحديدًا سنة ١٩٧٥ ،عندما امتشق اليمين اللبناني بقيادة حزب الكتائب السلاح بحجة مقاتلة الفلسطينيين، رافضًا بشكل مطلق إجراء أي تغيير في بنية النظام الطائفي الذي كان، وما زال وسيبقى، سببا لكل مآسي هذا الوطن.

في منتصف السبعينيات كان لبنان يشهد تطورًا سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا لافتًا، ما جعله، وفق الظروف الذاتية المذكورة، قابلًا لإجراء تغييرات في نظامه السياسي ليواكب تلك التطورات، غير أن اليمين اللبناني عمومًا ،وحزب الكتائب خصوصًا، لجأ الى لغة العنف والسلاح مفضلًا، وهذا هو طبع البورجوازية، الحرب والدمار ليحفظ امتيازاته التي كسبها منذ استقلال لبنان.

بالفعل حصلت الحرب الأهلية وذهب الوطن في مهب الريح وبخاصة عندما طلب اليمين المذكور من الأنظمة الرجعية العربية دعمه ومؤازرته في حربه ضد القوى التقدمية اللبنانية، وسارعت هذه الدول، التي توجست من التغيير الديمقراطي في لبنان وخافت على انظمتها من السقوط تباعًا، الى مساندته وارسلت قوات الردع العربية بقيادة الجيش العربي السوري فخاضت حربًا أسقطت في خلالها بالتعاون والتعاضد والتكافل مع اليمين اللبناني، مشروع قيام وطن ديمقراطي علماني في لبنان.

حافظ النظام اللبناني على طبيعته الطائفية، بل تكرّست في اتفاق الطائف، غير أنه تضمن مادتين قابلتين للتطور وانعاشه فيما لو طبقتا: إلغاء الطائفية السياسية واقرار قانون انتخابات نسبي وفق دوائر كبيرة.وهاتان المادتان تجاهلهما المشرّع، كما السلطات التنفيذية، منذ تسعينيات القرن الماضي وبقيتا عنصر تفجير لهذا النظام الذي استمر، هذه الحقبة، بقوة دفع اكثر تخلفًا قامت على محاصصات زبائنية بين مختلف أمراء الحرب الذين استلموا زمام الحكم منذ أكثر من ثلاثين عامَا مضت.

تأزم الوضع في البلاد (طلعت ريحتهم) فانفجر الشارع في انتفاضة شعبية مميزة سنة ٢٠١٩ لينخرط فيها ايضًا اليمين اللبناني، بينما احجم آخرون عنها ونالوا منها بطرقهم المختلفة، وحاول هذا اليمين، ومن ضمنه حزب الكتائب، مصادرتها وتحويلها عن مسارها التقدمي المفترض أن تسلكه، وهو هو لم يقبل بفرضية أن المعضلة هي النظام السياسي الطائفي، وراح يصوب على سلاح حزب الله حاصرًا كل ازمات الوطن بهذا السلاح، رافضًا، مرةً جديدة، إجراء أي تغيير في بنية النظام وحارمًا اللبنانيين من الفرصة الذهبية التي تمظهرت بانتفاضة ١٧ تشرين ومكرسًا الحقيقة ذاتها المتمثلة بأن البورجوازيات مستعدة للتضحية بالوطن في مقابل ان تحفظ امتيازاتها…

وها هو يثبت انه من صلب هذا النظام من خلال نسجه تحالفات انتخابية سلطوية، كما آخرين في الموقع الضد، تحت شعارات طائفية مذهبية ستزيد من أزمة النظام وتكرّس المحاصصات الزبائنية التي تعيد إنتاج المنظومة ذاتها ،لتذهب لاحقًا الى تنازلات سيقدمونها جميعًا الى صندوق النقد الدولي ومن خلفه الولايات المتحدة الأميركية، وكل ذلك على حساب مستقبل الوطن وشبابه الذين يطرقون أبواب الهجرة بحثًا عن فرصة عمل… وحياة.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى