سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف: قراءة في احتمالات ما بعد اغتيال سليماني


 

 

الحوارنيوز – خاص
إغتيال قتل قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الايراني الجنرال قاسم سليماني، "الشخصية المحورية في ترسيخ نفوذ الجمهورية الاسلامية في الشرق الأوسط"، في غارة جوية أميركية فجر أمس في بغداد، دفعت المنطقة إلى تصعيد لا سابق له تردد صداه في جهات العالم الأربع، وحولت نزاعاً بارداً بين واشنطن وطهران مواجهة مباشرة بين العدوين اللدودين، فسجلت أسعار النفط والذهب ارتفاعاً كبيراً في الأسواق العالمية، وتراجعت سوق الأسهم الأوروبية"، وفقا لإفتتاحية النهار التي عنونت:" ايران أمام تحدي الرد على تصفية سليماني وكتبت تقول": لاحظت "وكالة الصحافة الفرنسية" أن هذا النوع من العمليات التي تستهدف شخصيات عسكرية أجنبية أقرب إلى أساليب عمل الجيش الإسرائيلي منها إلى طريقة تحرك الولايات المتحدة التي غالباً ما تلجأ إلى عمليات دقيقة تنفذها قواتها الخاصة حين تريد القضاء على شخصيات مطلوبة، كما فعلت للتخلص من مؤسس تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن أو زعيم تنظيم "داعش" بو بكر البغدادي.

وتابعت النهار نقلا عن الوكالة الفرنسية:" وفي طهران كما في بغداد، كانت المؤشرات كثيرة لحتمية الرد الايراني على العملية الاميركية، وتراوح الخيارات المتاحة لايران بين تعبئة حلفائها في العراق خصوصاً والقيام بعمليات في مضيق هرمز مروراً بهجمات الكترونية. لكن كل الخيارات تنذر بتصعيد.

ويمكن الجماعات الموالية لطهران في المنطقة أن تشنّ هجمات على قواعد عسكرية أميركية في دول الخليج، أو حتى على منشآت نفطية أو سفن تجارية في مضيق هرمز الذي تبقى إيران قادرة على اقفاله في أي وقت.

ويمكنها أيضاً استهداف سفارات أميركية في المنطقة، متل اقتحام السفارة في بغداد، أو حتى الاعتداء على حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين مثل إسرائيل أو السعودية، أو حتى دول أوروبية.

وتعتقد الباحثة كيم غطاس من مؤسسة "كارنيغي" للسلام الدولي أنّه من الصعب توقع تطورات المشهد. وتتساءل "حرب؟ فوضى؟ أعمال انتقامية محدودة؟ لا شيء؟ لا أحد يعرف حقيقة، لا في المنطقة ولا في واشنطن، لأنّ ما حدث غير مسبوق".

ويتوقع باحثون آخرون أن يكون العراق حيث تتمتع ايران بداعمين كثر، في قلب الردود الاولى، وذلك من خلال المجموعات المسلحة التابعة لطهران أو المتعاطفة معها.

وخلص الخبير في الشأن الايراني في "معهد الشرق الاوسط" بواشنطن اليكس فاتانكا الى ان "العراق سيصبح أول ميادين المعركة… وسيكون هناك ضغط كبير على الوجود العسكري في العراق"، مذكراً بان الاميركيين سيخسرون كثيراً على المستوى الاستراتيجي اذا اضطروا الى الانسحاب من العراق".

بدورها صحيفة "الاخبار" عنونت:" اغتيال سليماني والمهندس لا يؤخر تأليف الحكومة" وكتبت تقول:" فرضت التطورات الآتية من صوب بلاد الرافدين تحدّيات جديدة وأسئلة كثيرة عن مدى تأثيرها على مسار التأليف الحكومي. فهل يستعجل محور المقاومة التأليف أم يُجري تعديلات على سقوفه بعدما أصيب في الصميم؟

في غمرة إشاعة مناخ إيجابي بأن التأليف الحكومي على بُعد أيامٍ قليلة، فتحَت البلاد عينيها على قلقٍ من المنتظر الآتي، وأبقتهما على العراق الذي وصلَ منه الخبر ــــ الصدمة: "الولايات المتحدة تغتال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس". فجأة، انحرف المركب اللبناني المثقوب مالياً واقتصادياً واجتماعياً عن مساره الداخلي، وأخذته الريبة من تطوّر تصعيدي بمثل هذا الحجم الى مكان آخر. إذ اعتادت بيروت، التي عاشت على مقولة "عراق قوي… لبنان مستقر"، تهيّب ما يحصل في بلاد الرافدين. واستهداف شخصيات بحجم سليماني والمهندس على أرض العراق يعني بالمعنى السياسي "سقوط الخطوط الحمر" وولادة فوضى عارمة بأشكال مُختلفة في المنطقة لن يكون لبنان بمنأى عنها. في ظل هذا الجو، صارت عملية التأليف أو أقلّه الحديث عنها ومتابعة مسارها ــــ يومَ أمس ــــ مجرّد تفصيل في المشهد القاتِم وسطَ تخوّف من اصطدام تكون كلفته كبيرة. لم يكُن أحد يهتمّ بما آلت إليه الأمور في ما يتعلّق بالمفاوضات الحكومية، وكأن الزمن توقّف بها عند الاجتماع الذي عُقد أول من أمس بين الرئيس المكلّف حسان دياب ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ووصِف بـ"الإيجابي الذي يحتاج الى تفاهمات إضافية حول بعض الأسماء والحقائب".

ولأنه غالباً ما "تُغيّم في الخارج وتُشتّي عندنا"، بدأت الأسئلة تتوالد عمّا إذا كانت المُستجدات سوف تسرّع تأليف الحكومة أم ستُعيدها الى المدّ والجزر في شأن الأسماء المرشّحة للتوزير والحقائب الخاضعة للتوازنات الطائفية والمذهبية؟ هل من مصلحة محور المقاومة في لبنان أن يُسهّل أكثر لدياب من أجل الإفراج عن حكومته أو يُجري تعديلات في سقوفه التفاوضية تدفعه الى التشدّد أكثر؟ الاتجاه حتى الآن يسير نحو "التعجيل في التأليف تداركاً للتطورات، فما يُمكن تحقيقه الآن، قد لا يعود مُمكناً في حال التصعيد وذهاب الأمور الى المجهول"، وفق ما ترجّح مصادر مطّلعة في فريق 8 آذار.

وتشير الى أن "العقد الموجودة حالياً يُمكن تذليلها، وقد قطع فريقنا مع الرئيس دياب شوطاً وتقدّماً كبيراً"، معتبرة أن "الملفات الداخلية، التي باتت تُعتبر صغيرة، مقارنة بالحدث الإقليمي والدولي، يجب الانتهاء منها، وخاصة أن لا ممانعة دولية لحكومة دياب، ولأن الردّ الذي توعّدت به إيران يفتح الباب على احتمالات شتّى". واعتبرت المصادر أنه "لم يعُد لدينا ترف الوقت ولا الدلع ولا الوقوف عند نقاط صغيرة كأسماء وحقائب، فالأمور لا تحتمل". وفيما غابت المعلومات والمعطيات الحكومية عند الأطراف المعنية، بقي الثابت الوحيد هو موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي تحدّث عن أن "الحكومة ستُبصر النور الأسبوع المُقبل"، رجّحت المصادر أن "يحصل ذلك يومَ الاثنين". وفسّرت المصادر هذا الكلام بـ"نية الرئيس عون التسهيل، ولا سيما أن النقاط الخلافية عالقة عند الأسماء والحقائب المسيحية بالدرجة الأولى، بسبب عدم الاتفاق على اسم وزير الخارجية ونائب رئيس الحكومة ووزير الدفاع، كما وزيرَي الطاقة والعدل".

مصادر 8 آذار: "لم يعُد لدينا ترف الوقت والدلع والوقوف عند نقاط صغيرة كأسماء وحقائب"

وعنونت صحيفة "الجمهورية" :" اغتيال سليماني ينذر بإحتمالات حربية وحذر لبناني من التداعيات" وكتبت تقول:" بداية مقلقة للسنة الجديدة، ارتسمت معها علامات استفهام حول مصير المنطقة، مع اغتيال القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني، الذي دفعها الى منعطف خطير وجعلها تغلي فوق بركان من الاحتمالات المرعبة.

أمام هذا الحدث الذي تجاوز دويّه الجغرافيا العراقية، حيث نُفّذ الاغتيال، وبلغت ارتداداته دول المنطقة برمّتها، ومن ضمنها لبنان، الذي يقع في هذه المرحلة بين فكّي كماشة يضغطان عليه بقوة غير محتملة، إن من جهة الأزمة الاقتصادية والمالية التي تخنقه، وتزيده تورّما في غياب العلاجات السريعة والملحّة، أو من جهة حدث الاغتيال نفسه، وما قد يستتبعه من تداعيات خطيرة على دول المنطقة، ومن ضمنها لبنان الواقع دائماً على خطّ العواصف والزلازل الإقليمية والدولية.

ولعلّ السؤال الذي يراود كلّ لبناني أمام هذا الحدث: هل سيكون لبنان في منأى عن تداعيات الاغتيال، في وقت ينوء فيه تحت ثقل أزمة تضغط على كلّ مفاصله؟ وهل انّه – في حال الوهن التي يعانيها على كلّ المستويات – يملك القدرة على مواجهة التداعيات إن تمدّدت ارتدادات اغتيال سليماني اليه؟ والسؤال الأهم هل سيعدّل هذا الحدث المسار الحكومي الذاهب كما يبدو نحو حكومة اختصاصيين. وفي وقت ليس ببعيد عمّا يتسرّب من زوايا مطبخ التأليف، نحو إعادة خلط اوراق التأليف وتغليب فكرة تمّ تداولها في الساعات الاخيرة، وترمي الى تشكيل حكومة تستوجبها التطورات المتسارعة في المنطقة، وبلون سياسي واضح، يملك ولو الحدّ الأدنى من الامكانات والمعنويات لمواجهة احتمالات المرحلة المقبلة، ذلك انّ حكومة اختصاصيين كالتي يُعمل على تشكيلها، ستبدو وكأنها تسير في خطّ معاكس للتطورات، ولن تكون في مطلق الأحوال، وبوجوهها "التكنوقراطية"، قادرة على مواجهة تحدّيات وتداعيات قد تتسم بالخطورة؟

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى