رأي

ردا على الدكتور جورج صدقة:غابت عنك أشياء

قرأت اليوم مقالة الدكتور جورج صدقة في صحيفة "الجمهورية" تحت عنوان "معركة نقابة المحررين:الصراع على الاطلال".
    وقد خشيت للوهلة الأولى أن يكون قد كتب هذه المقالة زميل من صحافيي "الجمهورية" الأعزاء ،خاصة وأن رئيس تحرير الصحيفة الصديق العزيز جورج سولاج عضو في مجلس نقابة الصحافة وهو يعرف "البير وغطاه" ويعيش أزمة الصحافة بكل تفاصيلها .
       طبعا من حق الدكتور صدقة،بل من واجبه، كأستاذ في الاعلام وكعميد سابق لكلية الاعلام في الجمهورية اللبنانية ،أن يبدي رأيا في المهنة وقضاياها وفي هموم الصحافيين بشكل عام ،ويقدم بالتالي مقترحات يسعد نقابة المحررين أن تستفيد منها ،لكن أن يكون الدكتور صدقة ،وهو ما هو في قطاع الإعلام ،غائبا الى هذا الحد عن المهنة وهمومها وعن أنشطة النقابة خلال السنوات الماضية ،فإنه لعمري أمر يدعو الى الصدمة ،وينطبق عليه قول أبي نواس :"حفظت شيئا وغابت عنك أشياء".
      كنت أتمنى لو أن الدكتور العزيز قدم اقتراحا تخلفت عنه النقابة خلال السنوات الثلاث الماضية .ولنبدأ من مسألة الانتساب.صحيح أن الكثير من الزملاء ظلوا لسنوات طويلة يسعون للانتساب الى النقابة من دون جدوى ،وقد كنت واحدا منهم ،ولكن أستطيع أن اؤكد أنه خلال السنوات الست الماضية لم يتقدم طلب انتساب مستوفيا للشروط الا وتم قبوله في الجدول النقابي ،فضلا عن تنقية الجدول من الأموات والمتطفلين ،الذين بلغ عددهم نحو 250 اسما.وقد سعينا الى تنسيب كل الإعلاميين العاملين الى الجدول النقابي ،في المرئي والمسموع والالكتروني،من خلال مشروع قانون لتعديل قانون المطبوعات المتخلف ،بالتعاون مع وزارة الاعلام ،وقد أقره مجلس الوزراء في 532017 ،لكن المشروع لم ينتقل الى مجلس النواب حتى الآن لاسباب كثيرة لا مجال لذكرها في هذه العجالة .وكان الهدف من وراء ذلك توسيع النقابة وانشاء صندوق تقاعد للصحافيين وصندوق تعاضد صحي شأن كل النقابات المهنية . فألف ومائتا منتسب الى نقابة المحررين أربعون بالمئة منهم لا يسدد اشتراكه السنوي الزهيد ،لا يصنعون نقابة فاعلة،شأن النقابات المهنية الأخرى التي تضم ثلاثين وأربعين ألفا.نعم وصلنا الى نصف الطريق ،ونأمل في المستقبل أن نجتاز النصف الثاني.
      يقول الدكتور صدقة "ان أحد أسباب انهيار الصحافة المكتوبة في لبنان هو غياب جهاز نقابي سليم يتابع وضع المؤسسات والعاملين فيها ويعمل على تحصينها واستشراف مستقبلها ،اذ لم تنجح النقابة في ان تكون على شاكلة نقابات المحامين والأطباء والمهندسين.."
     في الحقيقة مريع هذا الكلام لشخصية إعلامية يفترض أن تكون على دراية واسعة لواقع الصحافة المكتوبة في لبنان والعالم نتيجة التحول الحاصل منذ سنوات في عالم الاعلام.فالأزمة عالمية ،ويكفي أن نشير الى أن هذه الأزمة أفرزت في الولايات المتحدة وحدها 25 ألف صحافي عاطل عن العمل بحسب تقرير الاتحاد الدولي للصحافيين الذي قدمه في اجتماع في مراكش قبل شهرين  شاركت فيه شخصيا عن نقابة محرري الصحافة اللبنانية،وكان مخصصا لمناقشة هذه الأزمة وسبل معالجتها .ويقال ان العدد ارتفع الى 32 ألفا.
    ومع ذلك تابعنا كنقابة وضع المؤسسات الصحافية والصحافيين وسعينا جهدنا لتحقيق ديمومة العمل ونيل الزملاء حقوقهم ووضعنا المكتب القانوني للنقابة في تصرفهم ،وقدمنا اقتراحات كثيرة وعملية لدعم الصحافة ،بالتعاون مع وزارة الاعلام ونقابة الصحافة ،لكن ظروف البلد أكبر من أن يحقق المرء أهدافه ،وما زالت هذه الاقتراحات تدور في حلقة مفرغة .
أن يحمّل الدكتور صدقة نقابة المحررين مسؤولية أزمة الصحافة المكتوبة وانهيارها في لبنان ،فإن ذلك لعمري ضرب من المغالاة والمبالغة الموصوفة ،وقد أشرنا الى عالمية هذه الأزمة .وكنا نتمنى لو أن الدكتور العزيز طلب مساءلتنا في اجتماع مع مجلس النقابة ،على الأقل للاطلاع فقط على سعينا الدؤوب الذي مارسناه خلال السنوات الماضية ،ولا ندعي أنه حقق أهدافه الكاملة ،قبل أن يرمي النقابة بسهام التجريح التي أطلقها.وفي كل الأحوال ما يزال المجال مفتوحا لذلك ،فليس كل ما يعرف يقال في هذه العجالة ،وسوف يكتشف بالتأكيد كم كان ظالما بحق هذه النقابة .واستطيع أن أؤكد له باسمي وباسم الزملاء الذين ستحملهم الانتخابات الأسبوع المقبل ،اذا قيض لنا ذلك ،أننا على استعداد دائم للمساءلة والاستماع والسعي لتحقيق كل الاقتراحات .
أكتفي بهذا القدر ..وللحديث صلة.
                                                              
                                                               واصف عواضة
                                                   عضو مجلس نقابة المحررين

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى