حرب غزةسياسة

الحرم القدسي في رمضان يشعل جدلا إسرائيليا قبل اتخاذ القرار (حلمي موسى)

 

كتب حلمي موسى من غزة:

أثارت المداولات المعلنة داخل الحكومة الإسرائيلية بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزيره الكهاني إيتامار بن جفير بشأن تقييد صلاة المسلمين، خصوصا من داخل الخط الأخضر، في الحرم القدسي في شهر رمضان، عاصفة سياسية ودينية لم تهدأ.

واعتبر العديد من كتاب الرأي في الصحافة الإسرائيلية أن انجرار نتنياهو وراء مشعل الحرائق، بن جفير، يمكن أن يقود إسرائيل إلى كارثة وحرب دينية. ورغم وجود مؤيدين لقرار بن جفير في إسرائيل إلا أن أصواتا، حتى من اليمين الاستيطاني، حذرت من مواصلة منهج التطرف. ويوم أمس حاولت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية القول بأن المداوات شيء، والقرار شيء آخر وأن القرار لم يتخذ بعد.

وأشارت صحيفة “معاريف” إلى أن ما أثار العاصفة السياسية هو أن التقارير حول المداولات كانت متضاربة وغامضة. وقالت إن نتنياهو أعطى الانطباع أثناء المداولات بأنه يميل إلى موقف الشرطة التي أوصت بتقييد وصول المسلمين، خصوصا من داخل مناطق 48، إلى الحرم خلافا لتوصية الجيش والشاباك اللذين عارضا فرض أي قيود.

وفيما هلل بن جفير لما اعتبره نجاحا في فرض رأيه على نتنياهو تحدث الأخير عن أن القرار لم يتخذ وأنه طلب من الجهات المختصة تقديم توصياتها مع الإشارة إلى التداعيات والمخاطر لاتخاذ القرار.  

وأوضح مقربون من نتنياهو أنه لم يقبل موقف بن جفير الداعي للسماح لقوات الشرطة باقتحام الحرم كلما ارتفع صوت تحريض أو رفعت هناك الأعلام الفلسطينية. وأشاروا إلى أن القرار النهائي بهذا الشأن سيتخذ في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية. وبعد ذلك ستجرى مداولات خاصة تتقرر في نهايتها القيود المتعلقة بمدى العمر وبالطبع بعدد الزوار.

 وكان بن جفير قد أعلن أنه “في السنوات الأخيرة حاولت حكومات إسرائيل المتتابعة بكل القوة ان تكون لطيفة مع حماس،وأن تحتوي حماس، وادخلت عشرات الاف النشطاء وحولت الحقائب مع ملايين الدولارات، وتدلل سجناء حماس في السجون في زنازينهم كما يشاؤون بطريقة الخدمة الكاملة. وحتى عندما اطلقوا علينا الصواريخ كانت هناك جهات تقول دوما ان هذا مطر او عطل كهربائي. ورغم كل هذا، في 7 أكتوبر تحطم هذا الوهم الصبياني. والتفكير في أننا فقط اذا كنا لطفاء مع حماس وفقط اذا احتويناهم، اصبح وهما عظيما تحطم لنا جميعا في الوجه. اعداؤنا يفحصوننا حتى في هذه الدقائق ويريدون أن يروا اذا كنا مصممين واقوياء أم اننا خائفون وخانعون”.

 وكانت صحيفة “هآرتس” أشد المعارضين لتوجه نتنياهو وبن جفير لتقييد وصول المسلمين، خصوصا من مناطق 48، إلى الحرم.وكتبت في افتتاحيتها التي كانت تحت عنوان “فلتحرق الدولة” أن “القرار بتقييد صلاة المسلمين في الأقصى اثناء شهر رمضان هو القرار الأخطر لحكومة الفظائع منذ نشوب الحرب.  وأضافت أن “رمضان، الذي سيبدأ الشهر المقبل، لا يمكنه أن يكون فرصة ممتازة لاثبات أن الناطقين بلسان حماس يكذبون وان حرب إسرائيل هي ضد حماس وليست ضد الشعب الفلسطيني او كل المسلمين. لقد كانت هذه فرصة لتقويض دعاية منظمة الإرهاب في ان إسرائيل تعتزم المس بحرية العبادة الإسلامية في الحرم القدسي وتغيير الوضع الراهن في المكان، كما هي فرصة للفصل بين حماس والعرب في الضفة الغربية، في القدس الشرقية وفي إسرائيل”.

واستدركت “لكن الحكومة الأسوأ في تاريخ إسرائيل، التي يحكمها نشيط جبل الهيكل ايتمار بن جفير وعلى رأسها سياسي فاشل أوصل مذهبه إسرائيل الى شفا الهاوية، ليست فقط تفوت هذه الفرصة، بل تستخدم شهر رمضان كفرصة لسكب مزيد من الزيت على شعلة المواجهة مع الفلسطينيين.”

 وفي “يديعوت” كتب المعلق السياسي بن درور يميني تحت عنوان “يلعبون بالنار”  أنه ليس صدفة أن حماس اختارت اسم “طوفان الأقصى” لعملها الاجرامي في 7 أكتوبر. وليس صدفة ان كل حكومات إسرائيل، مثل هذا الأسبوع أيضا ترددت بالنسبة لهذه الكرة الملتهبة التي يسجل عليها “خطر اشتعال”. والتهديد، الوهمي والحقيقي، يتجاوز القضية الفلسطينية الى العالم الإسلامي بأسره، لأنه يوجد شيء ما في هذا المكان يثير منذ اكثر من مئة سنة اضطرابات ويضرم النار”.

وأضاف: “قبيل شهر رمضان، هذه السنة أيضا طرحت مسألة جبل الهيكل والمسجد الأقصى. فكيف تصان حرية العبادة من دون سفك دماء؟ لا توجد صيغة سحرية لتهدئة الخواطر، لأننا نتعامل هنا مع فريات من النوع المقيت للغاية. منذ حرب الأيام الستة واليهود هم الذين يميز ضدهم. دخولهم الى جبل البيت مقيد. تهديدات المتطرفين تتسبب بالردع. وبالتأكيد هكذا هذه الأيام عندما لا تحتاج إسرائيل الى جبهة أخرى.”

 ولاحظ يميني أنه إضافة إلى نتنياهو “يوجد الرجل الذي يتعلق به كل الائتلاف. الرجل الأكثر تطرفا في الساحة السياسية. الرجل الذي هو شخصية غير مرغوب فيها في كل عواصم العالم تقريبا. هذا الرجل، ايتمار بن جفير، يسعى الآن لان يملي على الحكومة سياسته.”

وأضاف أن “نتنياهو يعرف بالضبط مع من يتعامل. في الماضي رفض السماح لبن جفير بالحجيج الى الحرم. وحينها قال نتنياهو: “بن جفير كان سيشعل الشرق الأوسط. كان سيثير علينا غضب مليار مسلم، قلت انه توجد حدود. توجد أمور لست مستعدا لان افعلها”. مرت أربع سنوات فقط. واليوم يوجد نتنياهو آخر. ليس نتنياهو الذي يقود بل نتنياهو الذي يقاد. بن جفير يطلب، نتنياهو يطيع”.

والواقع أن رئيس الشاباك الأسبق، يعقوب بيري، كتب أمس في معاريف أيضا تحت عنوان “قرار غريب وخطير” أن “القرار الذي اتخذه نتنياهو حول وصول عرب إسرائيل الى الحرم في فترة رمضان – على الأقل حسب بعض المنشورات – غريب، غير واضح وقد يتسبب باضطراب مقلق. وهذا في فترة هي دوما فترة حساسة، متوترة وعظيمة الاحداث الأمنية الصعبة.  ان حقيقة أن رئيس الوزراء قرر ان يقبل، ولو جزئيا، موقف الوزير ايتمار بن جفير، خطيرة، قابلة لتفسيرات متنوعة، ويمكن تفسيرها بموافقة سياسية اكثر مما هي قرار متوازن، امني وحساس.”

وأضاف أن “عرب إسرائيل حافظواعلى هدوء تام منذ 7 أكتوبر، وعليه فلا مجال لتوتير وتوتير شبكة العلاقات مع هذا الوسط وجر أجزاء منه الى الاضطراب والمواجهة، بخاصة على خلفية الحرم وبالتالي دفعهم للانضمام الى خطة حماس الاصلية”.

 وكان لافتا على وجه الخصوص انضمام المعلق اليميني المشهور، نداف شرغاي، في صحيفة “إسرائيل اليوم” اليمينية إلى جمع منتقدي قرار نتنياهو وبن جفير. فقد كتب تحت عنوان “لنبقي المارد الديني في القمقم” أن منع “عرب إسرائيليين من الصلاة في شهر رمضان في المسجد الأقصى الذي في جبل البيت من شأنه أن يخرج المارد الديني من القمقم في القدس أيضا، وهو المارد الذي نجحت إسرائيل حتى الان على الأقل في إبقائه حبيسا”.  ورأى أن “التحويل الجارف لسكان شرقي القدس وعرب إسرائيل الى ممنوعي الدخول الى الحرم في رمضان من شأنه أن ينزلهم عن الجدار ويدفع الكثيرين منهم الى التماثل العلني مع غزة والى أذرع حماس والى شراكة فاعلة في الإرهاب وفي العمليات”.

 وخلص إلى أنه “ليست لإسرائيل أي مصلحة في المواجهة – فما بالك دينية – مع عرب إسرائيل وشرقي القدس. وبالتالي فمن الأفضل الانصات الى موقف شرطة القدس التي أبقت بفضل عملها الذكي والمهني في الأشهر الأربعة الأخيرة (الى جانب الشاباك) شرقي المدينة عامة والحرم القدسي خاصة (باستثناء حالات محدودة)، خارج احداث الحرب.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى