دولياتسياسة

سيناريوهات مساءلة ترامب أمام مجلس الشيوخ

 

كتب عمر علاء*
يبدو أن الشارع السياسي الأمريكي، لا يريد أن يطوي صفحة الرئيس السابق، دونالد ترامب، فرغم تركه للسلطة في 20 كانون الثاني الجاري، إلا أن ملاحقة مجلس النواب الأمريكي له ما تزال قائمة، وأرسل مجلس النواب الأمريكي، أمس الاثنين، عريضة الاتهام ضد الرئيس السابق ترامب لمجلس الشيوخ تمهيداً لمحاكمته، ليكون بذلك أول رئيس في التاريخ يتم تفعيل إجراءات العزل ضده مرتين.
ويحاكم ترامب بتهمة التحريض على التمرد بعد أن دعا أنصاره، في يوم 6 كانون الثاني الجاري، للذهاب لمقر الكونغرس، للاحتجاجات على التصديق على نتائج الانتخابات الأمريكية التي يزعم ترامب أنها زوّرت، تبع ذلك اقتحام أنصار ترامب لمبنى الكابيتول، وتعطيل عمل الكونغرس، وأدت أعمال الشغب لسقوط خمس ضحايا.
وتعد تلك المساءلة هي الرابعة من نوعها في تاريخ الولايات المتحدة، ولم يفصح الكونغرس حتى الآن عن مدة المحاكمة وما إذا كان سيتطلب الأمر إحضار شهود أم لا.
السيناريو الأول: استبعاد إدانة ترامب
ولإدانة ترامب، فإن هناك مهمة صعبة للحزب الديمقراطي متمثلة في ضرورة تصويت 17 سيناتور من الحزب الجمهوري الذي ينتمي له ترامب لصالح إدانة الرئيس السابق.
ولاستكمال إجراءات المساءلة والمحاكمة، يجب أن يصوت ثلثا مجلس الشيوخ (67 عضو) لصالح إجراءات العزل، ويمتلك الحزب الديمقراطي حالياً 50 مقعدا في مجلس الشيوخ، فيما يمتلك الحزب الجمهوري 50 مقعدا، الأمر الذي يعني ضرورة تصويت 17 سيناتور جمهوريا لصالح عزل ترامب، الأمر الذي يستبعده الكثيرون.
واستبعد مصطفى كمال، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إدانة ترامب، قائلاً: «في أسوأ الأحوال ستتم محاكمة ترامب محاكمة شكلية»، مشيرا إلى أنه من الصعب إدانة ترامب لأن الأمر يتطلب استمالة 17 سيناتور جمهوري للتصويت لإدانة ترامب.
ونجا ترامب من محاولة عزل في شباط 2020، عندما تحرك ضده اتهام من قبل مجلس النواب، باستغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس، لكن مجلس الشيوخ برأه، واتهم مجلس النواب وقتها ترامب، بالضغط على الرئيس الأوكراني من أجل تشويه سمعة جو بايدن في الانتخابات الرئاسية.
لكن لا يبدو أن الجمهوريين على قلب واحد في ما يخص المساءلة، وصوّت عشرة أعضاء جمهوريين في مجلس النواب لإقالة ترامب عندما صوت مجلس النواب في وقت سابق من هذا الشهر لاتهامه بالتحريض على التمرد، من المرجح أن يصوت عدد قليل من الجمهوريين في مجلس الشيوخ لإدانته أيضًا، حتى لو كان أقل من العدد المطلوب لإدانته ومنعه من الترشح للمنصب مرة أخرى.
السيناريو الثاني: الخلاف على دستورية المحاكمة
ولفت مصطفى كمال، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى أن هناك خلافا قانونيا حول مدى دستورية تلك المحاكمة، خاصة أن ترامب ترك السلطة، مما ينهى إجراءات المساءلة، قبل بدئها.
من جانبه، اعتبر السناتور الجمهوري، روجر مارشال، أن «محاكمة العزل غير دستورية».وقال السناتور الجمهوري، ميت رومني، وهو الجمهوري الوحيد الذي صوت لإدانة ترامب في أول محاكمة لعزله، في تصريحات لـ «سي إن إن»، إنه «من الواضح جدًا أن إجراء المحاكمة كان دستوريًا، مما أدى إلى تراجع الحجة قادمًا من بعض زملائه في الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ، مما يمنحهم سببًا لتبرئة ترامب».
وأضاف: «أعتقد أن ما يُزعم وما رأيناه من تحريض على التمرد هو جريمة تستوجب العزل، متسائلاً أنه ما الذي يستوجب العزل إذا لم يدن على التحريض على التمرد ؟».
الديمقراطيون من جانبهم يجادلون بضرورة مساءلة الرئيس السابق بعد أن حرض مثيرو الشغب الذين اقتحموا مبنى الكابيتول في 6 الجاري في محاولة لمنع الكونجرس من تنفيذ انتقال سلمي للسلطة.
وقال تشاك شومر، زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، أمس، إنه «ليس من المنطقي على الإطلاق أن يرتكب رئيس أو أي مسؤول جريمة شنيعة ضد بلدنا ثم يتفادى العزل بمجرد الاستقالة».
السيناريو الثالث: إدانة ترامب
لكن إدانة ترامب يترتب عليها عزله من تولي أي منصب فيدرالي لاحقاً ومنعه من الترشح للانتخابات القادمة عام 2024. ويرى الباحث في مركز الأهرام «أن إدانة ترامب بهذه الصورة ستضع مبدأ الحرية والديمقراطية في الولايات المتحدة على المحك»، مستبعداً أن يوافق الديمقراطيون أنفسهم على قرار العزل، لأن الدستور الأمريكي يكفل المشاركة السياسية لكل المواطنين.
وذكر السيناتور الجمهوري، ليندسي غراهام، في تصريحات سابقة، أن الرئيس السابق بدأ يشكل فريقا من المحامين للرد على الاتهامات الموجهة من الكونجرس.
وحول السؤال عن حالة ترامب المزاجية بعد مساءلته من قبل الكونجرس للمرة الثانية، قال جراهام «حسنًا، أعتقد أنه يرغب في تجاوز الأمر»، وأنه لن يحضر الإجراءات، مؤكدا مرة أخرى على الرغبة في محاكمة سريعة.
وتعد تلك هي المرة الرابعة التي تُفعّل فيها إجراءات العزل ضد رئيس أمريكي: الأولى كانت مع الرئيس الأمريكي أندرو جونسون في عام 1868، والمرة الثانية كانت في 1998 ضد الرئيس بيل كلينتون، والمرة الثالثة كانت ضد الرئيس السابق دونالد ترامب، في العام الماضي.
لكن لم يسبق أن أدان مجلس الشيوخ أيا من الرؤساء السابقين، ولم يتم عزل أي رئيس أمريكي بشكل فعلى من قبل الكونغرس.
*نشر في "المصري اليوم"

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى