سياسةصحفمحليات لبنانية

قالت الصحف: الخلاف في مجلس الأمن يعطل التجديد لليونيفيل..وهوكشتاين سائحا بين الروشة وبعلبك

 

الحوار نيوز – صحف

توزعت اهتمامات الصحف اليوم بين الخلاف القائم في مجلس الأمن الدولي حول التجديد لقوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان في اللحظة الأخيرة لانتهاء ولايتها،وبين زيارة الموفد الأميركي أموس هوكشتاين التي ميزها الطابع السياحي.

 

 

النهار عنونت: رفض التسوية الفرنسية للتمديد في مجلس الأمن… هوكشتاين “سائحاً”: الرعاية الأميركية للاستقرار

 وكتبت صحيفة “النهار: تشابكت أولويات المتابعات اللبنانية في الساعات الأخيرة في ظل اندفاعة ديبلوماسية متعددة الوجوه على خطوط دولية وأميركية وايرانية بدت بمثابة ظاهرة لافتة في تزامن محطاتها. ولكن وفيما كان كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون امن الطاقة آموس هوكشتاين يدهش اللبنانيين بجولته السياحية التي طغت على لقاءاته السياسية بما انطوت عليه من رمزيات ودلالات لا تخفى على الراصدين والمتابعين خصوصا في زيارته السياحية الخاطفة لبعلبك، عادت الأنظار لترصد تطورات الساعات الأخيرة في نيويورك حيث كان يفترض ان يصدر امس قرار مجلس الامن الدولي بالتمديد مدة سنة إضافية للقوة الدولية العاملة في الجنوب اليونيفيل. ولكن الجلسة ارجئت مرة أولى قبيل موعد انعقادها الذي كان محددا في العاشرة قبل ظهر امس بتوقيت نيويورك من دون تحديد الموعد الجديد، علما ان اليوم الخميس يشكل المهلة النهائية لصدور القرار. ولم تتضح الأسباب الذي املت التأجيل فيما كشفت مصادر لبنانية معنية ومتابعة لـ”النهار” ان خلافات كانت لا تزال قائمة بين بعض الدول حيال الصيغة التي طرحها الجانب الفرنسي والتي حافظت عمليا على كل المحتوى المتشدد في منح اليونيفيل حرية الحركة واستقلاليتها في مقابل ادراج بعض التعابير المنمقة التي ترضي الجانب الرسمي اللبناني. وقد اعيد تحديد موعد الجلسة في الثالثة بعد ظهر امس بتوقيت نيويورك أي العاشرة ليلا بتوقيت بيروت. وسرعان ما طارت الجلسة الثانية أيضا وذكر ان الموعد الثالث صار في الخامسة بعد ظهر اليوم الخميس بتوقيت بيروت وذلك منعا لسقوط القرار بالتصويت لا سيما في ظل الشرخ القائم بين أعضاء مجلس الامن على مشروع القرار الذي قدمته فرنسا واخذت فيه بالمقترحات اللبنانية.

عدد من الدول يتقدمها الولايات المتحدة والامارات العربية المتحدة والبانيا اعترضت على التعديلات التي ادخلتها فرنسا على مشروع لقرار في نسخته الزرقاء من دون التشاور مع الدول الاعضاء لاسيما لجهة تقييد حركة اليونيفيل بالتنسيق المسبق مع الحكومة اللبنانية. وعلم ان قرار التأجيل جاء بعد ان بعثت الامارات برسالة صباح امس الى مجلس الأمن تقول بمعارضتها التعديلات التي ادخلت على مسودة مشروع القرار مطالبة بالعودة الى صيغة القرار كما صدر العام الماضي .

الانقسام داخل مجلس الامن واقع لاسيما بين الولايات المتحدة والامارات العربية المتحدة والبانيا من جهة في مقابل البرازيل وروسيا واليابان وسويسرا، وهذا الانقسام يهدد بإسقاط القرار بالتصويت اذا لم يتم الاتفاق المسبق على صيغته.

ومعلوم ان مشروع القرار بعد صدوره بالنسخة الزرقاء blue print لن يتغير الا اذا حصل تصويت على اقتراح تقدمه احدى الدول بتعديل شفهي oral amendment اذا تم التصويت عليه بالاكثرية وقبل هذا التعديل الشفهي يدرج عندئذ في صلب القرار الخطي والا يبقى بصيغته المقدمة من فرنسا.

فالدول المعترضة تعتبر ان قوات حفظ السلام في كل انحاء العالم تمتلك حرية التحرك من دون اي تنسيق وهي تعترض على هذا التنسيق مع الدولة اللبنانية مع العلم ان القرار يتضمن في فقرة حرية التحرك وفي فقرة اخرى ينص على التنسيق مع الجيش اللبناني.

وقالت اوساط لبنانية ان لبنان قام بواجبه وليتحمل كل طرف مسؤوليته في ما سيصدر عن مجلس الامن لاحقاً.

وكانت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية أبلغت قناة “الحرة” الأميركية إن “رفض حزب الله لتفويض اليونيفيل هو الأحدث ضمن سلسلة من الأحداث التي تثبت أن حزب الله مهتم بمصالحه ومصالح راعيته إيران أكثر من اهتمامه بسلامة ورفاهية الشعب اللبناني”. وشددت على أن “الولايات المتحدة تبقى ملتزمة بمهمة اليونيفيل وبسلامة وأمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة”. وأشارت إلى أن “استقلالية اليونيفيل وحرية حركتها هما عنصران حاسمان للغاية في قدرتها على إنجاز مهمتها، وهذا أمر منصوص عليه في اتفاقية وضع القوات بين اليونيفيل ولبنان، والمعمول بها منذ عام 1995”.وقالت المتحدثة إنه “في حين أن اللغة المضافة في تفويض عام 2022 لم تمنح اليونيفيل أي سلطات إضافية، إلا أنها أكدت التزام المجتمع الدولي بحرية حركة اليونيفيل ووصولها إلى المناطق الرئيسية المثيرة للقلق وهو الأمر الذي لا يزال حاسما للتخفيف من عدم الاستقرار على طول الخط الأزرق”. وجددت “دعوة السلطات اللبنانية إلى ضمان حرية حركة اليونيفيل ووصولها ومحاسبة المسؤولين عن عرقلة تنفيذ ولايتها وتهديد سلامة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة”.

وبدورها أكدت إسرائيل امس أن “فرصة الهجوم الإسرائيلي على لبنان الأقرب منذ عام 2006”.

وقال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة جلعاد أردان، في تصريحات لإذاعة الجيش الإسرائيلي، قبيل التصويت على استمرار ولاية قوة “اليونيفيل” في جنوب لبنان، إنه “لا يؤمن بقوة الأمم المتحدة لمنع ذلك الهجوم” مؤكدا في الوقت ذاته، أن “هناك آليات يمكنها تحسين الوضع” دون أن يذكرها.

وتشهد الحدود الإسرائيلية اللبنانية تصاعد التوترات بشكل كبير، بعدما قدمت تل أبيب الشهر الماضي، شكوى رسمية ضد لبنان إلى مجلس الأمن الدولي، مطالبة بإلزام بيروت بـ”تحرك فوري لمنع إقامة حزب الله بنى تحتية عسكرية على الحدود”، في إشارة للخيمة في منطقة مزارع شبعا المحتلة.

في المقابل، قدم لبنان، في 11 تموز الماضي، شكوى رسمية لدى الأمم المتحدة ضد إسرائيل على خلفية “تكريس” احتلالها الجزء اللبناني من بلدة الغجر الحدودية.

 

هوكشتاين في بيروت

اما في ما يتصل بزيارة هوكشتاين للبنان فبدا لافتا حرصه على ابراز جانب صون الاستقرار الداخلي والحدودي في ان واحد وذلك من خلال الرمزية الواضحة التي ظهرت في صورته “السياحية” مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا في احد مقاهي الروشة البحرية ومن ثم في زيارته المثيرة لقلعة بعلبك برفقة شيا أيضا.

وفي المضمون السياسي والنفطي أفادت مصادر مطلعة “النهار” ان هوكشتاين اجرى عمليا جولة افق شاملة مع كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وان الطابع الغالب على زيارته يبدو متصلا بملف النفط ومعاينة عملية التنقيب. وتطرق هوكشتاين الى ملف الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل بشكل عام من دون طرح تفصيلي اذ شدد على ضرورة التوصل الى حل لنقاط التوتر على الحدود ووجوب الحفاظ على الهدؤ والاستقرار ولكنه لم يتجاوز ذلك الى الابعد .

وأبلغ هوكشتاين من التقاهم حرص واشنطن على استمرار الهدوء في الجنوب ومواكبة عملية الترسيم البحري من الالف الى الياء وان مهمته المفتوحة ولم تنته عند الانتهاء من ترسيم البحر مؤكدا ان الرعاية الاميركية ستتواصل الى مرحلة الاستخراج .

وفي المعلومات ان الرئيس بري ناقش جملة من النقاط على شكل سلة في ملف تثبيت الحدود مع اسرائيل تبدأ من نقطة b1 في الناقورة وصولا الى شمال بلدة الغجر السورية .وابلغ هوكشتاين ان النقاط المتنازع عليها 13 وليست 7 على ان يتم تثبيتها وفق “الحدود الاصلية” وليس على اساس الخط الأزرق .

وزار المبعوث الأميركي بري الذي استقبله في مقر الرئاسة الثانية والوفد المرافق في حضور السفيرة الاميركية دوروثي شيا لمدة ساعة غادر بعدها هوكشتاين مكتفياً بالقول اللقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري “كان ممتازا وبناء”. بعدها انتقل هوكشتاين الى السرايا والتقى الرئيس ميقاتي وشارك في اللقاء شيا، المستشار الديبلوماسي لرئيس الحكومة السفير بطرس عساكر ومنسّق الحكومة لدى قوات الطوارئ الدولية”اليونيفيل” العميد منير شحادة.

وقبل جولته، نشر هوكشتاين صورته والسفيرة شيا في مقهى في منطقة الروشة وكتب عبر “اكس”: “من الرائع العودة إلى بيروت. قهوة سريعة ومنقوشة في الفلمنكي مع المنظر الجميل المطل على الروشة مع السفيرة الموهوبة دوروثي شيا”. وبعد الظهر وصل هوكشتاين وشيا، إلى مدينة بعلبك عبر مروحية عسكرية قرابة الساعة 4.10 عصراً، حيث أمضيا نحو ساعة داخل معابد قلعة بعلبك الأثرية، وسط إجراءات أمنية مشددة من قبل الجيش.

ومساء التقى هوكشتاين وشيا وزير الطاقة وليد فياض . ومن ثم كشفت السفارة الأميركية ان هوكشتاين “عقد عشاء عمل مثمرا مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون وشددت على “إن تفاني الجنود ذوي الكفاءة العالية أمر بالغ الأهمية لأمن لبنان واستقراره. ملتزمون بمواصلة الشراكة الأمنية بين الولايات المتحدة ولبنان” .

 

 

 

 

الأخبار عنونت: هوكشتين: المهمة الأولى لـ«اليونيفل»… إزالة الخيم | فرنسا تخدع حكومة وخارجية «بلا ركاب»

 وكتبت صحيفة “الأخبار”: نام الجميع، أول من أمس، على حرير التعديلات الفرنسية على مسوّدة القرار الخاص بتجديد ولاية قوات اليونيفل، قبل أن يستفيقوا أمس على خدعة كبيرة، أدارتها الولايات المتحدة وبريطانيا والامارات العربية المتحدة، وأعادت فرنسا نفسها صياغتها بما يناسب المصلحة الاسرائيلية عملياً. وفيما كان وفد لبنان الى نيويورك يشهد تخبطاً وتردداً عكسا عدم قناعة لدى «البعض» بأهمية المعركة، كان العدو الاسرائيلي يرفع مستوى الضغط الى حد ارسال وزير الحرب يؤاف غالانت لـ«يقيم» في مقر الامم المتحدة، ويعقد اجتماعات مكثفة مع كل من له علاقة بالامر، حاصراً زيارته الى الولايات المتحدة بمهمة وحيدة: تعزيز قدرة ومهام قوات اليونيفل في لبنان الى حد تصبح معه قادرة على انهاء اي وجود مسلح لحزب الله جنوب نهر الليطاني، وحاملاً معه لائحة بالاهداف المدنية وشبه العسكرية وتفاصيل عما يعتبره «عملية اجهاز من حزب الله على القرار 1701».

 

قبل يومين، وعد الفرنسيون لبنان، الرسمي وغير الرسمي، بأن المشاورات التي اجرتها باريس مع الدول الاعضاء في مجلس الامن، ولا سيما اميركا وبريطانيا، أفضت الى «الاخذ بملاحظات لبنان» حيال بعض النقاط، بعدما أبلغ الرئيس نبيه بري الفرنسيين واللبنانيين: «دعوهم يعدّون هندسات لفظية، ويكفي ان يعاد الاعتبار الى أولوية التنسيق مع الجيش ولو من دون تسميته». وقد ترجم الفرنسيون ذلك بتوزيع مسودة، تبين انها غير نهائية، تضمّنت تعديلات من نوع اضافة عبارة «استمرار التنسيق بين القوات الدولية والحكومة اللبنانية»، بعد تثبيت عبارات حرية الحركة للقوات الدولية من دون اذن من احد. كما روّج الفرنسيون لما وصفوه بـ«الانجاز»، عبر إلحاق اسم بلدة الغجر بعبارة خراج بلدة الماري اللبنانية، وطالبوا القوات الاسرائيلية بالانسحاب منها، لكن من دون تسميتها بقوة احتلال.

 

غير أن الانقلاب امس باغت الجميع. إذ ان الاتصالات الاسرائيلية المباشرة مع الدول الاعضاء في مجلس الامن، بما فيها فرنسا، أدّت إلى تحول في الموقف الاميركي، انضم اليه البريطانيون والاماراتيون، مطالبين بازالة عبارات واضافة بنود وتعديل صياغات سابقة. وبعدما افترض الجميع ان النسخة الاخيرة بالحبر الازرق قد تم تبنيها وستعرض على التصويت، قدّم الفرنسيون نسخة مختلفة كرّرت ان قوات الطوارئ الدولية لا تحتاج الى اذن من احد للقيام بدوريات معلنة او غير معلنة والوصول الى حيث تريد التثبت مما تسميه خروقات للقرار 1701. وتضمّنت عبارة «استمرار التنسيق مع الحكومة اللبنانية وفق اتفاقية صوفا». علماً ان القرار الدولي 1701، بنسخته الاولى، يمثل المرجعية الرئيسية لتحركات القوات الدولية، وهو ينص صراحة على ان مهمة القوة الدولية مساعدة الجيش اللبناني على بسط سلطته، وأنها لا تتحرك الا بعد التنسيق مع الجيش.

وفي ما يتعلق بملف بلدة الغجر، أخذ الفرنسيون بالتوصية الاسرائيلية التي وردت عبر الاميركيين والبريطانيين والاماراتيين، بعدم الاشارة الى بلدة الماري بالمطلق، باعتبار ان العدو قدّم مطالعة تؤكد ان الغجر بعيدة جدا عن الماري، كما لم تسمّ المسودة القوات الاسرائيلية بالاحتلال، بل أشارت الى «الوجود الاسرائيلي»، وهو توصيف يتجاوز المسألة العسكرية، نظراً إلى أن قوات الاحتلال تعتبر السكان الموجودين في الجزء الشمالي من الغجر مواطنين يحملون الجنسية الاسرائيلية، ولا يرغبون اصلا بالانضمام الى لبنان، وان هذا الامر معروف من القوات الدولية نفسها.

 

أما الاضافة الاكثر خطورة، فتمثلت في الحديث عن مستوعبات يقول العدو انها نقاط عسكرية خاصة بالمقاومة. علما ان القوات الدولية تعاملت معها في الاعوام السابقة على انها تخص جمعية «اخضر بلا حدود». وفي هذه النقطة، أشارت المسودة الى «التأكيد على ان المستوعبات (من دون الاشارة الى جمعية اخضر بلا حدود او الى حزب الله) تعيق حرية الحركة الخاصة بقوات اليونيفل، مع الطلب الى الامين العام للامم المتحدة اعداد تقرير يربط هذه المستوعبات باعاقة حرية حركة القوات الدولية»، مع عبارة اكثر خطورة مفادها ان «وجود المستوعبات يعرض القوات الدولية وعناصرها للخطر»، وهي عبارة تستهدف فتح مرحلة جديدة من الضغوط لازالة المستوعبات ولو بالقوة.

عملياً، تبلّغ لبنان المسودة الجديدة رسمياً، وكانت ردة الفعل الاولى لدى فريق وزارة الخارجية بأن لبنان تعرض للخديعة، خصوصاً أن التعديلات الجديدة جاءت بعد عودة اعضاء الوفد الى بيروت امس، بينما ترك لبعثة لبنان لدى الامم المتحدة متابعة الاتصالات، وان على مستوى منخفص، خصوصا ان الساعات الـ 72 الماضية لم تشهد غير اللقاء البروتوكولي مع الامين العام للامم المتحدة، فيما توقفت المشاورات مع مندوبي الدول الاعضاء.

 

المهمة الاولى: ازالة الخيمة

اللافت انه في الوقت الذي كانت فرنسا تعيد صياغة المسودة وفق رغبات العدو، كان الموفد الرئاسي الاميركي الى لبنان عاموس هوكشتين يشرح خلفيات القرار الذي يريده الغربيون دعما لاسرائيل. وهو حرص على تكرار عبارات محدّدة امام كل من التقاهم امس، اذ شدد على اهمية التجديد لقوات اليونيفل، مشيراً إلى انه لا يفهم سبب طلب لبنان الغاء الفقرة التي تعطي القوة الدولية حرية الحركة. وعندما قيل له انها تتناقض مع اصل القرار وتنتهك السيادة اللبنانية، أجاب: «لسنا من كان خلف هذا الفقرة العام الماضي، بل مندوبتكم في الامم المتحدة امال مدللي هي من كان حاضرا خلال الصياغة. كما ان طلبكم بتسمية شمال الغجر بخراج بلدة الماري ليس منطقياً لان اسرائيل اكدت ان هناك مسافة جغرافية كبيرة بين المنطقتين».

وبالطبع، لم ينه هوكشتين حديثه عن الملف الحدودي جنوباً من دون التطرق الى الخطوة التي تلح اسرائيل على ان تكون اولى مهام القوة الدولية بعد التجديد لها، وهي ازالة خيمة المقاومة في مزارع شبعا. إذ شدّد الموفد الأميركي على ان هذه الخيمة يجب ان تزول، وان ذلك سيساعد على انجاز امور كثيرة من بينها معالجة نقاط الخلاف في الحدود البرية. وعندما سأله دبلوماسي مشارك في اللقاءات عن مخاطر هذه الخيمة، رد بالقول: «عسكريا لا قيمة لها، لكنها تحولت الى قضية معنوية. الجيش الاسرائيلي بات مهانا امام شعبه بسبب عجزه عن ازالة الخيمة بالقوة»!

 

اي معركة دبلوماسية؟

تطورات الساعات الماضية، وإن فاجأت البعض في لبنان، إلا أنها كانت متوقعة لمن تابع تفاصيل العمل قبل سفر الوفد اللبناني الى الامم المتحدة، والمداولات التي حصلت خلال وجوده هناك. وكان البعض اعتبر، قبل اسابيع من سفر الوفد، ان الجهوزية اللبنانية باتت مكتملة، وان التوصيات النهائية التي صدرت عن الرئيس نجيب ميقاتي وحملها الوزير عبدالله بو حبيب الى الامم المتحدة ستكون حاسمة في منع تمرير قرار مطابق لما صدر العام الماضي. لكن، تبين ان الوفد اللبناني رفض التسلح بأوراق قوة كما يفعل اي طرف في العالم. وكل ما فعله بوحبيب انه عبّر في الجلسات الاولى عن رفض لبنان لنص المسودة الاولية، واتكل على مفاوضات جرت في بيروت لادخال التعديلات بواسطة الجانب الفرنسي. ورغم أن ميقاتي وبو حبيب اكدا لحزب الله انهما سيقاتلان من اجل تعديل الصيغة، إلا أنهما فعلا ذلك كلامياً، ولم تكن هناك قناعة جدية لديهما بالعمل المباشر والمثابر. وحتى عندما طرحت فكرة ان يلوّح لبنان بسحب رسالة طلب التجديد للقوة الدولية في حال رأى أن القرار غير مناسب لمصالحه، رفضا الامر، وجهرا امام الاجانب قبل اللبنانيين بأنهما غير مقتنعين بذلك، بل أكثر من ذلك، كررا على مسامع الجميع، بأنه لا يمكن تعديل القرارات، ولم يحصل ان عاد مجلس الامن وعدل في قرار سبق ان اصدره سابقاً، اضافة الى التهويل بأن لبنان تعرض لتهديدات مباشرة من الاميركين والبريطانيين بأن الاخذ بمطالب المقاومة سيحرم الجيش والقوى الامنية من نصف مليار دولار من المساعدات المقررة للعام المقبل. ووصل التهويل حد نقل البعض عن الوزير بو حبيب ان الاميركيين حذروه من السير بمعركة التعديل، وذكّروه بأنه بعد انتهاء عمله في وزارة الخارجية، سيعود مواطناً اميركياً وسيلتحق بعائلته الموجودة في الولايات المتحدة، وصولا الى ما نقل عن السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا بأنه في حال سار بو حبيب عكس ما هو مطلوب، فانه لن يقضي تقاعداً مريحاً في واشنطن!

 

هذا الكلام تردد في اورقة الامم المتحدة نفسها،. فقد هدد المندوب البريطاني، تعليقاً على إمكان سحب لبنان رسالة طلب التجديد، بأن خروج القوات الدولية من لبنان سيفتح الباب امام اسرائيل لتوجيه ضربة مدمرة لكل لبنان، وان مجلس الامن، بوصفه ممثلا للمجتمع الدولي، يعرف بأن المواقف المعلنة لرئيس الحكومة ووزير الخارجية تطلق تجنباً لغضب حزب الله، وانه «في حال خضعت الحكومة لرغبات الحزب، سيصدر قرار عن مجلس الامن يعتبر فيه لبنان دولة مخطوفة من قبل منظمة ارهابية».

في هذه الاثناء، لم يكن التنسيق مع الجانبين الروسي والصيني بالمستوى الذي يجعلهما لاعبين فاعلين لتخفيف الضغط عن لبنان. حتى ان الصينيين الذين اعربوا عن دعمهم لموقف لبنان، لفتوا الى ان الولايات المتحدة تحاول ابتزاز بكين من خلال البند الذي يتحدث عن حاجة الجيش اللبناني الى مساعدات الامم المتحدة. علما ان الصين ابلغت لبنان رسميا انها مستعدة لتقديم مساعدة الى الجيش بأضعاف ما يحصل عليه من الامم المتحدة، والتي تقتصر على كمية محدودة من المحروقات وبعض الادوية والوجبات الغذائية، لا تتجاوز قيمتها نصف مليون دولار سنويا.

 

وبعد تطورات امس، بدأ لبنان محاولات للحصول على موقف روسي وصيني داعم في مواجهة التعديلات الجديدة، وكل ما يأمله أن تتحفظ بكين وموسكو مشروع القرار، وصولا الى عدم التصويت عليه، ما يعني صدور القرار من دون اجماع كما حصل العام الماضي. غير أن الجانبين الروسي والصيني كانا واضحين بأنه كان يفترض بلبنان ألا يقف مكتوف الايدي ازاء ما يحصل، وكان ولا يزال بمقدوره التصرف ورفع البطاقة الحمراء من خلال اعلانه عدم استعداده لقبول قرار يكسر سيادته من جهة، ويفتح الباب امام احتمال مواجهة دموية على الجبهة مع اسرائيل، وتعرض قوات اليونيفل لخطر حقيقي سبق ان جرّبته بالقصف الاسرائيلي وليس بأشجار اخضر بلا حدود!

 

 

 


الجمهورية عنونت: هوكشتاين يستعجل الرئيس.. برّي: جهودنا على الانتخاب.. مؤسسات الأمن في خطر

  

 وكتبت صحيفة “الجمهورية”: ما بين حل داخلي ضائع في واقع سياسي مقيم على ضفتي هوة انقسام سحيقة، منعدمة فيها إرادة التوافق على رئيس للجمهوريّة، وبين جعبة إقليمية ودولية طافحة بالتمنيات «من بعيد لبعيد» على أطراف التعطيل، بتقصير عمر الشغور الرئاسي والتسريع بانتخاب الرئيس، وخالية من أي مبادرة جديّة تكسر جدار الأزمة، وتجلب المعطّلين إلى بيت طاعة بلدهم، وطن بدأ يتحضّر فعلاً لمرحلة انتقالية من سيئ إلى أسوأ.

مع هذا الواقع المسدود، صار القلق والخوف صفتين ملازمتين للمواطن اللبناني، فالدوامة الرئاسية بلا أفق، وأطراف مأزومة تتناتش بعضها البعض وتتبارى في مَن منها الأقدر على مراكمة الحجارة في الطريق وسدّ طاقات الفرج والحلول، ناهيك عن التآكل والاهتراء المريع لكل عناصر ومقومات الحياة في هذا البلد، وتبعاً لهذا المشهد، مهما كثر الموفدون ومهما سالت تمنياتهم أكانت صادرة بلغات اللجنة الخماسية جميعها او باللغة الإيرانية، فلا تنفع حوارات اياً كان شكلها، وكل ذلك لا يغيّر في حقيقة انّ لبنان مقبل على مجهول.

 

صرخة الأمن

وإذا كان المسلّم به انّ الأزمة التي يعانيها لبنان أطاحت بكل شيء تقريباً، وعمّمت الإهتراء على الواقع الاقتصادي والمالي والمعيشي والكهربائي والصحّي والخدماتي بشكل عام، فكلّها مخاطر نسفت حياة اللبنانيين، الاّ انّ الخطر الأكبر يتبدّى إن سقط الأمن، فساعتئذ يتهاوى الأساس الذي لا يزال يمكّن هذا البلد من الوقوف على رجليه. وما الصرخة التي أطلقتها الأجهزة العسكرية والأمنية في جلسة لجنة الدفاع النيابية امس الأول، بأنّ أمن البلاد لا يزال ممسوكاً، والاجهزة تعاني، وتمارس دورها باللحم الحي، ولكنه مع استمرار هذه الحال، فقد نصل الى وقت يخرج فيه عن السيطرة، وهنا تكمن الكارثة.

 

الصمد يحذّر

في هذا الإطار، أبلغ رئيس لجنة الدفاع النائب جهاد الصمد إلى «الجمهورية» قوله: «نحن وصلنا الى مرحلة الضوء البرتقالي، فالذي يبقي البلد قائماً حتى الآن هو انّ الحدّ الأدنى من الأمن ما زال متوافراً. كل القطاعات والمؤسسات تعاني وكذلك المؤسسات الأمنية والعسكرية تعاني، ورغم ذلك تقوم بواجباتها في السهر على أمن وأمان اللبنانيين، ولكن هذا الوضع لا يمكن ان يستمر، حيث انّ ثمة احتياجات ضرورية وملحّة ينبغي تأمينها لهذه الاجهزة والقطاعات الأمنية وفي مقدّمها المؤسسة الأم اي الجيش اللبناني، وما لم نسارع الى تدارك الامر ونتجنّب الخطر، لن تكون نتيجتها سلبية على تلك المؤسسات فقط، بل انّ لبنان ككيان، ولبنان بكل اطيافه وفئاته، وجميعنا من دون استثناء في خطر».

واكّد الصمد «انّ المخرج الوحيد هو توفير الاعتمادات اللازمة لتمكين المؤسسات الامنية والعسكرية من الاستمرار في القيام بواجباتها، وهذا الامر ليس صعباً، إذ انّه في ظلّ واردات الدولة التي يُفترض انّها بدأت تتحسن بعد تعديل سعر الدولار الجمركي، وبعد الإجراءات التي اتخذتها الدولة، يمكن تأمين احتياجات هذه المؤسسات، عبر اقتراح قانون معجّل مكرّر تتبنّاه كل الكتل النيابية والتوجّهات السياسية، وتقرّه الهيئة العامة لمجلس النواب في اسرع وقت ممكن، بما يوفّر الاعتماد الإضافي اللازم لتأمين الحدّ الأدنى من الاحتياجات الضرورية لتلك المؤسسات، والحفاظ بالتالي على أمن المواطن والمجتمع. واتوجّه الى الجميع قائلاً: لم ندخل حتى الى مرحلة الخطر والأجهزة الامنية والعسكرية تقوم بواجباتها، لكنها لا تستطيع ان تستمر من دون ان تُوفّر لها احتياجاتها الضرورية. من هنا، فإنّ أمن لبنان، كل لبنان في خطر إن لم نتداركه قبل فوات الأوان».

 

هوكشتاين

من جهة ثانية، البارز في المشهد الداخلي، هو وصول الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت، ولقاؤه برفقة السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا كلاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اضافة الى وزير الطاقة وليد فياض.

بحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ هوكشتاين لم يحمل معه أي «افكار نوعية جديدة، على صلة بأي من الملفات التي يتابعها مع الجانب اللبناني، حيث بدا انّه ينقل رسالة اميركية قديمة – جديدة، تدعو الأطراف اللبنانيين الى التسريع في حسم الملف اللبناني وانتخاب رئيس الجمهورية في اقرب وقت ممكن، مشدّداً على ان يقوم المجلس النيابي بدوره في هذا المجال، بما يعيد انتظام الحياة السياسية في لبنان، ويمكّنه من اتخاذ الاجراءات والاصلاحات التي تُخرجه من أزمته».

ومن جهة ثانية، تشير المعلومات الى انّ هوكشتاين عبّر عن سروره في بدء الخطوات التطبيقية لما بعد الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، والتي تجلّت في وصول عبّارة الحفر للبدء عن التنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم 9، والذي من شأنه ان يمدّ لبنان بما يمكّنه من تجاوز أزمته. وافيد انّ اللقاء بين هوكشتاين والرئيس ميقاتي تخللته مطالبة من الجانب اللبناني للوسيط الاميركي بتشجيع الشركات الاميركية على المشاركة في دورة التراخيص الثانية.

والى جانب هذين الأمرين، تشير المعلومات، انّ الجانب اللبناني أثار مسألة نقاط التحفّظ على الخط الازرق، حيث افيد بأنّه تمّ حسم 7 من هذه النقاط، فيما تبقى 6 نقاط عالقة، ومدار بحث فيها في الاجتماع الثلاثي في الناقورة. ونُقل عن هوكشتاين تأكيده في معرض النقاش في هذا الملف، انّ واشنطن ستواصل لعب الدور الأساس من أجل إزالة هذه التحفظات وإنهاء هذا الملف.

 

بري

واللافت انّ هوكشتاين وصف لقاءه بالرئيس بري بالممتاز والبنّاء، فيما برز في المقابل، ملخّص من مقرّ الرئاسة الثانية، يشير الى أنّ الرئيس بري «جدّد شكره للجهود التي بذلها هوكشتاين وأثمرت البدء بعملية التنقيب في البلوك رقم 9، مؤكّداً أنّ جهود المجلس النيابي ستبقى منصّبة على انتخاب رئيس جديد للجمهورية واستكمال إنجاز التشريعات المطلوبة في المجال النفطي وفي مقدّمها الصندوق السيادي، كما التشريعات المطلوبة لإنجاز الإتفاق مع صندوق النقد الدولي . كما اكّد بري امام الموفد الاميركي على ضرورة وقف الإنتهاكات الإسرائيلية للقرار الدولي 1701، وعلى عمق العلاقة مع قوات الطوارئ الدولية «اليونيفيل» منذ عام 1978 وحتى الآن، وأنّ لبنان حريص جداً على المحافظة على الاستقرار كما حرصه على سيادته على كامل التراب اللبناني».

 

الحوار المُنتظر

وبعد هوكشتاين يصل إلى بيروت وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبداللهيان، لإجراء محادثات مع الرئيس نبيه بري والامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، وتردّد انّه سيشارك اليوم في الاحتفال الذي تقيمه حركة «أمل» في بيروت في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر، والذي سيلقي فيه الرئيس بري خطاباً، وُصف بأنّه خريطة طريق للمرحلة المقبلة.

وعلى مسافة ايام قليلة، سيصل الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان في مهمّة صعبة، لخلق توافق داخلي على رئيس للجمهورية، عبر حوار يطلقه في النصف الثاني من الشهر المقبل.

وكما بات معلوماً، فإنّ الأجواء السابقة لحوار لودريان لا تحيطه بإيجابيات، ولخّص مصدر وزاري مهمّته بقوله: «لقد سبق للودريان أن شدّد في زيارته الثانية، ما مفاده انّه سيحشد مهمّته لإطلاق العملية الحوارية، ويستنفر كلّ طاقاته لليّ ذراع التعطيل، واستيلاد صحوة لبنانية تمكّنه من ان يزرع مهمّته في تربة لبنانية خصبة لتنبت توافقاً على رئيس للجمهورية. وانا اقول انّه اذا ما نجح يكون بذلك، قد سجّل لنفسه ولفرنسا وللبنان ولزملائه في اللجنة الخماسية إنجازاً تاريخياً بإعادة نبض الحياة الى بلد بلغ قمة احتضاره. ولكن لنكن واقعيين، ونسأل كيف يمكن له ان ينجح طالما تكمن له جبهة مكشوفة بعناوين عريضة ورفيعة ترفعها مكونات تمنع الانفراج من أن يطأ ارض هذا البلد الاّ بشروطها التعطيلية ومعاييرها الصادمة للغاية التي يرجوها الموفد الفرنسي من حواره؟».

 

سكاف: مسعى جديد

الى ذلك، يتوالى تقديم الأجوبة عن «رسالة السؤالين» التي بعث بها لودريان الى الأطراف الـ 38، تمهيداً لحوار ايلول. وفي هذا الاطار سلّم النائب غسان سكاف السفارة الفرنسية امس، رسالة جوابية على رسالة لودريان.

على انّ اللافت ما قاله سكاف لـ»الجمهورية»، «بأنّ الحوار ليس من الضروري ان يكون على طاولة حوار، فأنا مؤمن بالمكوكية السياسية والديبلوماسية التي يمكن ان تؤدي الى تقاطع، وفق ما جرى سابقاً».

ولفت الى انّ «المعادلة الفرنسية الاولى لا تؤدي الى حل، وما قاله الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اخيراً، وكذلك ما قالته وزيرة الخارجية الفرنسية يبشر بأنّ هناك تصوراً فرنسياً جديداً، وهذا هو المطلوب».

واشار سكاف الى انّه يقوم حالياً بمسعى، وستكون له زيارات عربية، موضحاً «انّ المسعى الذي اقوم به يقوم على أساس كسر الحواجز بين مكونات السياسة، مثلما استطعنا ان نكسر الحواجز بين مكونين اساسيين، ما انتج انعقاد الجلسة الانتخابية الاخيرة. فكسر الحواجز بين كل المكونات، يوصل الى تقاطع وطني وجلسة جديدة لانتخاب رئيس الجمهورية، نحتكم فيها للعبة الديموقراطية والبرلمانية، فبذلك نصل الى رئيس بالانتخاب وليس الى رئيس بالتعيين».

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى