قالت الصحف:لقاء بعبدا غدا بمن حضر ..والدولار لا يضبط بالكرباج
تنوعت اهتمامات الصحف الصادرة هذا الصباح بين لقاء بعبدا المقرر غدا بمن حضر وأسعار الدولار المتفلت والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي بات يخشى أن يعتذر عن عدم مساعدة لبنان.
• وكتبت صحيفة " النهار " تقول : لعل الملف الذي يتقدم، بل يتجاوز بأشواط طاولة الحوار الموعودة، والتي باتت في حكم المؤجلة، أو الملغاة، سواء انعقدت أم لم تنعقد، نتيجة غياب مكونات أساسية سياسية ومذهبية عنها، خصوصا بعد بروز اعتراضات خافتة اضافية تتمثل في غياب التمثيل الارثوذكسي والكاثوليكي، أو تهميشه، والذي يدخل في باب تغييب الميثاقية أيضاً – هو الملف الاقتصادي المالي الذي يتخبط في صراع أهل السلطة، ومضيهم في الاختلاف على المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، كل من موقعه، وفي تضارب لا مثيل له، حتى في الدول المتخلفة في انظمتها. وتحدث مصدر سياسي متابع الى "النهار" مبديا تخوفه من اقدام الصندوق على الاعتذار من لبنان عن عدم تلبيته طلب المساعدة للاسباب التقنية الاتية:
اولا: ان كثرة الطباخين تفسد الطبخة، وهذا ما يجري في لبنان، ذلك انه اضافة الى الحكومة التي قدمت خطتها وأرقامها، دخل مجلس النواب على الخط عبر ما سمي "لجنة تقصي الحقائق" التي بدت كأنها تعمل ضد الحكومة. اضافة الى محاولة مستشارين واداريين ايصال وجهات نظر مختلفة، والتشويش على الجهات الاخرى، ما يؤكد الانقسام في النظرة الى الامور، وغياب الرؤية الموحدة.
وفي هذا الاطار، قال رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان: "نحن لبّينا هذا الطلب الذي جاء من صندوق النقد، كما سعينا الى التحقق لمعرفة اسباب التناقض بين ارقام الحكومة ومصرف لبنان، وتوصلنا من خلال جلسات طويلة الى تحديد مكامن الخلل والوصول الى بعض المقاربات المشتركة التي ساهمت في توحيد بعض الارقام الاساسية. وبعيداً من حالات الانقسام التي كانت موجودة، والتي يحاول البعض اعادة انتاجها من جديد من دون جدوى، نحن مستعدون لأيّ مساهمة أو لأي تعاون يؤدي الى عدم ضياع فرصة انقاذ لبنان، علماً انّ ورقة صندوق النقد هي واحدة من الاوراق الاساسية المتوفرة حالياً للتمويل، ونحن مستعدون بكلّ ايجابية لتسهيل هذه المهمة تحت سقف المصلحة الوطنية والامكانات التي تؤمن نهوض الاقتصاد اللبناني وحمايته".
ثانيا: ان الارقام المتناقضة بين الحكومة ومجلس النواب ومصرف لبنان وجمعية المصارف، تظهر بوضوح الادارة المالية السيئة للبلاد، وغياب الشفافية، وعدم القدرة الحالية على ضبط المالية العامة، خصوصاً ان أرقام الحكومة بدت أقرب الى الواقع، وفي الغالب انها ستعتمد على مسودة العمل التي سيرفعها الفريق المفاوض الى ادارة الصندوق.
ثالثا: ان خفض ارقام الخسائر المالية لبى مشيئة مصرف لبنان وجمعية المصارف، اللذين يتجهان الى تصفير الخسائر بعد انكار الجزء الاكبر منها، وهذا الامر سيؤدي الى تحميل المودعين التكلفة الباهظة، في حين ان خطة الحكومة تهدف الى تقاسم الخسارة بين مصرف لبنان والمصارف من دون المودعين.
رابعا: ان ابعاد الحكومة جمعية المصارف عن المشاركة في اعداد خطتها المالية، ثم العودة عن هذا الخطأ متأخرة، يدفع الى تأخير محتوم في تنفيذ الخطط، واعتماد الرؤى الواضحة.
خامسا: ان الخلافات السياسية القائمة، والحملات الممنهجة بين أهل الحكم أنفسهم، واستقالة أحد المستشارين الاساسيين في التفاوض، يضعف الثقة في إمكان تطبيق خطط اصلاحية، كما صرح المستشار المستقيل هنري شاوول الذي عزا استقالته الى "عدم وجود نية لدى السياسيين للقيام بالإصلاحات"، واصفاً لبنان بالشخص "المصاب بالسرطان وتمّ تشخيص المرض من خلال الخطة، إلا أنه لم يبدأ بعد مسار العلاج، وكل يوم تأخير يزيد صعوبة شفائه"، معتبراً أن "هناك منظومة سياسية استقالت من مسؤولياتها".
كما ان تلك الخلافات ترفع نسبة الشكوك في امكان صرف المال في الوجهة الصحيحة المقررة له. والدليل على ذلك الصراع القائم بين وزيري المال الحالي والسابق على رغم انتمائهما الى الجهة السياسية نفسها، وتلويح الوزير غازي وزني بالاستقالة، اضافة الى خلاف رئيس "تكتل لبنان القوي" جبران باسيل وأمين سر التكتل رئيس لجنة المال والموازنة النيابية ابرهيم كنعان على الارقام أيضاً.
وفي هذا الاطار قال عضو "تكتل لبنان القوي" النائب ألان عون: "أشعر أن الفريق التفاوضي الحكومي يمثل صندوق النقد في لبنان لا الموقف اللبناني لدى الصندوق، وكلما قلنا شيئاً يجيبوننا أن صندوق النقد لا يقبل، فهل أنتم تفاوضون للتعبير عن وجهة نظر لبنان ومصلحته أم وجهة نظر صندوق النقد؟".
سادسا: وهذا أمر مفترض وليس أكيداً، استناداً الى المصدر المتابع الذي يرجح ان تعمد الولايات المتحدة الى الضغط على الصندوق للامتناع عن مساعدة لبنان في هذه المرحلة لاسباب سياسية تتعلق بارتباط الحكم ارتباطاً وثيقاً بـ"حزب الله" المصنف ارهابيا لدى الادارة الاميركية، وتنفيذاً لسياسة العقوبات على كل دول المحور الايراني – السوري، في انتظار الانتخابات الرئاسية في اميركا، وما يتبعها من حوار اميركي – ايراني، أو عدمه. وهذا الوضع اذا حصل سيجعل البلد اسير قرار اشنطن تقديم المساعدات المرتبطة بالغذاء والدواء أو الافراج عنها من دول أخرى.
وأ:د المصدر المتابع ان ممارسات جهات لبنانية تبدو كأنها تدفع صندوق النقد الى عدم التجاوب مع لبنان في اطار صراعها السياسي الذي سيتعكس سلبا على الجميع.
حوار بعبدا
وفي شأن داخلي متعلق بالحوار الذي تحول كلحس المبرد وحواراً للموالين في غياب المعارضة، بعد اعلان رئيس "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجيه مقاطعته اللقاء، واعتذار رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل عن عدم الحضور، وكذلك الرئيس أمين الجميل الذي فضل ارجاء الموعد، اضافة الى الاعتذارات السابقة التي شملت رؤساء الوزراء السابقين سعد الحريري ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، وترجيح تغيب رئيس "القوات" سمير جعجع اليوم، أعلنت رئاسة الجمهورية أن دوائر القصر الجمهوري تواصل التحضيرات لانعقاد "اللقاء الوطني" غدا الخميس، والذي دعا اليه رئيس الجمهورية بعد التطورات الأمنية المقلقة التي شهدتها بيروت وطرابلس قبل أسبوعين والتي كادت تهدد الاستقرار والسلم الأهلي في البلاد.
وأوضح زوار رئيس الجمهورية ميشال عون أن موعد "اللقاء الوطني" لا يزال قائماً قبل ظهر الخميس، و"من يقاطعه فهذا قراره وليتحمل مسؤولية تغيبه فالمناسبة وطنية وليست اجتماعية للبحث في موضوع اقلق اللبنانيين، وهو التطورات الامنية في بيروت وطرابلس وبعد ردود الفعل التي ظهرت عن المتظاهرين ولامست الخط الاحمر وهو الفتنة".
وقال الزوار أن الرئيس عون يرى أن "التقاء الاطراف على رفض الفتنة وتحصين الوحدة الوطنية هو ابلغ ردّ على أي جهة داخلية أو خارجية تعمل على ضرب السلم الاهلي، وهو لن يقبل ان يعود شبح الحرب الأهلية التي دفع اللبنانيون غالياً ثمنها".
وعن عدم وجود جدول أعمال للقاء، شرح الزوار أنّ "نص الدعوة واضح وهو يحدد مواضيع البحث ولاسيما بالشق الامني الذي كان سبب هذه الدعوة".
وقالت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية إن لقاء بعبدا لا يحتمل التأجيل ولا المقاطعة، كما لا يتطلب ميثاقية، فهو ليس طاولة حوار وهدفه في الدرجة الأولى رأب الفتنة. ورداً على غياب الميثاقية عن اجتماع بعبدا بغياب الفريق السني الممثل برؤساء الوزراء السابقين، قالت المصادر إن الرئيس دياب يمثل لا السنة فحسب بل كل لبنان.
وعن مرسوم التشكيلات القضائية العالق في بعبدا، نقل عن الرئيس أن "توقيعي على المرسوم ليس مجرد بصم، بل يعطيني صلاحية التصحيح وأنا أريد تصحيح الخلل الذي اعترى بعض التشكيلات. وعدم صدور التشكيلات لا يوقف عمل القضاء. مع العلم بأن دفعة من القضاة الجدد سيتخرجون خلال أيام ولا بد من توزيعهم على أماكن محددة الامر الذي يسمح اذذاك باعادة النظر في التشكيلات".
الدولار
اقتصادياً، استمرت الفوضى في الأسواق المالية وفي أسعار الصرف، اذ ارتفع سعر صرف الدولار الى ما فوق الستة آلاف ليرة وبلغ في بعض الأماكن 6500 ليرة في ظل التضييق على عملية البيع الذي اعتمده الصرافون بإجراءاتهم الجديدة المرتبطة بالوثائق والمستندات. هذا الارتفاع يهدّد الاستقرار الاجتماعي ما دفع وكالات عالمية أمس الى نشر تحقيقات عن الفقر المتزايد في لبنان.
• وكتبت صحيفة الأخبار:في حديث إلى "الأخبار"، قال النائب الأول السابق لحاكم مصرف لبنان، الدكتور حسين كنعان، إنه لا يمكن ضبط سعر الدولار بالكرباج. هذا التعبير يختصر الموقف المنطقي من كل سياسات السلطات اللبنانية كافة إزاء كيفية التعامل مع انهيار سعر صرف العملة الوطنية. وهو التوصيف الأدقّ لأوهام الحاكمين في لبنان حول كيفية إدارة الأزمة النقدية والمالية.
المشكلة لم تعد محصورة في سرقات قائمة منذ عقود، ومستمرة، أو في عملية احتيال وتهريب للعملات الصعبة لا تزال قائمة. المشكلة باتت متركّزة في العقل الذي يدير خلية الأزمة. وهي خلية لا تقتصر على "حزب المستشارين"، كما يروّج رياض سلامة وسليم صفير وعسسهما من السياسيين والإعلاميين، بل تشملهما أولاً، كما تشمل كل أصحابهما من جمعية المصارف والمستشارين المنتشرين في كل الأمكنة ممن لا يزال تمويلهم قائماً. كما تشمل كل المسؤولين في الدولة اليوم، وكل القابضين على أرواح العباد من تجار المال والطعام والخدمات.
مشكلة هذه الخلية أنها لا تتعامل مع الأزمة بوصفها التعبير الأكثر وضوحاً عن فشل النموذج القائم في لبنان، بكل فروعه وأدواته التشريعية والسياسية والاقتصادية والقضائية والأمنية والإدارية. وهي لا تزال تتصرف مع الأزمة على أنها "عوارض رشح" يمكن معالجتها ببعض المسكّنات والسوائل. وطالما بقيت تتصرف بهذه العقلية، سنظل نسمع عن قرارات وخطوات كالتي صدرت بعد الاجتماعين، الرئاسي والوزاري الشهيرين، في بعبدا، والتي أعلنها الرئيس نبيه بري للملأ بأن سعر الدولار سيُخفض الى حدود الـ 3200 ليرة… (تُرى من أقنع داهية السياسة اللبنانية بهذه الخبرية حتى وقع في الخطأ؟).
مشكلة هذه الخلية أنها تصرّ على أنها قادرة على معالجة الأزمة. بعض أركانها تواضعوا قليلاً، وأقرّوا بمسؤوليتهم عن "جانب" من الأزمة. لكن هؤلاء، ومعهم من ينكرون دورهم، يصرّون على أن الحل بيدهم. وإذا ما دعاهم أحد إلى التنحّي جانباً، صرخوا بأن التوازنات في البلاد لا تسمح بتغييرات جوهرية في شكل السلطات المنتخبة لتشكيل سلطات تدير مؤسسات البلاد. وعندما يتمسك زعيم بمناصبه كافة، فإن موظفاً بارزاً سيتصرف هو أيضاً على قاعدة أن ليس بالإمكان إطاحته. فكيف الحال وآلية عمل السلطات النافذة في ملف التعيينات الإدارية والمالية وإدارة مؤسسات الدولة، لا تزال تتمّ بالعقلية نفسها والأدوات نفسها؟
يعرف الجميع، من البسطاء الى كبار الخبراء، أن أساس مشكلة العملة الوطنية هو النقص في كمية الدولارات. وهو نقص قائم ومستمر منذ تسع سنوات على الأقل، ولا يرتبط فقط بتقلص حجم ما يدخل من هذه العملات الى لبنان، بل بحجم ما يخرج منها الى خارجه. وأسباب الخروج معروفة للجميع أيضاً. لكن أبرزها يتعلق بآلية إنفاق واستهلاك الدولة بقواها النافذة وبشعوبها أيضاً. وإذا لم تبادر السلطات المعنية الى التدخل غصباً في آلية استهلاك الدولة وآلية استهلاك اللبنانيين، فسيكون من الصعب انتظار علاج جدي لعمليات خروج العملات الصعبة من لبنان.
في كل مرة، تجتمع فيها الحكومة لمناقشة الملف النقدي والمالي، نتخيل أن رئيس الحكومة سيدعو الى الاجتماع مع الجهات المعنية بالجمارك، ليسمع منهم عن بنود الاستيراد بكل تفاصيلها من دون أي استثناء، وأن يكون مع وزرائه في موقع الشجاع الذي يقرر منع استيراد هذا وذاك وذلك من المواد تحت أي حجّة. وأن على اللبنانيين أن يتوقفوا عن شراء الحاجيات التي تجعلهم يتوهمون أنهم في مصاف الشعوب المتقدمة، وأن تقول الحكومة، جهاراً ونهاراً، إن المنع لا يخص الفقراء، بل يخص أساساً الذين يملكون المال ولا يدفعون ضريبة عادلة، وأولئك الذين يهرّبون أرباح توظيفاتهم المالية غير المنتجة الى الخارج. ويمكن للمرء أن يتخيّل ــــ فقط أن يتخيّل ــــ أن الحكومة اتخذت قرارات منعت بموجبها استيراد نصف ما يستورده اللبنانيون اليوم، وليزعل من يريد أن يزعل، وليغضب كل من يغضب من جماعة الاقتصاد الحر والحرية الفردية وخلافه من زعبرات اللبنانيين، الذين ينتجون أقل مما تنتجه أكثر دول أفريقيا فقراً، لكنهم يريدون العيش كأنهم في النروج!
الحاكمون على أنواعهم، يتسلّون بنا يومياً، ولا يملّون.
هم يقرّرون دعم الناس ببضع ليرات ولا يجيدون إيصالها الى المستحقين فعلاً. كأنهم لا يعرفون أنه يمكن فتح حسابات للمحتاجين في المصارف، ويودعون فيها الحصص المالية المقررة، من دون الحاجة الى إرسال الجيش لتوزيع الأموال وفتح البازار السياسي وخلافه.
هم يتخلّون عن دور مؤسساتهم، لكنهم يكلفون جيش الصرافين، وتلامذة المصارف في عالم الاحتيال لتولي إدارة السياسة النقدية في لبنان، ويطلبون منهم تحديد سعر العملة أيضاً، ويتركون لهم إصدار التعاميم التي تتيح البيع والشراء، قبل أن يودعوا الغلّة آخر النهار في المصارف نفسها.
هم يتخلّون عن دور الرعاية، ويتركون لحفنة من المرابين أن يقرّروا كيفية تصرف الناس في خدماتها العامة، وفي آلية التعليم والاستشفاء والسفر.
هم يتركون لحفنة من النصّابين التحضير لعملية رفع السعر الرسمي للدولار الى نحو خمسة آلاف ليرة لإعادة نفخ الهواء في بالون الحسابات المصرفية الفارغة إلا من أرقام، ولإعادة إنتاج دورة مالية ونقدية هدفها امتصاص ما بقي في جيوب الناس.
هم يتركون لموظفين، برتبة مديرين عامين أو وزراء، إدارة المصالح التاريخية لجيش أصحاب الاحتكارات الكبرى، ولجماعة تبييض الأموال المسروقة من الدولة، ولجماعة الاقتصاد (النهب) الحر، لكي يقرروا استمرار عملية التدمير.
هم لا يجرؤون على عقد جلسة حكومية أو نيابية واحدة تناقش السياسة الضريبية، أو تناقش آلية فرض الرسوم على الفئات الاجتماعية بحسب قدراتها الإنتاجية، لكنهم لا يتورّعون عن التفكير في وقف دعم حاجات الناس المركزية من قمح ودواء ومحروقات…
هل هناك حل مع هؤلاء؟
لا بالتأكيد، لا حلّ معهم ولا من عندهم، وما صبر الناس على نفسها إلا خشية من فوضى مدمرة بعد اختطاف زمرة عملاء لأحلام الشباب المتظاهر، وفي ظل رقابة اجتماعية غير مسبوقة باسم الدين والطائفة والجماعة، وهي رقابة تفسح في المجال فقط، أمام المشعوذين لإبداء الرأي. أما أصحاب العلم والحكمة، فهم مرذولون بحكم كونهم من أصحاب الأفكار البائدة!
وكتبت صحيفة " الجمهورية " تقول : حسمت رئاسة الجمهورية رسمياً أمس مصير "اللقاء الوطني" الذي دعت اليه بتأكيد انعقاده بمَن حضر الحادية عشرة قبل ظهر غد الخميس ويدوم ساعتين فقط، فاسحاً المجال لجلسة مجلس الوزراء الاسبوعية التي ستنعقد في السرايا الحكومية عند الاولى والنصف بعد الظهر، فيما بَدا انّ الأفق مقفل، ولا حلول مطروحة على بساط البحث، وأنّ لقاء بعبدا لن يتجاوز المشهدية السياسية التي مَلّ اللبنانيون منها أساساً ويريدون خطوات عملية تضع حداً لارتفاع سعر الدولار وتخفّف من غلاء الأسعار، في وقت لم تظهر أيّ مؤشرات بعد إلى حلول قريبة في ظل التَخبّط المستمر في الأرقام وغياب الإصلاحات المرجوّة. فيما برز موقف أميركي عَبّر عنه مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر يُبرّىء ساحة واشنطن من الاتهام بأنها تقف خلف ارتفاع سعر الدولار وشح العملة الخضراء في لبنان، ويردّ سبب هذه الازمة الى "عوامل داخلية تتعلق بالفساد وبتهريب الدولار إلى سوريا والتهرّب الضريبي والجمركي لـ"حزب الله"، بحسب قوله.
قالت مصادر معارضة للقاء بعبدا لـ"الجمهورية" انّ التكتيك الذي اعتمد هذه المرة بتوسيع الحوار لم ينفع في محاولة للتغطية على احتمال المقاطعة مجدداً، فباستثناء الرئيس ميشال سليمان فإنّ جميع المدعوين الجدد سيقاطعون اللقاء، ومَن قاطَع في المرة السابقة أعلن مقاطعته مجدداً، ولم يبق سوى "القوات اللبنانية" التي سيعلن تكتل "الجمهورية القوية" الموقف من المشاركة أم عدمها في اجتماعه اليوم، مع مَيلٍ واضح إلى عدم المشاركة في ظل تساؤلات مصادره عن "الجدوى من دعوة مسلوقة ومن جدول أعمال واضح وفي ظل رفض فريق السلطة اتخاذ أيّ خطوات إصلاحية تُبعد شبح الانهيار الشامل".
ولاحظت هذه المصادر انه "بدلاً من ان يكون الحوار مدخلاً لتنفيس الاحتقان والتشنج ورسم خريطة طريق للإنقاذ، تحوّل مساحة اشتباك جديدة على خلفية من سيُشارك ومن سيقاطع وفي ظل إصرار بعبدا على موقفها عَقد الحوار بمَن حضر، فيما كان رئيس الجمهورية والفريق الحاكم في غِنى عن هذا الاشتباك في لحظة وطنية حساسة مالياً وشعبياً وتستدعي أوسع توافق ممكن للخروج من الأزمة المالية".
وقالت المصادر نفسها "انّ القوى التي قررت المقاطعة لا تُلام على موقفها طالما انّ دعوتها الى لقاء بعبدا تقتصر على توفير الغطاء لنهج يواصل جَرّ لبنان نحو الأسوأ، وكأنّ المطلوب منها ان تكون شاهدة زور على سياسات لا قرار لها فيها، وبالتالي لن تضع نفسها في موقع المصفّق او المتفرّج على من يقود لبنان إلى الانهيار". وأضافت: "إذا كان الحوار يشكل مطلباً للتلاقي، إلّا انّ للتلاقي شروطاً وفي طليعتها النقاش بمسؤولية حول سبل إخراج لبنان من هذا المأزق الكبير، فيما المطروح دردشة في أفضل الحالات وكأنّ الوضع في ألف خير، فيما مدى خطورة اللحظة تستدعي حواراً إنقاذياً لا حواراً شكلياً، وإنّ العودة عن الدعوة ليست تراجعاً، إنما دليل مسؤولية وطنية من أجل إعادة تحديد موعد جديد بشروط المرحلة الحالية".
إنجاز الترتيبات
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد حسم مصير لقاء الخميس، فأكدت المصادر التي تشارك في الترتيبات الخاصة باللقاء لـ"الجمهورية" انه سيُعقد بمَن حضر من القيادات السياسية والحزبية والنيابية في الموعد المحدد الحادية عشرة قبل ظهر غد في قاعة 22 تشرين في القصر الجمهوري التي تنعقد فيها عادة جلسات مجلس الوزراء، وذلك وفق الترتيبات التي تحافظ على التباعد الإجتماعي بين المشاركين في اللقاء بسبب وباء كورونا.
وقبل أن يتخذ عون قراره النهائي المضي في عقد اللقاء بمَن حضر توقيتاً وشكلاً ومضموناً، ترأس صباحاً اجتماعاً للمستشارين والمعاونين للبَت بالترتيبات النهائية الى جانب متابعته المواقف من المشاركة أو عدمها. وقالت أوساطه انه لن ينتظر حتى اليوم الأخير قبل موعد الجلسة لكي يعلن عن انعقادها أو إلغائها، "فالتطورات الأمنية المقلقة التي شهدتها بيروت وطرابلس قبل أسبوعين، والتي كادت أن تهدد الاستقرار والسلم الأهلي في البلاد، فرضَت الخطوة ولن ترجئها أو تلغيها".
وطرحت أوساط العاملين لترتيب اللقاء عدداً من الأسئلة التي لا بد من توفير الأجوبة عليها، ومنها: هل نذهب الى التأجيل على الرغم من أهميّة اللقاء؟ وهل نمنح المقاطعين حقّ "الفيتو" لكي يستخدموه دوماً؟ وهل نضيف أسماء على لائحة المدعوّين نعوّض بها، أقلّه عدديّاً، عن الغائبين؟".
وأشارت مصادر قريبة من رئيس الجمهوريّة الى أنّ "الموضوع الأساس على جدول أعمال اللقاء هو وقف الفتنة والحفاظ على السلم الأهلي، فهل من عنوانٍ أهمّ للاجتماع حوله؟"، وفق ما تضمنته الدعوة الى الاقطاب المدعوّين بنصها الحرفي. واضافت: "انّ اللقاء لا يحتاج الى أن يكون ميثاقيّاً وغياب مكوّن مذهبي عنه لا يفقده أهميّته، ما يعني أنّه يجب ان ينعقد في كلّ الحالات إلا إذا رأى الرئيس غير ذلك".
وبعدما حَمّلت المصادر الغائبين مسؤولية ما يمكن ان تؤدي اليه الأحداث ما لم يسجل اللبنانيون موقفاً حاسماً منها، استغربت هذه الاوساط قول البعض "إنّ مشاركتهم ستنقذ العهد من الغرق أو ستبيّض صفحته"، وسألت: "من قال إنّنا نغرق أو إنّ صفحتنا سوداء؟".
رسم تشبيهي للطاولة
وقبل 48 ساعة على الموعد المحدد لم يبق هناك موقف غامض إزاء المشاركة من عدمها سوى موقف رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع الذي سيقول كلمته النهائية في هذا الصدد عصر اليوم. وكما باتَ واقعاً في ضوء التأكيدات التي تبلّغتها دوائر القصر الجمهوري، يمكن رسم صورة مسبقة عن اللقاء وطريقة توزيع المقاعد حول الطاولة التي يترأسها عون والى يمينه يجلس رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة التنمية والتحرير، والى يساره رئيس الحكومة حسان دياب، الرئيس الأسبق للجمهورية العماد ميشال سليمان، نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفررلي، رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط ، رئيس تكتل "لبنان القوي" النائب جبران باسيل، رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، النائب اسعد حردان ممثلاً كتلة نواب الحزب السوري القومي الاجتماعي، الأمير طلال ارسلان ممثلاً كتلة نواب "ضمانة الجبل"، النائب آغوب بقرادونيان رئيس كتلة نواب الطاشناق الارمنية، النائب فيصل كرامي ممثلاً كتلة نواب "اللقاء التشاوري".
وفي انتظار جواب جعجع بات ثابتاً انّ المُتغيبين عن اللقاء هم، الى الرئيسين اميل لحود وأمين الجميّل، رؤساء الحكومات السابقين الاربعة فؤاد السنيوة، سعد الحريري، نجيب ميقاتي وتمام سلام، ورئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، ورئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل.
الكلمات
وفي برنامج اللقاء كلمة ترحيبية لرئيس الجمهورية يشرح فيها الظروف التي دفعته الى الدعوة، شارحاً ما أراده من هذا اللقاء الجامع. وإن شاء رئيس مجلس النواب نبيه بري إلقاء كلمة فستكون الثانية قبل ان يلقي رئيس الحكومة حسان دياب كلمته، ثم يكون للمشاركين إن ارادوا مساحة من الوقت ليُدلي كلّ منهم بدلوه.
وعلمت "الجمهورية" انه سيكون لسليمان كلمة يشرح فيها الظروف التي دفعته الى المشاركة في اللقاء، وسيحدد موقفه من التطوارت الأخيرة وخصوصاً من بعض الملفات التي ما زالت مطروحة منذ ايامه الى اليوم، ولا سيما منها ملف "السلاح غير الشرعي" وسيجدد الدعوة الى البحث في الإستراتيجية الدفاعية.
وفي ختام الجلسة سيناقش المجتمعون مشروع بيان ختامي أعدّه رئيس الجمهورية في صيغة أولية سيطرح للمناقشة ثم يُذاع في نهاية اللقاء.
فرنجية
وفي المواقف، غرّد فرنجية مؤكداً مقاطعته اللقاء، وكتب عبر "تويتر" أمس: "لن نشارك في لقاء بعبدا بعد غد الخميس (غداً)، مع التمنّي للحاضرين التوفيق في مسيرتهم لإنقاذ الوضع الاقتصادي والامني والمعيشي وإيجاد الحلول المرجوّة".
كرامي
وقال النائب فيصل كرامي لـ"الجمهورية" انه سيحضر لقاء بعبدا، اذا انعقد، ممثلاً "اللقاء التشاوري" للوقوف "الى جانب الرئيس حسان دياب والتعبير عن موقفنا من المأزق الاقتصادي – المالي والواقع الاجتماعي – المعيشي وخطر الفتنة وأداء الحكومة بإيجابياته وسلبياته".
وشدد على أنّ "الميثاقية السنية تحضر تلقائياً حيث يحضر رئيس الحكومة، كائناً من كان"، لافتاً الى "انّ موقع دياب كرئيس حالي لمجلس الوزراء هو أهم من موقع رؤساء الحكومات السابقين، وبالتالي تكفي مشاركته حتى يكون شرط الميثاقية متوافراً، مع الإشارة إلى أنّ طبيعة لقاء الخميس لا تحتاج أصلاً الى هذا الشرط"، مُبدياً أسفه "لكون بعض الاطراف السياسية قد عمدوا الى تأويل مواقف رؤساء الحكومات السابقين وتحميلها ما لم يَقله هؤلاء الرؤساء، وأساؤوا بذلك الى مقام رئاسة الحكومة ومعنوياته تحت تأثير المناكفات والنكايات والمجاملات غير الموفقة، خصوصاً انّه من التقاليد الثابتة لدى رؤساء الحكومات السابقين في كل العهود أولوية حماية وصَون موقع رئاسة مجلس الوزراء بغضّ النظر عن الخلاف او التوافق السياسي مع شاغِل هذا الموقع".
وأشار كرامي الى "انّ اللقاء التشاوري يملك أيضاً حيثية سنية أكدتها بالأرقام الانتخابات النيابية الأخيرة، وانّ أعضاءه يشكلون كتلة نيابية ممثلة بوزير في الحكومة، وعلى الجميع أن يعتادوا على هذه الحقيقة ويتكيّفوا معها"، مُستغرباً محاولة حصر التمثيل السني بالرئيس سعد الحريري "الذي نعترف بحجمه التمثيلي لكننا نرفض اختزال كل الطائفة السنية به، خلافاً لنتائج الانتخابات النيابية والتوازنات التي أفرزتها، امّا رؤساء الحكومات السابقين فأحدهم نجح بفضل دعم تيار "المستقبل" له، وآخر لم يترشح أصلاً لأنه كان يعرف انه سيخسر".
ودعا كرامي رئيس الجمهورية الى "عدم التراجع عن عقد اللقاء الوطني"، محذّراً من أنه "اذا ألغي بسبب غياب الحريري ورؤساء الحكومة السابقين فسيشكّل ذلك ضربة كبيرة لموقع رئيس الحكومة حسان دياب".
مجلس "بالمفرّق"
وعلمت "الجمهورية" انّ مجلس وزراء "بالمفرّق" انعقد طوال ساعات نهار أمس في السرايا الحكومية، حيث ترأس دياب سلسلة اجتماعات ضَمّت كلّ وزير على حِدة او مجموعات منهم تباعاً، وتمحور النقاش حول إنتاجية الوزارات بعدما تكاثَر الكلام عن أنّ الوزراء يضيّعون ساعاتهم في اللجان ويهملون عمل وزارتهم.
وطلب دياب من الوزراء البدء بالبحث الجدي في سبل وقف الهدر في الادارات، سائلاً كل وزير عمّا نفّذ من مشاريع وأعمال في وزارته، وطالباً تنشيط عمل الوزارات على كافة الصعد وإطلاق ورش لبدء الانتاج السريع وتحقيق نتائج في اوقات محددة.
الدولار لا يُلجم
إقتصادياً ومالياً، واصَل المشهد الدولاري أمس مسيرته التصاعدية بوتيرة سريعة مُسجّلاً رقماً قياسياً جديداً وصل الى 6 آلاف ليرة في السوق السوداء، في حين استمر سعره على حاله لدى الصرّافين، بسعر 3850 ليرة للشراء و3900 ليرة للبيع.
وواكبت استمرار ارتفاع العملة الخضراء، شائعات سَرت كالنار في الهشيم، تدّعي انّ سعر الدولار يتجه الى بلوغ الـ9 آلاف ليرة في الاسبوع المقبل.
وفي المقابل، يستعد مصرف لبنان لبدء العمل بالمنصّة الالكترونية التي ستكون مهمتها الاساسية تسعير الدولار في سوق الصرافة، لكنّ الآمال المعلّقة على نتائج عمل المنصّة ليست كبيرة.
ودعت مصادر وزارية معنية بالاقتصاد "الجمهورية" الى التوقّف عند الفارق في سعر صرف الدولار بين المصارف والصرافين الشرعيين والسوق السوداء، بحيث بلغ هذا الفارق بين الاطراف الثلاثة نحو 2500 ليرة، ما يعني صعوبة ضبط هذا السعر وتوحيده في المرحلة الراهنة، خصوصاً انّ السوق السوداء هي السوق الفعلية التي تحدد سعر الدولار بما أنها مُتاحة لكل الناس لتغطية حاجاتهم بنسبة 75 %.
ودعت هذه المصادر للتنبّه الى انّ هذا الارتفاع بلغ في يوم واحد نحو 700 ليرة، الأمر الذي يُنبئ بتطور سريع خلال الايام المقبلة وصعوبات ربما ستترتب على الشركات التي تستورد وتضطر الى تبديل عملتها من السوق السوداء كونها غير مشمولة بتعميم مصرف لبنان.
حلاوي
وعلّق نائب نقيب الصيارفة محمود حلاوي على هذا الامر، فقال لـ"الجمهورية" رداً على الهجمة التي يتعرّض لها سوق الصيارفة: "نحن نطلب الاوراق والوثائق من المواطنين الذين يتوجهون الينا لطلب الدولار بهدف تصويب العمل، وحتى لا يذهب هذا الدولار الى السوق السوداء او الى المضاربة او التجارة، ونحن نعلم انّ استعمالها في هذا المجال سيؤدي الى ارتفاع سعر الدولار. نحن نتسلّم من مصرف لبنان كمية من الدولارات يومياً بالسعر المحدد ونبيعها الى السوق بسعر ايضاً محدد بربح ضئيل جداً وبهدف ترييح السوق، واذا أردنا أن نأخذ هذه الدولارات ونفرّط بها فنكون قد أسأنا للتعميم ولقرار تسيير جزء من المستحقات للمواطنين، ونحن ملزمون بهامش صغير جداً ما بين البيع والشراء للمواطن وخصوصاً المحتاج للدولار للأسباب التي أصدرناها في تعميم خاص بطريقة مدروسة حتى لا يذهب الدولار هدراً. والمعنيّ بهذه الاموال هو مصرف لبنان، ونحن ننفّذ قراراً حكومياً بالاتفاق مع مصرف لبنان وننفّذ تعميمه، ونسأل أين الخطأ اذا كنّا نسدّ فراغاً او نعوّض تقصير قطاعات اخرى في تأمين الخدمات التي يحتاجها اللبنانيون، ولا سيما منها تأمين المواد الغذائية التي يستفيد منها كل بيت في لبنان والمستلزمات الطبية وكذلك تحويل الاموال الى الطلاب وغيرهم".
لجنة المال و"الصندوق"
وعلى صعيد آخر، أعلنت لجنة المال أمس، فور انتهاء اجتماعها مع وفد صندوق النقد، أنّ "الاجتماع اتّسَم بالإيجابية والصراحة، خصوصاً في ما يتعلق بالاصلاحات التي يجب ان لا تنتظر البرنامج مع الصندوق، وفي منطلقات عدد من الأرقام خصوصاً التسليفات المتعثرة وسبل معالجة الخسائر حفاظاً على استمرارية الاقتصاد اللبناني الحر وحماية الملكية الفردية".
بارقة أمل؟
وفي هذا المشهد السوداوي، لاحت بارقة أمل مصدرها معلومات عن اتجاه سعودي الى دعم الليرة من خلال إحياء فكرة إيداع مصرف لبنان وديعة سعودية بالعملة الصعبة.
وتأتي هذه المعلومات عقب استقبال السفير السعودي وليد البخاري امس الاول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ونائبه السابق محمد بعاصيري. واللافت انّ البخاري استقبل امس السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه، الأمر الذي ربطه المراقبون بمجمل التحرّك السعودي المُستجِد لدعم الوضع المالي في لبنان ووقف الانهيار السريع.
كارثة المحروقات والخبز
إلى ذلك، بدأت تتكشّف خيوط جديدة للخطة التي يدعمها وزير الاقتصاد راوول نعمة لرفع الدعم عن المحروقات والخبز وبيع المادتين بسعر دولار السوق، بدلاً من الدولار المدعوم من مصرف لبنان، والذي يستنزف الاحتياطي القائم.
وفي السياق، كشف نعمة لـ"الجمهورية" انّ الخطة التي اقترحها لا تقضي برفع الدعم بمقدار ما تعني توفير المحروقات والخبز للبنانيين غير المقتدرين بسعر مدعوم، مقابل ان يدفع الميسور ثمن هذه المواد وفق سعر الدولار، بحسب ما يحدده مصرف لبنان.
ويذهب نعمة بعيداً الى القول، انه "في حال تمّ رفع الدعم فقط عن غير اللبنانيين الذين يقيمون في لبنان فهذا كاف لتوفير كميات كبيرة من الدولارات يحتاجها اللبناني قبل سواه، خصوصاً مع وجود نحو مليون ونصف مليون شخص غير لبناني يعيشون في لبنان". وأكد "انّ دولاً عدة نجحت في السير بآلية مماثلة حيث لا يطاول الدعم كل شرائح المجتمع مثل الأردن، ولا شك في انها ستساعدنا على التقليل من استخدام دولارات مصرف لبنان المركزي، وبالتالي يمكن هذه الآلية ان تنجح، ولذا نطالب بالكف عن التحريض عليها".
الموقف الأميركي
وفي ظل هذه التطورات دخلت الولايات المتحدة الاميركية للمرة الاولى مباشرة على خط الازمة المالية التي يعيشها لبنان ويزيد في تفاقمها ارتفاع سعر الدولار الاميركي، وذلك في ضوء توجيه بعض القوى السياسية اللبنانية الإتهام لواشنطن بالتورّط في هذا الامر ومنع دخول العملة الخضراء الى لبنان، والتي يتزايد الطلب عليها منذ الخريف الماضي وحتى اليوم.
وفي هذا الصدد قال مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر لموقع "الهديل" انّ "كلّ العوامل التي تؤدي إلى ارتفاع سعر صرف الدولار في لبنان لا علاقة للولايات المتحدة بها إطلاقاً، بل هي عوامل داخلية تتعلق بالفساد وبتهريب الدولار إلى سوريا والتهرب الضريبي والجمركي لـ"حزب الله".
وتحدث شينكر عن "الإستثمارات الصينية التي يدعو إليها (الامين العام لـ"حزب" الله السيد حسن) نصرالله، كقطاع الإتصالات والجيل الخامس واستقدام الشركات الصينية، حيث أنّنا نعلم جيداً أنّ "حزب الله" هو منظمة إرهابية خارجة عن سلطة الدّولة، وعندما يتم استقدام هذه "الإستثمارات" بشبكات الجيل الخامس والإتصالات فستصبح كلّ "الداتا" في يد الحزب الشيوعي الصيني، وأظنّ أنّ الشعب اللبناني سيصدم عندما يعرف أنّ الصّين تتجسّس عليه، ويعلمون ماذا وراء هذه الإستثمارات".
ورأى شينكر "انّ ما يفعله "حزب الله" هو للاستحواذ على النظام المالي اللبناني وتدمير سمعة المصارف، كما أنّه يهدد تعافي النظام المالي اللبناني عبر القيام بتحركات وإجراءات تستفزّ "إسرائيل"، وهذا ما لا يريده لبنان في الوقت الحالي. ما يفعله "حزب الله" هو تهديد تام للبنان في وقت لا يستطيع لبنان تحمّل أي أزمة إضافة إلى أزمته المالية، وهذه تصرفات غير مسؤولة".
وكرّر شينكر دعوة الحكومة اللبنانية إلى "إجراء الإصلاحات الجدية ومحاربة الفساد". وإذ اعتبر "أنّ هناك عقوبات ستطبّق في لبنان تتعلق بمكافحة أنشطة "حزب الله"، وكذلك عقوبات في إطار قانون "ماغنيتسكي" لمحاربة الفساد في لبنان"، كرّر التأكيد أنّ "الولايات المتحدة ستبقى ملتزمة مع القوات المسلحة اللبنانية".
ونفى شينكر وجود محادثات مرتقبة بين الاستخبارات الاميركية والإيرانية، وقال: "نحن لا نفاوض خلف الأبواب المغلقة على مستقبل لبنان".
وعن ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، وما هو الموقف الأميركي من البلوك رقم 9، قال شينكر: "قامت الولايات المتحدة بالوساطة بين لبنان وإسرائيل قبل أكثر من سنة، وتمّ وضع تصوّر لحل هذه الازمة وقمنا بتقريب وجهات النّظر، لكنّ الكرة في ملعب لبنان، وعندما تقرر الحكومة أن تستخرج الغاز للإستفادة منه، فأنا أشجّع اللبنانيين على تطبيق "التصوّر" ليستطيعوا الاستفادة من الغاز في البحر".
جهوزية للقتال في لبنان
من جهة ثانية، وعلى صعيد الجبهة الحنوبية، تفقّد رئيس هيئة الأركان الاسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي قيادة المنطقة الشمالية برفقة قائد المنطقة الميجور جنرال أمير برعم لامتحان جهوزية قوات المدرعات في الجولان للقتال في لبنان. ويشمل الامتحان مختلف السيناريوهات، والتحديات المتنوعة.
وتحدث كوخافي مع الضباط والجنود في موضوع الجهوزية للطوارئ، في فترة مليئة بالتحديات، وكجزء من مواجهة تفشي جائحة كورونا.
وقال: "بدءاً من هذا اليوم، أصبحت التعليمات في الجيش الاسرائيلي أكثر صرامة، وعلينا الحفاظ على قدراتنا". وحَضّ الجنود على "استغلال كل لحظة تدريب، وكل لحظة فراغ للتدرّب، والتأهيل، والتعلّم، ليكونوا جاهزين". وأوضح أنه "تمّ إعداد تمارين عالية المستوى للجنود لِمنحهم الشعور بالأمان عند اجتيازهم الحدود".