رأي

طبول الحرب:أميركا ليست قدرا..


بصراحة، لا أعرف اذا ما كانت الحرب الشاملة ستندلع في المدى المنظور بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية.ربما أميركا نفسها لا تعرف ذلك.
ما هو معروف حتى الآن أن ايران لن تبدأ الحرب ،لكنها لن تسكت على العقوبات الأميركية .والواضح حتى الآن أن الإدارة الأميركية لا ترغب في الحرب ،لأنها تخشى النتائج الخطيرة التي قد تنجم عنها.
في كل الأحوال ليس موضوع اسقاط طائرة التجسس الأميركية من قبل الدفاعات الجوية الإيرانية فجر الخميس ،مجرد حدث بسيط أو عابر ،لا على المستوى العسكري ولا السياسي ولا التقني.
فالطائرة بحد ذاتها ليست قطعة ورقية أو حتى من طراز الطائرات المسيرة العادية ،بل يكفي القول إن قيمتها البنكية تساوي 180 مليون دولار بحسب المعلومات الموزعة عنها في محركات البحث العنكبوتية والخبراء المختصين ،فضلا عن قدراتها التقنية الغزيرة.
عسكريا أثبتت ايران امتلاكها الدفاعات الجوية الفائقة الدقة ،وهي المرة الأولى التي تواجه فيها التقنية العسكرية الأميركية ،وهو ما يزيل عن أعين خصوم ايران أي غشاوة عن هذه القدرات والتي كان البعض يتعاطى مع تصريحات القيادات الإيرانية عنها بنوع من المهزأة ويصف هذه التصريحات بالبطولات الفارغة.
في السياسة ليس من تواجهه ايران مجرد دولة هامشية ،بل هي الولايات المتحدة الأميركية بما تملك من قدرات عسكرية هائلة لا يجرؤ على مواجهتها أو تحدي كبريائها الكبار الكبار.وفي هذا المجال أكدت طهران أنها لن تتهاون في مواجهة أعتى القوى الكبرى على الرغم من الفارق الكبير في الإمكانات العسكرية والاقتصادية.
ليست المواجهة متكافئة بين ايران والولايات المتحدة ،لكن التردد الأميركي يوحي بأن واشنطن تتعاطى مع الجمهورية الإسلامية كدولة كبرى من طراز روسيا والصين .وتبدو ايران بالتالي دولة عظمى تحترم كبرياءها وتحفظ كرامتها أيا كان الثمن.
لا يمكن لعاقل أن ينكر القدرات والإمكانات التي تتمتع بها الولايات المتحدة الأميركية سياسيا وعسكريا واقتصاديا .ولعله من نافلة القول إنها الدولة الأقوى في العالم ،وهي تتحكم بمصير الأمم ،تهديدا ووعيدا وعقوبات ،والغالبية العظمى من دول العالم تخطب ودها ولا تجرؤ على معاندتها ،وكأنها قدر محتوم على هذا العالم.ولكن ثبت بالوجه الشرعي أن أميركا ليست قدرا يستحيل مواجهته ،ولطالما تعرضت لهزائم مذلة خلال العقود الماضية ،من فييتنام ،الى كوبا ،الى كوريا الشمالية ،الى لبنان ،الى ايران وغيرها .فقط عندما تتوافر الإرادة لدى الشعوب للمواجهة ، يمكن لأميركا أن تهزم وتفشل.ومن هنا تراهن ايران على إرادة المواجهة.
تقع الحرب أو لا تقع ،لم يعد هذا هو السؤال الحائر الذي يرغب الجميع بالاجابة عليه.ان أميركا نفسها حائرة ومرتبكة ولا تستطيع الإجابة على هذا السؤال.المهم :أي نتائج ستخرج بها هذه الحرب ان وقعت،وماذا سيطال العالم أجمع من  نتائج هذه الحرب في منطقة تتداخل فيها السياسة بالاقتصاد بالدين ؟
ثمة سؤال آخر يحتاج الى جواب مقنع:هل تريد أميركا فعلا إضعاف ايران الى الحد الذي لا تشكل فيه فزاعة لبعض دول المنطقة التي تصرف بسخاء للخزائن الأميركية؟
وحده دونالد ترامب يستطيع الإجابة بصراحة على هذا السؤال!

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى