سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف :موجة الغضب الشعبي تبلغ مداها ..وأزمة المحروقات على وعد الانفراج

الحوار نيوز – خاص

ركزت الصحف الصادرة اليوم على موجة الغضب التي اجتاحت كل المناطق اللبنانية أمس وتمثلت في قطع الطرق،وسط أزمة المحروقات التي بلغت حدودها القصوى ،على أمل الانفراج بدءا من اليوم مع صدور جدول تركيب الأسعار الجديد الذيصدر هذا الصباح وباتت صفيحة البنزين بين بين 61 و63 ألف ليرة.

  • صحيفة ” النهار ” كتبت تقول : ‎لعله اليوم القياسي لاشتعال مظاهر الغضب العارم المتجول بحيث لم يترك مدينة، ولا بلدة، ولا طريقا رئيسيا، ‏الا وقطعت وأشعلت عندها النيران فيما تجاوزت الأمور منحى التعبير الغاضب الى بعض الصدامات مع القوى ‏الأمنية في دلالة بالغة الخطورة على صعود حالة الاحتقان الشعبي الى مستويات باتت تنذر بالتفلت الأشد خطورة ‏من كل الحقبات السابقة منذ اندلاع انتفاضة17 تشرين الأول 2019. يوم الغضب هذا تصاعدت احتداماته بقوة ‏لافتة في ساعات بعد الظهر واتسعت على نطاق كبير بحيث لم يبق طريق أساسي ببيروت والضاحية وطرابلس ‏وصيدا والبقاع ومعظم مناطق جبل لبنان الا وقطعت بالاطارات المشتعلة، فيما بدا واضحا ان المعالجات ‏التخديرية والظرفية لأزمة المحروقات ومعها “كارثة” الاشتعالات المطردة لسعر الدولار في السوق السوداء ‏لعبت الدور الأسوأ في تأجيج عاصفة الغضب الشعبي وتفجيره على الغارب بما ينذر بعدم إمكان السيطرة على ‏هذه العاصفة بسهولة بعد الان. ولعل المؤشر الأكبر على الخوف من تفلت الغضب وانفجاره وربما إمكان توظيفه ‏واستغلاله على ايد مندسة تتربص بالبلاد، وتسعى الى تحقيق اختراقات امنية، برز في ان هذا الغضب لم يتراجع ‏امام الإجراءات المالية والإدارية التي اطلقها مصرف لبنان واتاحت بدء دخول بواخر المحروقات للشروع في ‏تفريغها ايذاناً بانهاء أزمة البنزين والمازوت وإزالة الاحتقانات المتراكمة في الشارع جراء الزحمة الخانقة على ‏محطات المحروقات. اذ ان تراكمات الازمات المترابطة بدت أكبر واكثر تعقيداً من توقع احتواء العاصفة لمجرد ‏إصدار جدول تركيب أسعار جديد للمحروقات سيصدر اليوم على سعر صرف الدولار بـ3900 ليرة ووعد ‏بعودة انتظام تسليم المحروقات. ولم تكن الدعوة المفاجئة التي وجهها رئيس الجمهورية ميشال عون الى المجلس ‏الأعلى للدفاع لعقد جلسة طارئة بعد ظهر اليوم سوى دليل إضافي على ما بلغته الأوضاع من تدهور يهدد ‏الاستقرار الأمني في ظل انعدام الأفق للحل السياسي المتمثل حصراً بتشكيل حكومة إنقاذية، بل ان الوقائع الدامغة ‏تثبت ان احتدام عا صفة الاحتجاجات والغضب الشعبي إنما هو النتاج الحتمي للفراغ السياسي الذي تحول ‏المحفز الأساسي للاهتزازات المقلقة الجارية‎ .‎

    ‎ ‎

    ‎ ‎

    ‎‎ازمة المحروقات

    ومع يوم الغضب الماراثوني بدت كل القطاعات تحت وطأة شح المحروقات وانقطاعها من الاسواق. ففيما ‏استمرت الطوابير امام المحطات، اقفل جزء كبير من المؤسسات أبوابها في انتظار التسعيرة الجديدة التي ستصدر ‏عن وزارة الطاقة صباح اليوم‎ .‎

    ‎ ‎

    وسارع مصرف لبنان الى الإعلان، أنه ابتداء من امس بدأ ببيع الدولار الأميركي للمصارف التي تتقدّم بفتح ‏اعتمادات لاستيراد كل أنواع المحروقات بعد أن تكون قد استحصلت على موافقة مسبقة لهذه الاعتمادات على سعر ‏‏3900 ليرة للدولار الواحد. على أن تسدّد هذه المصارف قيمة الاعتمادات مئة في المئة بالليرة اللبنانية. وعلى ‏الأثر بدأ تفريغ البواخر المحمّلة بالبنزين والمازوت الراسية على الشاطئ . وانعكست الازمة على عمل عدد من ‏المؤسسات العامة ومديريات الأمن. فمع ساعات الصباح توقفت كلّ المعاملات في مركز الأمن العام في السوديكو ‏بسبب انقطاع التيار الكهربائي وحصول عطل في المولدات الكهربائية. كما توقفت أنظمة أجهزة الكمبيوتر التابعة ‏لوزارة المال في قصر عدل بيروت ما تسبّب بوقف كل معاملات استيفاء الرسوم. وفي المطار توقفت صناديق ‏الجمارك عن قبض الرسوم بسبب عدم توافر الاوراق والمحابر، ما سيؤدي الى مشكلة في حركة الشحن‎ .‎

    ‎ ‎

    وأفيد ان رئيس الجمهورية تابع تطور أزمة المحروقات في البلاد والمعاناة التي تواجه المواطنين لاسيما امام ‏محطات الوقود، فأجرى اتصالات شملت وزير الطاقة والمياه ريمون غجر والإدارات المعنية في الوزارة، وطلب ‏اتخاذ إجراءات سريعة وصارمة من اجل المساهمة في التخفيف من حدة الازمة المفتعلة، ووقف استغلال ‏المواطنين. كذلك اتصل الرئيس عون بوزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي وعدد من القادة الأمنيين، وطلب ‏اليهم مساعدة الاجهزة الإدارية المعنية في منع تخزين المحروقات ووضعها بتصرف المواطنين، والتشدد في ‏تطبيق القوانين مع المخالفين، الى حين تراجع الازمة خلال الـ 48 ساعة المقبلة‎.‎

    ووسط هذه الاجواء القاتمة، عادت حركة قطع الطرق الى الاشتداد على امتداد المناطق اللبنانية، من الشمال الى ‏الجنوب مرورا بالعاصمة احتجاجا على تردي الاوضاع المعيشية وانقطاع التيار الكهربائي، وبلغت حركة قطع ‏الطرق ذروتها في ساعات بعد الظهر والمساء‎ .‎

    ‎ ‎

    ‎ ‎

    مواقف من الحكومة

    على الصعيد السياسي، بدا شبه مؤكد ان كل ما أثير عن تحريك لملف تشكيل الحكومة لم يتجاوز اطار المناورات ‏المعتادة ولم تسجل أي حركة جديدة يمكن الرهان عليها جدياً. وبدا لافتاً الموقف الذي اتخذه رئيس كتلة “الوفاء ‏للمقاومة” النائب محمد رعد اذ شدد على ان “حزب الله والمقاومة وشعبها أحرص على الاسراع في تأليف حكومة ‏تستعيد بناء الدولة ونظامها الاقتصادي والمصرفي، وقدرتها على إثبات الوجود والوقوف في وجه التحديات، ‏وعلى أن تقول رأيها الصريح، وتضحي من أجل هذا الرأي في علاقاتها الدولية وتحالفاتها وخصوماتها ومواجهة ‏عدوها الوحيد في المنطقة، ألا وهو الكيان الصهيوني الغاصب”. ولكنه طالب البعض بأن “يتوقفوا عن الكذب على ‏اللبنانيين حينما يقولون بأن المشكلة التي تؤخر تأليف الحكومة تكمن في تسمية وزيرين، فثمة من لا يريد تشكيل ‏حكومة، وهو يعرف نفسه وأوساط العمل السياسي تعرفه، ويريدون من الآن أن يفتحوا معركة الانتخابات ‏النيابية علما أن هناك حوالي الـ10 أشهر لموعد الانتخابات، وبالتالي، لا مشكلة لديهم بأن يجوّعوا الناس ويفلسوا ‏البلد، وأن يستدعوا كل قوى العهر في العالم ليتفرجوا ويضحكوا علينا ويهزؤوا بنا، بانتظار أن نتنافس انتخابياً ‏لنثبت أننا ديمقراطيون”، ودعا هؤلاء إلى أن “يشكلوا الحكومة، وأن ينطلقوا في العمل، وأن يتركوا الأشهر ‏الأخيرة الباقية من عمر الحكومة للانتخابات النيابية تحضيرا وإنجازا”، لافتا الى ان “صراعاتنا مع بعضنا ‏البعض تستلزم أن نثير العصبيات الطائفية والمذهبية والمناطقية ليثبت كل طرف منا من سيربح في الانتخابات ‏المقبلة، ومن سيأتي برئيس جمهورية جديد للبلاد”. وشدد على أن “العهود الرئاسية تذهب، والمجالس النيابية ‏يذهب أعضاؤها، ولكن الوطن وأبناؤه يبقون، وبالتالي على البعض في لبنان أن يتركوا مأثرة لهم في هذا الزمن‎”.‎

    ‎ ‎

    اما حركة “امل”، فقالت في بيان “البلد يكاد يصل إلى نقطة اللاعودة مع المراوحة التي تعطل تشكيل حكومة ‏مبنية على مبادرة الرئيس بري المطروحة للحل”، مضيفة ” محاولة ابتكار بدائل غير دستورية لا يمكن أن تنقذ ‏الوطن”، ودعت الى “الكف عن المهاترات والمعارك الوهمية وبيانات تحويل الانظار عن المشكلة الاساسية ‏المتمثلة بتعطيل كل الحلول‎”.‎

    ‎ ‎

    من جهة ثانية، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة عامة، تعقد عند الحادية عشرة من قبل ظهر ‏يومي الاربعاء والخميس المقبلين، وكذلك مساء اليومين المذكورين، في قصر الاونيسكو لدرس واقرار مشاريع ‏واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الاعمال، ومنها مشروع القانون المعجل الوارد بالمرسوم رقم7797 ‏إقرار البطاقة التمويلية وفتح إعتماد إضافي إستثنائي لتمويلها‎.‎

  • وكتبت صحيفة ” الأخبار ” تقول : بحجّة السعي الى إجبار محطات البنزين على صرف مخزونها قبيل رفع سعر صفيحة البنزين، أخّرت وزارة الطاقة ‏إصدار جدول أسعار المحروقات، فضاعفت أزمة البنزين لأن كل المحطات أغلقت أبوابها بانتظار رفع السعر لتحقيق ‏أرباح إضافية. جرى ذلك في ظل غياب كامل لمراقبي وزارة الاقتصاد، المسؤول الأول عن مراقبة المحطات، فيما ‏آثرت المديرية العامة للنفط إصدار بيان لا قيمة له سوى أنه يضاعف من وقع الأزمة وطوابير الذلّ على المحطات ‏المقفلة بانتظار إصدار جدول الأسعار الجديد يوم الأربعاء، علماً بأنه تقرّر بسبب “الظروف الاستثنائية”، أن يصدر ‏هذا الجدول مرتين في الأسبوع، الاثنين والخميس، لكن يبدو أن وزارة الطاقة لم تجد ما يدعو الى الاستعجال، فقررت ‏العودة الى الموعد التقليدي أي يوم الأربعاء. ذلك رغم الحديث عن أن وزير الطاقة ريمون غجر عاد وقرر إصدار ‏الجدول اليوم لـ”تخفيف وطأة الأزمة”، ما يعني الانتقال رسمياً الى مرحلة الدعم على أساس سعر صرف يوازي ‏‏3900 ليرة لبنانية للدولار وانتهاء مرحلة الـ 1500 ليرة نهائياً، في انتظار رفع الدعم نهائياً في مدة أقصاها ثلاثة أشهر. ‏والحديث عن “تخفيف وطأة الأزمة”، ليس سوى تبشير بزيادة سعر البنزين إلى نحو 70 ألف ليرة للصفيحة الواحدة. ‏تمكّنت السلطة من تقديم زيادة السعر كحلٍّ مرتجى من قبل الجمهور، كما لو أنه الخلاص، تماماً كما يتم التعامل مع ‏رفع الدعم مطلقاً، وترك الأسعار أسيرة سعر صرف الدولار “الحر”، كما لو أنه المنقذ الوحيد لسكان لبنان‎!‎

    تزامن ذلك مع إعلان مصرف لبنان بيعه الدولار للمصارف التي تتقدم لفتح اعتمادات لاستيراد كل أنواع المحروقات ‏بعد أن تكون قد استحصلت على موافقة مسبقة لهذه الاعتمادات على سعر 3900 ليرة لبنانية للدولار الواحد، وضرورة ‏تسديد قيمة الاعتمادات مئة في المئة بالليرة اللبنانية. هذا القرار لا يعني وقف نزف الدولارات، إنما هدف المصرف ‏المركزي من جرّاء هذا القرار هو زيادة الأسعار بما يؤدي إلى الحدّ من الاستهلاك والتمهيد لمرحلة رفع الدعم نهائياً، ‏بحيث يتم تسويق هذا الأمر على أنه الحلّ الوحيد والفعلي لوقف التهريب الى سوريا. ومن جهة أخرى، يهدف مصرف ‏لبنان إلى سحب أكبر قدر ممكن من الليرات من السوق، بهدف خفض قدرة السكان على الاستهلاك‎.‎

    حكومياً، لا يزال الطرح المقابل لـ”الثلاث ثمانات”، هو “الأربع ستات”. وتشير مصادر مطلعة الى أن هذا ‏المسعى جرى تقسيمه على الشكل الآتي: 6 وزراء بينهم 5 لحركة أمل وحزب الله وواحد كاثوليكي للحزب ‏القومي، 5 وزراء لتيار المستقبل وواحد مسيحي من الأقليات يسمّيه المستقبل أيضاً، 6 وزراء موزعين ما بين ‏وزيرين لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية ووزير للحزب الاشتراكي وآخر لرئيس الحزب الديموقراطي طلال ‏أرسلان و1 مشترك بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف. المسعى هذا رهن بما يقرره سعد الحريري ‏غداً لدى عودته الى لبنان، على أن مصادر التيار الوطني الحر تشير الى أنه أمام خيارين لا ثالث لهما: إما التشكيل ‏وإما الاعتذار‎.‎

  • وكتبت صحيفة ” اللواء ” تقول : بدت بيروت مع هبوط الليل مدينة منكوبة، وكدلالة على نكبتها يمكن القول ان طرابلس وصيدا وصور والنبطية ‏وجبيل وبعلبك وجونيه وكل مدن لبنان في وضع مماثل: الشلل، اليأس، البطالة، فقدان السلع الأساسية، ومقومات ‏الحياة، من الكهرباء والمحروقات، والانترنت، وسائر الخدمات التي تبدو ضرورية وحيوية في وقت واحد‎.‎

    الشوارع شبه خالية، ما خلا مستوعبات النفايات المبعثرة، بما فيها شبان على الدراجات في مسيرات احتجاجية لوقف ‏العبث بالمصير الوطني كلّه، كرمى لاوهام حقوق، وصلاحيات، لا طعم لها ولا لون، في بلد يحترق، ويبدو انه ‏محاصر، ويكاد اليأس يقتله، فيما الطبقة السياسية، تتصرف وكأن لا شيء يحصل‎.‎

    اليوم، بيروت ولبنان بلا مصارف، إضراب تضامني مع مصرف تعرض لاقتحام على خلفية إغلاق حساب يرجع ‏لاحدى الجمعيات، عملاً بقوانين العقوبات الأميركية التي تلتزمها المصارف اللبنانية، وموظفو الإدارة العامة يبدأون ‏اليوم اضراباً، وهيئة التنسيق النقابية تتوقف عن العمل الخميس، بهدف معالجة “مشكلة تدني القيمة الشرائية للرواتب ‏بكل الوسائل الممكنة”، في وقت تتصاعد فيه الدعوات للاضراب والعصيان المدني بدءاً من 1 تموز‎.‎

    ومن الممكن ان يتفاقم الموقف إذا ادرك العاملون في القطاع العام من المدنيين ان المجلس النيابي في جلسته غداً وبعد ‏غد امامه اقتراح قانون لإعطاء بدل غلاء معيشة، فالبند 57 من جدول الأعمال يتضمن: منح دفعة على غلاء المعيشة ‏لضباط وعناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة وشرطة مجلس النواب والضابطة الجمركية ‏والعسكرية‎.‎

    في هذا الوقت، قررت اتحادات ونقابات قطاع النقل البري الإضراب العام في 7 تموز، إذا لم يتم التوصّل إلى معالجة ‏سريعة لأوضاع القطاع، بعد اجتماع، حذر خلاله رئيس الاتحاد العمالي العام من ان يكون رفع الدعم بمثابة كارثة على ‏صعيد النقل والمستشفيات والسوبرماركت والمولدات‎.‎

    البلد كلّه في الشارع، والحاكم عى عناده وشروطه، من دون السماح بالتقدم قيد أنملة على صعيد البدء بعملية وقف ‏الانهيار عبر حكومة متحررة من القيد الحزبي، وطغيان الطبقة السياسية الفاسدة‎.‎

    وبدل وضع الحل على السكة، تمعن هذه الطبقة بمحاولات تقسيم الموظفين بين عسكريين تدرس اغراءهم بزيادات ‏على معاشاتهم دون المدنيين، والتلويح بإجراءات لئلا يتفلت الشارع من جرّاء الحركة الاحتجاجية‎.‎

    وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ”اللواء” أن اجتماع المجلس الأعلى للدفاع اليوم يناقش أكثر من ملف مرتبط بالوضع ‏الراهن والتخوف من تفلت الأمور بفعل التحركات الاحتجاجية على الواقع القائم والذي ينذر بمضاعفات خطيرة‎.?‎

    وأعلنت المصادر نفسها أن المجلس سيناقش الإجراءات الواجب اتخاذها من أجل المحافظة على الاستقرار ومنع أي ‏تدهور جراء تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية والمالية‎.?‎

    وتوقعت أن تكون مواقف تتصل بهذا الواقع فضلا عن قضايا آخرى ذات الصلة‎.‎

    حكومياً، بقي التيار الوطني الحر، يبث المخاوف تحت أوهام دستورية، لا أساس لها على أرض الواقع.. فتارة الكلام ‏على الصلاحيات، والمعايير، واخرها التحذير من المثالثة، مع العلم ان البحث انتقل إلى 4 ستات (4‏x6)= 24 ‎وزيراً ‏لتجاوز عقدة المثالثة التي طالب بها النائب جبران باسيل، ويتنكر لها اليوم، ولم تسجل أي حركة ذات تأثير، وقالت ‏المصادر الأمور مرهونة بخواتيمها أو نتائجها العملانية‎.‎

    وتشير مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة الى استمرار الدوران في دوامة العقد والشروط التعجيزية التي يتلطى ‏وراءها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ولم يتم التوصل الى حلحلتها أو تجاوزها، برغم كل ما يتسرب ‏من معلومات واخبار عن حلحلة ما، تمهد الطريق لتشكيل الحكومة الجديدة. وقالت المصادر ان مسار الاتصالات ‏والتواصل بخصوص تشكيل الحكومة متوقف تقريبا على المستويات المعهودة سابقا باستثناء تواصل هاتفي محدود. ‏ومايزال البحث يتركز على النقاط الاساسية الواردة في مبادرة الرئيس نبيه بري?والتي تبناها حزب ألله بالنقاش مع ‏رئيس التيار الوطني الحر، كمرتكز للتوصل الى تفاهم مشترك لتشكيل الحكومة العتيدة برغم التحفظات التي ابداها ‏الاخيرعليها‎.?‎

    واشارت المصادر إلى ان تكتما يفرض على نقاط الخلاف المتبقية من قبل الجهات المعنية الا انها اعربت عن ‏اعتقادها، بانها اصبحت محصورة بنقطتين، الأولى الخلاف على تسمية الوزيرين المسيحيين وقد عرضت اكثر من ‏صيغة مقبولة من بري لمعالجتها،في حين تبقى نقطة مشاركة كتلة التيار الوطني الحر بالحكومة من عدمه وعما إذا ‏كانت ستمنح الحكومة العتيدة الثقة ام لا‎.‎

    فقد توقفت الاتصالات نهائياً خلال الايام الماضية حول تشكيل الحكومة، وعلمت “اللواء” ان حزب الله توقف من ‏حيث انتهت آخر اللقاءات مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل “لأن مواقف الاطراف لا زالت على حالها ‏بالنسبة لحل عقدة تسمية الوزراء المسيحيين”. فيما تردد ان هناك ليونة في موقف باسيل لجهة منح الثقة للحكومة، ‏وانه “من غير المنطقي اذا تشكلت الحكومة ونال رئيس الجمهورية حصته منها ألّا نعطيه الثقة لكن ليس قبل معرفة ‏برنامج الحكومة وتوجهاتها الاصلاحية” كما قالت مصادر التيار‎. ‎

    بالمقابل، افادت مصادر تيار المستقبل انه طالما يستمر الرئيس عون والنائب باسيل في تعطيل الحلول عبر طلب ‏الحصول على ثمانية وزراء فلن تكون هناك حلول، لكنها لم تستبعد ان يعمل الرئيس المكلف سعدالحريري بعد عودته ‏من الخارج على تقديم صيغة حكومية من 24 وزيراً الى الرئيس عون بعد التوافق مع الرئيس نبيه بري. لكن الصيغة ‏المطروحة حالياً لحكومة الـ 24 وزيراً وفق تركيبة 3 ثمانات تعني منح الرئيس عون وحده مع فريقه السياسي قوة ‏التعطيل، إذ لا يوجد اي فريق من الحكومة يملك وحده 8 وزراء، وهذا ما ليس مقبولاً‎.‎

  • وكتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : وانقضى الأسبوع الأول من الشهر التاسع على تكليف الرئيس سعد ‏الحريري تشكيل الحكومة. وما جرى بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ‏ميشال عون وفريقه السياسي من خصام وصراع وصدام على مدى ‏أشهر الحَمَل الحكومي، بدءاً من يوم تكليف الحريري في 22 تشرين ‏الأول من العام الماضي وحتى اليوم، أعدم كلّ السبل والمحاولات ‏والمبادرات لولادة طبيعية لهذه الحكومة، وحتى الولادة القيصرية ‏صارت بدورها متعسّرة، فلا مسهّلاتها وأدواتها متوفرة، ولا هو متوفّر ‏أيضاً، الجرّاح الماهر لفتح البطن السياسي المتورّم وإخراج الجنين ‏الحكومي إلى النور!‏

    ‏ ‏

    غرف سوداء

    ‏ ‏

    وفي موازاة هذا الانتفاخ، وطنٌ يحصي ما تبقّى له من أيام على قيد ‏الحياة، بعدما سُدَّت عمداً كل الأنابيب التي تمدّه بأوكسيجين الحياة. ‏والأخطر من ذلك، أنّ إرادة تسريع الإجهاز عليه، عادت إلى الظهور، ‏اعتباراً من نهاية الأٍسبوع الماضي، في أسوأ تجليّاتها في عملية ‏‏”تخريب منظّم” ترعاها “غرف سوداء”، أوكلت إلى شياطينها افتعال ‏الأزمات في كل مجالات حياة اللبنانيين، وتحريك السوق السوداء ودفع ‏الدولار الى مستويات خيالية. والى غربانها، النعيق على مواقع ‏التواصل الاجتماعي، بتغريدات تورّم الإحتقان السياسي أكثر، وتدفع ‏إلى الفتنة بين اللبنانيّين.‏

    ‏ ‏

    المجريات التوتيريّة المتلاحقة على طول المشهد الداخلي وعرضه، ‏تشي بأنّ تلك الغرف السوداء، تُدحرج البلد إلى فوضى لا يقوم منها، ‏وكلّ ذلك يجري على عين تجار السلطة المتحكّمين بالزمام، والقابضين ‏على القرار. وليس منهم من يحاسبها أو يردعها، أو يجرؤ على فضحها ‏وكأنّها أقوى منهم، أو من صناعتهم، أو شريكة لهم في المنحى ‏التدميري للبلد الذي ينتهجونه بالتعطيل المتعمّد لتشكيل الحكومة، ‏التي يعتبرها القاصي والداني بأنّها الفرصة للشروع في إطفاء نار ‏الأزمة ونقل لبنان وشعبه المنكوب إلى برّ الأمان.‏

    ‏باريس: تخلّف

    ‏ ‏

    ويأتي ذلك في موازاة اشارات فرنسية متتالية، تستعجل مختلف ‏الاطراف تسهيل تأليف حكومة المهمّة، وهو ما كشفته مصادر ‏ديبلوماسية من العاصمة الفرنسية، التي عكست قلقاً بالغاً لدى ‏المسؤولين حيال تفاقم الأزمة في لبنان والمعاناة الصعبة للبنانيين. ‏واكّدت انّ الأولوية لدى الرئيس ايمانويل ماكرون هي النجاح في ‏تشكيل حكومة في لبنان وفق مبادرته، ولكن مع الاسف ثمة شعور ‏بالإحباط من التعاطي المتخلّف لبعض القادة في لبنان، واصرارهم ‏على حزبياتهم ومصالحهم الضيّقة، وتجاوز المصاعب التي يعانيها ‏الشعب اللبناني بكل فئاته.‏

    ‏‏ ‏

    واشنطن: مليارات

    ‏ ‏

    في موقف اميركي لافت، قال رئيس فريق العمل الأميركي من أجل ‏لبنان السفير إدوارد غابرييل لقناة الحرة، “إنّ المجتمع الدولي سيمنح ‏مليارات الدولارات إلى لبنان إذا سهّل المسؤولون فيه تشكيل حكومة ‏تستجيب لحاجات الشعب اللبناني”.‏

    ‏ ‏

    اضاف: “لقد عُرض عليهم أكثر من 11 مليار دولار، ليس فقط ‏بالمؤتمرات إنما من صندوق النقد الدولي، ولكن لم يقبلوا بهذه الجزرة ‏حتى الآن، فكانت النتيجة أنّ الحكومات الآن تفرض عقوبات، وذلك ‏على قاعدة أعطيناكم الجزرة ولم تستجيبوا، إذاً ستنالون العصا”.‏

    ‏ ‏

    وكشف عن مساعدات أميركية جديدة مقررة للجيش اللبناني، بنحو 250 ‏مليون دولار. مشيداً بقائد الجيش العماد جوزف عون “ووصفه بالقائد ‏العظيم”.‏

    ‏ ‏

    وردّاً على سؤال عما يتردّد عن مساعٍ لرفع العقوبات عن جبران باسيل، ‏قال غابرييل: “استمعت إلى هذه التقارير، لم أرَ أي دليل على ذلك ‏حتى الآن. إنّ الولايات المتحدة لن تتأثر بهذه المساعي لرفع العقوبات ‏عن أفراد، هذا أمر لن يحدث. لا أعلم إذا كانت التقارير صحيحة أم لا، ‏ولكن من يظنون أنّ باستطاعتهم الضغط على الولايات المتحدة لرفع ‏العقوبات، يضحكون على أنفسهم”.‏

    ‏ ‏

    في سياق آخر، أكّد غابرييل العمل على إبقاء لبنان أولوية لدى إدارة ‏الرئيس بايدن، وأنّ الكونغرس مهتم بهذا الأمر، وقال: “إنّ السفيرة ‏الأميركية دوروثي شيا التي كانت في واشنطن في الأسبوعين ‏الماضيين، أوضحت أنّها فوجئت بالاهتمام الذي يحظى به لبنان”.‏

    ‏‏ ‏

    لا وقت يُشترى

    ‏ ‏

    وفي موازاة الاستعجال الخارجي لتشكيل حكومة، يبرز الجمود الداخلي ‏عند مربّع التعطيل، على أنّ الثابت مع هذه السلطة المتحكّمة بالبلد، ‏والغرف السوداء الموازية لها، هو أنّ لبنان مهدّد بفقدان الأمان ‏بالكامل، وعلى ما يؤكّد مرجع مسؤول لـ”الجمهورية”، أنّه لم يعد أمام ‏لبنان وقت ليشتريه، وسقطت الناس في شرّ أعمال المعطّلين، ‏وخسرت كل ما لديها، وضاعت، وضاع معها البلد، في سياسة اللف ‏والدوران المتبعة منذ ثمانية أشهر. وقبل الحديث عن أي مبادرة او أي ‏مسعى لحلحلة العِقد، وكسر هذه الدوامة، ينبغي توجيه سؤال حاسم ‏ومباشر إلى الشريكين في تأليف الحكومة: هل تريدان حكومة أم لا؟ ‏فإما تأليف أو لا تأليف، وفي ضوء جوابهما يُبنى على الشيء مقتضاه.‏

    ‏‏ ‏

    في انتظار الحريري

    ‏ ‏

    بحسب معلومات “الجمهورية”، فإنّ حركة مشاورات مكثفة جرت في ‏عطلة نهاية الاسبوع على مستوى “حزب الله” وحركة “أمل”، وبين ‏‏”حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، وكذلك عبر الهاتف بين عين التينة ‏والرئيس المكلّف سعد الحريري.‏

    ‏ ‏

    واذا كانت أولوية عين التينة “أن نأكل العنب الحكومي وفق مبادرة ‏رئيس مجلس النواب نبيه بري، بوصفها القشّة الوحيدة التي يتعلق ‏فيها الملف الحكومي في بحر التعقيدات العميق، وجسر الخروج من ‏الازمة الراهنة والعبور الى حكومة انقاذية”، فإنّ التشكيك المتبادل في ‏جدّية سلوك مسار التأليف، لا يزال يطبع موقفي الرئيس المكلّف ‏ورئيس الجمهوريّة وفريقه السياسي. إذ أنّ الرئيس المكلّف لم يلمس ‏بعد ما يؤكّد توجّه عون وفريقه نحو تشكيل حكومة برئاسته، وفي ‏المقابل يتهم الرئيس المكلّف بأنّه يتعمّد تضييع الوقت ويهرب من ‏تشكيل حكومة.‏

    ‏ ‏

    ووفق معلومات “الجمهورية”، فإنّ الاتصالات التي قام بها “حزب ‏الله” على إثر الاطلالة الأخيرة للامين العام للحزب السيد حسن ‏نصرالله، وإبداء استعداده الى تقديم المساعدة، مع رئيس “التيار ‏الوطني الحر” النائب جبران باسيل، ركّزت على النقطتين العالقتين، ‏باعتبار انّ سائر النقاط التي كانت محل خلاف قد أمكن تذليلها وحُسم ‏الاتفاق بصورة نهائية عليها:‏

    ‏ ‏

    النقطة الاولى: تسمية الوزيرين المسيحيين الماروني والارثوذكسي. ‏حيث انّ المسعى الجديد ينطلق من أحقية الرئيس المكلّف تسمية ‏وزراء مسيحيين، وعدم القبول بتقييده وانتزاع هذا الحق منه. وتشير ‏المعلومات في هذا السياق، الى انّ باسيل نفى أن يكون توجّه رئيس ‏الجمهورية وفريقه حرمان الرئيس المكلّف هذا الحق. واقترح تبعاً ‏لذلك بأن يسمّي الرئيس المكلّف 5 اسماء لشخصيات مارونية، و5 ‏اسماء لشخصيات ارثوذكسية، وفي الوقت نفسه يسمّي رئيس ‏الجمهورية 5 اسماء مارونية و5 أسماء أرثوذكسية.‏

    ‏ ‏

    وتفيد المعلومات، بأنّ هذا الطرح خضع لنقاش مطوّل، خلص في ‏نهايته ان يتولّى الرئيس المكلّف تسمية 5 شخصيات مارونية و5 ‏شخصيات ارثوذكسية، ويعرضها على رئيس الجمهورية ليختار من ‏بينها شخصيتين يتمّ التوافق عليهما بينه وبين الرئيس المكلّف. فإن لم ‏يوافق على الاسماء المطروحة، يطرح الرئيس المكلّف اسماء جديدة، ‏وهكذا دواليك، حتى يتفقان على إسمي الوزيرين، وتحلّ هذه العقدة. ‏وتؤكّد مصادر المعلومات، أنّ رئيس الجمهورية لا يمانع هذا الطرح.‏

    ‏ ‏

    وقالت المصادر عينها، انّ هذا الطرح يُعدّ المخرج الملائم والحل ‏الوسط لعقدة الوزيرين، وحسمه ينتظر عودة الرئيس المكلّف ليُعرض ‏عليه والبت به سلباً ام ايجاباً.‏

    ‏ ‏

    النقطة الثانية، هي مسألة منح الثقة للحكومة، إذ تأكّد في هذه ‏الاتصالات انّ باسيل عكس موقفه في هذا الشأن لجهة عدم منح ‏‏”التيار الوطني الحر” الثقة لحكومة الحريري إن تشكّلت.‏

    ‏ ‏

    وتشير المعلومات في هذه المسألة، الى انّ النقاش حول هذه ‏المسألة كان طويلاً ومضنياً، حيث عكس النقاش، انّ باسيل حاسم في ‏موقفه لناحية عدم منح الثقة للحريري في اي حال من الاحوال. ‏والنقاش في هذه النقطة معه انطلق من عدم جواز ذلك، طالما انّه ‏مشارك في الحكومة، فكيف يكون مشاركاً في الحكومة ولا يمنحها ‏الثقة؟ علماً انّ “التيار الوطني الحر” و”تكتل لبنان القوي” ممثلان في ‏الحكومة عبر وزراء رئيس الجمهورية، وهو التمثيل الأعلى من سائر ‏الاطراف، حيث ينال وحده ثلث الحكومة أي 8 وزراء من 24 وزيراً. وفي ‏هذه الحالة لا يستطيع باسيل أن يفصل نفسه عن رئيس الجمهورية.‏

    ‏ ‏

    وبدا من النقاش، أنّ المسألة في هذا الجانب، بقدر ما هي سياسية، ‏فهي بقدر أعلى شخصية. ومن هنا، فإنّ باسيل شخصيّاً، مصرٌ على ‏عدم منح الثقة للحريري. وإزاء ذلك، طُرح مخرج على طاولة النقاش، ‏يقول بأن يبقى باسيل على موقفه لناحية عدم منح الثقة، ولكن في ‏الوقت نفسه، يعطي لنواب “تكتل لبنان القوي” حرية التصويت بمنح ‏الثقة او حجبها.‏

    ‏‏ ‏

    الارتطام المدمّر

    ‏ ‏

    الى ذلك، أكّدت مصادر معنيّة بالاتصالات الجارية لـ”الجمهورية”، انّ ‏خلاصة هذه الاتصالات يفترض ان تتبلور نتيجتها ضمن فترة لا تتجاوز ‏نهاية الاسبوع الجاري، ما يعني أنّ هذا الاسبوع هو الذي ستتحدّد فيه ‏وجهة البوصلة الحكومية، اما في اتجاه التأليف، وهذا معناه وضع ‏لبنان على سكة الخروج من الأزمة، وإما في اتجاه عدم التأليف، مع ما ‏سيرافق ذلك من تعميق اضافي للحفرة التي سقط فيها، واشعال اكبر ‏للأزمة وما يترتب عنه من فلتان سياسي واقتصادي ومالي وربما أمني، ‏وفوضى عارمة في الشارع، تسرّع في الإرتطام المدمّر للبنان.‏

    ‏‏ ‏

    ولدنة… وانتخابات

    ‏ ‏

    ما ذهبت اليه المصادر المذكورة، يتقاطَع مع توصيف قاس لمسؤول ‏سياسي كبير، حيث اعتبر الاشتباك السياسي الحاصل بين شريكي ‏التأليف وفريقيهما السياسيين بمثابة “ولدنة تلهو بمصير البلد ‏ستؤدي الى نتائج كارثية”، كذلك يتقاطع مع قراءة تشاؤمية لموقفي ‏الشريكين في تأليف الحكومة، توردها مصادر سياسية وسطية، تخلص ‏فيها إلى أنّ الطرفين لا يريدان تشكيل حكومة، وكلاهما يتعمّدان، من ‏خلال ذرائع مختلقة، المماطلة وتضييع الوقت، وهذا الامر يبدو انه ‏سيستمر حتى شهر أيلول او تشرين الاول المقبلين. عندها تقصر ‏المسافة الزمنية الفاصلة عن موعد الانتخابات النيابية في ايار من ‏العام المقبل، وتختلف الاولويات، فبدلَ ان تكون الحاجة لحكومة إنقاذ ‏وإصلاح تصبح الحاجة والاولوية لحكومة انتقالية يترأسها أيّ كان ولها ‏وظيفة محددة ومحصورة بإجراء الانتخابات النيابية.‏

    ‏ ‏

    واوضحت المصادر أنّ كلا الطرفين يتعاطيان مع ملف التأليف ‏انتخابياً، واعتمدا البَدء في عملية شد عصب مفضوحة، فالتيار ‏الوطني الحر، ومن خلفه عون، يعتبر انّ تصلّبه في هذه المرحلة ‏يربّحه ويمكّنه من استرداد بعض التراجع التي لحق به امام سائر ‏القوى المسيحية، وتحديداً القوات اللبنانية. والحال نفسها مع تيار ‏المستقبل ومن خلفه الرئيس الحريري، الذي يرى في معركته مع عون ‏وباسيل أنها تمكّنه من إعادة تثبيت وضعه السياسي وتعزيز وضعه ‏الشعبي، ويحقق من خلالهما فوزاً في الانتخابات يعيده على حصان ‏أبيض الى رئاسة الحكومة.‏

    ‏ ‏

    على انّ السؤال الذي تطرحه المصادر الوسطية على الطرفين يفيد ‏بأنّ من حقهما ان يشتغلا انتخابات من الآن وفي أي وقت، ولكن في ‏حالة لبنان الكارثية التي يمر بها، هل يعتقدان انّ لبنان سيصمد من ‏الآن وحتى موعد الانتخابات، لا بل هل سيبقى لبنان حتى ذلك الحين؟

    ‏ ‏

    الى ذلك، حذّرت حركة “أمل” من “أنّ البلد يكاد ان يصل إلى نقطة ‏اللاعودة مع استمرار المراوحة والمكابرة السياسية التي تعطّّل ‏تشكيل حكومة مبنية على مبادرة الرئيس بري المطروحة للحل، في ‏الوقت الذي يجوع فيه المواطن ويتجرّع كأس الذل للحصول على ‏احتياجاته الأساسية ما يهدّد بانفجار الأمن الاجتماعي في ظل غياب ‏المعالجات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحية، وعدم وضع ‏حلول للأزمات المتوالدة من بعضها البعض، والتي يتعاطى معها ‏المسؤولون من باب رفع العتب بدلاً من طرح خطط أساسية تكون ‏بوابة الخروج من الازمة والاتجاه إلى رفع المعاناة عن اللبنانيين”.‏

    ‏ ‏

    ودعت الحركة، في بيان لمكتبها السياسي أمس، إلى “الكَف عن ‏المهاترات والمعارك الوهمية وبيانات تحويل الانظار عن المشكلة ‏الاساسية المتمثلة بتعطيل كل الحلول ومحاولة ابتكار بدائل غير ‏دستورية لا يمكن أن تنقذ الوطن، والمطلوب في ظل تعطيل ‏السلطة السياسية دعوة الكتل النيابية للإسراع بإقرار القوانين ‏المتعلقة بحياة الناس ومعيشتهم لا سيما البطاقة التمويلية”.‏

    ‏‏ ‏

    رعد

    ‏ ‏

    وفي موقف لافت للانتباه لـ”حزب الله”، عبّر عنه رئيس كتلة “الوفاء ‏للمقاومة” النائب محمد رعد، قال فيه ان “لا أحد يتوقع في لبنان أن ‏تتشكّل حكومة ملائكية، فنحن نعرف النوعية القادمة في أي حكومة ‏ستشكّل، وهي لن تستطيع أن “تشيل الزير من البير”، وإذا لم تكن ‏الحكومة معقد آمال أحد من الناس، فعلى ماذا تتخاصمون؟ ولماذا لا ‏يتنازل بعضكم للبعض الآخر؟”.‏

    ‏ ‏

    ودعا إلى أن “يتوقفوا عن الكذب على اللبنانيين حينما يقولون إن ‏المشكلة التي تؤخّر تأليف الحكومة تكمن في تسمية وزيرين، فثمة ‏من لا يريد تشكيل حكومة، وهو يعرف نفسه وأوساط العمل السياسي ‏تعرفه، ويريدون من الآن أن يفتحوا معركة الانتخابات النيابية ولا ‏مشكلة لديهم بأن يجوّعوا الناس ويفلسوا البلد، وأن يستدعوا كل قوى ‏العهر في العالم ليتفرجوا ويضحكوا علينا ويهزأوا بنا، بانتظار أن ‏نتنافس انتخابياً لنثبت أننا ديمقراطيون”.‏

    ‏ ‏

    وقال: “إنّ صراعاتنا مع بعضنا البعض تستلزم أن نثير العصبيات ‏الطائفية والمذهبية والمناطقية ليثبت كل طرف منّا من سيربح في ‏الانتخابات المقبلة، ومن سيأتي برئيس جمهورية جديد للبلاد”. واشار ‏الى أنّ “العهود الرئاسية تذهب، والمجالس النيابية يذهب أعضاؤها، ‏ولكنّ الوطن وأبناءه يبقون. وبالتالي، على البعض في لبنان أن يتركوا ‏مأثرة لهم في هذا الزمن، وأن يسارعوا إلى تأليف الحكومة”. وأضاف: ‏‏”نحن من موقع فجيعتنا التي أتت في سياق كل هذه الأزمات التي ‏تتوالى علينا في هذا البلد، نناشدكم جميعاً أن تقدموا لبعضكم ‏التنازلات من أجل أن تشكلوا الحكومة التي تعتبر المدخل لإجراء ‏الانتخابات النيابية، وإذا لم تؤلّف الحكومة الآن، فلا أحد يضمن تأليفها ‏لاحقاً”.‏

    ‏‏ ‏

    أزمة المحروقات تنتظر

    ‏ ‏

    وسط هذه الاجواء القاتمة، يبدو انّ الكلمة عادت الى الشارع، احجاجاً ‏على تردي الاوضاع المعيشية وانسداد افق الأزمة وانعدام المعالجات، ‏وتمدّدت حركة الاحتجاجات من بيروت الى سائر المناطق اللبنانية مع ‏اعتصامات وقطع طرقات وإحراق إطارات السيارات. وفيما استمرت ‏طوابير الاذلال امام محطات المحروقات طوال يوم امس، توقعت ‏مصادر نفطية أن تبدأ الحلحلة في الأزمة اعتباراً من اليوم بعدما أعلن ‏مصرف لبنان أنه “ابتداءً من 28 حزيران 2021 سيقوم ببيع الدولار ‏الأميركي للمصارف التي تتقدّم بفتح اعتمادات لاستيراد كافة أنواع ‏المحروقات بعد أن تكون قد استحصلت على موافقة مسبقة لهذه ‏الاعتمادات على سعر 3900 ليرة للدولار الواحد”.‏

    ‏ ‏

    وعليه، من المتوقع بدء تفريغ البواخر المحمّلة بالبنزين والمازوت ‏الراسية على الشاطئ اللبناني في الساعات القليلة المقبلة فَور جهوز ‏الملفات المطلوبة وفتح الاعتمادات المصرفية.‏

    ‏ ‏

    الى ذلك، تبقى الانظار شاخصة نحو جدول تركيب اسعار المحروقات ‏المتوقع ان يصدر خلال الـ48 ساعة المقبلة، وكشفت المصادر ‏لـ”الجمهورية” انّ سعر صفيحة البنزين سوف يتراوح وفق التسعيرة ‏الجديدة ما بين 65 و70 ألفاً والمازوت ما بين 45 الى 47 الفاً، متأثرة ‏فقط بسعر برميل النفط عالمياً الذي ارتفع الى حدود 75 دولاراً ‏للبرميل.‏

    ‏‏ ‏

    مشهد سوريالي

    ‏ ‏

    على انّ الصورة البائسة تتجلى في الفاقة التي ضربت البلد من ‏أقصاه الى أدناه، فقد فاقم شح المازوت الاضرار الاقتصادية والحياتية، ‏ما دفع بعض المتاجر والمصانع الى العمل بدوام جزئي، الّا انّ هذا ‏الخيار غير متاح لبعض القطاعات مثل القطاع الاستشفائي والفندقي ‏والمطعمي وتخزين الاطعمة التي تواجه أزمة وجودية.‏

    ‏ ‏

    وفي المرافق العامة، بدأ المشهد يصبح سوريالياً. ففي المطار، ‏توقفت الجمارك عن تحصيل الرسوم بسبب نقص في القرطاسية. ‏وفي الامن العام، توقف تسيير المعاملات بسبب انقطاع الكهرباء… ‏وبما انّ الكهرباء “مقطوعة” فالمياه أيضاً “مقطوعة”، وقد أعلنت ‏مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان أنّ التقنين القاسي يعود إلى التقنين ‏الحاصل في الكهرباء وشح مادة المازوت، حيث تسلّمت المؤسسة ربع ‏الكمية التي تحتاج إليها لتشغيل المحطات والمولدات.‏

    ‏ ‏

    والوضع في المستشفيات الحكومية مماثل وأخطر، حيث اعلن مدير ‏مستشفى رفيق الحريري الجامعي فراس أبيض “انّ وضع تغذية ‏الكهرباء للمستشفى غير مقبول، فهناك انقطاع لأكثر من ?? ساعة في ‏اليوم. الفيول غير متوفر، واذا توفّر، فإننا نعاني مشاكل سيولة. ‏المرضى لا يستطيعون تغطية الفروقات. أخذنا قراراً بإيقاف اجهزة ‏التكييف، إلّا في الاقسام الطبية، رغم موجة الحر. لا داعي لاستعمال ‏المخيلة او للتهويل، نحن في جهنم حقاً”.‏

    ‏ ‏

    هكذا يبدو المشهد في البلد، وكأن لا دولة ولا سلطة ولا من يرعى ‏شؤون الناس، المتروكين لمصيرهم بكل معنى الكلمة.‏

    ‏‏ ‏

    الأعلى للدفاع

    ‏ ‏

    وفي خطوة مفاجئة، وجّه رئيس الجمهورية الدعوة الى اجتماع ‏للمجلس الاعلى للدفاع يُعقد عند الواحدة من بعد ظهر اليوم، للبحث ‏في الوضع الامني والتطورات الاخيرة التي رفعت منسوب التوتر في ‏الشارع وعمليات قطع الطرق من وقت لآخر.‏

    ‏ ‏

    وفي معلومات “الجمهورية” انّ رئيس الجمهورية أصرّ على عقد ‏الاجتماع من اجل استباق أي رد فعل محتمَل نتيجة رفع اسعار ‏المحروقات بشكل غير مسبوق ابتداء من صباح اليوم، وانّ هناك ‏مخاوف من ردات فعل قد تنعكس على الأرض.‏

    ‏ ‏

    ولفتت المصادر الى انّ رئيس حكومة تصريف الاعمال سيشارك في ‏الاجتماع بعدما قاطعَ عدداً من الإجتماعات مؤخراً لاعتقاده انها ليست ‏بديلاً من ضرورة السعي الى تشكيل حكومة جديدة، وكان آخرها ‏مقاطعته للاجتماع الوزاري – المالي الخاص الذي عقد في بعبدا من ‏اجل معالجة ملف استيراد المشتقات النفطية الذي أفضى الى رفع ‏سعر الدولار المدعوم من مصرف لبنان من 1500 ليرة الى 3900 ليرة.‏

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى