رأي

في ذكرى مجزرة بئر العبد:الإرهاب المتجدد الذي لا تمحوه الذاكرة(محمد عبد الله فضل الله)

بقلم محمد عبدالله فضل الله*  

ما تزال العقلية الغربية ذاتها في الإقصاء أو الإلغاء أو الترهيب، لا بل ممارسة الفعل الإجرامي من خلال القتل المباشر، يساعدها في ذلك آلتها الدعائية والإعلامية والحربية.. ما تزال هذه الآلة  سارية وضحاياها يسقطون يوميا في فلسطين المحتلة والعراق واليمن وأفغانستان وسوريا وليبيا وغيرها، وجديدها أوكرانيا حيث فوضى الشعارات والتلطي خلفها، بينما اليد الطولى للغرب لا تخفى في توتير الأجواء وتسخينها وإشعالها وإحراق الشعوب وتهجيرها وتدمير مؤسساتها.

من الشواهد الحية على الإرهاب ما حصل في الثامن من آذار / مارس عام 1985 من مجزرة مروّعة في الضاحية الجنوبية، راح ضحيتها أكثر من ثمانين شهيداً من الرجال والنساء والأطفال والأجنّة، هذه المجزرة من تدبير المخابرات الأميركية و”الإسرائيلية” بتمويل عربي وبصمات لبنانية ،نفذت عملية تفجير سيارة ملغومة في شارع بئر العبد بهدف اغتيال المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله خلال خروجه من مسجد الإمام الرضا، وذلك بذريعة خطورته على المصالح الأميركية في المنطقة.

السيد المستهدف حماه الله كان ما يزال موجوداً في المسجد لحظة التفجير، لأن امرأة تدعى زينب الشامي استوقفته لاستشارته في أمور شرعية، وحينها وقع الانفجار.

تقبع المجزرة الإرهابية في ذاكرة اللبنانيين من دون أن تمحوها السنون وهي شاهدة على السجل الإرهابي الحافل بالجرائم حيث الذهنية لم تتبدل بين الأمس واليوم.

نحتاج اليوم إلى مزيد من الوعي وتنشيط الذاكرة والتفاعل مع الأحداث وقضاياها المحقة واستخلاص العبر، لأننا نريد أجيالا لا تصنعها الدعايات المضللة ولا تصنعها السخافات والقوالب والشعارات الفارغة التي تجعل منها جوفاء غريبة عن تاريخها منقطعة عن ثقافتها.

من هنا علينا أيضا مسؤولية حفظ الذاكرة وإبراز ما فيها من أحداث مفصلية في فضاءاتنا الإعلامية والثقافية، لا المساهمة في تغييبها أو تهميشها، وأن نعمل جديا على لم شملنا وتثبيت وحدتنا بعيدا عن أي حسابات ضيقة.

اللحظة حساسة ومصيرية لأنه يراد إعادة كتابة تاريخ المنطقة وتحديد مسارها ومصيرها وهويتها، كما يحلو ذلك لأصحاب المشاريع التي تتناسب مع لغة الغرب المستعمر والعنصري.

نحن وشعوب الغرب لا مشكلة بيننا ، لأن الأبرياء يقتلون في الشرق كما في الغرب إذا اتفقت المصالح النفعية والرجعية على ذلك.

النفاق والتزوير هي مفردات تنطبق على سياسة بغيضة تتلطى تحت شعارات حقوق الإنسان وحماية الحرية ومصالح الشعوب، وكلما ارتأت سياستها أن مصالحها في خطر لا تتوانى عن ممارسة القتل والحصار والتجويع والعنصرية ضد من يقف في وجه سياستها القائمة على الكيل بمكيالين والنظر بعين واحدة إلى الأمور وتجاهل ما يقوم به الاحتلال الصهويني في فلسطين، وما يجري على أطفال اليمن وأفغانستان والعراق وسوريا وليبيا وما يمارس ضد شعوب أميركا اللاتينية وغيرها.

هذا الزيف لن يدوم طويلا إذا ما تحررت الشعوب من كل ما يقيد حركتها ونظرتها ووعيها ونهضت من كبوتها التي يعمل على أن تبقى أبدية.

 *باحث أكاديمي وحوزوي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى