حروبرأي

خطة الطوارىء بين الحقيقي والنظري:أين الدولة من أزمة النازحين؟(طارق مزرعاني)

 

طارق مزرعاني – الحوارنيوز

 

بعيداً عن الحديث المتداول حول بدء الحرب على الجبهة اللبنانية، فإنّها بالنسبة لأبناء الشريط الحدودي قد بدأت فعلياً. فهذه المنطقة باتت مسرحاً لمواجهات يومية بين قوات العدو من جهة وحزب الله وبعض حلفائه من جهةٍ أخرى.

كما أنّ قرى الشريط اجمالاً وبعض القرى المحاذية لها أصبحت شبه خالية من السكان، ولم يبقَ فيها إلّا بعض الرجال والشبّان ،أمّا العائلات فهي بالغالب قد تركت بيوتها ولجأت إمّا الى قرى مجاورة او الى بقية قرى ومدن الجنوب الأقل خطراً، وخاصةً في منطقتي صور والنبطية والزهراني واقليم التفاح، والقسم الكبير اتجه نحو بيروت، والاقل توجهوا نحو بقية المحافظات حيث استقر البعض عند الاقارب والاصدقاء، فيما البعض الآخر وجد من يأويه مجاناً من اصحاب النخوة والمروءة، والذين بادروا الى تقديم بيوتهم بلا مقابل للنازخين ، ولكن قسما كبيرا من النازحين وربما هو القسم الاكبر- حيث لا توجد احصاءات رسمية شاملة حتى الآن- فهؤلاء استأجروا بيوتاً وشققاً وأكثرها ببدلٍ غالٍ ،خاصةً بالنسبة لنازحين هم أصلاً بحالة يرثى لها كما اكثرية اللبنانيين ،فما بالك بمن ترك ارضه وعمله وأرزاقه وتكبّد مشقّة التهجير القسري المباغت ، وصار معروفاً مع الأسف أن الكثيرين استغلّوا هذه الظروف لطلب بدل ايجار مبالغ به، في حين أنّه في هذه الحالات يجب تخفيض بدل الايجار الى حدّه الأدنى إن لم نقل حسمه كليّاً في هذه الظروف.
ولكن ما أردنا لفت النظر اليه في هذا المقال هو غياب الدولة ومؤسساتها كلّياً عن معاناة ابناء القرى الحدودية. فهي قد وضعت خطّة طوارئ في حال نشوب حرب ، ولكن لم تضع أي خطة لمساعدة ابناء الشريط الذين تُعتبر الحرب قد بدأت فعلياً بالنسبة لهم بعدما تركوا قراهم وبيوتهم وارزاقهم واعمالهم ، فمن يعوِّض عليهم مواسم الزيتون والتبغ وبقية المزروعات ، وكيف سيتدبّرون أمرهم بتحضير الحطب او الوقود والمؤن وغير ذلك، ناهيك عن البيوت التي اصيبت باضرار والاعمال والورش التي تعطّلت والاراضي الزراعية التي أهملت ، إضافةً الى اعتقاد يسود بين الأهالي بأنّ هذه الحالة طويلة الأمد ومرتبطة بما يحدث في غزّة ،وأنّه حتى لو هدأت في غزّة أو حصل حل ما فإنّ وضع الشريط سيبقى بحالة ما يشبه خط التماس، لأن العدو لن يسكت عن تدمير اجهزة المراقبة لديه والعمليات على مواقعه الحدودية التي لم تعد بمأمن من هجمات المقاومة، وكذلك فإن سكان المستوطنات الحدودية لن يشعروا بالأمان بعدما حصل ، لذلك يجب على الدولة وكل المعنيين من احزاب وهيئات وجمعيات أن تعمل على خطّة سريعة لإيواء نازخي الشريط وتقديم المساعدات العينية والمالية لهم في ظل تعطّل أعمالهم وفقدان مصادر دخلهم واضطرارهم الى تأثيث البيوت التي سكنوها ومعاناتهم المادية والنفسية ،وحتى الذين سكنوا لدى الاقارب والاصدقاء فهم يعانون نفسياً وماديّاً لأنّ من لجأوا اليهم يعانون أصلاً من وضع اقتصادي صعب كما كل اللبنانيين .

كما أنّ هناك خطر خسارة العام الدراسي بالنسبة لاغلب تلامذة الشريط الذين هم بحيرة من امرهم، هل يلتحقون بمدارس النزوح ام يعودون الى مدارسهم، وهم بكل الحالات عاجزون نفسيّاً عن متابعة دروسهم حتى “أون لاين”، وحالة الحيرة هذه موجودة ايضاً لدى الأهالي الذين لا يعرفون إذا كانوا سيستمرّون بالنزوح أم سيعودون الى قراهم، ولا أحد ينظر او يبحث في معاناتهم ،وهم في الحالتين بحاجة الى مساعدة لتسيير امور معيشتهم واستقرارهم.  وهذه الخطة يجب ان توضع وتنفّذ فوراً وبأقصى سرعة، لأن أوضاعهم لم تعد تُحتمل ، سواء من نزحوا أو من بقوا في قراهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى