سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف: عودة الراغبين ومصير المودعين ونسبة المصابين!

 


الحوارنيوز – خاص
ثلاث قضايا ما زالت موضع اهتمام الصحف اللبنانية: عودة الراغبين من اللبنانيين من الخارج، والغموض "غير البناء" لتعميمي مصرف لبنان حيال صغار المودعين واستقرار نسبة المصابين ل "الكورونا المستجد".
كيف تناولت الصحف هذه القضايا؟
• صحيفة "النهار" عنونت لإفتتاحيتها:" غدا إمتحان العودة وإنذار بمنع تجول شامل" ،وكتبت تقول:" عقب الهزات الارتدادية الداخلية التي حاصرت الحكومة وأرخت بثقلها السلبي عليها بسبب انفجار الخلافات بين مكوناتها على محاصصة التعيينات في حاكمية مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة الأسواق المالية وإطاحة هذه التعيينات، ستكون الحكومة امام امتحان لعله الأدق والأكثر حرجا نظرا الى محاذيره الشديدة الخطورة، وهو اختبار آلية إعادة اعداد من اللبنانيين الموجودين في دول الاغتراب وسط تفشي انتشار فيروس كورونا. وإذ تتجه الأنظار من غد الى مطار رفيق الحريري الدولي الذي سيفتح مدرجاته استثنائيا امام رحلات طيران الشرق الأوسط لإعادة أعداد من اللبنانيين من عواصم أفريقية وخليجية أولا، فان هذه الخطوة ستنطلق بكثير من الحذر والمخاوف المشروعة سواء بما يتصل باللبنانيين العائدين او باللبنانيين المقيمين نظرا الى الاعتبارات الأساسية الاتية :

أولا، ان وسائل الحماية والوقاية للبنانيين العائدين على متن طائرات الميدل ايست وان اتخذت فيها اقصى إمكانات التحسب لفحص العائدين قبل الرحلات وبعدها لدى الوصول الى بيروت، يبقى احتمال وجود إصابات بين العائدين وتاليا التسبب بعدوى لركاب آخرين كبيرا وهو ما تحسبت له الالية الحكومية الرسمية للعودة بوضع طاقم طبي في كل طائرة.

ثانيا، ان قرار إعادة اللبنانيين الراغبين في العودة الى لبنان وان بدا طبيعيا كما تفعل معظم الدول مع رعاياها في الخارج، لا يحجب القلق من زيادة عدد الإصابات بفيروس كورونا وإثقال المستشفيات بإعداد إضافية من المصابين فيما تتصاعد المخاوف من المرحلة الأصعب من تفشي الفيروس في لبنان بحيث يصبح احتواء المستشفيات للحالات المصابة صعبا وشاقا.

ثالثا، ان الالية الرسمية الحكومية لإعادة اللبنانيين من الخارج اصطدمت بتحفظات واسعة من الدول المعنية التي سيعود منها لبنانيون الامر الذي سيثقل اكثر على الحكومة لأنه سيضطرها الى تحمل تبعة إعادة تعديل الالية وتحصينها الى الحدود القصوى تجنبا لاحتمال وجود إصابات كثيرة بين العائدين. وفي كل الأحوال سيدفعها الى تخفيض اعداد العائدين الى حدود واسعة، حال اكتشاف ان خطة العودة ستشكل سببا أساسيا لا يمكن ضبطه من أسباب اتساع الانتشار الوبائي في لبنان. بل ان رئيس الحكومة حسان دياب ذهب الى التأكيد ان ألية الإعادة ستتوقف اذا تبين ان ثمة أعدادا كبيرة من المصابين بين العائدين وان المضي في الالية يتوقف على تقويم الخطوات الأولى منها.


تبعا لذلك بدأت امس الإجراءات العملية التمهيدية لانطلاق المرحلة الأولى من إعادة اللبنانيين من الخارج الى لبنان بإعلان قوى الامن الداخلي الإجراءات والتدابير التي ستتخذ في مطار رفيق الحريري الدولي لدى وصول العائدين حيث سيخضعون لإجراء الفحوص الطبية وتعبئة الاستمارات وتقرير وجهة العائدين تبعا لنتائج الفحوص اذ سيتم نقل من تثبت اصابتهم اما الى مراكز العلاج واما الى مراكز الحجز فيما يتجه من لا تثبت اصابتهم الى منازلهم برفقة شخص واحد من الأقرباء. كما ان شركة طيران الشرق الأوسط نشرت الجدول الأول لأربع رحلات ستنطلق غدا لإعادة لبنانيين من ابيدجان ولاغوس والرياض وأبو ظبي. وبدا واضحا ان سعر تكلفة هذه الرحلات على العائدين سيكون ثقيلا وباهظا، اذ أعلنت الشركة بوضوح ان سعر التذكرة قد يبلغ في بعض الأحيان أربعة اضعاف الرحلات العادية عازية السبب الى ان طائراتها تغادر بيروت فارغة من الركاب وتعود الى بيروت بنصف عدد المقاعد. وأوضح وزير الخارجية ناصيف حتى ان عددا كبيرا من اللبنانيين سجلوا أسماءهم في السفارات والقنصليات اللبنانية، ولكن هناك أولوية تنظيمية للعودة التي ستبدأ بأربع رحلات الاحد، لأننا لا نستطيع استقبال أكثر من 400 شخص في اليوم.
• صحيفة "الأخبار" عنونت:" تجزئة المودعين ومنحهم ليرات بدلا من الدولارات: تمخض سلامة فأنجب فأرا" وكتبت عن تعميمي مصرف لبنان تقول:" أصدر مصرف لبنان تعميمين يجبران المودعين الذين تقلّ قيمة ودائعهم عن خمسة ملايين ليرة أو ثلاثة آلاف دولار، على سحبها خلال ثلاثة أشهر بالليرة اللبنانية بسعر الصرف السوقي الذي تُرك تحديده للمصارف واستنسابيتها المعتادة. المستفيد الأول من هذا القرار هو مصرف لبنان والمصارف والقوى السياسية، أما صغار المودعين فسيحصلون على ليرات لا قيمة لها إلا إذا اشتروا فيها دولارات نقدية ما يؤدي إلى خفض قيمة الليرة
من يحدّد سعر صرف الليرة مقابل الدولار؟ لم يكن هذا السؤال يخطر على بال أحد في السنوات الـ25 الماضية عندما كان رياض سلامة "أسطورة" تثبيت سعر الصرف. إلا أنه بعد إصدار سلامة أمس، التعميمين 148 و149 بات السؤال مطروحاً انطلاقاً من كونهما محاولة تحرير سعر الصرف مموّلة بالمال العام الذي سيصب قسم منه في ميزانيات المصارف ويخلق أثراً تضخمياً ويزيد الطلب على الدولارات النقدية… المستفيد الأول هو المصارف والقوى السياسية، فيما سيحصل صغار المودعين على أوراق نقدية لا قيمة لها فعلياً ولا مجال لإنفاقها أو الحفاظ على قيمتها الشرائية إلا عبر شراء الدولارات النقدية.


خطوات أو ردود فعل؟
تمخّض حاكم مصرف لبنان واللجنة الحكومية، فأنجبا فأرين على شكل تعميمين يستندان إلى "استثنائية ما" فيما هما يبدوان أنهما ردّات فعل؛ التعميم الأول بعنوان "إجراءات استثنائية حول السحوبات النقدية من الحسابات الصغيرة لدى المصارف" وينفذ ضمن فترة ثلاثة أشهر من أجل إغلاق الحسابات التي لا تتجاوز قيمة ودائعها 5 ملايين ليرة أو 3000 دولار أميركي. هذه الحسابات التي تمثّل 61.6% من مجموع الحسابات فيها نحو 1441 مليار ليرة منها 36% بالدولار. التعميم سمح بتحويلها كلها إلى دولارات من مصرف لبنان بسعر 1514 ليرة، ثم يدفعها مصرف لبنان إلى المصارف بالليرة بسعر السوق بشرط أن تدفعها إلى الزبائن الراغبين في سحبها كلّها بعد حسم قيمة قروضهم للمصارف. كذلك أشار التعميم إلى أن الودائع بالدولار سيتم تحويلها إلى الليرة اللبنانية بالآلية نفسها، اي عبر مصرف لبنان، وبسعر السوق. أما التعميم الثاني فهو بعنوان "شراء مصرف لبنان للعملات النقدية الأجنبية" يمتدّ لستة أشهر ويخلق بموجبه "وحدة خاصة في مديرية العمليات النقدية في مصرف لبنان تتولى التداول بالعملات الأجنبية النقدية ولا سيما بالدولار الأميركي وفقاً لسعر السوق ويمكن لأي من مؤسسات الصرافة من الفئات "أ" الراغبة في التداول بالعملات بأن تتقدم من هذه الوحدة بطلب اشتراك على أن يعود للمصرف حق اختيار المؤسسات المشاركة". بالإضافة إلى "منصة الكترونية تشمل كلاً من مصرف لبنان و المصارف ومؤسسات الصرافة ويتم من خلالها الإعلان عن أسعار التداول بالعملات الأجنبية سيّما بالدولار".


تفكيك التحرّكات المستقبلية
بمعزل عن أن هذين التعميمين يخلقان سوقاً إضافية لسعر الصرف تضاف إلى الأسواق القائمة حالياً: سعر الصرف المحدّد من مصرف لبنان بنحو 1507.5 ليرات وسطياً مقابل الدولار، سعر صرف السوق السوداء حيث وصل إلى مستوى 3 آلاف ليرة لكل دولار (ألغى تعميمان أمس السعر الذي سبق أن حدده مصرف لبنان للصرافين والذي حدد لهم سعر الشراء بإضافة 30 في المئة إلى السعر الرسمي)… كل هذه التعدّدية لم تقدّم إجابة واضحة على الآتي: بأي سعر سيحصل المودعون على ودائعهم في المصارف في ظل ما هو متداول عن احتمال اعتماد سعر صرف يتراوح بين 2000 ليرة و2500 ليرة مقابل الدولار؟ هل سيتم التعامل مع كل المودعين بنفس الطريقة؟ هل يمكن الطعن في قرار كهذا؟ من يستفيد من هذين القرارين؟ هل سيمارس مصرف لبنان لعبة "السوق الحرّة" التي لم تعد "حرّة" بعد تدخله، ليترك للمصارف والصرافين هامشاً واسعاً من الاستنسابية في تسعير الدولار والمضاربة على الليرة؟


المستفيدون من التعميمين هم المصارف ومصرف لبنان
في الواقع، يمكن الاستنتاج بأن أحد الأهداف "تنفيس" احتقان عدد كبير من المودعين من أجل "تفكيك" أي تحرّكات احتجاجية في الشارع، وخصوصاً أن هذه الفئة من المودعين كبيرة وقيمة ودائعها صغيرة وهي أكثر من شعر بأزمة الإفلاس ونتائج الإغلاق الناجم عن انتشار فيروس "كورونا". وبحسب الوزير السابق زياد بارود فإن "غالبية الحسابات التي تقلّ قيمة الودائع فيها عن الـ5 ملايين ليرة أو ثلاثة آلاف دولار، هي حسابات جارية لتوطين رواتب ومدفوعات كانت محجوزة في المصارف، ما يعني أن أحد أهداف هذه الخطوة سحب فتيل التفجير من صغار المودعين المستعدين للتحرّك في الشارع وتأجيج الحركة الاعتراضية".
لكن السؤال الأساسي يبقى: على ماذا ستحصل هذه الفئة من صغار المودعين؟


طلب إضافي على الدولار
في المبدأ، ليس هناك تعريف واضح أو معيار متبع لمن هم صغار المودعين. واختيار هذه الفئة، مرتبط بمرحلة أولى قد تليها مراحل ثانية. في المرحلة الحالية، سيحصل كل مودع لديه دولار واحد على ما يوازيه بالليرة اللبنانية بسعر السوق. والشرط الأول للحصول على هذه الليرات أن تحسم قيمة "القروض المستحقة" ما يعني تخفيف ميزانيات المصارف. وما تبقّى سيُدفع للمودع بسعر السوق وسط معطيات غير أكيدة عن نقاش حول سعر يتراوح بين 2000 ليرة و2500 ليرة، وربما أكثر. إذاً، ماذا سيفعل المودع بهذه الليرات؟ على الأغلب سيستخدمها من أجل شراء دولارات من الصرافين في السوق السوداء، أو سيوفي بها ديونه لـ"الدكنجي" أو لأقربائه أو لآخرين سيشترون بها دولارات من السوق السوداء. أصلاً لا مجال لإنفاق هذه الأموال اليوم إلا على الأكل والشرب والدواء وباقي الأمور الضرورية في ظل وباء "كورونا". عملياً، سيكون لدى هذه الفئة من المودعين، أموال ورقية بالليرة اللبنانية لا قيمة لها إلا إذا تحوّلت إلى دولارات نقدية.


المستفيد الأول
في المقابل، مصرف لبنان لن يخسر دولاراته التي ستعود إليه (هي أصلاً دولارات المودعين) وسيحرّر قسماً من الاحتياطات الإلزامية بالدولار مقابل الوديعة المشطوبة بليرات يمكنه أن يطبع منها ما يشاء بلا حساب. والمصارف بدورها، ستشطب في ميزانياتها قسماً من الودائع بالدولار المموّلة بليرات خلقها مصرف لبنان (هذه الليرات هي مال عام). وسيتسنّى للمصارف أن تسترد قيمة القروض الممنوحة للزبائن أو المتراكمة عليها من دولارات المودعين التي تحوّلت ليرات مموّلة من مصرف لبنان.
للوهلة الأولى تبدو هذه المفاعيل مدروسة، إلا أن الواقع يشير إلى أنها مدروسة في إطار المصالح المتبادلة بين المصارف ومصرف لبنان والقوى السياسية. لكن الأثر الاقتصادي لدعم القوّة الشرائية في أوقات الركود التضخمي، أي في ظل تعطّل القدرات الإنتاجية يؤدي إلى زيادة التضخّم. التضخم الأبرز سيكون في سعر الصرف في السوق السوداء. وبارود يعتقد أن هذه الخطوة قد تكون مقدّمة لتحرير سعر الصرف.
كذلك، يشير إلى أن تجزئة المودعين بهذه الطريقة "تخرق مبدأ المساواة بين المودعين. ربما يقال بأن هذه تدابير مرحلة وتستهدف صغار المودعين… لكنها في المطلق تنطوي على تمييز بين المودعين يفتح الباب أمام الطعن. فمن لديه 6 ملايين ليرة لن يستفيد!".
إذاً، انتقلت الاستنسابية في التعاطي مع المودعين، إلى استنسابية جبرية تتعلق بتسعير صرف الليرة. هل هذا الأمر يجعل من سلامة والحكومة أبطالاً؟ عملياً، تؤدي هذه القرارات إلى انخفاض قيمة الليرة من دون أي خطّة للتعاطي مع مسألة سعر الصرف، وبالتالي فإن هذا الانخفاض أو الإقرار به رسمياً بهذا الشكل يشكّل قيمة إضافية على مداخيل الناس عبر التضخّم اللاحق. كما أنه قد ينطوي على مشكلة إغلاق الحسابات. فبأي حقّ يُفرض على الناس إغلاق كل حساباتهم وهي في غالبيتها حسابات توطين رواتب أو مدفوعات؟


نموذج عملي لتعميم سلامة
إذا كان لديك 1000 دولار في مجموع حساباتك المصرفية سيحصل الآتي: مصرف لبنان سيشتريها من المصارف بسعر السوق الذي يُحدّد في منصة تداول يشترك فيها مصرف لبنان والمصارف والصرافون. والمصرف سيدفع لك الليرات بعد حسم قيمة قروضك المستحقّة.
وإذا كان لديك في مجموع حساباتك المصرفية 1.5 مليون ليرة سيحصل الآتي: مصرف لبنان سيبيع المصارف دولارات بسعر 1507.5 ليرات وسطياً، أي بقيمة 1000 دولار، ثم يتم تسعيرها مجدّداً بسعر السوق على سعر 2000 ليرة أو 2500 ليرة مثلاً، ويدفعها المصرف لك. وبعد تنفيذ هذه العملية التي يفترض أن تشمل كافة قيمة الحساب سيبيع المصرف الـ1000 دولار لمصرف لبنان بسعر السوق.
الزبون الذي سحب أمواله سيكون أمام خيارات محدودة: استهلاك هذه الأموال لسداد الديون أو شراء الدولارات النقدية من السوق السوداء للحفاظ على قيمتها من تضخّم الاسعار.

• صحيفة "الجمهورية" عنونت:" تخبط وتلاعب بالمودعين والمحاصصة تشظي الحكومة" وكتبت تقول:" ما جرى في الأيام الأخيرة، على ساحة التعيينات المالية، وقبلها التشكيلات القضائية، ومحاولة تشريع "الكابيتال كونترول"، وإغماض العين على الجريمة المتمادية التي ترتكبها المصارف بحق المودعين، أسقط آخر ورقة توت عن عورة السلطة الحاكمة، وثبت انّ المواطن اللبناني يتيم السلطة، التي يُفترض انّها راعية له وساهرة على شؤونه وشجونه، ومتروك لمصيره، يطوّقه وباء "كورونا" الخبيث، وتحرمه الأعباء الاقتصادية والمالية، والمصارف والصرّافون، من لقمة عيش ابنائه، ولا من يراقب او يحاسب.
في غياب أي خطة حكومية اقتصادية أو انقاذية شاملة، يستمر تخبط البنك المركزي بالتواطؤ مع المصارف في ابتداع اجراءات تحايلية على ودائع اللبنانيين ومحاصرتهم أكثر فأكثر، وكأنهم اعداء. والجديد أمس صدور تعميمين عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، يتعلّق الاول بالسحوبات النقدية من الحسابات الصغيرة، والثاني بإنشاء وحدة جديدة تتولّى التداول بالعملات الاجنبية النقدية، ولا سيما بالدولار الاميركي "وفقاً لسعر السوق".

وقد طرح التعميمان علامات استفهام كثيرة حيث اعتبر الخبير الاقتصادي باتريك مارديني ان "التعميم يعني إقرار نوع من "الكابيتال كونترول" الذي كان يتهرب مجلس النواب من إقراره، فأقره البنك المركزي.

وقال لـ"الجمهورية": "التعميم يعني أيضاً أن كل وديعة في المصرف تتخطى الـ3 آلاف دولار لا يستطيع صاحبها سحبها بالدولار بعد الان ، بل بات مجبراً على سحبها بالعملة الوطنية بحسب سعر الصرف الرسمي أي 1500"، وهذا "هيركات" مقنع على السحوبات التي تتخطى الـ3 آلاف دولار أو 5 ملايين ليرة. صغائر المودعين الذين يملكون حسابات تحت الـ3 آلاف دولار لا يستطيعون سحبها بالدولار إنما بالليرة اللبنانية ولكن بحسب سعر السوق، وبالتالي من الآن وصاعداً كل السحوبات باتت بالليرة اللبنانية. ويعني أيضاً أن من يملك حسابات فوق الـ3 آف دولار يستطيع ان يسحب بسعر الصرف الرسمي اي 1500 ليرة.

أضاف مارديني: "السؤال الأهم، وفق اي سعر سوق سيعطي المصرف المودعين حساباتهم خصوصاً ان مصرف لبنان حدّد سعر السوق لدى الصيارفة بـ2000 ليرة فيما سعر السوق الحقيقي اليوم يصل الى 3000 ليرة، وهذا هو السؤال الأساسي".

وزنة
من جهته قال وزير المال غازي وزنة لـ"الجمهورية": "انّ هذا التعميم هو خطوة اوّليّة ايجابية، تهدف الى حماية حقوق واموال صغار المودعين التي تقلّ عن 5 ملايين ليرة او 3 آلاف دولار، ويجب ان تُستكمل بخطوات مماثلة في المرحلة المقبلة، لبقية صغار المودعين الذين تفوق قيمة ودائعهم عن 5 ملايين ليرة أو 3 آلاف دولار، علماً انّ الفئة التي تستفيد من هذا التعميم تشكّل 61,5 % من الحسابات في المصارف، وعددها يقارب مليون و725 الف حساب".

اضاف وزنة: "وما يجب التأكيد عليه مجدّداً، هو أنّ أموال المودعين، وعلى وجه الخصوص صغار المودعين، هي ودائع مقدّسة، ويجب حمايتها والحفاظ عليها".

حمود
وأوضح رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود لـ"الجمهورية"، انّ هذا التعميم تسبّبت به الظروف الاستثنائية التي نمرّ بها، إضافة الى تعرّض حاكم مصرف لبنان الى ضغوط شعبوية، بعدما اصبح الكل يريد ان يحلّ القضايا النقدية والمصرفية بأسلوب يشبه الحلول السياسية في البلد.

وأكّد، "انّ سلامة درس هذه الخطوة جيداً وحجمها وتكاليفها وقيمة الخسارة جرائها وحجم الكتلة النقدية المطلوبة، ورأى انّه بهذه الخطوة تتخلّص المصارف من بعض الحسابات بالدولار من خلال دفعها بالليرة اللبنانية، وفق سعر الدولار في السوق الموازي. لكن في المقابل، انّ هذه الخطوة ستزيد من كمية الاموال المخزّنة في المنازل، قد تُخزن بالليرة اللبنانية او حتى يمكن استبدالها بالدولار عند الصرّافين، انما في جميع الاحوال ستكون مخزنة اي مجمّدة".

وعن المغزى من هذا التعميم، قال حمود: "من شأن هذا التعميم ان يخفّف الضغط السياسي على الموضوع النقدي، ويقسّم الخسارة بينه وبين المصارف، التي تتخلّص من خلال هذه الخطوة من كمّ كبير من الحسابات المصرفية التي تحوي مبالغ صغيرة".

سوق الصيرفة
أما بالنسبة الى التعميم المتعلّق بسوق الصيرفة، فأوضح سلامة لوكالة "رويترز"، انّ "وحدة التداول بالعملات النقدية الأجنبية الجديدة لدى المركزي ستختار التجار الذين تعمل معهم، وستعمل في أوراق النقد بسعر السوق، وستقوم بالشراء والبيع، وسيتمّ الإبقاء على سعر الربط الرسمي اللبناني في تعاملات البنوك والواردات الضرورية".

وفي هذا السياق، هناك تساؤلات متعدّدة حول التعميمين، من أهمها التالية:

اولاً- ما تأثير تحرير الودائع الصغيرة على سعر الصرف في السوق السوداء؟

ثانياً- ما هو دور مصرف لبنان في عملية الدخول على خط تسعير الدولار في السوق الثانوية؟ هل سيكون مجرد مراقب، ام انّه قد يتدخّل بائعاً الدولار لدوزنة سعر صرفه؟ وفي هذه الحال، هل من المسموح استخدام دولارات المركزي في السوق السوداء ايضاً؟

ثالثاً – كيف ستتمّ معالجة مسألة التكافؤ في الفرص. اذ من يملك 5 ملايين ليرة يستطيع ان يسحبها، في حين انّ من يملك 6 ملايين ليرة، لا يستطيع؟

الوضع السياسي
في السياسة، سُحب فتيل التعيينات المالية، ولكن من دون ان يُطفئ حقيقة شراكة اهل السلطة فيها، فكلهم في ذات المركب، وإن فضّل بعضهم النزول منه في آخر لحظة، بطريقة مسرحيّة، لا تنفي شراكته في هذه المحاصصة، وانّه اقدم بكل قناعة واندفاع على تسمية مجموعة من الأسماء المحسوبة عليه، قبل أن تفرط هذه المسرحية.

كل التعيينات… طارت
واذا كانت التعيينات المالية قد سُحبت، تجنباً لحريق كان يقترب من الحكومة عبر سلسلة استقالات وزارية كانت مُعدّة مسبقاً، فإنّ هذا الملف رُكِن على الرفّ، أقلّه لستة اشهر، على ما يؤكّد لـ"الجمهورية" مرجع سياسي، الذي قال: "انّ ما احاط التعيينات المالية من اختلافات و"منتعات" وشهوات غريبة، خلّف ضحايا في مكان آخر، على صعيد الحكومة وهيبتها التي تشظّت، او على مستوى ملف التعيينات الاخرى في سائر المراكز الشاغرة، والتي بدورها ستبقى في هذا الوضع الشاذ الى ما شاء الله، والفضل في ذلك الى من يصرّ على ان يأكل البيضة وقشرتها".

ماذا عن الحكومة؟
ما حصل على ضفّة التعيينات الماليّة، كشف اللثام عن الواقع الحكومي الهشّ؛ واكّد انّ الحكومة لم تُبنَ من الاساس على صخر، بل على رمال متحرّكة تتأرجح بين هبّة باردة وهبّة ساخنة، خصوصا بين أطراف المثلث الحاضن للحكومة. ويبرز في هذا السياق، التوصيف الذي اطلقته مصادر اشتراكية على حال الحكومة، حيث قالت لـ"الجمهورية": "الحكومة اشبه ما تكون ببطة عرجاء. والتجربة معها من الاساس اثبتت فشل اللجوء الى حكومة تكنوقراط".

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى