سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف:عروض إيرانية مغرية وتمهل لبناني ..وصراع نيابي قضائي في تحقيق المرفأ

الحوار نيوز – خاص

تناولت الصحف الصادرة اليوم العروض الإيرانية المغرية التي قدمها وزير الخارجية الإيرانية حسين عبد اللهيان للبنان في مقابل التمهل اللبناني حيالها ،إضافة الى الصراع النيابي القضائي بين المحقق العدلي طارق البيطار والمدعوين الى التحقيق في انفجار المرفأ.

 

 

  • وكتبت ” الاخبار” تقول:عروض مغرية، لكن الواجب يستدعي التمهّل لأن البلد لا يتحمّل عقوبات أميركية”. هكذا كان الردّ اللبناني على تكرار وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان استعداد بلاده لمساعدة لبنان والاستثمار في مجالات الكهرباء والنفط والنقل وغيرها. لم يكن العرض جديداً، ولا الرد خارج التوقعات، في بلد يخشى مسؤولوه أي محاولة – ولو على سبيل المناورة – لفك الخناق الأميركي عنه، ويمعن “سياديّوه” في رفض “النفوذ الإيراني” ولو على شكل مساعدات من دولة لدولة.

    ذريعة “العقوبات الأميركية” الجاهزة لرفض العروض الإيرانية هي ما سمعه عبد اللهيان من مضيفيه اللبنانيين وعلى رأسهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. ومن باب “إلقاء الحجة” لم يتردد الضيف الإيراني في توجيه النصيحة بأن “انظروا إلى ما فعل الأفغان والعراقيون على رغم العقوبات، وهم من طالبوا الأميركيين باستثناءات سمحت بفتح منافذ كثيرة”، فكان الردّ الحكومي، من باب التمييع لا أكثر، طلب مساعدة إيران في “شرح الإجراءات التي يجب اتخاذها لطلب الاستثناءات”، وكأنها المرة الأولى التي “تكتشف” فيها الحكومة اللبنانية وجود استثناءات كهذه!

    أمس، أنهى عبد اللهيان زيارته بمؤتمر صحافي أكد فيه “أننا سنساعد لبنان الشقيق للعبور من أزمته (…) ومستعدون للمساعدة باستثمارات إيرانية أو لبنانية لإقامة معمليْن لإنتاج الكهرباء”، كما “سنواصل إرسال المشتقات النفطية، ونأمل بأن يكون ذلك في المستقبل في إطار اتفاقيات بين البلدين”.

    عبد اللهيان: سنواصل إرسال المشتقات النفطية ونأمل بأن يكون ذلك في المستقبل في إطار اتفاقيات بين البلدين

    وعلى رغم أن ردود الجانب اللبناني كانت مخيّبة كالعادة، إلا أن الزيارة ليست تفصيلاً عابراً، وقد حملت مضامين مهمة، منها:

    أولاً في الشكل، جاءت الزيارة في سياق جولة شملت روسيا وسوريا في مؤشر إلى المكانة التي يحتلها لبنان في التفكير الإستراتيجي لطهران، وأهميته في المجال الحيوي الإيراني على المستويين السياسي والأمني. وزيارة عبد اللهيان إلى دمشق وبيروت، بعدَ بغداد في 28 آب الماضي، تؤكّد الأهمية المتساوية للبلدين بالنسبة للجمهورية الإسلامية.

    ثانياً، تعد الزيارة رسالة إيرانية إلى الخارج، مغزاها بأن الصراع مع إسرائيل لا يزال يحتل صدارة الأولويات لدى طهران، بعدَ أن طغى الملف النووي على جدول أعمال الحكومة السابقة. وعزز ذلك اللقاء الذي جمع عبد اللهيان والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرلله.

    ثالثاً، تأتي الزيارة بعدَ الخطوة الأولى في عملية كسر الحصار، والتي تمثلت باستقدام بواخر المحروقات الإيرانية للتخفيف من الأزمة على رغم كل التهديدات الخارجية، لتؤكد بأن الجمهورية الإسلامية جاهزة لمزيد من الإجراءات التي تساعد في كسر الحصار، ودعم حزب الله في مواجهته للحرب الاقتصادية التي تقودها الولايات المتحدة ضد لبنان، ويمكنها أن تكون حاضرة وشريكة في مجالات أبعد بكثير من مجرد نقل المحروقات. وهو ما أشار إليه الضيف الإيراني بوضوح أمس عندما أكد أن بلاده “على استعداد لتأمين حاجات لبنان من الأدوية والأغذية والمستحضرات الطبية، وأكدنا للمسؤولين اللبنانيين استعدادنا لإنشاء مترو الأنفاق (…) وللتعاون في المجالات كافة”، لافتاً إلى أن “دول المنطقة وشعوبها لن تسمح للولايات المتحدة أن تنجح في حربها الاقتصادية وحصارها على لبنان، ونأمل من خلال الانفتاح الإقليمي بكسر الحصار الذي يستهدفنا جميعاً”. وأعلن من بيروت أن “المحادثات الإيرانية – السعودية تسير في الاتجاه الصحيح، ونحتاج المزيد من الحوار. حتى الآن توصلنا إلى اتفاقات معينة”، مؤكداً أن “دور إيران والسعودية له أهمية بالغة على صعيد إرساء الاستقرار في المنطقة”.

  • وكتبت “النهار” تقول:من جولة إلى أخرى في مواجهة قضائية – سياسية باتت أقرب ما تكون إلى معركة ليّ أذرع او كسر عظم لا هوادة فيها، تصاعدت أمس حمّى المواجهة بين المحقق العدلي في ملف جريمة #انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، والنواب الثلاثة نهاد المشنوق وعلي حسن خليل وغازي زعيتر، فيما يرسم مزيداً من الغموض المقلق حول مصير التحقيق وإمكان إعادة تعليقه مجدداً في ظل التداعيات الحادة والخطيرة لهذه المواجهة وما يمكن ان تستبطنه بعد من تطورات يخشى ان تكون بالغة السلبية على تأخير التحقيق وربما تبديده. واذا كان الأوساط السياسية والقانونية والقضائية في معظمها، توقّعت تصاعد منسوب الحدة في المواجهة قبل 19 تشرين الأول الحالي، موعد بدء العقد العادي الثاني لمجلس النواب، بما يعيد بسط حماية الحصانة النيابية على النواب المطلوبين للتحقيق امام المحقق العدلي، فإن واقع المواجهة يبدو كأنه تجاوز المهلة المذكورة واستبقها فعلاً اذ جاء ردّ النواب الثلاثة، ومعهم أيضا الوزير السابق يوسف فنيانوس بتقديم طلبات متزامنة امام محكمة التمييز الجزائية لكفّ يد البيطار عن التحقيق منسقاً بين الأربعة واقلّه بين النواب الثلاثة. واقترن ذلك بما تأكد من ان الأربعة، وعلى الأرجح رئيس الحكومة السابق حسان دياب أيضا الذي ذكر انه سيعود إلى بيروت من الولايات المتحدة في منتصف الشهر الحالي، لن يحضروا جلسات الاستجواب امام المحقق العدلي الذي حدد ثلاثة مواعيد للنواب قبل 19 تشرين الأول، فيما حدّد موعداً لدياب بعد هذا الموعد. وبذلك عادت الجولة الجديدة من المواجهة لترسم مساراً سلبياً للغاية في ظل التداعيات المرتقبة على التحقيق إذا تطورت المواجهة إلى فصول اشدّ حدة، وتمددت هذه التداعيات إلى المستوى السياسي المباشر، الامر الذي سيتسبب بانعكاسات خطيرة على التحقيق برمته.

    وقد تقدم النائب نهاد المشنوق بواسطة وكيله المحامي نعوم فرح، بدعوى أمام محكمة التمييز الجزائية، طلب فيها نقل التحقيق في ملف انفجار مرفأ بيروت، من يد المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، وتعيين قاض آخر لهذه المهمة بسبب “الارتياب المشروع”. كما تقدم النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر بواسطة نقيبة المحامين السابقة أمل حداد والمحامي رشاد سلامة، بدعوى أخرى أمام محكمة التمييز المدنية، طلبا فيها ردّ القاضي بيطار عن القضية، واعتبرا أنه “خالف الأصول الدستورية، وتخطى صلاحيات المجلس النيابي والمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”. وأفيد أن رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود أحال طلب زعيتر وخليل رد البيطار إلى القاضية جانيت حنا في محكمة التمييز.

    وكان وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي قال رداً على سؤال عقب زياراته لبكركي أمس، رداً على سؤال عما سيكون عليه موقفه من طلب البيطار التحقيق مع مسؤولين أمنيين انه “بالنسبة إلى اذونات الملاحقة، اؤكد انني سأطبق القانون وقد يكون الأمر مفاجئاً”.

    كما أن رئيس الحكومة #نجيب ميقاتي سئل في بكركي التي قام بزيارته الأولى لها أمس بعد تسلمه مهماته رئيسا للحكومة، عن التهديد الذي تلقاه المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، فأجاب: “لقد استفسرنا عن هذا الموضوع ولا شيء مؤكدا، التعليق الذي حصل قام به وزير العدل، وقد إتخذت الإجراءات اللازمة لإضافة الأمن والحراسة للقاضي البيطار، لكن أقول إنه يجب أن نميّز بين الشعبوية والقانون والدستور، ويجب أن نتصرف بروية بعيداً من الشعبوية لأننا نريد الوصول إلى الحقيقة”.

    يشار إلى انه في المواقف البارزة من ملف القضاء، دعا المجمع الارثوذكسي الأنطاكي الذي انعقد برئاسة البطريرك يوحنا العاشر في بيانه الختامي، إلى ترك القضاء يعمل باستقلال من أجل كشف الجرائم التي تعرض لها الشعب ال#لبناني على مدى السنوات الماضية والتي أدت إلى إفقاره ونهب أمواله، وتدمير مقوّمات الدولة التي يفترض أن تحميه وتصون حقوقه. وطالب بالعمل الجدي والسريع لكشف المسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت وعن انفجار التليل في عكار. واكد وقوفه إلى جانب أهالي الضحايا في سعيهم للوصول إلى الحقيقة ومعاقبة المسؤولين عن هذه الكارثة التي حلت بالعاصمة وبأبنائها وبالوطن.

    ميقاتي والسعودية

    إلى ذلك يعقد مجلس الوزراء جلسة بعد ظهر الثلثاء المقبل في القصر الجمهوري لعرض رؤية الوزراء المتعلقة بوزاراتهم وخطة عملهم. وأمس غادر ميقاتي بيروت، إلى المملكة الاردنية الهاشمية في زيارة خاصة. وقبيل مغادرته، زار ميقاتي صباحا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وقال بعد اللقاء رداً على سؤال حول عدم فتح أبواب السعودية أمامه “أنا في اعتقادي أن السعودية هي قبلتي السياسية والدينية وبالتالي لم تقفل أبوابها بأي حال، وعندما أؤدي صلواتي الخمس يومياً اتجه نحو القبلة في السعودية”. ورداً على سؤال عن الأوضاع المزرية التي يعيشها اللبناني، أكد “أننا لا نفوّت فرصة الا ونكون فيها مع هموم الناس وانا اعرف هذه الهموم الكبيرة، ونحن نسعى، لكن بصراحة العين بصيرة واليد قصيرة، اذ لدينا مشكلات كثيرة ونسعى لحلها بروية، وقد اتخذ وزير الطاقة بالأمس اجراءات سريعة وقام بجولات على المحطات ونحن نلاحق كل المخالفات”.

    ولوحظ ان وزير الطاقة والمياه وليد فياض استقبل أمس للمرة الثانية في أقل من أسبوع السفيرة الاميركية دوروثي شيا على رأس وفد وكانت جولة أفق استكمالا لنتائج الجولات الاخيرة لوزير الطاقة في كل من مصر والاردن.

    وأفادت وزارة الطاقة ان “السفيرة شاركت فياض بالأجواء الإيجابية الهادفة للإسراع في إنجاز الاتفاق مع مصر والأردن من أجل استجرار الغاز والكهرباء إلى لبنان وإمكانية تسريع تأمين التمويل اللازم لإبرام الاتفاق”.

    “العروض” الإيرانية

    وأنهى وزير الخارجية الايراني حسين امير عبداللهيان زيارته لبيروت بمؤتمر صحافي كرر فيه قوله “اننا سنساعد لبنان الشقيق للعبور من أزمته”، وقال: “مستعدون للمساعدة عبر استثمارات إيرانية أو لبنانية لإقامة معملين لإنتاج الكهرباء”. وأعلن “اننا مستمرون بإرسال المشتقات النفطية إلى لبنان، ونأمل ان يكون في المستقبل بإطار اتفاقات بروتوكولية بين البلدين”. واشار إلى ان “إيران على استعداد لتأمين حاجات لبنان من الأدوية والاغذية والمستحضرات الطبية، وأكدنا للمسؤولين اللبنانيين أن إيران على استعداد لانشاء مترو الانفاق”. وقال: “إيران تكن احتراما كاملا لسيادة لبنان وتعبر عن رغبتها ببذل جهودها لدعم لبنان من خلال التعاون بين الحكومتين ومستعدون للتعاون في المجالات كافة”.

    وكان عبد اللهيان التقى مساء الخميس الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله الذي سيلقي في الثامنة والنصف من مساء الاثنين كلمة يتطرق فيها إلى عدد من المستجدات والتطورات السياسية.

  • وكتبت “الجمهورية” تقول:واقع البلد في ذروة ارتباكه؛ تصريحات ووعود سياسيّة وحكوميّة أسرع من الصّوت، تقابلها صدمات تتوالى على مدار الساعة، وتنهمر بأوجاعها على رؤوس اللبنانيين، فيما العلاجات بطيئة جدّاً او بمعنى أدق معدومة.

    كلّ شيء في هذا البلد يرتفع صعوداً، من أسعار المحروقات التي حلّقت بالأمس، الى الدواء وكل المواد الأساسية، والسلع الاستهلاكية والغذائية، وتعرفة النقل، وتعرفة مولّدات الكهرباء، والدولار الذي عادت السوق السوداء لتدفعه نحو باب الـ20 ألف ليرة من جديد. وحده المواطن اللبناني هو الذي يسقط وينحدر نزولاً الى ما تحت الارض، فاقداً لمناعته، ومكشوفاً إلى حدّ لم يعد يعرف فيه من أين تأتيه الضربة.

    وما هو أصعب من هذا الإنحدار المتسارع، هو ما تكشّف للمواطن اللبناني بأنّ الحلول والمعالجات مؤجّلة، خلافاً للوعود التي أُطلقت بأنّها ستوضع سريعاً على نار حامية، تترجمها وتضعها على السكة التي تريح الناس، ما يعني بقاء اللبنانيين محبوسين خلف قضبان الأزمة وضغوطها الهائلة من الآن وحتى يُسمح للحكومة بأن تفتح باب الإصلاحات وتشرّعه أمام تدفق المساعدات الدولية الموعودة. والعين في هذا السياق على جلسة مجلس الوزراء التي تقرّر عقدها الثلثاء المقبل في القصر الجمهوري، وما إذا كانت ستطرق هذا الباب، أم انّها ستندرج في السياق التحضيري للملفات، على غرار الجلستين السابقتين لمجلس الوزراء؟

    خطوات فورية .. وإلّا!

    وإذا كان المنطق الحكومي يؤكّد بثقة ولوج الحكومة باب العلاجات والإصلاحات في المدى المنظور، ويتوسّل من اللبنانيين بعض الصبر، وخصوصاً انّ الامور لا تتمّ بكبسة زر، والحكومة عاكفة في هذه الفترة على بناء الأرضيّة الصلبة التي ستنطلق فيها في رحلة الألف خطوة وخطوة، الّا أنّ هذا المنطق، وإن كان مبرّراً، لا يبدو انّ له صدى شعبياً متفهماً له، وخصوصاً انّ الواقع اللبناني بأزماته المتدحرجة، لا يحتمل أي تأخير. بل يتطلب خطوات فورية إنقاذية وإصلاحية، لئلا تفرض هذه الأزمات جدل تحدّيات جديدة أكثر تعقيداً أمام الحكومة، يعيق جدول أعمالها الأساسي إن لم يعطّله. وهذا ما يشدّد عليه الموفدون الدوليون، وكذلك جرى التشدّد عليه في المحادثات المكثفة التي يجريها منسق المساعدات الدولية من اجل لبنان السّفير بيار دوكان.

    ولفت ما نُقل عن دوكان خلال لقائه نقيب الأطباء البروفسور شرف أبو شرف ونقيب المهندسين عارف ياسين، بدعوة من رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي شارل عربيد، بأنّه سبق ان نبّه والبنك الدولي في تقرير سابق منذ ثلاثة اعوام، لما هو متوقّع وآتٍ، لكن المسؤولين في لبنان لم يتخذوا أي خطوات لتدارك الأمر يوم كان ذلك ممكناً”، وأكّد أنّ “لا مساعدات حقيقية ولا نجدة دولية قبل القيام بالإصلاحات المطلوبة، لاستعادة الحدّ الأدنى من الثقتين الداخلية والخارجية”، وأمل في أن “يتمكن اللبنانيون من إحراز تقدّم أو تغيير عبر انتفاضتهم”.

    باريس تنتظر

    وقالت مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية لـ”الجمهورية”، إنّ باريس وإن كانت مرتاحة للتوجّهات التي حدّدتها الحكومة اللبنانية، والتي اكّدها رئيسها نجيب ميقاتي أمام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، فإنّها في الوقت نفسه ما زالت تنتظر مسارعة الجانب اللبناني الى الاستفادة من الوقت المتاح، ومبادرة الحكومة الى إجراء الاصلاحات التي التزمت بها. معتبرة انّ أي تباطؤ في هذا المجال من شأنه أن يلحق المزيد من الضرر على واقع الأزمة في لبنان الذي يزداد صعوبة.

    ولفتت المصادر، الى انّ وجود السفير دوكان في بيروت، يشكّل عامل تحفيز مباشر للسلطات اللبنانية لوضع البرنامج الحكومي قيد التطبيق السريع. مشيرة الى انّ ما لمسه دوكان حتى الآن، يشي باستعداد الحكومة لتحمّل مسؤولياتها في هذا المجال من دون أيّ إبطاء، وهذا يوجب ان تبدأ الخطوات الحكومية على أرض الواقع وعدم التباطؤ، وخصوصاً انّ المجتمع الدولي ربط توجّهه بالمساعدات نحو لبنان بإصلاحات آن الأوان لأن يُباشر بها.

    وفي جانب آخر، لفتت المصادر، الى أنّ باريس تدعو كل الأطراف في لبنان الى عدم التدخّل في مسار التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، مؤكّدة انّ من حق اللبنانيين ان يعرفوا الحقيقة، وصولاً الى كشف المسؤولين عن هذا الانفجار ومحاسبتهم.

    القانون المفخخ

    وسط هذه الأجواء، وفي الوقت الذي يتوسّل فيه المواطن اللبناني أيّ خطوة أو مبادرة تُشعره بشيء من الطمأنينة، أقفلت المكونات السياسية الباب امام أي تغيير يطمح اليه المواطن اللبناني، من خلال إصرارها على العمل بالقانون الانتخابي الحالي القائم على الصوت التفضيلي والنسبية المشوهة في بعض الدوائر.

    ومن خلال هذا الإصرار الذي جرى التأكيد عليه في جلسة اللجان النيابية المشتركة، أدانت تلك المكونات نفسها، فما حصل في تلك الجلسة كان فضيحة موصوفة، عزف فيها كل طرف على وتر الحفاظ على مواقعه على حساب البلد، ما اكّد كذب تبنّيهم لما نادى به اللبنانيون الغاضبون الذين نزلوا الى الشوارع في 17 تشرين، وزيف دعواتهم التي صمّوا بها آذان اللبنانيين بالإصلاح وإجراء الانتخابات على اساس قانون انتخابي يراعي تطلعاتهم بالتغيير، ويفرز واقعاً نيابياً جديدا تنبثق عنه سلطة موثوقة تقود لبنان نحو الإنفراج الموعود.

    وإذا كان التوافق قد تمّ على تحديد موعد إجراء الانتخابات في 27 آذار 2022، فإنّ عبوة القانون الإنتخابي، وبحسب مصادر سياسية ما زالت مفخخة، ورُحّل تفجيرها الى الهيئة العامة لمجلس النواب، التي يُرجّح أن تنعقد مع بدايات العقد العادي الثاني لمجلس النواب الذي سيبدأ يوم الثلثاء في 19 تشرين الاول الحالي. حيث تؤشر الأجواء الى معركة كبرى يجري التحضير لها من الآن، وخصوصاً حول انتخاب المغتربين واستحداث المقاعد الستة العائدة لهم على مستوى القارات الست، وكذلك حول اقتراح التعديل الدستوري الرامي الى تخفيض سن الاقتراع من 21 سنة الى 18 سنة.

    وبحسب المصادر، فإنّ المعركة المنتظرة، ليس القصد منها الحسم التغييري لجوهر القانون، خصوصاً انّ جميع الاطراف باتت على يقين انّ هذا التغيير ليس وارداً، والامر نفسه بالنسبة الى تخفيض سن الاقتراع، بل انّ المعركة ستكون معركة اصوات عالية ومزايدات حول المغتربين، برغم إدراك المزايدين استحالة استحداث المقاعد الستة في هذه الفترة، وبالتالي أقصى ما قد يتحقق في هذا المجال هو إبقاء الحق للمغتربين بالمشاركة في العملية الانتخابية على نحو ما كان عليه الوضع في انتخابات العام 2018.

    حج حكومي الى بكركي

    وكانت الساعات الماضية قد شهدت ما بدا أنّه حج حكومي نحو الصرح البطريركي في بكركي، تجلّى بداية في زيارة موسّعة قام بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على رأس وفد وزاري، للقاء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي، سبقت سفره في زيارة خاصة الى الأردن.

    ولفتت في مستهل اللقاء، مخاطبة الرئيس ميقاتي للبطريرك الراعي بقوله: “صار لازمنا صلاة ودعاء كي نعمل في هذه الحكومة الجديدة. صحيح أنّ الوضع صعب لكن وجود حكومة أفضل من عدم وجودها”. مضيفاً: “قرأت اليوم انّها ذكرى قداسة مار شربل، فلربما تحصل معنا عجيبة، وانا أتيت ومعي الوزراء في زيارة امتنان للبطريرك”.

    من جهته، قال الراعي: “لبنان بحاجة الى عمل بطولي لإنقاذ الوضع خصوصاً وانّ الحكومة تضمّ خيرة الوزراء”.

    ورداً على سؤال حول احتمال زيادة أسعار فواتير الهواتف، علّق وزير الاتصالات جوني قرم قائلاً: “ان شالله لأ”.

    وبعد اللقاء قال ميقاتي، انّه اطلع البطريرك على سير عمل الحكومة، “وطلبت منه البركة والصلاة والدعاء لاننا نحتاجها في كل لحظة”.

    وأضاف: “كان الجو جيداً، وطمأنت صاحب الغبطة الى أنّ الامور ستسير في طريق إعادة لبنان الى دوره الاقتصادي. كما تحدثنا عن الشأن الإجتماعي، ونقل البطريرك بدوره الهواجس الإجتماعية والمعيشية، خصوصاً شؤون المزارعين وكيفية معالجتها”.

    ورداً على سؤال عن الأوضاع المزرية التي يعيشها اللبناني، أكّد ميقاتي “أننا لا نفوّت فرصة الّا ونكون فيها مع هموم الناس، وانا اعرف هذه الهموم الكبيرة، ونحن نسعى، لكن بصراحة العين بصيرة واليد قصيرة، اذ لدينا مشكلات كثيرة ونسعى لحلها بروية، وقد اتخذ وزير الطاقة بالأمس إجراءات سريعة وقام بجولات على المحطات ونحن نلاحق كل المخالفات”.

    ورداً على سؤال حول فتح أبواب السعودية أمامه أجاب: “أنا باعتقادي أنّ السعودية هي قبلتي السياسية والدينية، وبالتالي لم تقفل أبوابها بأي حال، وعندما أؤدي صلواتي الخمس يومياً اتجّه نحو القبلة في السعودية”.

    وسُئل عن التهديد الذي تلقّاه المحقق العدلي القاضي طارق البيطار فأجاب: “لقد استفسرنا عن هذا الموضوع ولا شيء مؤكّداً، التعليق الذي حصل قام به وزير العدل، وقد إتخذت الإجراءات اللازمة لإضافة الأمن والحراسة للقاضي البيطار، لكن أقول إنّه يجب أن نميّز بين الشعبوية والقانون والدستور، ويجب أن نتصرف بروية بعيداً من الشعبوية، لأننا نريد الوصول الى الحقيقة”.

    وفي السياق، زار وزير الداخلية بسام مولوي بكركي والتقى البطريرك، واعلن انّ “الانتخابات ستحصل في موعدها، وستكون نزيهة وشفافة وسيتمّ تعيين هيئة الإشراف على الانتخابات والتأخير ليس عندي، وسأؤمّن نجاح الانتخابات الكامل والأكيد”.

    التحقيق العدلي

    وفيما لفتت تغريدة رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، والتي قال فيها “كفى التشكيك بالقضاء وطارق بيطار من أجل تحطيم ما تبقّى من صدقية هذه المؤسسة خدمة للنظام السوري وحلفائه”، سلك النواب المدّعى عليهم نهاد المشنوق وعلي حسن خليل وغازي زعيتر الطريق نحو محكمة التمييز، حيث تقدّم المشنوق عبر وكيله نعوم فرح بدعوى أمام محكمة التمييز الجزائية، طلب فيها نقل التحقيق في ملف انفجار مرفأ بيروت من يد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار بسبب الارتياب المشروع.

    واستندت دعوى المشنوق الى نقاط عديدة، منها أنّ القاضي البيطار خالفَ الدستور الذي ينصّ على أنّ ملاحقة الوزراء من صلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. وانّه، اي القاضي البيطار، اعتمد معيارين متناقضين، فأحال القضاة المدّعى عليهم أمام المرجعية القضائية المعنية بحسب القانون، على عكس ما فعله مع الوزراء، كما ادّعى على المشنوق قبلَ أن يستمِع إلى إفادته.

    كما تقدّم النائبان خليل وزعيتر بواسطة نقيبة المحامين السابقة أمل حداد والمحامي رشاد سلامة، بدعوى أخرى أمام محكمة التمييز المدنية، طلبا فيها ردّ القاضي بيطار عن القضية، واعتبرا أنّه “خالف الأصول الدستورية، وتخطّى صلاحيات المجلس النيابي والمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”.

    وأفيد انّ رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، أحال طلب زعيتر وخليل ردّ البيطار الى القاضية جانيت حنا في محكمة التمييز.

    وكان وزير الداخلية قد قال من بكركي امس، انّه “بالنسبة الى أذونات الملاحقة، اؤكّد انني سأطبّق القانون وقد يكون الأمر مفاجئاً”.

    نصرالله وعبد اللهيان

    من جهة ثانية، اعلن “حزب الله” انّ امينه العام السيد حسن نصرالله (الذي ستكون له اطلالة تلفزيونية الاثنين المقبل للحديث عن آخر التطورات)، استقبل وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق. وكان عرض للتطورات السياسية في لبنان والمنطقة.

    وأشار بيان الحزب، إلى أنّ عبد اللهيان “أكّد ثوابت الموقف الإيراني تجاه لبنان ودعمه والوقوف إلى جانبه على كل الصعد. وشكر السيد نصرالله للوفد الزائر وقوف الجمهورية الاسلامية في إيران إلى جانب لبنان دولة وشعباً ومقاومة خلال كل العقود الماضية إلى اليوم، وأثبتت أنّها الحليف الصادق والصديق الوفي الذي لا يخذل أصدقاءه مهما كانت الظروف صعبة، وأنّ الآمال كبيرة جداً لخروج لبنان من هذه المحنة التي أصابته وبتعاون الجميع إن شاء الله”.

    وفي ختام زيارته وقبل مغادرته بيروت الى دمشق، عقد عبداللهيان مؤتمراً صحافياً اعلن فيه “اننا سنساعد لبنان الشقيق للعبور من أزمته”، وقال: “اكّدت للمرجعيات السياسية اللبنانية انّ الجمهورية الايرانية تكن احتراماً لسيادة لبنان ووحدته وحريته واستقلاله، وتعبّر عن رغبتها الكاملة من خلال التعاون الرسمي والثنائي بين الحكومتين الايرانية واللبنانية، من اجل دعم لبنان الشقيق ومساعدته من اجل العبور من المرحلة الصعبة والشائكة التي يعاني منها”.

    واشار عبد اللهيان الى انّ “إيران على استعداد لتأمين حاجات لبنان من الأدوية والاغذية والمستحضرات الطبية، وأكّدنا للمسؤولين اللبنانيين أنّ إيران على استعداد لإنشاء مترو الانفاق”، مضيفاً: “مستعدون للتعاون مع لبنان في كافة المجالات التي تختص بالبنى التحتية، من اجل تأمين الرفاهية للشعب اللبناني العزيز”.

    واضاف وزير الخارجية الايراني: “مستمرون في إرسال المشتقات النفطية الى لبنان الشقيق، ونأمل أن يكون هذا الأمر في المستقبل من خلال التفاهمات الرسمية بين حكومتي البلدين”، مشدّداً على انّ “ايران على اتمّ الاستعداد لوضع امكانياتها لإنشاء محطتين لتوليد الكهرباء في لبنان”.

    ورداً على سؤال قال: “الحوار الجاري بين المملكة العربية السعودية وايران هو حوار بنّاء، ونأمل ان يؤدي في نهاية المطاف خدمة لمصلحة البلدين. وايران والسعودية بلدان مهمّان ودورهما بالغ الأهمية في توطيد وترسيخ أمن واستقرار المنطقة”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى