ثقافةفي مثل هذا اليوم

في مثل هذا اليوم:الحكم بإعدام الفيلسوف اليوناني سقراط “الشهيد الأول للفلسفة”

الحوار نيوز – خاص

في مثل هذا اليوم ،15 شباط عام 399 قبل الميلاد ،صدر حكم الإعدام على الفيلسوف اليونانى سقراط، الذى يعتبر أحد مؤسسى الفلسفة الغربية،وكان بحسب بعض الفلاسفة “الشهيد الأول للفلسفة”.

  لم يترك سقراط كتابات، وجل ما نعرفه عنه مستقى من خلال روايات تلامذته عنه. ومن بين ما تبقى لنا من العصور القديمة، تعتبر حواراتأفلاطونمن أكثر الروايات شموليةً وإلمامًا بشخصية “سقراط. وبحسب وصف شخصية “سقراط” كما ورد في حواراتأفلاطون، فقد أصبح مشهورًا بإسهاماته في مجال علم الأخلاق. وإليه تنسب مفاهيم السخرية السقراطية والمنهج السقراطي .

 و”سقراط” الذي وصفه أفلاطون هو من قام بإسهامات مهمة وخالدة لمجالات المعرفة والمنطق وقد ظل تأثير أفكاره وأسلوبه قويًا حيث صارت أساسًا للكثير من أعمال الفلسفة الغربية التي جاءت بعد ذلك.وبكلمات أحد المعلقين المعاصرين، فإن أفلاطون المثالي قدم “مثلًا أعلى، جهبذًا في الفلسفة، قديسًا، نبيًا “للشمس-الإله”، ومدرّسًا أُدين بالهرطقة بسبب تعاليمه“. ومع ذلك، فإن “سقراط” الحقيقي مثله مثل العديد من قدامى الفلاسفة، يظل في أفضل الظروف لغزًا وفي أسوأها شخصية غير معروفة.

وتتمثل أكثر إسهامات “سقراط” أهميةً في الفكر الغربي في منهج الجدل والتداول القائم عن طريق الحوار، وهو المنهج المعروف أيضًا السقراطي أو “أسلوب إلينخوس” (والتي تعني مجادلة). وقد قام “سقراط” بتطبيق هذا المنهج في دراسة مفاهيم أخلاقية أساسية مثل الخير والعدالة. وكان أفلاطون أول من وصف المنهج السقراطي في الحوارات السقراطية. فلحل مشكلة ما، قد يتم تحليلها إلى مجموعة من الأسئلة والتي تعمل إجاباتها تدريجيًا على الوصول إلى الحل المنشود. ويتجلى تأثير هذا المنهج بشدة اليوم في استخدام المنهج العلمي والذي لا تكون مرحلة الافتراض أول مراحله.ويعد تطوير هذا المنهج وتوظيفه من أبرز الإسهامات المستمرة لـ”سقراط” كما أنهما شكلا عاملًا رئيسيًا في ارتداء “سقراط” لعباءة مؤسس الفلسفة السياسية أو علم الأخلاق أو الفلسفة الأخلاقية، وفي تميزه كأبرز الشخصيات في كل الموضوعات الرئيسية المتعلقة بالفلسفة الغربية.

و لتوضيح استخدام المنهج السقراطي، تم طرح مجموعة من الأسئلة لمساعدة شخص أو مجموعة من الأشخاص على تحديد معتقداتهم الأساسية ومدى معارفهم. والمنهج السقراطي هو منهج سلبي قائم على التخلص من الافتراضات، والذي يكون بالعثور على الافتراضات الجيدة عن طريق تحديد الافتراضات غير الجيدة والتي تؤدي إلى التناقضات ثم التخلص منها. وقد تم تصميم هذا المنهج بحيث يجبر المرء على مراجعة معتقداته وتحديد مدى صحتها. وفي الواقع، قال “سقراط” ذات مرة: “أعرف أنكم لن تصدقوني، ولكن أبرز صور التفوق الإنساني هي مساءلة الذات ومساءلة الآخرين“.

 

المحاكمة

وفي مثل هذا اليوم 15 شباط عام 399 قبل الميلاد ،صدر حكم الإعدام على الفيلسوف اليونانى سقراط، وذلك بعدما سعت حكومة الطغاة الثلاثين لأن يطلبوا من سقراط وأربعة آخرين تنفيذ حكم إعدام ظالم على حاكم سلاميز، كما حوكم لإنكاره الآلهة وإفساد أخلاق الشباب، والحقيقة أن كبار فلاسفة اليونان القديمة، بعضهم ارتبطت قصة وفاتهم بقصص وأساطير، منهم من أعدم، آخرون تم تصفيتهم، ومنهم صورت الأساطير على أنه رفع إلى السماء، ليخلد كفيلسوف عظيم وأسطورة باقية على مر الزمن.

 تم إعدام سقراط بإجباره على تجرع كأس السم، وأرغمه الجلاد على المشي حتى تخدرت ساقاه وعجز عن الوقوف. نخزه الجلاد في ساقه، فلم يشعر بشيء. مات سقراط موتا بطيئا وقد غطى وجهه تماما، ربما ليحجب عن نظره صورة أولئك الذين قتلوه دون ذنب.

بحسب كتاب “أوروبا تاريخ وجيز” تأليف جون هيرست، فإن عملية الإعدام فى ذلك الوقت فى أثينا كانت تقام سريعا فى المعتاد، لكن إعدام سقراط أجل بسبب أعياد دينية، وكان يمكنه أن يهرب، وتمنت السلطات حينها بعض التمنى أن يهرب، لكنه رفض هذا الخيار، على حد وصف المؤلف، وكان يقول دائما: “لماذا التمادى فى التمسك بالحياة، إذا لم أكن سأعيش للأبد؟“.

وبحسب عدد من الدراسات الأخرى فإن وسائل هروب سقراط من سجنه قبل تنفيذ حكم الإعدام كانت ميسرة، حيث كان بإمكان تابعيه أن يقدموا رشوة لحراس السجن، لكنه رفض ذلك احتراما للقوانين.

ويذكر جون هيرست فى كتابه سالف الذكر طريقة إعدام سقراط، وكانت بأن يشرب سما مستخرجا من نبات الشوكران، وترجاه تلامذته أن يؤخر شرب السم، إذ كان عليه أن يشرب السم فى نهاية اليوم، ولم تكن الشمس قد غربت بعد وراء التلال، لكنه أكد أنه سيشعر بالمهانة أمام نفسه إذا تمسك بالحياة، وأخذ السم بكل هدوء، وبلا أى علامة لعدم استساغته قائلا: “إن هذا السم يقتل سريعا“.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى