رياضة و شباب

التمارين الرياضية وأهميتها عند المُصابين بأمراض القلب

-مقدمة:خِلافا لما هو شائع بين معظم شرائح المُجتمع ،وخاصّة عند المرضى الذين يُعانون من أمراض القلب والشرايين، بأنّ عليهم مُدارة أنفسهم أو مُداراة أصدقائهم وأقاربهم المُصابين بأمراض القلب والشرايين وعدم القيام بأي نوع من التمارين الرياضية أو الجهد الجسدي من أجل عدم اتعابهم أو تفاقم حالتهم الصحية،فانّ مُعظم المُعطيات والدراسات العلمية المُحكَمة تُشير الى أنّ الرياضة مُفيدة بشكلٍ عام لمعظم مرضى القلب والشرايين .
وبعكس ما يعتقد البعض فانّه يمكننا القول بأنّ حوالي 90 بالمئة من المرضى المُصابين بأمراض القلب والشرايين يُمكنهم وتحت اشراف أطبائهم مُمارسة او مُعاودة مُمارسة معظم أنواع التمارين الرياضية الهوائية كما سنرى لاحقا ،ويُحظّر عليهم فقط القيام بالتّمارين غير الهوائية.وهذه القاعدة تصلح بشكل عام لكل المرضى الذين يكونون في حالة "صحيّة قلبية مستقرة " ويُمنع فقط من مُمارسة الرياضة بعض المرضى الذين يعانون من "حالات غير مستقرة" او يكونون في حالات صحية قلبية مُتقدّمة أو مُتدهورة للغاية. وقد أثبتت هذه الدراسات أهمية اعادة تأهيل المرضى الذين تعرضّوا لأزمة قلبية ما أو الذين خضعوا لعمليات قلب مفتوح أو عمليات فتح للشرايين التاجية للقلب، لما لذلك من دور كبير في اعادتهم الى محيطهم المهني والاجتماعي والاقتصادي عبر اعادة تأهيلهم لتحمّل مسؤولياتهم المتعدّدة، ولما للمداومة على التمارين الرياضية الدورية من فوائد كبيرة في الوقاية الثانوية من هذه الأمراض ومساهمة هذه التمارين في مكافحة معظم عوامل الخطورة المسبّية لأمراض القلب والشرايين،فهي تحسّن الضغط الشرياني وتخفّض الوزن وتساعد في تخفيض الذهنيات الضارة وارتفاع مستوى الذهنيات المفيدة وتخفّف من نسبة مقاومة الخلايا لعمل هرمون الانسولين ،والذي يشكّل المدخل الرئيسي للعبور لمرض السُكّري.كذلك لما للتمارين الرياضية من دور في تقوية عضلة القلب وزيادة سماكتها وفعاليتها وفتح الشرايين الكبيرة والمساهمة في فتح شعيرات شريانية صغيرة تشكّل رواسب أساسية لتغذية عضلة القلب.كذلك فانّ التمارين الرياضية تخفّف من نسبة تخثّر الدم وتخفف عوامل التجلط وتزيد مناعة الجسم وتقوّي العظام والعضلات الخارجية وتزيد الثقة بالنفس وتحارب القلق والتوتر والاكتئاب.

2 -الفوائدالعامة للتمارين الرياضية : توجد عوامل مساعدة لزيادة نسبة الإصابة بأمراض القلب، ومن ضمنها  الحياة الخاملة، لكنها من العوامل التي يسهل التغلب عليها، إلى جانب عوامل عديدة أخرى تساعد وتزيد من نسبة الإصابة بأمراض القلب منها: ارتفاع ضغط الدم، السمنة وزيادة نسبة الدهون بالجسم، التدخين، السكر، ارتفاع نسبة الكولسترول بالدم، والتوتر النفسي والعصبي، وأفضل طريقة للتغلب علي هذا الخمول وتحسين الصحة هي القيام بالتمارين الرياضية. إن التمارين الرياضية لا تقلل فقط من نسبة الإصابة بأمراض القلب، ولكنها تحسن أيضاً اللياقة البدنية للإنسان وخصوصاً بعد الإصابة مرة واحدة بهبوط في القلب، وتساعد أيضاً على تجنب كثير من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.
فوائد الرياضة لمرضى القلب
يجب معرفة أن القلب هو أهم عضلة في جسم الإنسان، وكأي عضلة أخرى تحتاج لتدريب حتى تصبح أقوى، وبأداء بعض تمارين اللياقة البدنية (الأيروبيك) مثل ركوب الدراجات والمشي والسباحة، فإنك تقوي عضلة القلب لتعمل بكفاءة، وفي نفس الوقت تساعد على انخفاض ضغط الدم المرتفع، وتقلل نسبة الكوليسترول في الدم، وتقلل كمية الدهون في الجسم، وتساعد في الابتعاد عن التوتر النفسي، وكنتيجة نهائية تقليل نسبة الإصابة بأمراض القلب.

3- أنواع التماريين الرياضية :
هناك نوعان من التمارين الرياضية هما :
– التمارين الهوائية (Aerobic Exercises)
هذه الأنواع من الرياضة تستدعي زيادة في أستعمال الأوكسجين بشكل كبير من قبل الجسم ، حيث يشكل المستوى الأقصى لاستخراج الأوكسجين العامل الأساسي فيها . ويعتبر ارتفاع هذا الأخير من أهم مؤشرات اللياقة وقوة الرياضيين ، وهذه التمارين هي القاعدة الأساسية لأهم أنواع الرياضات مثل : الركض ، المشي السريع ، التزلج ، التجذيف ، السباحة ، ركوب الدرجات الهوائية ، الكرة على أنواعها ورياضات أخرى متعددة.
   
– التمارين غير الهوائية (Anaerobic Exercises)
وهي عبارة عن مجهود حاد يمارس في حالة لاتتوافر فيها كمية الأوكسجين التي يستلزمها المجهود (رفع الأثقال ، كمال الأجسام ، شد الحبال …) وهذه الرياضات تتطلب مجهودا كبيرا من القلب وتسبب ارتفاعا شديدا للضغط الشرياني خاصة في مستواه الأدنى ، لذلك يجب الأمتناع عنها بعد تخطي سن ال 35 سنة أو عند المصابين بأرتفاع الضغط الشرياني أو بأمراض القلب الا بعد أستشارة الطبيب المختص .

  ويمكن أيضا أن نقسم التمارين عموما الى تمارين موضعية والى تمارين عامة ، وينصح عادة أن تكون التمارين عامة وشاملة لكل الجسم لكي تكون الفائدة أشمل ، وهذا مانحصل علية عن طريق ممارسة الركض ، السباحة ، التزلج والتجذيف مثلا .

4- كيفية القيام بالتمارين الرياضية :
قبل القيام بأي عمل رياضي لابد من مراجعة الحالة الصحية العامة وأستشارة طبيب العائلة أو  طبيب  القلب العام او حتى طبيب لقلب المتخصص  بالرياضة عند المصابين بأمراض القلب والشرايين أو بأمراض الجهاز التنفسي ،واجراء الفحوصات اللازمة لمعرفة قدرات هذين الجهازين على القيام بالمجهود . ويجب علينا أتباع قواعد أساسية في التمارين ،منها التدرج في الحدة وفي مدة التمارين واعتماد فترات منتظمة للأسترخاء ولأسترجاع القوى لأن أي عمل رياضي يترافق مع تفاعلات من قبل الجسم ، وهذه الأخيرة تحتاج الى بعض الوقت لكي تعود الى حالتها الطبيعية ، مثل ارتفاع حرارة الجسم ، تغيرات في الماء والملوحات وفي خزانات الطاقة في الخلايا .

أخيرا  يجب الاستمرارية في العمل الرياضي ، لأن التوقف الطويل عن التمارين يعيدنا بسرعة الى حالتنا السابقة ويفقدنا كل الفائدة التي كسبناها من التمارين السابقة ، ويجب  ألا ننسى أيضا البرمجة وتوزيع فترة التمارين حسب المواسم الرياضية وهذا يخص أكثر الرياضين المحترفين .

  5-الفحوصات المطلوبة قبل البدء بالتمارين الرياضية:
وهي فحوصات عادية قد نطلبها لكل مريض يُقرر ان يبدأ ببرنامج تمارين رياضية، او قد تكون فحوصات اخرى مُتخصصة قد نطلبها عند الأشخاص الذين يرغبون بالإحتراف الرياضي ومن اهمها فحص الجهد المتخصص مع قياس نسبة إستخراج كمية الأوكسجين في تلدم بالدقيقة. وهذا المؤشر هو اهم المؤشرات التي نقيس من خلاله اللياقة او الكفاءة الرياضية والقدرة القصوى على الإستمرار وتحمُّل الجهد .
ويشمل الفحص الأسئلة حول عوامل الخطورة العادية لأمراض القلب مثل التدخين وارتفاع الضفط الشرياني والدهنيات والسكري والبدانة والقلق والتوتر وعيرها.
ثم يأتي الفحص السريري العادي الذي نُجريه عند كل مريض عادي وتخطيط القلب العادي EKG وقد نطلب التصوير الصوتي للقلب مع الدوبلر  عند الحاجة للكشف على اي خلل في عمل عضلة وصمامات القلب.

وهناك دور  أساسي لفحص الجهد الطبيعي او العادي للقلب(Standard Stress test) وهو فحص الجهد المتخصص الذي نطلبه في بعض الحالات وهو يسمح ايضا بدراسة نسبة إستخراج الأوكسيجن القصوى على الجهد ويعطي فكرة عن لياقة الرياضي كما قُلنا سابقاً.
ولكي تكون الرياضة مفيدة يجب أن يبذل فيها الشخص جهدا معينا كافيا لرفع مستوى ضربات القلب الى منطقة هدفة ، والتي حددتها درسات وضعها أخصائيو القلب وخبراء الرياضة والفيزيولوجيا لكل فرد على حدة ، تبعا لعمره ومستوى تكيفه الجسماني وحالتة القلبية ، ويجب أن يكون التمرين على درجة تصل فيها ضربات القلب من 60 الى 65% من سرعة النبض القصوى التي تسمى منطقة الهدف، والتي من الممكن أن يصل أليها نظريا أي أنسان طبيعي ، وهذه المنطقة (الهدف) نحصل عليها بطرح العمر بالسنوات من الرقم 220 ( مثلا 220-30=180 ) نبضة في الدقيقة عند رجل عمرة 30 سنة ، ويفترض أن يستمر التمرين البدني مابين 30 و 45 دقيقة يتخللها 5 الى 10 دقائق للأستعداد ، تليها 20 الى 30 دقيقة من الرياضة الفعلية ، وتنتهي بفترة 5 الى 10 دقائق من الأسترخاء ، ويجب أن تتكرر هذه الرياضة ثلاث أو أربع مرات على الأقل أسبوعيا لكي نحصل منها على أكبر قدر من الأفادة.

نشير هنا الى أن سرعة نبض القلب المذكورة آنفا تعتبر ملائمة للأشخاص الطبيعيين الذين لا يشكون من مشاكل قلبية أو رئوية ، ولكن ليس للذين يتناولون أدوية قلبية ، أو يشكون من أمراض قلبية مختلفة .
كذلك نشير الى أنه لابد من أجراء فحص تخطيط القلب على الجهد  Stress test   قبل البدء بالرياضة اذا كان عند الشخص عوامل خطورة مسببة لأمراض القلب والشرايين ، أو علامات تجعلنا نشك بأمكانية وجود مثل هذه الأمراض . أما المريض الذي نعرف بأنه مصاب في شرايينه التاجية أو عنده قصور في وظيفة عضلة القلب ، أو أنه مصاب بأرتفاع الضغط الشرياني ، فننصحه بتوخي الحذر قبل الشروع في ممارسة أي نشاط رياضي ،وألا يتخطى حدود طاقتة البدنية ، وأن يخضع للفحوصات اللازمة وخاصة فحص تخطيط الجهد حتى يتم تحديد العتبة التي يمكن له بلوغها دون أن يعرض نفسه لخطر الأصابة بالأزمات القلبية والمخاطر الأخرى لهذه الأمراض .
6- فوائد التمارين الرياضية :
ان المثابرة على التمارين الرياضية المستمرة ( من ثلاث الى أربع مرات في الأسبوع أو أكثر ولفترة نصف ساعة الى ثلاث أرباع الساعة في كل مرة ) تؤدي الى :
– اشتداد قوة عضلة القلب وزيادة سماكتها وحجمها ( تضخم أيجابي في عضلة القلب ).
– زيادة قطر الشرايين التاجية وزيادة الشعيرات الشريانية واستعمال شعيرات شريانية كانت خاملة قبل التمارين ( زيادة تغذية عضلة القلب ).
– هبوط معدل نبضات القلب الى 40 أو 50 ضربة في الدقيقة (وضع القلب في خالة راحة نسبية).
– أرتفاع مستوى الكولسترول النافع ((HDL-Cholesterol وأنخفاض مستوى الدهنيات الضارة (LDL-Cholesterol) و (Triglycerides) .

– أنخفاض معدل الضغط الشرياني وتحسن حالة المصابين بمرض أرتفاع الضغط الشرياني .
– أنخفاض مستوى مقاومة الأنسولين وتحسن حالة المصابين بمرض السكري.
– تخفيض الوزن عن طريق حرق الوحدات الحرارية.
– تقوية العظام والعضلات في جميع أنحاء الجسم.
– تخفيف حالة التوتر النفسي وبعث حالة من الثقة بالنفس ورفع مستوى النشاط الجسدي والذهني والنفسي .
– دور كبير في إعادة التأهيل المهني بعد  الإصابة بأزمة قلبية حادة وعلاج حالة الإكتئاب التي قد تصاحب ذلك.
– دور إجتماعي كبير من خلال دفع الشباب الى الإبتعاد عن العادات الإجتماعية السيئة مثل الإدمان على التدخين و النرجيلة والكحول والمخدرات بسبب التسكع في الشوارع والأحياء الفقيرة ،وقدرة الرياضة على محاربة العزلة الإجتماعية عندهم وتخفيف التوتر والإكتئاب وبعث الثقة في نفوسهم.
 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى