دياب :لن اترك شعبنا فريسة الحصار والظلمة.. وهذه سلّة المشاريع الصينية
الحوارنيوز – خاص
يستشعر رئيس الحكومة حسان دياب أن الضغط الأميركي على لبنان بدأ يتحول الى حصار خانق مع توقف مصرف "جي بي مورغن" الأميركي عن فتح اعتمادات مخصصة لشراء فيول أويل لصالح شركة كهرباء لبنان بناء لطلب من المصرف المركزي اللبناني، ومنع شركة جنرال الكتريك من المشاركة في مناقصة معامل الكهرباء ،ومن خلال ما كشفته التحقيقات القضائية من الدولارات الأميركية سحبت من الأسواق اللبنانية بكميات كبيرة بواسطة أحد المصارف المعروفة بعلاقتها المميزة مع الإدارة الأميركية…
لا يرى الرئيس دياب، وفق مصادر مطلعة ل "الحوارنيوز" أن ما يحصل سببه عوامل داخلية فحسب، على أهمية العناصر الداخلية للأزمة. ويقول أحد المصادر أن الرئيس دياب متمسك بالعلاقات التاريخية للبنان وصداقاته التقليدية ومواقفه المتوازنة ،إلا أن ذلك لا يعني أنه سيترك شعبه فريسة الحصار والجوع والظلمة، وسيطرق كافة الأبواب لإيجاد حلول وأولها باب الصين التي عرضت علينا تصورا للحل يخدم المصالح اللبنانية.
وقللت المصادر من الحديث عن مخاطر العمل مع الصين أو التوجه شرقا. فالولايات المتحدة الأميركية هي من أكبر زبائن الصين على الإطلاق وتربطها علاقات تجارية ومالية بمئات المليارات".
ماذا تقول المعلومات عن المشاريع الصينية؟
كتبت صحيفة "الأخبار" في هذا المجال ما يلي:
" كسر الاجتماع الحكومي مع السفير الصيني في بيروت رتابة المشهد وانعدام الأفق، مع إعلان الرئيس حسان دياب استعداد لبنان لتلقّف رسائل صينية، وتحويلها إلى التنفيذ. "الأخبار"، تنشر فحوى رسالتين وصلتا إلى الحكومة قبل 10 أيام، تؤكد فيهما عشر شركات صينية ضخمة استعدادها للاستثمار في مشاريع بنى تحتية في لبنان، رغم الأزمة المالية التي يمر بها
بعد أسبوع على وصول رسائل حاسمة من كبريات الشركات الصينية إلى الحكومة اللبنانية، مبديةً استعدادها للاستثمار في مشاريع البنية التحتيّة اللبنانية على نطاق واسع، عقد رئيس الحكومة حسّان دياب، أمس، اجتماعاً ضمّ وزراء البيئة والصناعة والأشغال والنقل والسياحة والطاقة، مع السفير الصيني في بيروت وانغ كيجيان، ناقشوا خلالها المشاريع التي يمكن لبكّين أن تساعد لبنان عبرها لتطوير بناه التحتيّة.
ويشكّل اجتماع أمس، ودعوة السفير الصيني إلى اجتماع واسع من هذا النوع، علامة فارقة في مسيرة الحكومة، بعد أشهرٍ من التعثّر، وانعطافة رسمية لبنانية لم تحصل منذ زمنٍ طويل، نحو الانفتاح على طروحات بعيدة عن "التعليب" الموجّه إلى الخيارات الغربية.
خطوة الحكومة، وإن كانت أوليّة، إلّا أنها ستفاقم نقمة واشنطن، التي أساساً لا تنوي تقديم أي مساعدة حقيقيّة، ويسود فيها رأي الفريق الرئاسي بحصار لبنان حتى "الذوبان الكلّي" أو "total meltdown"، كما يسميه مسؤول الملفّ السوري وضابط الاستخبارات العسكرية الأميركية جويل ريبورن.
ومنذ رفع الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصر الله صوت "التوجّه شرقاً"، كخيار موازٍ بديل من العبودية للصندوق، تحوّل لبنان إلى ساحة للنّزال الإعلامي بين الدبلوماسية الأميركية والسفارة الصينية في بيروت.
بدأ استنفار واشنطن مع مقابلة مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، ثم تبعته السفيرة دوروثي شيا بتحريض ضد الصين ينبثق من الدعاية التي يروّجها فريق الرئيس دونالد ترامب في حملة التهويل من الخطر الصيني على العالم، مع تعاظم الصراع الاقتصادي والسياسي بين القوّتين. بالتوازي، نشأت في لبنان حملة تسخيف وشيطنة للدور الصيني. ولعلّ ردود الفعل هذه تعبّر تماماً عن مدى القلق الأميركي من انفتاح أي أفق جديد في البلد، يُفقد الحصار فعاليته وشروط صندوق النقد حصريتها، وهي دليلٌ إضافي على جديّة الطرح الصيني، إلى ما هو أبعد من تفاصيل الأزمة اللبنانية.
فبدل أن يساهم الضغط الأميركي على لبنان والمنطقة عموماً، في عرقلة مبادرة "حزام وطريق" (إلى حين)، كما حصل في فلسطين المحتلّة بعد زيارة وزير الخارجية مايك بومبيو ولقائه رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو وإبلاغه إياه تحذيراً من ترامب حول التعاون مع الصين، سرّع "فائض القوّة" الأميركي ضد بيروت وتيرة الانفتاح الصيني ــــ اللبناني المتبادل.
وفي تفاصيل الاجتماع، علمت "الأخبار" أن كيجيان قدّم شرحاً حول آلية عمل الشركات الحكومية والخاصة الصينية، وآليات منح قروض الاستثمار، وجرى النقاش مع كلّ وزير حول المشاريع التي تعني وزارته، من سكك الحديد ومعالجة المياه والكهرباء إلى معالجة النفايات والمشاريع الصناعية، فيما كلّف دياب وزير الصناعة عماد حب الله بمتابعة ملفّ التعاون مع الشركات الصينية. وبحسب مصادر في رئاسة الحكومة، فإن "الاجتماع كان إيجابياً للغاية، والرئيس دياب أكّد أننا لا نريد أن نتوجّه نحو الشرق أو الغرب، لكنّنا منفتحون على كلّ ما يساعد بلدنا وكل من يريد أن يستثمر فيه".
رسالتان وموافقة من "سينوشور"
وحصلت "الأخبار" على نسختين عن رسالتين تلقتهما الحكومة اللبنانية الثلاثاء الماضي، تؤكّد فيهما عشر شركات صينية ضخمة، بقيادة الشركة العملاقة "ساينو هيدرو" (SINOHYDRO)، استعدادها الفوري للاستثمار في لبنان، وتحديداً في محطتي كهرباء وسكّة الحديد الشاملة.
غير أن الموقف الأبرز في الرسالتين هو تأكيد الشركات اندفاعها نحو الاستثمار في لبنان، على رغم الأوضاع المالية للبلاد، وإعلان لبنان تعثّره عن دفع سنداته الدولية، وفي عزّ المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. وتتضمّن الرسالتان تأكيداً على نيّة الصين مساعدة لبنان في تجاوز الأزمة، والمساهمة في الاستقرار المطلوب مع تطوير البنية التحتية. فالشركات العالميّة اليوم، مع إعلان لبنان تعثّره عن دفع السندات، وحالة العملة المحلية، لن تجرؤ على التفكير في الاستثمار في لبنان، من دون ضمانة البنك الدولي، الذي بدوره لن يتجاوز المفاوضات اللبنانية مع صندوق النقد. وبالتالي، فإن ما أعلنته وزيرة الدفاع زينة عكر صحيح من حيث المضمون، بأن أياً من الشركات لن تستثمر في قطاع الكهرباء في لبنان قبل التأكد من موافقة الصندوق. وهذا الأمر ينطبق إجمالاً على مجمل الشركات الكبرى، والصينية منها أيضاً. لكنّه لا ينطبق على المجموعة التي تقودها "ساينو هيدرو"، وهي شركات حكومية صينية، لديها رأسمال ضخم، والعقوبات الأميركية عليها محدودة التأثير. وهنا، تحديداً، تتكشّف الغاية خلف إشارة شينكر إلى الحزب الشيوعي الصيني الذي تستهدفه التصريحات الأميركية بحملات مركّزة هذه الأيام، بعدما نجح الصينيون في خلق بدائل من الشركات الخاصة والحكومية، لتنفيذ المشاريع، رغم العقوبات الأميركية التي تُستخدم كأبرز سلاح في الحروب الاقتصادية ضد الدول، الحليفة منها والمناوئة للولايات المتحدة.
في الرسالة الأولى حول الاهتمام بالكهرباء، يُذكّر تجمّع الشركات بالزيارة التي قام بها ممثّلوه للبنان عام 2019، حيث اطّلعوا على المعطيات المحيطة بأزمة الكهرباء والحاجة إلى المعامل، "لذلك نحن مهتمّون بالاستثمار في هذه المشاريع المهمّة، وتحديداً محطتَي الزهراني ودير عمار". وتذكّر الرسالة الثانية بمذكرة التفاهم الموقّعة مع وزارة الأشغال اللبنانية، حول أعمال سكّة الحديد وقطاع النقل، معلنةً استعدادها لتنفيذ المشاريع التي تتضمّن "تنفيذ خط سكّة حديد من الشمال إلى الجنوب، ونظام النقل العام الضخم في بيروت، ونفق بيروت (ضهر البيدر نحو الحدود السورية) لسكّة الحديد أو للأوتوستراد الدولي، أو كليهما معاً".
وفي الرسالتين، أيضاً، تأكيد من الشركات على الاستعداد للقيام بالمشاريع الآتية:
ــــ محطات للطاقة كهرومائية أو على الغاز والوقود، بالإضافة إلى خطوط نقل الكهرباء.
ــــ محطات للطاقة البديلة (الشمسية أو بقوّة الريح).
ــــ معالجة وتكرير المياه (الشرب، الصرف الصحي والمياه الملوّثة، بما في ذلك نهر الليطاني).
ــــ الطرقات، الطرقات الدولية، سكك الحديد، تطوير المرافئ والمطارات وأنظمة المياه.
ــــ استثمارات في القطاع المالي وأعمال التجارة الدولية.
وفي شرحٍ حول هوية الشركة، تؤكّد الرسالة الثانية أن "سينوهيدرو" التي تأسست في عام 1954، هي الشركة الرقم 11 على مستوى العالم، من بين 225 شركة إنشاءات كبرى، وأكبر شركة طاقة كهرومائية في العالم. إذ تتجاوز حصتّها 50% من مجمل سوق الطاقة الكهرومائية. وسبق للشركة أن نفّذت سكة القطار السريع بكين ــــ شنغهاي، الذي يسير بسرعة 350 كلم/ ساعة، وقطار غويانغ ــــ غونزو بسرعة 300 كلم/ ساعة، ومجموعة واسعة من السكك الحديد ومحطات مترو الأنفاق في الصين، علماً، بأن شركة "سينوماك" (SINOMACH) التي تضمّها المجموعة، لا تقلّ شأناً عن الشركة الأولى، إذ تعدّ واحدة من كبريات الشركات العالمية في مجال تنفيذ الإنشاءات والصناعات المتوسّطة والثقيلة.
ولعلّ أبرز التطوّرات هو سلوك مشروع التعاون مع لبنان طريقه الرسمي والبيروقراطي داخل الصين بشكل متسارع. إذ علمت "الأخبار" أن "سينوهيدرو" حصلت على موافقة على ضمان مشروع سكة الحديد، بناءً على مذكّرة التفاهم الموقّعة مع وزارة الأشغال، من "سينوشور"، وهي هيئة رسمية لـ"ضمان القروض في الصين"، ودورها هو إعطاء الموافقات للشركات الصينية للعمل في الخارج وضمان مشاريعها وتقدّم القروض للدول من الدولة الصينية عبر الشركات الحكومية. وبحسب المعلومات، فإن ممثّلي الشركة يستعدّون لزيارة لبنان، حال سماح الحكومة الصينية لرعاياها بالسفر، وأن ممثّليها جاهزون لإجراء المناقشات مع دياب وأعضاء الحكومة بتقنيات "المؤتمرات بالفيديو"، لتسريع العمل.