سياسةمحليات لبنانية

زمن الكورونا: من يضمن الأمن الغذائي لنحو مليون ونصف من العاطلين عن العمل في لبنان؟

 


الحوارنيوز -خاص
مع التشدد الوقائي الذي اتخذته الحكومة اللبنانية لمحاصرة إنتشار وباء الكورونا وتمثل في إجراءات لامست إعلان حالة الطوارئ، وتضمنت الإقفال التام للمؤسسات العامة والخاصة وإلتزام نحو مليوني عامل لبناني البقاء في منازلهم، يطرح السؤال البديهي التالي: من يضمن الأمن الغذائي لنحو مليون ونصف المليون من العاملين في مؤسسات غير نظامية ولجيش من العاطلين عن العمل في الأساس؟

  بحسب مسح أجرته المؤسسة العامة للإحصاء المركزي بالتعاون مع منظمة العمل الدولية فقد بلغ عدد المُقيمين في سنّ العمل (15 سنة وما فوق) ثلاثة ملايين و677 ألف شخص داخل القوى العاملة وخارجها. وأظهر أن القوى العاملة في لبنان  تبلغ نحو مليون و794 ألف شخص، بينهم 203 آلاف عاطل من العمل، ما يعني أنّ هناك مليوناً و590 ألفاً و400 عاملا في لبنان. ومن بين هؤلاء، هناك نحو 31 ألفاً ينتمون إلى ما يُسمّى «فئة العمالة الناقصة لجهة الوقت»، وهم من تبلغ ساعات عملهم أقل من 40 ساعة في الأسبوع ويرغبون بزيادتها. أمّا الأفراد خارج القوى العاملة، فيبلغ عددهم نحو مليون و883 ألفاً، يمكن تقسيمهم إلى فئتين: القوى العاملة المحتملة أي من يبحثون عن عمل ولكنهم ليسوا متاحين حالياً أو المُستعدين للعمل حالياً، لكنهم لم يقوموا بالبحث عن عمل ويبلغ عددهم 66.9 ألفاً، والأفراد الآخرون خارج القوى العاملة (مليون و816 ألف شخص).
وبلغت نسبة العمالة غير النظامية، أي نسبة الأفراد العاملين الذين لا يحصلون على أي تغطية صحية من ربّ عملهم ولا يستفيدون من أيّ إجازات مَرضية أو إجازات مدفوعة، تبلغ نحو 55%. فيما 64% من العمال غير النظامين يعملون في قطاع غير نظامي (يضمّ مجموعة من الشركات غير المُسجّلة)، ويعمل الباقون في قطاعات نظامية ولكنها لا تصرّح عنهم.
أرقام مخيفة ستتضاعف في ضوء التقديرات الإقتصادية التي تتحدث عن أن نسبة العاطلين عن العمل سترتفع في ضوء الركود الإقتصادي العالمي، ما يعني أن لبنان سيواجه أزمة إضافية في دورته الإقتصادية والإجتماعية فضلا عن توقع عودة نسب كبيرة من العاملين في بلاد الإغتراب الى وطنهم بعد أفول عدد من الأعمال التي كانوا يشغلونها.
لا شك ان ثمة مبادرات فردية انطلقت مؤخرا لتأمين حاجات من هم تحت خط الفقر المرجح أن تزيد نسبهم في وقت ستتوقف هذه المبادرات لسببين: الأول عدم توفر السيولة اللازمة والثاني مخاطر انتقال الوباء من خلال توزيع حصص غير معقمة وعشوائية.
ويبرز في هذا المجال دور حاسم للحكومة اللبنانية من خلال اجراءات غير مركزية تتكفل بها البلديات بإشراف القائمقامين وتجار المواد الغذائية ضمن دائرة القضاء او المحافظة، غير أن ثمة دورا رقابيا هاما من المفترض أن تقوم به وزارة الإقتصاد لجهة ضمان وجود المواد الغذائية وعدم التلاعب بالجودة والأسعار.
فإلى أي حد تتوفر هذه الإمكانية لدى الوزارة؟
في المبدأ فإن إمكانات الوزارة محدودة نسبيا وهي مقيدة بالقانون إلى حد كبير، فلا هي قادرة على مراقبة حجم الحاجات ولا متاح لها ، بالقانون، أن تتخذ إجراءات عقابية فورية دون العودة إلى القضاء المختص.
وفي ظل هذا الوضع الاستثنائي المقيّد لحركة المواطنين عامة، كما لحركة الموظفين في القطاع العام خاصة، تعمل وزارة الاقتصاد والتجارة ضمن امكاناتها المحدودة على تسيير دوريات حماية المستهلك بالمداورة وذلك لكبح استغلال التجار للأوضاع المستجدة في ظل انتشار "الفيروس" وإقفال معظم المؤسسات، وتحصر مسؤولية الوزارة في عدم التلاعب بأسعار الكمامات والادوات الطبية   والمعقمات وغيرها من المواد والسلع.
في المقابل يشعر المستهلك ازدياد غلاء الاسعار يوما بعد يوما حيث أن ما فعلته الوزارة لم يجد نفعا، فلا بد من قرارات تتخذ بشكل صارم تردع كبار التجار  ومستوردي المواد الغذائية خاصة، وبما ان هكذا قرارات تتعدى الصلاحيات المعطاة للوزارة، فلا بد من تدخل سريع للحكومة لتوسيع صلاحيات "الوزارة" وخاصة ان دورها ينتهي عند تسطير محاضر الضبط واحالتها على القضاء المختص الذي يتأخر بدوره لتصدير الاحكام في ما خص المضاربات والمخالفات، وعندها يكون غلاء الاسعار قد تفشى وقضم راتب المواطن وقلل من مستوى معيشته.
الأمن الغذائي بين تآكل القدرات الشرائية وارتفاع نسب البطالة وغياب دور فاعل للحكومة والوزارات المختصة، فماذا يمكن أن نتوقعه في القادم من الأيام؟

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى