إقتصادمصارف

رياض سلامة يودع العرش المالي: دخل نبيا ملهما.. وخرج شيطانا رجيما(واصف عواضة)

 

كتب واصف عواضة – خاص الحوار نيوز

ودع رياض سلامة مصرف لبنان ظهر اليوم بعد ثلاثين عاما بالتمام والكمال على كرسي الحاكمية،وهي نصّبته ملكا على خزائن الدولة وجيوب الناس وسوق الصرف ،بموجب قانون النقد والتسليف الذي يتربع على عرش المال منذ ستين عاما.

حكم رياض سلامة سلطة النقد في لبنان خلال أربعة عهود وفراغات رئاسية صعبة، منذ عهد الرئيس الياس الهراوي مرورا بالرؤساء أميل لحود وميشال سليمان وميشال عون،وظل صامدا في موقعه على الرغم من الإهتزازات المالية والنقدية التي اجتازها البلد.

رؤساء حكومات ووزراء مالية ونواب للحاكم “أطاح” بهم رياض سلامة ،فتبدلوا ولم يتبدل الرجل.وحده الرئيس نبيه بري على رأس مجلس النواب عايش رياض سلامة طوال هذه المدة فلم يتغير ولم يتبدل.

طوال 27 عاما كان رياض سلامة حارسا لليرة اللبنانية التي ظل سعرها ثابتا لم يتجاوز ال1500 ليرة،فعاش اللبنانيون عصرا من البحبوحة المالية ،لا سيما الموظفون في القطاعين العام والخاص الذين تخطت رواتبهم مداخيل زملائهم في دول عدة في العالم.

صار رياض سلامة في تلك السنوات نموذجا لحكام المصارف المركزية في العالم ،فنال من التكريم والأوسمة ما لم يحظ به كثير من زملائه في الخارج لدرجة خال البعض أنه نبي ملهم  .لكن السنوات الثلاث الأخيرة خذلت رياض سلامة وحولته إلى شيطان رجيم ،مطلوب رأسه في أكثر من دولة .

في عز سطوة رياض سلامة ونبوته كان ثمة من يحذر من سياسته المالية ،لا سيما تثبيت سعر الصرف على الصورة التي مورس بها.وزراء وخبراء واقتصاديون نبهوا وأعلنوا بالفم الملآن أننا ذاهبون إلى الإنهيار ،لكن حتى هؤلاء لم يتوقعوا السقوط النقدي إلى هذه الدرجة .

طبعا ليس من الإنصاف تحميل رياض سلامة وحده مسؤولية هذا السقوط .ربما يتحمل الجزء الأكبر ،لكن ثمة شياطين آخرون تعاقبوا على السلطة السياسية مارسوا سلطتهم على طريقة “من بعدي الطوفان”، فجرف الطوفان البلد وأهله ومعهم الحاكم بأمر المال.

لم ولن تنتهي قصة رياض سلامة عند هذا الحد.هو مطلوب للعدالة في أكثر من بلد في العالم ،خاصة في فرنسا وألمانيا ،بتهمة تبييض الأموال ،والمساءلة على قاعدة “من أين لك هذا؟”. وحده القضاء اللبناني يغازل رياض سلامة في تحقيقات عدلية يرى البعض أنها فولكلورية.

في جعبة رياض سلامة الكثير الكثير من الأسرار طوال ثلاثين عاما ،خاصة خلال السنوات الأخيرة،ربما لن يجرؤ على البوح بها وفضح أصحابها ،إلا إذا حُشر الرجل في الزاوية وصار السجن ملاذه الأخير.عندها قد تسقط رؤوس كثيرة ،كبيرة وصغيرة،لا مجال لعدّها.وعندها قد يصرخ رياض سلامة من الوجع: “اللهم احمني من أصدقائي وبطانتي ،أما أعدائي فأنا كفيل بهم!!  

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى