حرب غزةسياسة

حرب غزة:تفاؤل حذر بإمكان تحقيق اختراق في المفاوضات

 

كتب حلمي موسى من غزة:

بعدما وجدت إسرائيل أن كل الطرق لتحرير أسراها بالقوة مسدودة، اضطرت للعودة إلى طريق المفاوضات مع ميل لقبول بعض ما كانت ترفض قبوله سابقا. وقد لعبت في خلق هذا الميل عدة عوامل بينها الضغط الداخلي المتصاعد والضغط الأمريكي المتزايد، ولا يقل أهمية عن كل هذا، إصرار المقاومة على مطالبها، خصوصا بشأن عودة النازحين إلى شمال القطاع. وتحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية في الساعات الأخيرة عن تقدم في عروض إسرئيل بشأن عودة النازحين وانتظار رد حماس بهذا الشأن.  

وبحسب القناة 12 في التفزيون الإسرائيلي، ناقش كابينت الحرب مساء الأحد الاتصالات الجارية في مصر، وخصوصا عودة النازحين إلى الشمال وقرر تليين مواقفه والابتعاد عن التشدد السابق. وقالت القناة أن الوزراء قرروا الانفتاح على أفكار خلاقة جديدة لتجاوز هذه القضية التي أعاقت حتى اليوم إبرام اتفاق لتوصل إلى هدنة وتبادل أسرى. ومعروف أن إسرائيل كانت ترفض عودة شاملة للنازحين وتصر على عودة ضيقة وتدريجية وعلى نطاق محدود، وهو ما رفضته حماس وأصرت على عودة غير مشروطة وغير مراقبة.

وأشارت القناة إلى أن نتنياهو، وخلافا لموقفه السابق، منح مساحة إضافية من التفويض الممنوح لفريق التفاوض، في حال توصل الوسطاء إلى مقترح جديد يشير إلى مرونة أيضا من جانب حماس. في كل حال كان موقف كابينت الحرب الموحد تقريبا هو توسيع التفويض لفريق المفاوضات، وهو ما أثار تفاؤلا في أوساط المعلقين بإمكانية تحقيق اختراق هذه المرة.

و ذكرت المراسلة السياسية ل”إسرائيل اليوم” سيريت أبيتان كوهين، أن الوفد الإسرائيلي تلقى الضوء الأخضر لتقديم تنازلات في مسألة عودة نازحي الشمال. وذكرت أن مداولات مكثفة تجري في القاهرة بين الوفد الإسرائيلي والوسطاء حول فتح المعابر التي أقامتها إسرائيل على محور نيتساريم لتمكين النازحين من “العبور الحر” من الجنوب إلى الشمال. واعترفت جهات في الكابينت بأن الأمر يتعلق بالمطلب المركزي لحماس وأن المحادثات لا تتركز حاليا حول ما إذا كان نازحو الشمال سيعودون وإنما حول كيف سيعودون.

وشددت المراسلة على أن الوفد الإسرائيلي تلقى ضوءا أخضر لتقديم تنازلات بهذا الشأن على شكل معابر مراقبة لعدد محدد من النازحين يوميا، وهو ما يتطلب موافقة حماس. وحسب جهات إسرائيلية عليا فإن موضوع المراقبة (محور نيتساريم)، جرى الأسبوع الفائت تسريب موقف الوزير غادي آيزنكوت في الكابينت والذي طالب بإبداء مرونة بهذا الشأن وصولا إلى فتح المعبر تماما. واعترف مسؤول مطل على المناقشات بأن “هذا الموقف غدا مطلب حماس التي تعرف أن هناك في إسرائيل من هو على استعداد لتلبيته ولذلك فإنها لن تتنازل عنه”.

ورأت المراسلة أن هذا التسريب، إضافة إلى موقف رئيس الموساد ديفيد بارنيع الذي أبدى تفاؤلا كبيرا بشأن إبرام صفقة (خلافا لموقفه داخل الكابينت) فإنهم في إسرائيل يقرون: نحن نتوجه نحو تسوية جوهرية بهذا الشأن والاقتراح يتدحرج الآن نحو حماس.

 

من جانبه كتب المراسل السياسي لموقع “والا” باراك رافيد أن إسرئيل قررت إبداء مرونة إضافية في محادثات القاهرة. ونقل عن مسؤولين إسرائيليين كبار قولهم إنه في أعقاب قرار كابينت الحرب مساء الأحد، عرض الوفد الإسرائيلي أمس موقفا جديدا بشأن الخلاف الأساسي مع حماس وهو حول عودة النازحين. لكن أحدهم قال: “هناك فرصة للتقدم، ولكن من السابق لأوانه إبداء التفاؤل. علينا أن نرى إذا كان السنوار مستعدا لذلك”.  

وحسب رافيد فإن الوفد الإسرائيلي عرض أمس استعدادا جوهريا لمرونة أكبر بشأن مطلب حماس عودة نازحين إلى شمال القطاع. ويعتبر هذا مطلبا مركزيا لحماس حيث تطالب بعودة كاملة للنازحين وانسحاب إسرائيلي تام من محور نيتساريم الذي يفصل شمال غزة عن جنوبها ويمنع التنقل بينهما. وإسرائيل مستعدة لعودة تدريجية للنازحين إلى الشمال، لكنها ترفض الانسحاب من هذا المحور وغير مستعدة قبول عودة النازحين من دون مراقبة لضمان ألا يكون بينهم أفراد من الذراع العسكري لحماس. وأكد رافيد أنه في اجتماع كابينت الحرب قرر الوزراء توسيع تفويض الوفد في كل ما يتصل بعودة النازحين إلى الشمال. وقد جرى تحديث النسب والأعداد المستعدة إسرائيل لعودتهم يوميا إلى الشمال، وفق مسؤول كبير.

وكان مقررا أن يعود الوفد الإسرائيلي المكون من ممثلين للموساد والشاباك والجيش من القاهرة يوم أمس، لكن كثافة المداولات دفعت إلى اتخاذ قرار ببقائه في القاهرة ومواصلة المفاوضات مع الوسطاء المصريين والقطريين في محاولة لتحقيق اختراق. وقال مسؤول إسرائيلي إن “المحادثات في مصر هامة ومجدية” ومتواصلة ما دفع إلى إبقاء الوفد.  وأشار مسؤول آخر إلى أن رئيس الموساد يشرف من إسرائيل على المحادثات وهو جاهز للسفر إلى القاهرة حال تستدعي المفاوضات ذلك.

أما المراسل السياسي ل”يديعوت”، إيتمار آيخنر فكتب عن وجود فرصة لتحقيق تقدم نحو اتفاق تبادل للأسرى في محادثات القاهرة. وأشار إلى أن التقديرات الأولية كانت بعودة الوفد خلال يوم الاثنين، لكت الوفد بقي هناك. “وهناك فرصة للتقدم ولكن حتى الآن من السابق لأوانه إبداء التفاؤل. ثمة جدية واهتمام من جانب الوفد الإسرائيلي والوسطاء المصريون نحو هدف واحد: تحقيق صفقة” رغم أن حماس لم تشارك بعد في المحادثات.

وحسب هؤلاء فإن “المفاوضات تدور حاليا مع الوسطاء. وينبغي رؤية اقتراح جدي من جانب حماس للتقدم قدما، ورؤية كيف يختار السنوار التعامل مع هامش المرونة الحالية لإسرائيل في قضايا الخطف. هذا اختبار حقيقي لحماس، فهل أن حماس معنية بالتخفيف من معاناة سكان غزة والدفع نحو هدنة انسانية جوهرية لستة أسابيع، أم أنها ترغب في مواصلة المس بالسكان الفلسطينيين في غزة”.

ومن المعلوم أن التظاهرات تصاعدت في إسرائيل وانتقلت من المطالبة بتحرير الأسرى إلى تقديم موعد الانتخابات. وقد طرأ تغيير على مواقف عدد من وزراء الليكود حيث دعوا للاستجابة إلى مطلب إبرام صفقة تبادل خلافا لموقف نتنياهو.

وكان رئيس الموساد ديفيد بارنيع قال في اجتماع كابينت الحرب، أن “الظروف نضجت من أجل صفقة، وعودة سكان شمال القطاع هي كاسر التعادل”. بل أن وزيرة المواصلات المتطرفة ميري ريغيف من حزب الليكود، قالت إنها تدعم التوصل إلى صفقة، موضحة أنه “يجب بذل كل مجهود لإعادة المختطفين حتى لو كان الثمن عودة سكان شمال القطاع”.

وكتب المراسل العسكري ل”هآرتس”، عاموس هارئيل أن “موجة التظاهرات التي بدأت في ارجاء البلاد في مساء ايام السبت تعكس تقدما متأخرا في نضال عائلات المخطوفين. في هذه الاثناء، حتى نشاطات منظمات الاحتجاج لاسقاط الحكومة واحباط قانون اعفاء الحريديين من التجنيد تحقق زخما متجددا. بعد اشهر من الركود في المفاوضات غير المباشرة بين اسرائيل وحماس يبدو أن جزءا كبيرا من عائلات المخطوفين ادركوا أنه اذا كان هناك احتمالية لتحقيق تقدم في هذه المفاوضات فهي توجد بدرجة كبيرة في ايديهم من خلال زيادة الضغط على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو”.

وحسب هارئيل فإن المراحل القادمة من المحادثات ستجري منذ الآن تحت غطاء التظاهرات الداخلية، التي للمرة الاولى منذ اندلاع الحرب ستتحدى ننتنياهو. بقي أن نرى ما الذي ستستخلصه حماس منها، التي تتابع بعناية ما يحدث في الطرف الاسرائيلي.

وأشار إلى “الوتيرة البطيئة للمفاوضات والتأخيرات المتواترة التي يتبعها نتنياهو، وفوق كل شيء عدم قدرته المتواصل على اظهار الرحمة ولو بالحد الادنى مع معاناة المخطوفين، رجحت اخيرا الكفة في اوساط الكثير من عائلات المخطوفين. عيناف غنغاوكر، والدة متان المخطوف، عبرت عن ذلك بشكل جيد عن هذه الامور في التظاهرة التي جرت في نهاية الاسبوع الماضي عندما قالت: “بعد 176 يوما ادركنا أنك أنت العائق. توجهت الى رئيس الحكومة وتعهدت بأن تعمل من الآن على ازاحته.

وخلص هارئيل إلى أنه “في الاسابيع الاخيرة حدث تغير معين في موقف رؤساء اجهزة الامن، بينهما اعضاء في كابنيت الحرب والكابنيت السياسي الامني، بما في ذلك بعض وزراء الليكود. اكثر فأكثر يُسمع ادعاء أن الكرة انتقلت بشكل كبير الى ملعب اسرائيل وأن رفض نتنياهو (الذي يصفه كقدرة على اجراء مفاوضات بشكل متصلب) هو السبب الرئيسي لتأخير التوصل الى اتفاق”.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى