منوعات

جرائم المعلوماتية:الابتزاز الجنسي في رأي أصحاب الاختصاص..نماذج واحصاءات

 

كتب محمد هاني شقير- خاص الحوار نيوز
الحرب سجال، تقع عادةً بين أفرقاء متعارضين، وكل فريقٍ يسعى الى تحقيق مآربه، ويبذل قصارى جهده من أجل ذلك. وفي هذا المضمار يبرز الصراع المعلن أحيانًا والخفي أحيانًا أخرى، بين القوى الأمنية بشكل عام وقوى الأمن الداخلي بشكل خاص، وبين المجرمين. وكلما استطاعت القوى الأمنية تفكيك عصابة معينة كلما طور أفراد أو عصابات أخرى من طريقة ارتكابهم لعملياتهم كائنًا ما كانت.
ومع تسارع تطور المجال الالكتروني وكل ما يتصل به من أجهزة هاتف مرورًا بأجهزة الحاسوب وصولاً لطرق النقل اليدوي، فإن العصابات المنظمة وغير المنظمة تستثمر كل تلك التقنيات لتحقيق أهدافها، في حين تبذل قوى الأمن وبخاصة مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية في وحدة الشرطة القضائية جهدًا مضاعفًا لكشف هذه العمليات والقائمين بها.

يختص عمل هذا المكتب بجرائم المعلوماتية، أو التي ترتكب عن طريق معظم وسائل التواصل الاجتماعي، ولا سيما تطبيقي واتس أب ومسنجر. وتحصل عبر هذه التقنية عمليات إجرامية تندرج تحت مسميات كثيرة، أبرزها: الابتزاز، والاحتيال، والتشهير، والسرقة، الخ. وفي هذا السياق تعتبر جريمة الابتزاز الأكثر حصولاً، وتستهدف بشكل خاص السيدات، حيث يعمد المبتز الى التواصل معهن وإقامة علاقة غرامية بهن، ومن ثم، بعد أن تثق السيدة به بناءً على وعده لها بالزواج أو أي وعد آخر، فإن بعضهن يرسلن له صورهن الخاصة والحميمية، حينها يبدأ المبتز بإظهار نواياه المبيتة، وفي هذه الحالة فإنه يسعى لتحقيق هدف من إثنين أو الإثنين معًا؛ إما الحصول على مبالغ مالية أو الحصول على المال وإقامة علاقة جنسية مع الضحية. وتقع فريسة هذا النوع من الجرائم السيدات ما بين 55 و 12 سنة، فبلغت نسبة الجرائم ضد الفتيات 41%، فيما بلغت ضد النساء من عمر 26 وما فوق 27%، وخلال مرحلة تنفيذ قرار التعبئة العامة، ارتفعت نسبة شكاوى جرائم الابتزاز والتحرش الجنسي بنسبة 184%.
• المنسقة الإعلامية في جمعية Fe-Male السيدة فاطمة زين الدين تقول في هذا المجال: في ظل انتشار وباء كورونا والتزام الحجر المنزلي شكّل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي المتنفس الوحيد الذي تقوم من خلاله النساء والفتيات  بنشاطات على أنواعها، الأمر الذي يعرّضهنّ الى خطر التعنيف من قبل المعتدين والمتحرشين على هذه المواقع.
وتضيف: شهد العام 2019  إنتحار فتاتين بسبب الإبتزاز الإلكتروني ومحاولة إنتحار لثالثة. وأشارت إلى أن أنواع الجرائم الإلكترونية التي تتعرض لها النساء والفتيات توزّعت بين: التحرش – التعرض للآداب والاخلاق العامة – الابتزاز الجنسي – الابتزاز المادي – التهديد بالتشهير – قدح وذم – سرقة حساب الكتروني (تواصل اجتماعي – بريد الكتروني – وغيرهم).
وتتابع زين الدين: هذه الأرقام كانت كافية لتحصر أبعاد هذه الأزمة ومدى خطورتها على النساء والفتيات في لبنان، الأمر الذي دفع جمعية "في مايل" إلى إطلاق "حملة #الشاشة_ما_بتحمي" التي نهدف من خلالها  الى التأكيد على حق النساء والفتيات باستخدام الانترنت، ولكن في نفس الوقت اطلاعهن على كافة التهديدات والتحديات التي تترافق مع هذا الاستخدام، وإعطاؤهنّ بعض التقنيات التي يمكنهنّ من خلالها الحرص على استخدام آمن للانترنت وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، والأهم التأكيد على أن المعتدي لا يمكنه الإفلات من العقاب وأن كونه يقوم بجريمته من وراء الشاشة فهذا لا يعني أنه بعيد عن العقاب. ومن هنا أطلقنا عنوان حملتنا "الشاشة ما بتحمي". عمل جمعية في-مايل لم ينته مع الحملة المستمرة حتى الساعة، خاصة أنّ المنظمة تعمل منذ تأسييها على موضوع الحماية الإلكترونية وتعتبر أن هذا الموضوع هو أولوية أساسية في ظل التزايد الكبير لجرائم العنف الإلكتروني بحق النساء والفتيات بشكل أساسي، وعليه دائماً منصاتنا مفتوحة لاستقبال الشكاوى من النساء والفتيات ودعمهنّ وتقديم الإرشادات لهنّ ومساعدتهنّ في تبليغ القوى الأمنية للقبض على المجرم.
جملة من النصائح دائما تؤكد عليها منظمة في-مايل  لعل أبرزها تغيير كلمة السر باستمرار، وعدم استقبال رسائل الكترونية من جهات مجهولة أو حتى فتح روابط مجهولة، تغطية كاميرا الهاتف أو الكمبيوتر،  والأهم عدم الخضوع لأي تهديدات والتواصل مباشرة مع الجهات الرسمية والتبليغ .
نسأل:وهل الرجال عرضة للابتزاز؟
– لا يعني أن الرجال ليسوا عرضة لمثل هذه العمليات. فتقوم عصابات نسائية بالتواصل مع شبان، وبعد تبادل الثقة معهم يحصلن منهم على صور حميمية ليبتزوهم بنشرها إن لم يحولوا لهم أموالاً. وكم من جريمة كهذه تشغل المحققين أيامًا وأيام لمتابعة المواقع التي يعتقد أن المهدِد سيلجأ لها للتشهير بضحيته. وسبق أيضًا وأن أوقفت القوى الأمنية فتيات وشباب لقيامهم بعمليات احتيالية صغيرة، كطلب بطاقات لتشريج الهواتف لقاء ترتيب موعد مع إحداهن لكنها تختفي بعد تحقيق مآربها.
-ماذا في أرقام جميع الجرائم الالكترونية؟
– يعالج المكتب المذكور ما يربو عن ثلاثين جرمًا يرتكب بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي أهمها: الابتزاز، والتشهير، والقدح والذم، والاحتيال، والتزوير، والتهديد، واثارة النعرات الطائفية، ونشر وارسال صور اباحية، وتسهيل وترويج اعمال الدعارة.
لقد بلغ مجموع العمليات المرتكبة عام 2018 ، عبر الانترنت 4068 عملية، قابلها عام 2019 وقوع 4071، وبينما جرى توقيف 342 من مرتكبيها عام 2018 فإن العدد انخفض عام 2019 الى 297، أي أقل بـ 50 شخصًا.
وقد توزع مرتكبوا الجرائم بحسب جنسياتهم وفقًا للتالي: عن العام 2018: –  238 لبنانيًا.- 81 سوريًا. –   13  فلسطينيًا. –  عراقيين ومصريين وتركيين وأثيوبيين، تونسيًا واحدًا وفليبينيًا واحدًا.  أما العام 2019 فهم على الشكل التالي:  –  234 لبنانيًا. –  46 سوريًا.- 12 فلسطينيًا – 3 مصريين – ومكتومي قيد.
ولغاية 6 آب من العام الحالي جرى توقيف 78 شخصًا من الذين ارتكبوا 397 عملية ابتزاز، بينما جرى توقيف 14 شخصًا من مرتكبي 358 جريمة تشهير. وبلغ عدد جرائم التهديد في هذه الفترة 287 جريمة أوقف على ذمتها 10 أشخاص. بينما بلغ مجموع العمليات المرتكبة في الفترة المذكورة، 2173 عملية أوقف فيها 157  شخصًا، بينهم 124 لبنانيًا، و 31 سوريًا، و 4 فلسطينيين، و 3 مصريين وأثيوبي واحد.
جريمة الابتزاز هي الأكثر رواجًا لدى المجرمين الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، فقد سجل وقوع 509 جرائم في العام 2018 واوقف بنتيجتها 141 شخصًا، ليرتفع العدد في سنة 2019 الى 645 جريمة أي بزيادة 136 عملية عن العام 2018, غير أن عدد الموقوفين كان أقل بـ 23 موقوفًا، حيث جرى توقيف 118 شخصًا في العام 2019. مع الإشارة أنه ليس بالضرورة بمكان أن يكون لكل جريمة موقوف واحد فقد يجري توقيف عدة أشخاص لارتكابهم جريمة واحدة، أو شخصًا واحدًا لإرتكابه عدة جرائم.
تحل جريمة التشهير مباشرةً خلف جريمة الابتزاز، والتي سجلت هي أيضًا ارتفاعًا في سنة 2019 عن ما سجل في سنة 2018، فبلغت الزيادة 112 عملية، حيث سجل وقوع 556 عملية عام 2018 ليقابلها 668 عملية في العام 2019، هذا بينما كان امر الموقوفين في هذه الجريمة مختلفًا، حيث جرى توقيف 25 شخصًا في العام 2018 بينما هبط العدد في العام 2019 ليسجل توقيف 20 شخصًا لارتكابهم هذه الجريمة.
في جريمة القدح والذم تساوى الرقم تقريبًا بين عامي 2018 و 2019 فسجل في الاول 387  ليقابله في الثاني 380، غير أن اللافت هو الفارق في عدد الموقوفين حيث أوقف 9 أشخاص عام 2018 بينما أوقف 20 شخصًا عام 2019، بزيادة بلغت مئًة بالمئة.
في جرائم التهديد كان العدد كبيرًا فسجل وقوع 1222 جريمة في العامين 2018 و 2019 بينها  655 عام 2018 و 567 عام 2019، وجرى توقيف 29 شخصًا عام 2019 و 24 شخصًا عام 2018.
في جريمة إثارة النعرات الطائفية سجل وقوع 75 عملية عن العامين المذكورين وتوقيف 4 أشخاص من مرتكبيها عام 2019.
وقد هدد بنشر صور حميمية يكون قد حصل عليها شخص ما بطريقة ما 50 شخصًا عام 2018 ليزداد العدد قليلاً عام 2019 حيث سجل 59 حالة، غير أن اللافت في هذه الجريمة أنه في حين لم يتم توقيف أي شخص عام 2019 فإنه جرى توقيف 20 شخصًا عام 2018.
-هل من نموذج ابتزاز، وتوعية؟
– طلبت سيدة من زميلها في العمل أن يحضر هاتفها من محل التصليح، وبطريق عودته قام بنسخ صور حميمية عائدة لها كانت تحتفظ فيها بهاتفها، وبدأ بتوزيعها على أصحابه وراح يبزها ويهددها، وهي لم تكن تعرف من هو الفاعل إلا بعد أن تمكن مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية من كشفه وتوقيفه مع شركائه السبعة. من هنا تكرر شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي، في جميع بلاغاتها ذات الصلة، تحذيرها وتوعيتها للمواطنين بعدم احتفاظهم بصور غير لائقة في هواتفهم مهما كان السبب، وعدم ترك هواتفهم مع أي شخص كان لأنهم يقدمون له فرصة ابتزازهم لاحقًا وتعريض كراماتهم للتشويه والتشهير.
جنان الخوري الفخري
الأمينة العامة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط لمنظمة ISSD التابعة للأمم المتحدة، والمستشارة القانونية الدولية المعتمدة لدى الاسكوا الامم المتحدة (في القوانين السيبرانية) ومديرة كلية الحقوق والعلوم السياسية والادارية في الجامعة اللبنانية _ الفرع الرابع،البروفسور جنان الخوري الفخري تقول بدورها: قد تكون اخطر سلبيات تكنولوجيا المعلومات في محتمعنا العربي والشرقي "المتحفّظ" على صعيد الحياة الخاصة لا سيما المرأة والأطفال بحيث تندرج ابرز هذه الجرائم تحت عنوان جرائم  ضد النظام العام والآداب العامة الاتجارفي الجنس البشري، وإنشاء أو نشر مواقع بقصد ترويج أفكار وبرامج مخالفة للنظام العام والآداب، وانتهاك حرمة الحياة الخاصة، والإساءة إلى السمعة، وتحريض النساء على الدعارة والمخدرات وغسيل الأموال والقمار، والتحرش الجنسي…
وتضيف :يجري هذا في الوقت الذي يفترض أن تكون تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وسيلة لدعم المرأة في ميدان السياسة وصنع القرار والمشاركة في الحياة العامة، ومواجهة الصراعات المسلّحة، وكوسيلة تتيح للحكومات تحسين الخدمات المقدمة للنساء والفتيات، ولمكافحة العنف ضد النساء والفتيات، والحد من مخاطر تيسير أشكال العنف الراهنة ضد المرأة وإنتاج أشكال جديدة، وزيادة الوصول الى المعلومات الصحية لها ولأولادها ولأهلها، ولإشراكها في الأنشطة المدرّة للدخل وأنشطة ريادة المشاريع وتوزيع الموادر داخل الأسرة، وللتخفيف من وطأة الظروف الصعبة ولا سيما الظروفة الصحية والمالية والاقتصادية… وتعزيز المساواة بين الجنسين من خلال تيسير وصولهنّ إلى الموارد وتعزيزه، بما في ذلك المعلومات والخدمات ومبادرات بناء القدرات، وتعزيز أمن النساء والفتيات وتنظيم الحملات لإعلاء صوت المرأة؛ وزيادة فرص المرأة في الحصول على الخدمات، واغتنام الفرص والتغلب على المخاطر… 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى