سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف:الهموم والاهتمامات المعيشية تتصدر المشهد العام

الحوار نيوز – خاص

تنوعت اهتمامات الصحف الصادرة صباح اليوم على تنوع الهموم التي يعيشها لبنان ،من المفاوضات مع صندوق النقد التي استؤنفت أمس ،الى عودة الاتصالات مع المسؤولين الأميركيين ،فضلا عن الهموم المعيشية وتحديد المحكمة الدولية موعد صدور الحكم في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
• كتبت "النهار" تقول: على الأهمية التصاعدية للتطورات الداخلية في لبنان التي تكتسب دلالات بالغة الخطورة لجهة تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية والتي دفعت الامم المتحدة أمس الى إطلاق إنذار غير مسبوق حيال خروج الوضع في لبنان عن السيطرة بسرعة، قفز تطور قضائي دولي طال انتظاره الى مقدم المشهد اللبناني مع تحديد موعد إصدار الحكم في "قضية العصر" أي اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه في 14 شباط 2005.

فقد أصدرت غرفة الدرجة الأولى في المحكمة الخاصة بلبنان أمس قراراً حدّدت فيه موعد النطق بالحكم في قضية عياش وآخرين يومَ الجمعة الموافق 7 آب 2020، وذلك خلال جلسة علنية تُعقد الساعة 11:00 قبل الظهر بتوقيت وسط أوروبا.

وأفادت المحكمة أنه في القرار الذي أودِع أمس، أعلن القضاة أن الحكم سيصدر في قاعة المحكمة بمشاركة جزئية من بُعد.

و‏طلبت من ممثلي وسائل الإعلام الذين يرغبون في تغطية وقائع جلسة النطق بالحكم الحصول على بطاقات اعتماد. وستعلَن الإجراءات المتعلقة بهذه الجلسة في الوقت المناسب.

وأشارت الى انه نظرًا إلى جائحة كوفيد-19 وتماشيًا مع التوجيهات الوطنية في هولندا، لن يُسمح إلا لعدد محدود من أعضاء وسائل الإعلام بدخول شرفة الجمهور وقاعة الإعلام في المحكمة.

في غضون ذلك، اتسم بيان جديد أصدرته الامم المتحدة عن الوضع المتدهور في لبنان بخطورة كبيرة، إذ بدا بمثابة دق لجرس الإنذار حيال إمكان تسجيل مستويات من التدهور تبلغ حد تهديد حياة اشخاص بالمجاعة. ونقلت "وكالة الصحافة الفرنسية" عن المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه قولها الجمعة في جنيف إن الوضع في لبنان الذي يواجه أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، "يخرج بسرعة عن السيطرة".

وجاء في بيان لباشليه أن بعض اللبنانيين الأكثر ضعفا "يواجهون خطر الموت بسبب هذه الأزمة"، مضيفة: "علينا التحرك فورا قبل فوات الأوان".

ودعت الحكومة والأحزاب السياسية اللبنانية إلى الشروع في "إصلاحات عاجلة" والاستجابة لـ"الحاجات الأساسية للشعب مثل الغذاء والكهرباء والصحة والتعليم".

وذكّرت باشليه بأن "الأزمة الاقتصادية، مصحوبة بجائحة كوفيد-19، طالت المجتمع بأسره. كثر فقدوا عملهم وتبخرّت مدّخراتهم أمام أعينهم وخسروا منازلهم". وشدّدت على أنه "غالبا في هذا النوع من الأوضاع، الأكثر فقرا والأكثر ضعفا هم أكثر من يعاني".

كذلك ذكّرت بأن بين الأكثر ضعفاً في لبنان، نحو 1,7 مليون لاجئ غالبيتهم من السوريين، و250 ألف عامل من المهاجرين، خسروا وظائفهم وباتوا بلا مأوى.

وخلصت الى أنه "من المهم في هذه الفترة الصعبة إجراء إعادة تقويم للطريقة التي نعامل بها المهاجرين"، داعية إلى حماية الجميع "بغض النظر عن أصلهم أو وضعهم".

دياب والسفيرة
أما على الصعيد الداخلي فقد استأثر اللقاء الطويل الذي عقده رئيس الوزراء حسان دياب والسفيرة الأميركية دوروثي شيا في السرايا الحكومية والذي تخلله غداء، بالاهتمام السياسي، إذ عقد بعد فترة من التوترات الشديدة التي واكبت الحملات التي شنّها "حزب الله" على السفيرة شيا والتي تواصلت أمس بالذات عبر تظاهرة لأنصار الحزب وأحزاب ومنظمات يسارية وفلسطينية الى السفارة الأميركية في عوكر. كما اكتسب هذا اللقاء دلالات لافتة، بعدما كان رئيس الوزراء شنّ بدوره الأسبوع الماضي حملة حادة على السفارتين الأميركية والسعودية من دون أن يسميهما في ما عُزي الى مجاراته المواقف التي اتخذها ويتخذها "حزب الله"، خصوصاً من حيث التلويح باعتماد خيارات اقتصادية جديدة تحت شعار"نحو الشرق" أي الصين وايران والعراق.

وعكست المعطيات المتوافرة عن اللقاء اتجاهات حكومية بارزة الى الطلب من الولايات المتحدة مساعدة لبنان في تمرير عاصفة "قانون قيصر"، كما الدفع نحو تسهيل المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي. وفي هذا السياق نقل عن مصادر حكومية أن اللقاء والسفيرة الاميركية كان أكثر من جيد وتخلله نقاش في الوضع المالي والاقتصادي والاجتماعي وخطة الحكومة والدور الذي يمكن الولايات المتحدة أن تضطلع به لمساعدة لبنان في هذه الملفات وفي مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي. واوضحت المصادر أن الرئيس دياب أكد للسفيرة شيا أن لبنان هو جسر بين الشرق والغرب وهو منفتح على الشرق والغرب والفرص التي ستتوافر له للمشاريع في الكهرباء وغيرها سيلجأ اليها. كذلك أبلغ السفيرة أن وزارة الخارجية تعد رسالة في شأن تطبيق "قانون قيصر" والاعفاءات التي سيطلبها لبنان. وأضافت المصادر جرى في اللقاء عرض لما حصل في الفترة الأخيرة مع السفيرة الأميركية وأن كل طرف قال ما لديه في هذا الموضوع. وأكدت أن لبنان طلب مساعدة الولايات المتحدة في مختلف المجالات وخصوصاً مع صندوق النقد الدولي لجهة استعجال المفاوضات، علماً أن لبنان لم يعد يحتمل طويلا الواقع الذي يعانيه.

وتزامن ذلك مع عقد الوفد اللبناني المفاوض برئاسة وزير المال غازي وزني اجتماعه الـ17 مع صندوق النقد الدولي في حضور وزير الطاقة والمياه ريمون غجر. وتناول الاجتماع موضوع الإجراءات التي اتخذت والتي ستتخذها الحكومة اللبنانية في ما يتعلق بإصلاح قطاع الكهرباء وطريقة تطبيقها، على أن تستكمل المشاورات الأسبوع المقبل.

كورونا: الرقم الاسوأ
وسط هذه الأجواء، ازدادت قتامة الاتجاهات التي تطبع أزمة التمدّد الوبائي لفيروس كورونا في لبنان مع تسجيل العدد القياسي الأكبر في يوم واحد منذ انتشار الوباء في شباط الماضي، إذ بلغ عدد الاصابات أمس 71 اصابة بعد تسجيل 66 إصابة في اليوم السابق. وإذ بدا لافتاً تسجيل وزارة الصحة 34 اصابة في بلدة رومية في المتن الشمالي بما ينذر ببؤرة جديدة، سارع رئيس بلدية البلدة الى نفي وجود أي اصابة في البلدة،

وصرح الوزارة الى تحديد أمكنة المصابين. وأعلن وزير الصحة حمد حسن مساءً بأن عدداً كبيراً من المصابين هم من غير اللبنانيين الذين يعملون في شركة للتنظيفات وهم الذين أعلن أنهم في رومية في حين أن البلدة خالية من الاصابات. وعزا حسن ارتفاع الاصابات الى مجموعة عوامل أبرزها بعض المغتربين الذين وصلوا إلى لبنان منذ فتح المطار في الأول من تموز الجاري ولم يلتزموا الحجر المنزلي، مشيراً إلى أن أحدهم تسبب في إصابة 12 شخصاً في حفل زفاف بالفيروس، في حين تسبب آخر في عدوى 12 شخصا آخرين في جنازة. كما ظهرت مجموعة ثانية من العدوى بين الممرضات والأطباء في المستشفيات. أما المجموعة الثالثة فكانت بين العمال الذين يعملون في جمع النفايات. وكشف أن اجراءات جديدة صارمة ستتخذ الاثنين المقبل لمنع الاستمرار في ارتفاع عدد الاصابات.

ومع ذلك، شهد مطار رفيق الحريري الدولي أمس احتفالاً بوصول طائرة حديثة ومتطورة لشركة طيران الشرق الاوسط هي طليعة تسع طائرات جديدة في أسطول الشركة.

• وكتبت "الاخبار" تقول: تُريد الحكومة تقليص نفقاتها عبر صرف عاملين "غبّ الطلب" (المياومين) في المؤسسات التابعة لوزارة الطاقة والمياه. هذه المؤسسات تُعاني أصلاً من نقص في موظفيها، ولا يحتمل تسيير المرفق العام فيها "تشحيلاً" إضافياً. فئة "المياومين" هي الأشد ضعفاً في سلسلة الإنفاق العام، ومداخيلهم تآكلت بسبب تراجع قيمة الليرة وغلاء الأسعار. وكلفة توظيف عمال "دائمين" أكبر بكثير من كلفة المياومين المتروكين منذ نحو عقدين بلا ضمانات. لكن يبدو أن الحكومة تريد أن تبدأ "الإصلاح" من الأضعف، بعدما عجزت عن المسّ بالأقوى.


تتصرّف الدولة اللبنانية مع قضية الموظفين في القطاع العام، كما لو أنها طبيب عاين مريضاً يعاني من التهاب في كاحله، فقرر بتر رِجله بكاملها. انقطاع الدولارات، عجز في ميزان المدفوعات والميزان التجاري، هدر في المال العام، تركّز للثروة لدى القلة… ولكن العاملين في القطاع العام حُوّلوا إلى "الشيطان الأكبر". ليس الدين العام، والفوائد الهائلة عليه، ليس غياب الإدارة الرشيدة، ليست الزبائنية السياسية، هي من مسببات الازمة. باتت مشكلة البلد محصورة في الوظائف العامة، وتحديداً، في الفئة الأشد ضعفاً من الموظفين، أي المياومين. أُريدَ تعميم هذه النظرية وتسويقها لدى الرأي العام، وقد ساهم فيها أيضاً أنّ قوى سياسية استخدمت المياومين في صراعها السياسي ووجدت فيهم "باباً" ممتازاً لتوسيع رقعة سيطرتها الاجتماعية. يُضاف إلى ذلك المؤسسات التي انتهجت "الخداع" في هذا الملفّ، فكانت وبالاتفاق أحياناً مع المتعهدين، تعمد إلى عدم تقديم لوائح بالموظفين وبالرواتب التي يحصلون عليها، ما ساهم في تحويل المياومين إلى "مصدر تبذير" في الدولة.


بحجة "التقشّف" الذي تُعاني الدولة من "تُخمة" منه، تبحث الحكومة في إلغاء العديد من وظائف "غبّ الطلب"، أو المياومين. المُستغرب أن تكون هذه الوظائف تُشكّل حاجةً للإدارات بغية تسيير المرفق العام، وأن إلغاءها سيُعطّل العديد من الأعمال الضرورية. ولكنّ الحكومة تبدو ماضية في اتخاذ خطوات، يمكن أن يكون لها وقع "شعبي إيجابي"، والانطلاق من المؤسسات الخاضعة لوصاية وزارة الطاقة والمياه.
يوم أمس، 10 تموز، أرسل وزير الطاقة والمياه ريمون غجر كتاباً إلى رئاسة مجلس الوزراء، حول الاستعانة باليد العاملة (غب الطلب) في المؤسسات الخاضعة لوصاية وزارته، رداً على طلب الحكومة معرفة أعداد وكلفة المياومين في المؤسسات الست التابعة لوزارة الطاقة.


الكتاب تضمن دحضاً للدعاية بأنّ المؤسسات تُعاني من فائض في التوظيف، إذ ورد فيه أنه في جميع هذه المؤسسات، لا يصل عدد الموظفين الموجودين حالياً إلى نصف العدد المنصوص عليه قانوناً في الملاك الإداري، وفقاً للآتي:
– كهرباء لبنان: عدد الملاك 5036 موظفاً، الموجود منهم حالياً 1536 موظفاً، العدد المستعان به 961 مياوماً.
– المصلحة الوطنية لنهر الليطاني: عدد الملاك 500 موظف، الموجود حالياً 190 موظفاً، العدد المستعان به 230 مياوماً.
– مياه بيروت وجبل لبنان: عدد الملاك 1120 موظفاً، الموجود حالياً 374 موظفاً، العدد المستعان به 480 مياوماً.
– مياه لبنان الشمالي: عدد الملاك 1256 موظفاً، الموجود حالياً 251 موظفاً، العدد المستعان به 423 مياوماً.
– مياه لبنان الجنوبي: عدد الملاك 872 موظفاً، الموجود حالياً 214 موظفاً، العدد المستعان به 870 مياوماً.
– مياه البقاع: عدد الملاك 786 موظفاً، الموجود حالياً 174 موظفاً، العدد المستعان به 234 مياوماً.
ولفت كتاب "الطاقة" إلى أنّ "العمّال المُستعان بهم لُحظت الاعتمادات لهم في موازنات مؤسساتهم ويقومون بالإضافة إلى الأعمال الجسدية (أي اليدوية) بأعمال إدارية وفنية يتطلبها حسن سير المرفق العام وتأمين سلامة الاستثمار والحفاظ على استمرارية تأمين الخدمات الحيوية على مساحة الوطن، وأنّ توقّف العمل ستنتج عنه أزمات اجتماعية لـ3198 عاملاً غبّ الطلب (مياوم)".


وزارة الطاقة أخذت برأي مجلس الخدمة المدنية، بأنّه "لا يجوز من حيث المبدأ أن تجري مؤسسة كهرباء لبنان صفقات الاستعانة بيد عاملة فنية إلا للقيام بمهام تتطلب أعمالاً جسدية وليس القيام بمهام قد تتعلّق بمراكز أو وظائف ملحوظة من الملاك، باعتبار أنّها تُخفي استخداماً مُقنعاً". لذلك، اقترحت "الطاقة" إما أن يجري التمديد لستة أشهر لإطلاق صفقة تنحصر بالأعمال اليدوية فقط، أو التمديد لسنة كاملة، يُصار بعدها إلى ملء الشواغر وتبديل العمّال. والعبارة الأخيرة تعني أن الوزارة تقترح صرف المياومين، وتوظيف عمال في الملاك. واقتراح التوظيف هذا ينتاقض مع المادة 80 من القانون رقم 144 (الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام 2019)، نصّت على وقف التوظيف والتعاقد في الإدارات والمؤسسات العامة لمدة 3 سنوات.
معظم المياومين في المؤسسات التابعة لوزارة الطاقة، ليسوا جُدداً، بل تمّت "وراثتهم" على مدى السنوات، من كلّ متعهد يأتي ليُنفذ مشروعاً ما. فتحول العقد مع المتعاقدين من مُحدد بسنة، إلى عقد يتم تجديده بشكل دائم. ما يعني أنه، وبحسب المادة 58 من قانون العمل، التجديد يفضي حكماً إلى "تطبيق الأحكام المتعلقة بالعقود غير المحددة المدّة، في ما خصّ تعويضات الصرف".


المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، بشخص مديرها العام، سامي علوية، أرسلت كتاباً إلى وزارة الطاقة يتناول "مُبررات التوظيف". وشرحت أنّ أشغال "المصلحة" تستدعي في معظمها "عملاً مستمراً على مدار الساعة"، موضحة أنّها تُنظم دورياً مناقصة عمومية لتلزيم "تقديم يد عاملة مختلفة لزوم أعمال المصلحة الوطنية لنهر الليطاني إلى قطاع متخصص"، ولا سيّما مع تزايد أعداد المُحالين على التقاعد من موظفيها. المهام التي تقوم بها "المصلحة" مُتشعّبة، ومشاريعها منتشرة على أكثر من 20?? من مساحة لبنان. رغم ذلك، "تُعاني المصلحة من نقص في عدد المستخدمين والذي تخطّى 60% من العدد المطلوب. العدد الحالي لليد العاملة 420 موظفاً، لا يُغطي العدد المطلوب فعلياً والملحوظ في الهيكلية التي أقرّها مجلس الإدارة". لذلك، يتعذّر على المصلحة الوطنية لنهر الليطاني "تأمين استمرارية الإنتاج في معاملنا من دون الاستعانة باليد العامة المتخصصة، بانتظار تعيين مستخدمين جدد لتغطية النقص الحاصل والمتزايد".


وأشارت "المصلحة" إلى أنّ النتائج السلبية للاستغناء عن المياومين لن تقتصر على أوضاع المصروفين المعيشية، "بل ستنعكس سلباً على أوضاع الاستثمار وستُشكّل تهديداً لسير المرفق العام في ظل الشغور والممارسات غير الإدارية وغير العلمية".
قد يكون القطاع العام بحاجة إلى "إعادة هيكلة"، من أجل تحسين مستوى الموظفين وتوزيعهم بحسب المراكز المُخصصة لهم وحيث توجد حاجة. ولكن الخطوات "الشعبوية" تعني أنّ السياسة المُقرّرة هي "إفراغ المؤسسات"، بعد أن توقّف التوظيف عبر مجلس الخدمة المدنية. يومها أوعزت السلطة السياسية إلى المؤسسات بالاستعانة بالمياومين. فإذا كان الهدف اليوم الاستغناء عن عمّال غبّ الطلب، فمن "يكبس زرّ" التشغيل في هذه المؤسسات؟

• وكتبت "نداء الوطن" تقول: الوضع في لبنان "يخرج بسرعة عن السيطرة، كثر فقدوا عملهم وتبخرّت مدّخراتهم أمام أعينهم وخسروا منازلهم وبعض اللبنانيين الأكثر ضعفاً يواجهون خطر الموت بسبب الأزمة الاقتصادية"… تحذير أممي "فجّ وواقعي" يجسّد تعاظم الأخطار المحدقة بالبلد نقلته مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه أمس مقروناً بسلة واجبات لا تزال حكومة حسان دياب تتلكأ في القيام بها سواءً لناحية الشروع في تنفيذ "الإصلاحات العاجلة "أو لجهة الاستجابة "لاحتياجات الشعب الأساسية على غرار الغذاء والكهرباء والصحة والتعليم". باشليه أحسّت عن بُعد بمعاناة اللبنانيين واستشعرت القهر الذي يعايشونه، ورئيس الحكومة لا يزال حائراً تائهاً بين بلاد الشرق والغرب، تارةً يُطلق الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله نفير "الاتجاه شرقاً" فيستنفر دياب السراي لعقد اجتماعات صينية وعراقية ويهجم على السفيرة الأميركية دوروثي شيا وكل البعثات الديبلوماسية الغربية والعربية، وتارة أخرى يُطلّ نصرالله مفسحاً المجال أمام التعاون مع الغرب فيعود دياب أدراجه من الشرق ويدير بوصلة اجتماعاته باتجاه الغرب مشرّعاً أبواب السراي للسفيرة الأميركية ومنظّراً أمامها في سياسة مدّ الجسور بين الشرق والغرب. لكن على قاعدة إذا "حضر الأصيل بطل الوكيل"، كانت رسالة "حزب الله" واضحة ميدانياً في الصباح بهجمة مناصريه على مقر السفارة الأميركية في عوكر، وإخبارياً في الليل عبر تشبيه "المنار" حركة شيا بحركة الوباء في لبنان. فعن أي "جسور" تتحدث دولة الرئيس؟

أما عربياً، فاسترعت الانتباه رسالة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى رئيس الجمهورية ميشال عون بعد طول انقطاع عربي عن التواصل مع الرئاسة الأولى، وإذ جاء تناقل دوائر السلطة خبر تلقي هذه الرسالة باعتبارها تندرج ضمن سلسلة الأنباء التي تتحدث عن إحداث خرق في الموقف العربي تجاه عهد عون وحكومة دياب إلى جانب جملة من المعلومات التي يصار إلى ضخها في الإعلام عن مساعدات مالية كويتية وقطرية وشيكة في طريقها إلى الخزينة العامة، تبيّن بحسب ما كشفت مصادر ديبلوماسية لـ"نداء الوطن" أنّ رسالة السيسي "أتت بعد تلقيه قبل قرابة الشهرين، في أيار الماضي، رسالة من عون تمنى عليه فيها أن تلعب مصر دوراً في دعم لبنان ومساعدته في ظل الظروف السياسية والاقتصادية التي يمر بها، فوصله الرد الرئاسي المصري أمس على شكل "نصيحة" من دون أن يؤشر ذلك إلى وجود أي مبادرة مصرية باتجاه لبنان في الوقت الراهن"، موضحةً أنه "في حين لا يزال موقف مصر الثابت على ما هو عليه لناحية تأكيد الدعم للبنان والحرص على استقراره، أتت نصيحة السيسي لعون لتتمحور في جوهرها حول التشديد على نقطتين أساسيتين لا يمكن التغاضي عنهما في معالجة الأزمة اللبنانية، النقطة الأولى تؤكد وجوب قيام اللبنانيين أنفسهم بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة منهم والإسراع في التجاوب مع متطلبات صندوق النقد الدولي، والنقطة الثانية تركّز على ضرورة التزام لبنان قرار "النأي بالنفس" عن صراعات المنطقة والمحاور".

ورداً على سؤال، أكدت المصادر أنّ "الموقف المصري لا يختلف في أبعاده الاستراتيجية عن الموقف الخليجي والعربي تجاه لبنان، لكن مع تسجيل بعض التمايزات الشكلية لناحية محاولة إبقاء قنوات التواصل مفتوحة مع مختلف الأطراف اللبنانيين بهدف حثهم على إنقاذ وطنهم"، مشيرةً إلى أنّ "مصر كانت على الدوام حريصة على تنبيه المسؤولين اللبنانيين إلى ضرورة المبادرة لتلافي الانهيار الاقتصادي ووقف الهدر في مختلف القطاعات لا سيما في قطاع الكهرباء". واستذكرت في هذا المجال "مجريات اجتماع مجلس الأعمال المصري – اللبناني في بيروت عام 2018 حين توجّه رئيس الوفد المصري المهندس أحمد السويدي (شارك في حل مشكلة الكهرباء في مصر بالتعاون مع شركة "سيمنز") إلى الجانب اللبناني بالقول: مشكلة الكهرباء في لبنان يمكن حلها في أقل من عام مع تثبيت تكلفة الكهرباء عند مستوى لا يتجاوز في حده الأقصى نصف ما يدفعه المواطن اللبناني راهناً بين فاتورة الدولة وفاتورة المولدات"، وأردفت: "لكن للأسف لا شيء حصل منذ ذلك الوقت وبقي هذا القطاع يستنزف الخزينة حتى وقع اللبنانيون في أزمتهم الراهنة".

وبالأمس، وُضع ملف قطاع الكهرباء على طاولة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي في جلسة خُصّصت للتباحث في الإجراءات التي ستتخذها الحكومة اللبنانية لإصلاح القطاع، فكان لوفد الصندوق "لائحة كبيرة من الاسئلة والاستفسارات" حيال هذا الملف، وفق ما نقلت مصادر المجتمعين لـ"نداء الوطن"، موضحةً أنه "وبعد الثناء على تحريك عجلة الإجراءات الواجب اتخاذها مع اتخاذ قرار تعيين مجلس إدارة جديد لكهرباء لبنان، غير أنّ الوفد الدولي كان واضحاً في وصف هذا القرار بـ"الخطوة الناقصة" التي يجب استكمالها واستتباعها بخطوات جريئة، وتوقف مفاوضو صندوق النقد بشكل رئيسي عند مسألة تعيين الهيئة الناظمة وسألوا عن مبررات التأخير في تشكيلها، بالتوازي مع الاستفسار كذلك عن ماهية التعديلات التي ينوي رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل إدخالها على هذه الهيئة وصلاحياتها مع التركيز في هذا المجال على القانون 462 الناظم لقطاع الكهرباء وما هو مطروح للتعديل عليه".

وإذ كان لافتاً للانتباه أنّ "وفد الصندوق الدولي بدا ملماً بأدق التفاصيل المتصلة بملف الكهرباء"، تضيف المصادر: "طرحوا أسئلة جد محورية سواءً حول خطة وزارة الطاقة أو حيال توجهات الحكومة وبرنامجها لتنفيذ ما هو مطلوب منها لخفض عجز الكهرباء، فضلاً عن إثارة عدة نقاط أخرى متعلقة بمختلف جوانب الاصلاحات المنتظرة". وختمت: "سمعنا كلاماً خلال الاجتماع مفاده أنّ الصندوق لم يعد يؤمن بالكلام والوعود بل يريد أن يرى أفعالاً ولا شيء سوى الأفعال"، وفي نهاية النقاش تم الاتفاق على عقد اجتماع جديد الأسبوع المقبل "لاستكمال النقاش واستعراض المراحل التي وصلت إليها الحكومة في مسيرة إصلاح الكهرباء".

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى