سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف:اختناق وشلل وفوضى.. وقائع تدمغ حياة اللبنانيين

الحوار نيوز خاص

  الاختناق والشلل والفوضى ثلاث عبارات ركزت عليها الصحف الصادرة اليوم لترجمة الحالة التي يعيشها لبنان واللبنانيون في هذه المرحلة ،حيال انسداد الأفق أمام الحلول للمشكلات القائمة.

  • كتبت “النهار ” تقول: قد لا تكون ثمة مغالاة في القول أن يوم أمس شكل احد أسوأ أيام الفوضى الزاحفة والمتدحرجة بسبب التخبط الهائل في تحمل الدولة لتبعات المسرحيات السياسية والسلطوية الفاقعة التي تجري على وقع عذابات الناس وذلّهم وسط تحوّل لبنان جحيماً بكل ما للكلمة من معنى ومحتوى دراماتيكيين. وتمادت مهزلة الصراع بين السلطة السياسية ممثلة خصوصاً بالعهد وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول قرار رفع الدعم عن المحروقات، وسط انكشاف الملابسات الفاضحة التي سبقت وواكبت القرار، بما يثبت ان السلطة التي تفصح بلا خجل بأنها تستبيح الاحتياط الالزامي، كانت تغض الطرف بل تنتظر قرار رفع الدعم لتختبئ وراءه. وفي غضون ذلك، بدا لبنان بأسره بكل مناطقه وبكل القطاعات عرضة لبلوغ الاختناق ذروة غير مسبوقة مع الشلل الذي أصاب كل شيء بفعل العجز او التقاعس المتعمد لعدم حسم قرار اصدار جدول اسعار المحروقات. ولم يقف الامر عند حدود التفاقم القياسي في أزمات اختفاء البنزين والمازوت وانعدام ساعات التغذية الكهربائية، وتهديد قطاع خدمات الانترنت للمرة الأولى جدياً وبخطورة عالية، وتفاقم مخيف في مأساة المستشفيات وتهديد مجمل القطاعات الإنتاجية والخدماتية بالانقطاع الطويل للتيار الكهربائي… اذ بالإضافة الى هذا الواقع الكارثي، بدا المشهد السياسي متجهاً نحو مزيد من التخبط في ظل اتجاه سياسي واضح لدى العهد متأثراً بقوة لافتة باندفاعات رئيس تياره السياسي النائب جبران باسيل نحو محاولة اسقاط حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وتحويل ملف رفع الدعم مناسبة شعبوية بامتياز حتى حدود التحريض.

    بعبدا والسرايا

    وبدا ذلك واضحاً من خلال تصعيد الحملة التي يشنها “التيار الوطني الحر” على سلامة عبر مواقف جديدة لرئيسه وتكرار تظاهر انصار التيار لليوم الثاني امام منزل سلامة مساء امس في الصفرا حيث حصلت صدامات بينهم وبين قوى الامن بعد محاولاتهم اقتحام المنزل. وهو الامر الذي تناغم ووجد ترجمة مباشرة له مع تطور خطير حاول رئيس الجمهورية تمريره عبر عقد جلسة لمجلس الوزراء للحكومة المستقيلة في محاولة من شأنها خرق الدستور وتشكيل مطية لاجتهادات انقلابية ضد وضع حاكم مصرف لبنان. ولكن التطور الأبرز تمثل في فشل هذه المحاولة بفعل رفض الرئيس حسان دياب الدعوة الى عقد هذه الجلسة باعتبارها خرقاً للدستور. وأعلنت رئاسة الجمهورية مساء ان الرئيس عون “دعا مجلس الوزراء إلى الانعقاد بصورة استثنائية للضرورة القصوى بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب، على أن تخصص هذه الجلسة لمعالجة أسباب أزمة عدم توافر المشتقات النفطية على أنواعها في السوق المحلية وانقطاعها من جراء قرار حاكم مصرف لبنان الأحادي بوقف الدعم عن هذه المواد وما يسببه ذلك من تداعيات خطيرة على سبل عيش المواطن اللبناني والمقيم على أرض لبنان على مختلف الصعد”. واستند الرئيس عون في دعوته إلى الفقرة 12 من المادة 53 من الدستور.

    ووزعت بعبدا نص رسالة عون الى دياب وجاء فيها “في ضوء استفحال ازمة عدم توافر المشتقات النفطية على انواعها في السوق المحلية وانقطاعها، من جراء قرار حاكم مصرف لبنان الاحادي بوقف الدعم عن هذه المواد، وتداعيات هذه الازمة الخطيرة على سبل عيش المواطن اللبناني والمقيم على ارض لبنان على مختلف الصعد سيما التداعيات التي تصيب لقمة العيش والاستشفاء وحق التنقل والانتفاع من التيار الكهربائي والسياحة الموسمية، فضلا عن التداعيات الامنية،

    وبما ان حاكم مصرف لبنان لا يزال مصراً على موقفه بالرغم من القوانين والقرارات التي تمكنه من العودة عن قراره واعادة توفير الدعم للمشتقات النفطية، لاسيما قانون البطاقة التمويلية الذي اقره مجلس النواب وبما ان اللجنة الوزارية المعنية بالعمل على وضع اسس البطاقة التمويلية قد انهت اعمالها ووضعت الآلية اللازمة لتنفيذها وتوزيعها والمتوقع صدورها قريباً …وبما ان المصرف المركزي هو شخص من اشخاص القانون العام، وان الحكومة هي التي تضع السياسات العامة في كل المجالات على ما يرد صراحةً في المادة 65 من الدستور، وبما ان “تصريف الاعمال بالمعنى الضيق” لا يحول على الاطلاق دون انعقاد مجلس الوزراء عند توافر عناصر الضرورة القصوى، لذلك، يدعو رئيس الجمهورية مجلس الوزراء الى الانعقاد بصورة استثنائية للضرورة القصوى بالتوافق مع السيد رئيس مجلس الوزراء، على ان تخصص هذه الجلسة لمعالجة اسباب هذه الازمة وتداعياتها وذيولها الخطيرة”.

    وعلى الأثر صدر عن المكتب الإعلامي في رئاسة مجلس الوزراء البيان الاتي: “بما أن الحكومة مستقيلة منذ 10 آب 2020، و التزاماً بنص المادة 64 من الدستور التي تحصر صلاحيات الحكومة المستقيلة بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال، ومنعاً لأي التباس، فإن رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب ما يزال عند موقفه المبدئي بعدم خرق الدستور وبالتالي عدم دعوة مجلس الوزراء للاجتماع “.

    سلامة لـ”النهار”

    في المقابل أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في اتصال مع “النهار” أنه مصر على موقفه من رفع الدعم على المحروقات، وأنه لن يتراجع عن هذا الموقف الا في حال تم التشريع لاستخدام الاحتياط الإلزامي خصوصا وأن الأموال المتبقية هي أموال المودعين وهي ملكية خاصة ليس للدولة حق التصرف بها. وأكّد سلامة أن “جميع المسؤولين في لبنان كانوا يعلمون بقرار رفع الدعم، بدءً من رئاسة الجمهورية مروراً بالحكومة وليس انتهاءً بمجلس الدفاع الأعلى”.

    ورداً على سؤال في حال لم يتم التشريع، فهل هذا يعني ان رفع الدعم سيطاول ايضا الطحين والأدوية؟ اجاب سلامة أن مصرف لبنان أمن بعض الاحتياط لزوم دعم هاتين المادتين وأنه لا داع للقلق في هذا الشأن.

    وعما إذا كان ما يحصل هدفه الضغط عليه للاستقالة اكتفى سلامة بالقول “لا تعليق”.

    وحتى ولو تم التشريع لاستخدام الاحتياط، فإن المتخصص في الرقابة القضائية على المصارف المركزية وأجهزة الرقابة التابعة اليها المحامي الدكتور باسكال فؤاد ضاهر، يؤكد لـ”النهار” أن “الاحتياط الالزامي غير قابل لاي مسّ لانه مال مخصص الأهداف واي قانون يشرع هذا الاعتداء سيكون مخالفاً للدستور ومقدمته والاتفاقات الدولية اضافة الى المبادئ القانونية الاساسية التي بني عليها النظام اللبناني. وتالياً ستقع تلك المخالفة تحت رقابة المجلس الدستوري كما وأنه يفتح المجال لمقاضاة الدولة عن مسؤوليتها عن الاعمال التشريعية”.

    وكان النائب باسيل واصل حملته العنيفة على سلامة فكتب على “تويتر”: “للحاكم ولكل يلي عم يغطّوه سياسياً بقراره وهم كتار ومكشوفين: اوقفوا الانفجار! رفع الدعم بيصير تدريجياً. متل ما رفعتوه عن المحروقات من الـ1500 للـ3900 إرفعوه لرقم جديد لحين توزيع البطاقة التمويلية… رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة رفضوا القرار، ولازم حكومة تصريف الأعمال تثبّت انها هي السلطة التنفيذية وتؤكد على خطتها. الحكومة الجديدة لازم تطلع بسرعة، والإنقلاب عليها وعلى الرئيس لازم يفشل… عم تغتالوا شعب بكامله بس شعبنا ما بيموت”.

    كما ان نائب الأمين العام لـ”حزب الله ” الشيخ نعيم قاسم رأى أن “حاكم مصرف لبنان يتحمل مسؤولية كبيرة وخطيرة في ما آلت إليه الأوضاع في البلد ويجب أن يحاسب”، متسائلا: “كيف يمكن أن يحاسب إذا لم يتم السير بالتدقيق الجنائي”، مؤكدا أن “المسؤولية تقع أولاً وأخيراً على الحكومة التي يجب أن تتشكل وتأخذ دورها وتقرر بقاء الحاكم من عدمه”.

    يوم مشحون

    اما الواقع على الارض، فشهد امس يوماً مشحوناً مع استفحال ازمة المحروقات اذ عادت الطوابير لتمتد كيلومترات امام المحطات القليلة التي فتحت لتوزيع البنزين، في وقت شحّ المازوت وانقطع تماماً من السوق، متسبباً بتغذية كهربائية صفر وبتعثر عمل اوجيرو وشركات الانترنت والادارات الرسمية والمؤسسات الخاصة، وسط بلبلة عارمة في تحديد سعر بيع البنزين اذا توافر. وشهدت المحطات اضطرابات واسعة بين المواطنين في مختلف المناطق ويخشى ان تتمدد الازمة الى الثلثاء المقبل بعد عطلة عيد السيدة العذراء الاثنين، لان أي ملامح لإعادة اصدار جدول الأسعار الجديد لم تتضح في ظل الصراع السياسي داخل السلطة.

    وكما البنزين والمازوت كذلك الغاز، فقد اعلن ان مخزون الغاز لا يكفي الا خمسة أيام كما تفاقمت ازمة الخبز. وفي ظل استفحال هذه الازمات عمت عمليات قطع الطرق وسط بيروت وضواحيها ومداخلها ومعظم المناطق على فترات متقطعة ولكنها شهدت كثافة في ساعات المساء والليل .

  • وكتبت “الأخبار” تقول: ضاق الجمع ذرعاً، ولم يضق الجميع ذرعاً. والجمع، هنا، هو من يقف في صف المظلوم الذي تجري محاولة سفك دمه هذه الأيام. ومن يراد له الموت بكل الطرق، قتلاً أو جوعاً أو عطشاً أو غيلةً إن قدر الظالمون. والجمع، هنا، هو من ضاق ذرعاً بلعبة كبيرة يتشارك فيها لاعبون باتوا أكثر شراكة في كل ما يقومون به، من داخل السلطة وخارجها، ومن داخل مؤسسات الدولة وخارجها، وكل ذلك برعاية خارج يريد مقتلةً كبيرة في هذه البلاد.

    ما فعله رياض سلامة في الأيام القليلة الماضية ليس نتاج أفكاره الشيطانية فحسب. بل هو، في هذه اللحظة، تلميذ نجيب ينفّذ أجندة فريق تقاطعت بين أطرافه المصالح بصورة عجائبية لا نتيجة لها سوى تدمير الهيكل. وغاية من يريد التدمير ليست إعادة بناء دولة عادلة وقادرة، بل أن يحكم أهل الغاب العباد من جديد، باسم الطائفة والمذهب والقبيلة… وبرعاية داخل وخارج شريكين في السفك، وبتواطؤ مع سارقي غضب الناس من كل ما يُسمّى ثورة وانتفاضة وحراكاً مدنياً، بكل فروعه السياسية والنقابية والحقوقية والإعلامية.

    قرر تحالف الحكم الذي أمسك بالبلاد منذ ثلاثين عاماً قيادة أكبر انقلاب في تاريخ لبنان. وهو تحالف يجمع، في تقاطع للمصالح، الأقوى بين ممثلي الطوائف، ويشاركه تنفيذيون يسعون إلى مناصب ومكاسب. تحالف يجمع نبيه بري ووليد جنبلاط وسعد الحريري وسليمان فرنجية ونادي رؤساء الحكومات السابقين، ومعهم البطريرك الماروني بشارة الراعي ومن معه من حلفاء في المرجعيات الدينية الأخرى، وأهل التطبيل والتزمير من وسائل إعلام تديرها وتموّلها الولايات المتحدة والسعودية والإمارات، وخصوصاً ثلاثي “الجديد” و”المؤسسة اللبنانية للإرسال” و”مر تي في”، وحشد من المواقع الإلكترونية والصحف والكتبة الذين تموّلهم سفارات أميركا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وسويسرا وجمعيات وحوش الرأسمالية المنتشرة في كل الأرض.

    وعلى الأرض، هناك حشد السارقين الكبار، في القطاع المصرفي والتجاري بكل صنوفه، ومافيا المحروقات ومشتقات النفط، وكارتيل الأدوية والمواد الغذائية، وإلى جانبهم جيش من الرعاع الذين لا يعرفون من الاحتجاج سوى قطع الطرقات والسطو على مقدرات المواطنين العاديين… كل هؤلاء يعملون على هدف واحد: عزل المقاومة، والخطوة الأولى تكون بإطاحة ميشال عون وتياره، أما الأدوات فهي كل ما تصل إليها أفكارهم السوداء وأياديهم وفتنهم المتنقلة والمعمول عليها ليل نهار. ويتكل هؤلاء على قوى تحنّ إلى أيام الجنون الدموي بقيادة “القوات اللبنانية” وبعض الفاشيين الذين يفكرون بالتقسيم ورسم حدود الولايات بالدم فقط. ومعهم صمت قاتل تمارسه مؤسسات أمنية وعسكرية وقضائية وحقوقية، باتت في قلب المؤامرة ومن أبرز أدواتها العاملة من دون توقف على الخراب الكبير.

    عندما بادر رياض سلامة إلى رفع كل الدعم عن المشتقات النفطية، لم يفعل ذلك من تلقاء نفسه. استبق ذلك باجتماعات تفصيلية مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لمناقشة خطط المستقبل. كما التقى كل من يمكن أن يكون شريكاً في هذه العملية في عالم المال والأعمال. وهو حصل على غطاء مباشر لخطوته من بري وجنبلاط والحريري والراعي قبل كل الآخرين. وعندما قصد قصر بعبدا لإبلاغ المجلس الأعلى للدفاع، كان يعرف أن حسان دياب بات أسير الخوف من السجن، وأسير ترهيب يومي يُمارَس عليه باسم حفظ حقوق وصلاحيات أهل السنة، وفي مكتبه من يعمل ليل نهار على هذه الخطة، من موظفين ومستشارين يبحثون عن أدوار مستقبلية.

    عندما سارع رياض سلامة إلى إعلان رفع الدعم، لم يكن ينتظر موافقة من هم في الحكم اليوم. بل تصرف على أساس أن ميقاتي رئيس فعلي للحكومة، وأن القوى المهيمنة على المجلس النيابي قد منحته الثقة مسبقاً، وعلى أساس أن جدول أعمال الحكومة قد بُتّ ولا حاجة لانتظار موقف أحد. يكتفي سلامة، ومن خلفه كل الحلف، بصمت حزب الله الملزَم بصمت من يريد تجنب الانجرار إلى فتنة. ويستند إلى أن الرئيس عون لا يمون على أحد في الدولة. لكن رهانه الأكبر أن أحداً في شارع 17 تشرين لن يتحرك ضده، وأن من يريد مخاصمته هو فريق يتعرض لأبشع أنواع الترهيب، بقيادة التيار الوطني الحر.

    عملياً، باشر سلامة تنفيذ خطة تقضي بالآتي:

    – رفع الدعم وتحرير العملة بصورة كاملة وفق شروط كل المؤسسات الدولية وشروط التجار والفاسدين والمحتكرين.

    – المسارعة إلى وضع خطة لزيادة كل أنواع الضرائب والرسوم، خصوصاً الجمركية منها وما يتصل بالعمليات العقارية، ودفع كل مؤسسات الدولة إلى البحث عن سبل لرفع مداخيلها ولو على حساب الناس داخل لبنان وخارجه.

    – وعد الناس بزيادة الأجور ضمن سلة لا تفي بغرض مواجهة مصاعب العيش.

    – تفاهم أولي مع شركات عالمية لبيعها المرافق المنتجة في لبنان والمتصلة بحياة الناس، من كهرباء وهاتف ومياه وطرقات وإنترنت ومطار ومرفأ وريجي وغيرها.

    – إعادة تخمين موجودات المصارف اللبنانية لمنع إعلان إفلاسها ولتعويم غالبيتها ضمن خطة إنعاش للمنظومة المالية اللصيقة للمنظومة السياسية الحاكمة.

    – درس قانون للانتخابات وإدارة عملية انتخابية ترضي الخارج بإفساح المجال أمام عدد من منتجات الغرب المسماة “مجتمع مدني”، وجلّهم ممّن استقالوا من المجلس النيابي، للحديث عن تبدل وتغيير وتنويع. علماً أن بين رموز الجماعات التي تدعي النطق باسم قهر الناس، من باشر العمل على الانتخابات، وأعدّ لها صناديق تمويل من الداخل والخارج، وعنوان عملها تدمير التيار الوطني الحر ومحاولة عزل حزب الله.

    – منح المؤسسات العسكرية والأمنية هامشاً لإدارة ذاتية، لكن شرط البقاء ضمن التحالف الذي ترعاه الولايات المتحدة، بما يجعل هذه القوى صامتة عن السارقين والمحتكرين والمجرمين، بذريعة عدم الاصطدام بالناس وبالشارع.

    عملياً، ما يجري منذ أيام هو إدخال البلاد في موجة جديدة من الضغط الأقصى على الشارع ليكون انفجاره في وجه ميشال عون وتياره وفي وجه حزب الله. ومسموح لهؤلاء باستخدام كل ما يقع بين أيديهم، من جريمة المرفأ، إلى العنوان العام للأموال المنهوبة أو المهربة، وصولاً إلى الصمت عن جرائم الفتنة المتنقلة بين منطقة وأخرى.

    ثمة لحظة قاسية يعيشها لبنان. وثمة حاجة إلى مبادرة تقلب الطاولة في وجه هذا التحالف الذي لا يخشى الفوضى لاعتقاده بأن الفوضى تعيد إنتاج العصبيات التي تطيل في عمر هذه الزعامات، ومعها كل أدواتها في الدولة والقطاع الخاص.

    ليس غريباً أن ينتفض التيار الوطني الحر، وأن يذهب بعيداً في معركة الدفاع عن نفسه، كما أنه ليس منطقياً تركه وحيداً.

    مسؤولية المقاومة، اليوم، ليست في النزول إلى الشارع إلى جانب الغاضبين الحقيقيين. بل في استمرار تفادي المواجهة والأزمة الكبرى. لكن المقاومة التي من حقها وواجبها عدم الانجرار إلى الفتنة الكبرى، لا يمكنها أن تعارض احتجاجاً صار خياراً وحيداً وإلزامياً أمام التيار الوطني الحر.

    أقل الكلام، إعلان الرفض الحقيقي لكل ما يجري، وهو إعلان يؤسس عليه لمن يريد تحقيق توازن مع المجرمين الذين لا يردعهم شيء!

  • وكتبت “الأنباء” تقول: وقع المحظور وها هو البلد يعيش الانهيار الكامل في كل القطاعات، فيما اللبنانيون يغرقون بالعتمة ويعانون انقطاع أبسط مقومات الحياة من البنزين والمازوت الى الكهرباء والدواء وسواها من المواد والسلع الأساسية.

    هذه الحال ما كان البلد ليصل اليها لو تم الاصغاء قبل أشهر للنداءات والتحذيرات المتكررة بضرورة رفع الدعم بالتزامن مع اقرار بطاقة تمويلية تستهدف العائلات الفقيرة بشكل مباشر. لا بل إن الحزب التقدمي الاشتراكي ذهب أبعد من ذلك وقام بدور السلطة التنفيذية وأعدّ خطة كاملة متكاملة لترشيد الدعم والبطاقة، وأعلنها في مؤتمر صحافي بُث مباشرة على وسائل الاعلام، وذهب بها الى المجلس الاقتصادي والاجتماعي، لكن وحدها حكومة “تعطيل الأعمال” لم تسمع بها، ولا زالت تدرس خطة للبطاقة التمويلية وفي كل اجتماع تتحفنا بأنها تضع اللمسات الأخيرة عليها، ولا تزال تتحفنا بالبيانات ولا شيء سواها.

    ولم تكن الدعوة التي وجهها رئيس الجمهورية ميشال عون لعقد جلسة لمجلس الوزراء في ظل حكومة تصريف الأعمال، سوى التأكيد على حجم الإنهيار الحاصل في كل القطاعات، ليأتِ رد الرئيس حسان دياب برفض الخطوة مؤشراً إلى حجم الخلاف الكبير الواقع في البلد والذي لا يبشر بالخير إنما ينذر بما هو أسوأ.

    مصادر مطلعة تقول عبر “الأنباء” الالكترونية إن “عون يصرّ على مواجهة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ولو أدى ذلك إلى اتخاذ قرارات قضائية بحقه لكف يده. لكن التحدي يأخذ بعداً أوسع مع الدستور ومع الأعراف، ومع قوى سياسية أخرى، والأخطر أن ثمن هذه الصراعات والتحديات يدفع ثمنها اللبنانيون”.

    لا يمكن لحاكم مصرف لبنان أن يتراجع عن قراره، كما قال، مطالباً بإقرار قانون يسمح له بصرف الاموال لاستمرار الدعم من الإحتياطي الإلزامي. وعلى وقع هذه الازمة المستفحلة سياسياً، معيشياً، إقتصادياً، شعبياً، ودستورياً، لا بد لعملية تشكيل الحكومة أن تتأثر. بينما شاعت في السابق معلومات عن أجواء إيجابية وتحقيق تقدم سريع حول عملية تشكيل الحكومة في ظل الإتفاق شبه الكامل على توزيع الحقائب والوزارات.

    وفي ظل إشاعة الأجواء الإيجابية، وبعد اتخاذ قرار رفع الدعم، كشفت معلومات “الأنباء” الالكترونية ان “الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دخل على الخط، فأجرى مساء الخميس إتصالات بالرئيسين عون ونجيب ميقاتي لحثهما على تشكيل سريع للحكومة، هذا الأمر فّعل الإتصالات الداخلية، للإتفاق على توزيع الحقائب، ومن هنا برز الكلام عن تحقيق تقدم، وكان عون قد وافق على منح وزارة الداخلية للسنة، مقابل حصوله على وزارة العدل. كذلك ابدى عون مرونة لناحية اعطاء وزارة الشؤون الاجتماعية للطائفة الدرزية ولكن حتى الآن لم يحسم هذا الأمر نهائياً. فيما يستمر البحث بإمكانية منح وزارة الاشغال لتيار المردة”.

    وأضافت المعلومات “يستمر النقاش حول وزارة الصحة التي يريد حزب الله الاحتفاظ بها بينما يريدها ميقاتي من حصته. حصة الثنائي الشيعي ستكون في وزارة المالية، والزراعة والصناعة، بالإضافة إلى وزارة رابعة. فيما عون يصر على الحصول على وزارات التربية، الإعلام، الطاقة، الخارجية والدفاع”.

    وأشارت المعلومات الى انه “حتى الآن لا يمكن الحسم بإمكانية ولادة الحكومة، خصوصاً أن الوضع المالي وقرارات سلامة والخلاف على دعوة حكومة تصريف الأعمال للإجتماع قد يؤدي إلى تفاقم الصراع والخلاف ويفتح النقاش على صراع دستوري”.

    في هذه الأثناء، أرخت أزمة المحروقات بثقلها على كل تفاصيل حياة اللبنانيين، وفي حين أقفلت المحطات ولم تسلّم الشركات مادتي البنزين والمازوت بحجة انه بات هناك سعرين، واحد في مصرف لبنان وفق دولار السوق، وواحد في وزارة الطاقة وفق سعر ????، وقد أوضح رئيس تجمع محطات المحروقات في لبنان جورج البراكس عبر “الأنباء” الالكترونية انه “ليس هناك تسعيرتين للمحروقات انما هناك تسعيرة واحدة فقط التي صدرت عن وزارة الطاقة وهي الوحيدة في البلد، ومصرف لبنان ليس من صلاحياته ان يُسعّر”.

    وقال: “اذا بقي مصرف لبنان متشبثاً برأيه في ظل رفض عون ودياب كما وزارة الطاقة لقرار “المركزي” فستبقى محطات المحروقات مقفلة حكماً”، مذكّراً “بالاتفاق الذي حصل بين السلطة السياسية ومصرف لبنان على اعتماد الجدول الموجود والآلية الموجودة حتى آخر أيلول، في حين ان القرار الأخير جاء بطريقة مباغتة وأدخلنا في مأزق”.

    وحول مصير الأزمة، قالها البراكس بصراحة: “اذا لم يجدوا حلاً بين السلطة السياسية ومصرف لبنان لهذا الموضوع نحن ذاهبون نحو العتمة والشلل التام”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى