العالم العربيسياسة

هل سيفهم اردوغان لماذا تبادر ايران للوساطة بين تركيا و سوريا ؟

 


           د. جواد الهنداوي *

الأزمة في سوريا ، والتي هي ليست أزمة سورية وانمّا أزمة عربية واقليمية و دولية في الساحة السورية وعلى حساب الشعب السوري والسيادة السورية ، أماطت اللثام عن الوجوه الحقيقية لبعض القادة ، ومنهم الرئيس اردوغان . بإسم الامن القومي التركي و مصالح الشعب التركي يمارس الرئيس ، وبشكل مفضوح ، الكذب والنفاق والابتزاز و الاعتداء و توظيف الإرهاب ، وضحايا الإرهاب ( اللاجئين ) ، شرقاً و غرباً ، في سوريا مثلما في ليبيا . أصبحَ سمساراً مختصاً في نقل الإرهابين و بالآلاف من أدلب الى ليبيا ،أمرٌ يدّلُ على أنَّ الإرهاب كان و لايزال وسيلة لبعض الدول في تحقيق أهداف سياسية : التوسع الجغرافي و النفوذ ، إسقاط أنظمة دول ، إنهاك و تدمير  مقومات لدول .
أصبحت تركيا كحال اسرائيل تستخدم الاحتلال والإرهاب   لضمان المصالح و توسيع النفوذ في المنطقة .
أعلنت امريكا ، وعلى لسان وزير خارجيتها ،بومبيو ، تضامنها و دعمها للاحتلال التركي في أدلب و ما تقوم به تركيا في شمال سوريا و شرق حلب ، و أوفدت السفير جيفري الى تركيا للتشاور و اعلان التضامن لما تقوم به " حليفنا في الناتو من اجل استقرار المنطقة " هذا ما قاله وزير خارجية امريكا ! امريكا ترى و تقول بانَّ الاحتلال التركي و ما تقوم به تركيا من عمليات دعم وتسليح للإرهابين ونقل أعداد كبيرة منهم الى ليبيا هو من اجل استقرار المنطقة …!
تدرك ايران ، ومعها محور المقاومة ، حقائق و معطيات عن العربدة التركية في سوريا ، وتتصرف سوريا عسكرياً و روسيا و ايران سياسياً على ضوء تلك الحقائق و المُعطيات . فما هي ياترى تلك الحقائق و المعطيات ؟
      – لا أحد يشكُ في حقيقة مفادها سعي  امريكا ومن خلفها اسرائيل الى تأجيج الفتنة و الاقتتال في المنطقة ،بين دولها او بين طوائف و قوميات شعوبها  . تصعيد و مناوشات و حرب بين تركيا وسوريا يصّبُ في مصلحة اسرائيل و امريكا ، يدفع تركيا للارتماء في احضانهما  و الامتثال لاستراتيجيتها . حرب استنزاف بين تركيا وسوريا تساهم في إضعافهما . ومثلما قال مندوب سوريا الدائم لدى الامم المتحدة السيد بشار الجعفري " امريكا والغرب يسعون الى توريط تركيا " .
      – بادرت ايران رسمياً ، وعن طريق مندوبها في الامم المتحدة ، الى عرض وساطتها بين تركيا وسوريا . تُظهِرْ ايران و امام المجتمع الدولي سعيها الى التهدئة و احلال السلام وليس الى التصعيد ، رغم انها تدعم سوريا عسكرياً في محاربة الإرهاب وجبهة النصرة في أدلب ،وهولاء هم حلفاء تركيا و مدعومين بالمال وبالسلاح وحتى بمقاتلين  من الجيش التركي .
تهديد ايران لاسرائيل بالرّد إنْ هي اقدمت على ضرب المصالح الإيرانية في سوريا هو في ذات الوقت رسالة الى تركيا ،فحواها انَّ ايران لم تقف مكتوفة الأيدي ازاء الاعتداء على مصالحها في سوريا .
مبادرة و تصريحات ايران تجاه الأزمة في سوريا وتجاه ما تقوم به تركيا في سوريا لم تحصل دون تنسيق وتشاور مع روسيا ،الفاعل الأقوى سياسياً وعسكرياً في الساحة السورية . المبادرة الإيرانية هي بالأحرى مبادرة روسية ولكن بلسان إيراني و بهوية ايرانية ، وتعمدت روسيا بالكف عن سياسة الجزرة مع تركيا لعدم التزامها بتعهدات سوتشي تجاه روسيا وسوريا ، تدعم روسيا اليوم سياسة العصا تجاه تركيا ،والعصا هي بيد الجيش العربي السوري .
*سفير عراقي سابق.رئيس المركز الأوروبي العربي للسياسات وتعزيز القدرات


 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى