رأي

التلاشي او الثورة؟(مصطفى ياسين)

 

مصطفى ياسين* – الحوارنيوز

اليوم وبعد صراع مرير مع الذات وبعد أن تجردت من مشاعري الشخصية، جلست لدقائق في احدى الزوايا المعتمة، وقررت أن اكتب بعد غياب طويل،  لإعتقادي أن الصمت أبلغ من الكلام ، وأنّ لا رأي لمن لا يطاع ، وهل مازال هناك كلام له معنى؟ وهل هناك من يسمع وضجيج الجوع يملأ الارجاء؟

جربت طويلا أن أتجاهل ما حولي وأن أعيش اللحظة بلا معنى فلم تنجح التجربة وابت مطارحي ان تقبل خنوعي المستجد والطارئ والحت علي بالصمود فاستجبت وكلي قناعة بأن الامور سوداوية بعدما نُحرت الانسانية وضاعت الاخلاق و القيم والمبادئ والوطنية؟!

 

من الواضح جدا انه وفي ضوء ما نحن عليه من انهزام للذات اولا وامام الاخرين ثانيا ، ومن انعدام الاحلام ثالثا وليس اخيرا، هناك خوف حقيقي من التلاشي التدريجي، الذي يفتك عادة و بسهولة بالفطريات اوالطحالب الضارة التي نكاد نتقمص صيرورتها لنصير على شاكلتها .

قد يعتقد البعض ان في الامر مبالغة، وقد يكون هذا الاعتقاد في بعض جوانبه صحيحا، ولكن ما هو الفرق الجوهري، بيننا  وبينها، هي تنمو على الهامش ونحن نعيش ارهاصات الفناء من  دون ردة فعل ولو بسيطة.

لا شيء يبرر هذا الاستسلام القاتل الا اذا انعدمت مقومات البقاء لدينا، بعد ان فقدنا روح التمرد و الثورة والمقاومة التي طالما اعلنا أننا ننتمي الى هذه الصفات السامية.

احيانا كثيرة حاولت ان اجد اسبابا مقنعة لما وصلنا اليه من “سكون “يكاد يعادل الموتً ،واحيانا اخرى ذهبت الى تحميل العصابة الحاكمة المجرمة وحدها المسؤولية ، ولم انس بالطبع ان احملها الأوضاع الاقليمية والدولية كالعادة ،فضلا عن المؤامرات الخارجية، ولكن سرعان ما كنت اعود الى رشدي و أضع اللوم اساسا على ذاتي التي بدأت متمردة ثم استكانت الى درجة بت لا اعرف نفسي . ليس صحيحا ان الظروف هي التي تتحكم بنا ، بل الاصح اننا تنازلنا عن دورنا ومهمتنا و مبرر وجودنا . فالخمول  سيطر بالاساس على عقولنا قبل اجسادنا، وبتنا اسرى الاستهلاك الرخيص الذي لا يليق بنا كدعاة تغيير للعالم.

رجاء، اتمنى من المحبين خصوصا الا ينبري احدهم و يدّعي بطولات وهمية، فكل ما تتفتق عنه نضالات البعض  مجرد محاولة فاشلة لاثبات الوجود.

لو لم نكن اشباه موتى او حتى مجرد جثث متحركة غير مدفونة لما استبد بنا هذا الخنوع الى هذه الدرجة ، فامام فظاعة ما يحصل من تدمير للوطن بعد نهب خيراته و من تجويع للناس بعد السطو على جنى أعمارهم، وبعد أن حولوهم الى مجرد عبيد لهذا الصنم السياسي  اوالديني،  او اذلاء عند اعتاب وحوش بهيئة ادميين “تشرشر ” من انيابهم   دماء الاطفال، فلا شيء يغني عن الثورة الشاملة وبكل الاشكال للتخلص من هذه الآفات والجراثيم المنتشرة في ارجاء هذا البلد ،  فهؤلاء  اقل ما يقال فيهم انهم وباء سرطان لا بد من استئصاله فورا ،وغير ذلك ليس الا تمديدا للكارثة و قتلا تدريجيا للخلايا التي ما زالت مستعصية، وهي لم تعد كثيرة وقد “هدّها “الوهن،  فأين هو الطبيب القادر على المعالجة بعد ان تحدد الداء و الدواء. إلى متى الانتظار؟  فكفى تضييع للوقت وكفى تضييع للبوصلة ، فالعدو واضح ووقح ولا يستحي بوجهه الكالح ولاينفي جرائمه ولا يخجل منها . العدو هذا هو مجموع المسؤولين الذين اوصلونا الى هذه الحال،  ومن كانت هذه خصاله فهو والعدو الصهيوني صنوان.

وعليه عندما نعرف العدو علينا ان نعرف كيف نقاتله و ننتصر عليه اذا كنا فعلا نستحق الحياة الكريمة.

*كاتب صحافي – لبنان

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى