رأي

“غزة” :سباق التمديد بين التهدئة واستئناف الحرب(زياد علوش)

بقلم زياد علوش*  – الحوار نيوز

قضى الاتفاق بوقف اطلاق النار في غزة بين جيش الاحتلال الاسرائيلي والمقاومة متجسدة بحركتي حماس والجهاد الاسلامي ، لمدة اربعة ايام ،وفي حين تنص الهدنة على أن أيامها الأربعة قابلة للتجديد،لا تخلو تصريحات المسؤولين الاسرائيليين خصوصا في مجلس الحرب من التهديد باستئناف القتال من اجل القضاء على المقاومة وتحرير الاسرى، فما هي ابعاد التهديدات الاسرائيلية هذة؟
في الوقت الذي يذهب فيه الكثيرون الى احتمال تجديد وقف اطلاق النار لاعتبارات منها تبادل المزيد من الاسرى بين الطرفين وازدياد الضغوط الداخلية في اسرائيل من قبل ذوي الاسرى المتبقين إضافة الى الضغوط الخارجية خصوصا الامريكية والاوروبية على خلفية تزايد التأييد الشعبي للقضية الفلسطينية ما يسبب اضرار انتخابية وسلطوية للساسة الغربيين لا سيما الرئيس الامريكي جو بايدن.
في المقابل فإن منع جيش الاحتلال الاسرائيلي الفلسطينيين في جنوب غزة من التوجه الى شمالها، واقتصار الحركة بالاتجاه من الشمال الى الجنوب، فهو مؤشر على ان جيش الاحتلال يمهد لاستئناف المعارك بتفريغ شمالي غزة بشكل كلي من سكانها توطئة لتدميرها واتاحة الميدان لجنوده لاستخدام القوة المفرطة بتنفيذ سياسية الارض المحروقة ،خصوصا استخدام انواع متطورة لتدمير الانفاق، وما يعزز هذا التوجه ان اسرائيل لم تحقق حتى الان اي من اهدافها المعلنة بالقوة العسكرية كالقضاء على حماس حيث تشير التحليلات الى ان قيادة حماس في غزة لا تزال تدير الحرب بشكل جيد ،وان مسالة اركاعها لا تزال بعيدة كما ان تحرير بعض الاسرى تم من خلال عملية التفاوض والتي عرضتها حماس بداية الحرب رغم ادعاءات تل ابيب انها جاءت استجابة لحملتها العسكرية.
إن واقع عدم تحقيق تل ابيب اية نتائج سوى المجازر المتنوعة بحق المدنيين الفلسطينيين، ولان نتنياهو لا طريق امامه سوى الهروب الى الامام لتأخير سقوطه السياسي المدوي ،لذلك يبدو مع مزايدات اليمين المتطرف داخل حكومته على انها حرب دينية اكثر ميلاً لمتابعة الحرب على قاعدة انك إذا دخلت نفقاً ولم تجد بصيصاً من امل فأوغل.
الا أن استئناف الحرب هذة المرة ذو مخاطر كبيرة من توسعها على مدى اكبر، ليس فقط على مساحة قوى المقاومة ،لان الشارعين العربي والاسلامي بعمومه على وقع التحركات الشعبية عالمياً يغلي بصورة كبيرة وقد لا تستطيع الانظمة خصوصاً التي تحيط بفلسطين ضبط الناس الى ما لا نهاية، على ان التطبيع حتى الان يعتبر ابرز ضحايا عملية “طوفان الاقصى” بحيث يبقى البديل الوحيد الممكن استئناف مسار حل الدولتين.

وقد اقتنع العالم بأن لا سلام في منطقة الشرق الاوسط وربما العالم من دون حل القضية الفلسطينية التي عادت الى واجهة التداول وبقوة، وهذا لا يعني ان اسرائيل ستكف عن المماطلة ،الا أن استيلاء المتطرفين في تل ابيب على مقاليد القرار السياسي حالياً ،فإنه على ما يبدو قاد الى انكشاف خدعة الدولة الديمقراطية في واحة البرابرة .وعليه يعود الفضل في ذلك الى المتطرفين الاسرائيليين طالما اهداهم التطرف العربي والاسلامي الداعشي في الجهة الاخرى سابقاً على مستوى الانظمة الديكتاتورية والحركات المأجورة المزيد من الهدايا المجانية لتأتي المقاومة الفلسسطينية في “غزة” ،خاصة حركتي حماس والجهاد الاسلامي، فتعيد الاعتبار الى النقاء والانضباط الأيديولوجي التحرري الفلسطيني الحقيقي ومعه السردية والرؤية العربية والاسلامية والانسانية الاصيلة لقضية التحرر الوطني.

*كاتب صحفي ومحلل سياسي لبناني

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى