رأي

اللبنانيون والفلسطينيون يثقون بمقاومتهم على الرغم من تهويل الخبثاء(زياد علوش)

 

 

د. زياد علوش* – الحوار نيوز

 

لا يفتي قاعد لمجاهد ، ولا يفتي أهل الدثور لأهل الثغور ، ولا شأن لربات الحجال بمعارك الرجال ، فإن هجموا فهذا دأبهم ، وإن كمنوا فهذا تقديرهم ، وهي بالأساس معركتهم ، لانه إن حمي الوطيس لن تجد غيرهم ، فإن وثقت فلا شأن لك بتفاصيلهم ، وإن خونت فسد مكانهم ، أو الزم الصمت …. طوفان الأقصى.

على قاعدة لم يجدوا ما يعيبوا على العطر فقالوا”إن المسك بعض دم الغزال “، وقد أذهل  “طوفان الاقصى” الجميع. انبرت ابواق عديدة سياسية واعلامية ودبلوماسية جرياً على عادتها تحاول النيل من الانتصار باللغو فيه على طريقة التعلم بالفعل المنعكس الشرطي الذي يصبح نهاية بمثابة الإيعاز بأن رتبت عليه استباقاً آثار الهزيمة، وهذا محض افتراء فالإذلال الذي تعرض له الصهاينة وجيشهم وكل منظوماته الامنية والاستخباراتية ومستوياته السياسية وادبياته الاستيطانية مفعم بالرسائل البالغة الدقة.

ما احدثه “طوفان الاقصى” عميق في الوجدان، ليس العربي والاسلامي والانساني والدولي فقط ،بل في وعي قطعان المستوطنين وجنود الاحتلال وضباطه وسياسييه، بأن لا ملاذ آمنا لهم وفقد ثقة داعميه فيه وصولاً الى النقطة التي باتت فيها واشنطن تتحدث عن ارسال جنودها بعد حاملة طائراتها لانقاذ سمعة الجندي الذي لا يقهر من براثن فتية: ﴿نَّحۡنُ نَقُصُّ عَلَیۡكَ نَبَأَهُم بِٱلۡحَقِّۚ إِنَّهُمۡ فِتۡیَةٌ ءَامَنُوا۟ بِرَبِّهِمۡ وَزِدۡنَـٰهُمۡ هُدࣰى ۝١٣ وَرَبَطۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ إِذۡ قَامُوا۟ فَقَالُوا۟ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ لَن نَّدۡعُوَا۟ مِن دُونِهِۦۤ إِلَـٰهࣰاۖ لَّقَدۡ قُلۡنَاۤ إِذࣰا شَطَطًا ۝١٤ هَـٰۤؤُلَاۤءِ قَوۡمُنَا ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِهِۦۤ ءَالِهَةࣰۖ لَّوۡلَا یَأۡتُونَ عَلَیۡهِم بِسُلۡطَـٰنِۭ بَیِّنࣲۖ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبࣰا ۝١٥﴾ [الكهف ١٣-١٥].

في أن ما حدث “بروفة” للبعد العقدي الذي يذهب نحو مشهدية نهائية مماثلة لكنها حاسمة،في لحظة ما تجلت قضية “بيت العنكبوت” في اوضح صورها.

معادلة “حماس وحزب الله” محور الحديث الفاعل كدلالة واضحة على اهمية تأثيرهما في واقع القضية المحورية فلسطين،هي قضية محورية لان الانهزام الصهيوني هو رمزية لسقوط المشروع الاستعماري ودلالة واضحة ومؤشر للنهوض العربي والاسلامي.

القصد من وراء تهويل الخبثاء على المقاومين وتسخيف انتصاراتهم هو للقول بعبثية المقاومة وتحميلها مسؤولية البؤس القائم، وما سيحدث لاحقاً من تداعيات ،وهي تقتصر في ادبياتهم على محض الخسائر ، ولكن لنفترض جدلاً أن حماس وحزب الله غير موجودين ، بل فلنعد لما سبق فعلاً نشوئهما كيف كان الواقع وكيف كانت القضية،يؤكد الصهاينة في ادبياتهم انه حتى لو ساد السلام بين الذئاب والنعاج على الصهيوني أن يكون هو الذئب.

الموقف الامريكي والغربي عموماً والداعم للاحتلال غير مفاجئ، ولطالما كان كذلك على الدوام، لكن يمكننا السؤال عن الموقف العربي والاسلامي التقليدي وهو غير موجود فوق الطاولة حتى الان، حيث يتموضع في المنطقة الرمادية التي تجمع في سلة الأعداء، ولا بد من العمل عليه بقوة ،ولعله اذا ما تم الحفاظ على نتائج “طوفان الاقصى” ان يكون ذلك بمثابة الصفعة القوية لمسار التطبيع مع العدو. لذلك نفهم بأن التركيز الكلي يذهب باتجاه الحديث عن حماس وحزب الله كونهما القوتين الفاعلتين.

لا شك ان “الرياض والقاهرة والجزائر” معادلة ذهبية لا يمكن اغفالها في سياق صناعة المعادلات ورسم الاستراتيجيات، وفي هذا الاتجاه يمكن البناء على الحوار الدائر حالياً بين الرياض وطهران دون إغفال الدور التركي في بعده الإسلامي،والدور الروسي والصيني في بعده الدولي.

هناك من يأخذ على حماس انها لم تستأذن تل ابيب في “طوفانها” ،وانها ايضاً لا تطلق سراح كل الاسرى الاوباش الذين غنمتهم في غزوتها الأخيرة من دون قيد اوشرط ،وكذلك يريدون إدانة واضحة لاعمال حماس “البربرية” في حق النعاج الصهيونية تمهيداً لاجتثاثها وقطع راسها عبر محاولة اغتيال كوادرها واجتياح بري لغزة من دون السؤال عن اكثر من سبعين عاماً من الاحتلال، واكثر من ستة عشر عاما من الحصار لغزة الاكثر كثافة سكانية في العالم، ناهيك عن الاسرى بحيث لا يخلو منزل فلسطيني او اسرة من اسير ومعتقل او اكثر، الى قائمة طويلة لا تراها العين المفقوءة للنظام العالمي القائم.

ربما  لاجدوى من تكرار الحديث عن توصيف الواقع واستجداء الضمير العالمي الميت الذي يتلذذ بالسادية الصهيونية. ومن نكد الايام ان ينبري “زيلنسكي” للحديث عن حق تل ابيب في الدفاع عن نفسها.

الى كل “الغيورين” على المقاومة والحريصين عليها من واشنطن الى تل ابيب ،والذين يكيلون لها النصائح والتحذيرات بوجوب عدم التدخل وحرق اصابعها وترك غزة تواجه مصيرها المحتوم لوحدها، نقول لمرة واحدة ونهائية:الشعب اللبناني والفلسطيني يثق بمقاومته التي لم تخذله يوماً، فهي التي تحدد دائماً “من ومتى واين وكيف ولماذا.

*كاتب صحافي

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى