إقتصادبيئة

أزمة النفايات من جديد..والسبب مصرف لبنان(غدي صالح)

 

غدي صالح – الحوارنيوز خاص

عادت روائح النفايات لتطغى على الهواء في عدد من المناطق اللبنانية ومنها بلدات ضاحية بيروت الجنوبية، ومعها يتكرر مشهد محاولة هروب المارة والسائقين من أكوام نفايات متجمعة في الطرق او مرمية في بعض المناطق. وزاد ارتفاع الحرارة من ثقل الازمة يضاف اليها انقطاع الكهرباء وازدياد نسب تلوث الهواء حول حياة العالقين في منازلهم  الى محنة قاتلة.

أزمة النفايات إلى الواجهة في لبنان، على رغم تراجع الحديث عنها في ظل لائحة الأزمات التي تطول والتي كلما اعتقدنا أننا تخطينا إحداها تظهر أخرى.

هي أزمة متجددة دائماً تصيب المواطنين في صلب حياتهم اليومية وتؤثر مباشرة في صحتهم وسلامتهم، وذلك بعد قرار عمال شركة سيتي بلو CITY BLUE الإضراب عن العمل، عقب تبلغهم بتأخير دفع رواتبهم، لأن مصرف لبنان عزف عن دفع مستحقات الشركة منذ عام 2021.

تسونامي نفايات
اشتدت الأزمة يوم الأحد، فحاصرت النفايات أهالي المنطقة بشكلٍ مرعب، مسببةً أزمة سير خانقة، بعدما تكدست أكياس النفايات على طول أوتوستراد هادي نصرلله الرئيسي وفي الشوارع الفرعية، وقرب الأبنية السكنية وعلى جوانب المحال التجارية، وفاضت عن المستوعبات على الأرصفة وتحت الشجر وإلى جوانب أعمدة الكهرباء.

 جولة صغيرة قرب فرع شركة الكهرباء تُشعرك أن المنطقة منكوبة.فجبل من النفايات  انهار على أهل المنطقة، وتبعثرت أكياسها على أطراف الشوارع اليمنى واليسرى وتحت عجلات السيارات. وتمُر السيارات ببطءٍ شديد وبحذرٍ على الأكياس المكدسة على الإسفلت. أما بعض الشوارع الفرعية فقد أغلقت بعد أن عجزت السيارات عن المرور فيها بسبب تكدس القمامة.

روائح كريهة

أدى تبعثر النفايات عشوائيًا إلى انبعاث روائح كريهة ومزعجة في المنطقة، بسبب تكدسها أكثر من 3 أيام في الأماكن نفسها، وقد شلّت الحركة في بعض الشوارع الصغيرة، كحي المقداد الضيق والمزدحم بالمحال التجارية، ويقع على طرف أوتوستراد هادي نصرلله. وامتعض كثيرون من هذا الوضع بعدما طافت الروائح السامة واجتاحت البيوت، ما أجبر بعض أصحاب المحال التي تبيع المأكولات والحلويات الرمضانية إلى نقل بضاعتها من الخارج إلى الداخل حفاظًا عليها. أما أصحاب العربات المتنقلة، فقد أجبروا على تغيير محطتهم التي اعتادوا الوقوف فيها، بسبب هذه الرائحة السامة.

الأهالي يناشدون 
ارتفعت صرخات الأهالي وناشدوا الجهات المعنية، وطلبوا من حزب الله ومن اتحاد بلديات الضاحية التدخل، لرفع النفايات من الشوارع، وذلك بسبب عدم قدرتهم على اجتياز الشوارع أو السير على الأرصفة، وتكاثر الحشرات. كما أن البعض منهم عجز عن ركن السيارات بالقرب من بيوتهم، فاضطروا إلى ركنها في الشوارع المجاورة والبعيدة من أبنيتهم السكنية.

حرق النفايات
وللحد من تفاقم هذه المشكلة، لجأ شبان من المنطقة إلى حرق بعض النفايات المكدسة قرب شركة الكهرباء، في محاولة للتخفيف منها وإزالتها من طريق المارة. لكن الدخان المنبعث من حرقها انتشر سريعًا في الهواء وشكل كتلة سوداء أدت إلى ازدياد زحمة السير، فامتعض أهالي المنطقة الذين أجبروا على استنشاقه.  

إضراب مفتوح
منذ بداية الانهيار الاقتصادي طالب عمال شركة “سيتي بلو” بزيادة رواتبهم، التي تدنت قيمتها الشرائية، بسبب انهيار الليرة وارتفاع الدولار الجنوني. ألا أن مطلبهم لم يتحقق، فطالبوا الدولة اللبنانية بدفع كامل مستحقاتهم منذ عام 2021، لكنها لم تستجب لهم، فتمنعوا عن العمل مراتٍ عدة، لأنهم سأموا الوعود المزيفة.

لذا، قرروا إعلان الإضراب المفتوح يوم الخميس 31 آذار، وعدم العودة إلى عملهم، إلا بعد تحقيق مطالبهم ودفع كامل حقوقهم وزيادة رواتبهم. وشركة سيتي بلو تضم حوالى 800 موظف لبناني، ما يعني أن 800 عائلة لبنانية تعاني من الفقر والعوز بسبب تأخر الدولة عن دفع رواتبهم في وقتها المحدد وحصره بالليرة اللبنانية.

وقد لجأت زوجة عامل الشركة إلى وسائل التواصل الاجتماعي لتطلق صرخة، علها تصل إلى الدولة الصمّاء، قائلةً إن زوجها لم يتقاض راتبه حتى الساعة، والشركة تلقي اللوم على مصرف لبنان، وتؤكد أنها عاجزة عن زيادة أي مبلغ على رواتبهم بسبب الوضع الاقتصادي، ولكنهم يسعون ويحاولون تحسين أحوال الموظفين قدر الإمكان عبر إيجاد الحلول المناسبة. وأكدت بأن موظفي الشركة غير قادرين على تأمين احتياجات عائلاتهم اليومية. فالسلع الموجودة في السوق تباع حسب سعر الدولار اليومي، فيما رواتبهم ما زالت على سعر الصرف الرسمي القديم، فلا يتعدى 100$.

حلول مؤقتة
وبعد مناشدة الأهالي، باشرت بلديات الضاحية الجنوبية العمل على رفع النفايات قدر المستطاع، وذلك تخفيفًا من تداعيات هذه الأزمة، فاستعانت البلدية بآليات تابعة لها ولحزب الله لرفعها ونقلها إلى خلدة. وأشارت إلى أن الأزمة تزداد يومًا بعد يوم، بعد إصرار عمال شركة سيتي بلو على استمرار إضرابهم المفتوح حتى تحقيق مطالبهم، مؤكدين أنهم يحاولون إيجاد الحلول السريعة لتعليق إضراب العمال.  

إمكانات ضعيفة
لا تملك بلديات الضاحية الجنوبية التجهيزات اللازمة لنقل النفايات وفرزها، وأقصى ما يمكن أن تقوم به هو الاستعانة بالشاحنات التي تساعد على رفع النفايات، ونقلها إلى أقرب مطمرٍ في المنطقة، وهو الكوستا برافا،علمًا أن القيام بهذه المهمة يتطلب مجهودًا كبيرًا من البلدية، على اعتبار أنه ليس من ضمن خدماتها وواجباتها. وتكلفة رفع النفايات عالية جدًا، لكنها ستضع كل إمكاناتها اللوجيستية لخدمة أهل الضاحية ولإزالة النفايات، إنما في الواقع لن تستطيع حل هذه الأزمة والسيطرة عليها، بسبب قلة التجهيزات، بل تحاول تخفيفها. ويمكنها رفع النفايات استثنائيًا، ولكنها عاجزة عن رفعها يوميًا لفترة طويلة.

آخر المعلومات تقول إن مصرف لبنان واف قعلى صرف المبالغ المرصودة للشركة ،ما يعزز الآمال بمعالجة هذه المشكلة ،ولكن بعد عناء مرير. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى