رأيصحف

دجاج بشري على الشاشات (نبيه برجي)

 

الحوارنيوز – صحافة

تحت هذا العنوان كتب نبي برجي في صحيفة الديار يقول:

 

لا ندري ما إذا كانت “اللجنة الخماسية” تدور في دوامة لبنان، أم لبنان يدور في دوامة “اللجنة الخماسية”. الثابت أن الدول الخمس، بما فيها الولايات المتحدة، لا تعلم الى أين تمضي الأحداث في ذلك الشرق الأوسط، الذي قال جيمس بيكر أن ادارة الجحيم قد تكون أقل تعقيداً من ادارته.

كثيراً ما قلنا أن العديد من ساستنا أقرب ما يكونون في جولاتهم الدولية، وفي طلاتهم التلفزيونية، أقرب ما يكونون الى راقصات الباريزيانا أيام زمان، وان كان مستشار للاليزيه قد استغرب الى أي مدى يشبهون تماثيل الشمع. غباء منقطع النظير في مقاربة المشهد، كما لو أن المسألة ما زالت محصورة بأي رئيس جمهورية للبنان، لا أي جمهورية ستكون في لبنان…

اذ شاعت بيننا (جميعاً) ثقافة التفاهة، ثمة من ابتدع قصة المقايضة بين رئاسة الجمهورية والوضع في الجنوب، لتتولى بعض الشاشات التي احترفت ملء الهواء بالدجاج البشري تسويق تلك الترهات، والاتيان بمحللين سياسيين من مستودعات الخردة ليدلوا بدلوهم، كما لو أنهم لم يستنفدوا اللغة ليكون كلامهم بمثابة التزلج على الوحول.

لا مقايضة ولا صفقة. العيون بالأشعة ما تحت الحمراء على ما يجول في رأس بنيامين نتنياهو وصحبه. هؤلاء الذين يعتبرون أن بقاءهم في الحلبة السياسية هو في الهروب الى الأمام، ولو كان الى الانفجار الكبير الذي في ظنهم، يعيد ترتيب المعادلات وترتيب الخرائط، وحتى ترتيب الكراسي. كثيرون على أرائكهم الوثيرة، يتلمسون رؤوسهم. من يذهب ومن يبقى؟

الاغارة على مؤسسات مدنية في الغازية لها معناها. هنا تخوم صيدا، بوابة الجنوب وجارة الأولي. كل مدن العالم تعشق أنهارها الا مدننا تدير ظهرها للأنهار، أو تتركها تذهب هباء، ان لم تتحول الى “مكان آمن” للترسبات القاتلة. كل هذه البشاعة في تعاطينا مع الأنهار (لكأن الجنة لا تجري من تحتها الأنهار).

كثيراً ما استعانت الاستخبارات “الاسرائيلية” بأصحاب العيون العرجاء والرؤوس العرجاء. في حرب 2006، وكلنا شهود على ذلك، كانت الصواريخ تنقضّ على نقاط هجرها الحزب من سنوات، او على مخازن للذخيرة سرعان ما يتبين أنها لخزن البطاطا. هذا يمكن أن يكون حدث في الغازية (ما يعكس فعلاً الغباء “الاسرائيلي”)، وان كان هناك من يعتقد أن “الاسرائيليين” ضربوا في ذلك العمق (50 كيلومتراً عن الخط الأزرق)، ليبلغوا من يهمهم الأمر بأن الضربة المقبلة ستكون في بيروت أو في الضاحية.

كلام في الظل بأن لدى المقاومة في لبنان بنك أهداف يؤدي تدميرها الى تدمير “روح اسرائيل”، وليس فقط عمودها الفقري. لكن قادة اليمين يعتبرون أن بقاء ترسانة حزب الله التي يتم تطويرها كماً ونوعاً على مدار الساعة، لا بد أن تشكل مستقبلاً تهديداً وجودياً للدولة، التي اعتادت أن تخوض حروبها على أرض الآخرين.

ما يستشف من مواقف بعض المشرعين الأميركيين، أن هناك تحت قبة الكابيتول من يدعو الى تبني خطط “تل أبيب” ضرب كل القوى التي تهدد أمنها الاستراتيجي أو أمنها الوجودي، كما أن بايدن يبدو كما لو أنه يقف على ساق واحدة. يعلم أن أي حرب كبرى ستأتي بنتائج كارثية على المصالح الأميركية. في الوقت نفسه يخوض معركة انتخابية ضارية للمرة الأولى. من يحطم رأس من؟ هذا ما يجعله رهينة في قبضة الصقور في اللوبي اليهودي.

الطروحات الأميركية حول الدولة الفلسطينية ليست أكثر من فقاعات اعلامية، وتنفجر بين قدميّ نتنياهو.

هذا لا يعني أن الحرب ستكون برداً وسلاماً على لبنان، كدولة في حالة الموت السريري، وكمجتمع معلب طائفياً وسياسياً (التعليب الداخلي والتعليب الخارجي)، ما يجعله قابلاً في أي لحظة للانفجار. تالياً… انفجار الدولة.

أي حرب تعني أن لبنان سيعود الى ما قبل العصر الحجري، باعتبار أننا الآن على تخوم العصر الحجري، على الرغم من أن برامج الترفيه تبشرنا بأن حذاء ميريام فارس من تصميم لوي فيتون، وأن الملابس الداخلية لهيفاء وهبي (اذا كانت هناك ملابس خارجية) من تصميم فيكتوريا سيكريت، التي من أشهر زبائنها ناعومي كامبل وكيم كاردشيان.

ديبلوماسي مصري صديق قال لنا “لا تناموا على حرير، وان كان أنتوني بلينكن قد اشتكى لنا بأن حكومة نتياهو تلعب بأعصابنا”. المشهد كوميدي أم تراجيدي؟ أمبراطورية وتجرّها ذئاب مجنونة…

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى