منوعات

عقل وقلب وحواس ..وحقيقة غائبة

 


و كان لي حواس خمس، تحوّلت مجتمعة لسادسة تقبع في قلبي الزهريّ كنجمة زرقاء .
لي بصرٌ ما عاد يلزمني بالنظر، صرت ببصيرتي اميّز بين نمل صباح الصيف ونمل مساء الشتاء.
ما حاجتي للسمع وانا  بالصمم مستأنسٌ بضجيج هدوء الاكوان والاشياء.
ليس الذوق بضرورة طالما أني محجور ،آكل لوحدي في وحدتي، في مدينة يسكنها ملايين الجن والعفاريت والمجرمين والأخيار والناس المتوحدين ، الغارقين بعالمهم الخاص والمشغولين بهواتفهم الخليوية.
ما قيمة اللمس وانا تخليت عن عاطفتي وعن وجداني وعن الحب وعن الغرام وعن الافراح وعن الاحزان، عن الخيبات وعن الاغاني لصالح عقل مقتنع انه سيّد وعيي عند يقظتي وامير الاحلام عند نومي ، انه ينبوع اللذات الذاتية واوّل وآخر الانتصار.
مذ وعيت اكتشفت عقلي وانا ازداد اكتئابا ،تارة امضغ ورقة الكوكا وتارة اخرى امضغ ورقة القات.
ما عاد للشمّ في الصيد من قيمة، لا بتعقب الفريسة و لا بضمّ الازهار فكل ما احتاجه بندقية وقذيفة وثياب انيقة و مال حرام .

بين عقل وقلب امتد الخراب وانا في فضاء التعاسة احلق وحدي كغراب.

وكان لي حواس خمس، تحوّلت مجتمعة لسادسة بأمر من  كتابي ومن استاذي ومن علوم ما انتجت الا نظريات لحروب متكررة ،لسادسة تقبع في قلبي الزهريّ كنجمة زرقاء.
ما عدنا بحاجة لحواس خمس في زمن الاختصار والانتظار والحوصة والاحتضار.
ادخلنا العقل في كل اشكالية وتفاخرنا بالتحليل في كل قضية واسرفنا في علم المنطق والجدل والحوار، حتى في لغة الاشارة تفلسفنا وتعقلنا حتى صار القلب والحواس عار بعد عار.
اقنعونا واقتنعنا بان العقل باب الحقيقة وحقل الافراح ، وبأن النجاح في الدوس على القلب للانطلاق.
مضى الزمان فلا العقل ادرك الحقيقة ولا القلب ادرك الحبيب وضاع العمر ونحن لا ندري ماذا نختار؟
كل الذين اعتنقوا العقلانية بصرامة ماتوا قهرا او بانفجار، وكل الذين اعتنقوا الحواس والقلب ماتوا في ندمهم و حسرتهم او بانتحار، وكل الذين جمعوا هذا مع ذاك اصيبوا بالجنون اي بالفصام.
عقل ام حواس وقلب ، الافضل ان تبقى عفويا وان تقتنع ان لا وجود لحقيقة وان ترفض الاختيار.
الحقيقة الوحيدة التي تسعدك هي باقتناعك ان لا وجود للحقيقة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى