سياسةمحليات لبنانية

هذه هي الاستراتيجية الأميركية في لبنان..وخط أحمر على التفريط بثوابت بري التفاوضية

 

كتب حسين حاموش:
يوم الجمعة الماضي (18/9/2020) كشف مسؤولون اسرائيليون وأميركيون رفيعو المستوى في احاديث منفصلة لموقع “واللا” الاسرائيلي ” أن هدف الادارة الاميركية هو تحقيق التفاوض المباشر بين لبنان واسرائيل قبل موعد الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني المقبل ، الأمر الذي يعد انجازاً سياسياً كبيراً جداً للرئيس دونالد ترامب .فإضافة الى حل الخلاف على الحدود البحرية لم تجر أي مفاوضات سياسية مباشرة بين الجانبين منذ 30 عاماً ؟؟.
وفي رأي الإدارة الأميركية ان الظروف باتت مؤاتية في الاسابيع الأخيرة ،تحديداً بعد الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت وربطاً تداعيات الأزمة الاقتصادية في لبنان ،اضافة الى الانتقادات الداخلية من الأطراف اللبنانية لحزب الله ،وهي عوامل دفعت الادارة الاميركية الى استئناف مساعيها لبدء مفاوضات بين البلدين “.
واشار المسؤولون الاسرائيليون الى ان مساعد وزير الخارجية ديفيد شينكر زار اسرائيل هذا الاسبوع ( اي الاسبوع الذي صدر فيه التقرير المذكور أعلاه ) لهذه الغاية. والتقى وزيري الطاقة ( يوفال شتاينتيس ) المسؤول عن ملف الحدود البحرية نيابة عن الحكومة الاسرائيلية ، ووزير الخارجية غابي اشكنازي الذي يعتبر مكتبه شريكاً في الاتصالات الجارية”.
وابلغ مسؤول اسرائيلي رفيع المستوى الموقع (المذكور): “ان زيارة شينكر الأخيرة للبنان خصصت لإجراء محادثات مع وزراء ومسؤولين رفيعين في الحكومة الإنتقالية هناك للتوصل لتفاهم على صيغة تسمح ببدء المفاوضات مع اسرائيل “.
اطلع شينكر الوزيرين شتيانيتس واشكينازي “على مضمون محادثاته مع الجانب اللبناني وقدم لهما مسودة محدثة لوثيقة مباديء لبدء المفاوضات”.
“الانطباع الاسرائيلي بعدعودة شينكر أن هناك مرونة من الجانب اللبناني . وانهم (اي اللبنانيون) باتوا أكثر استعداداً عما كانوا عليه في الماضي لبدء التفاوض حول الموضوع مع اسرائيل “.
“ونرى ان لدى الجانب اللبناني رغبة في المضي قدما ،ونرى انهم يدركون ان الوقت حان لتسوية القضية، واسرائيل جاهزة لبدء إجراء مفاوضات جادة وهي تأمل ان يحدث ذلك قبل نهاية عام 2020”.( انتهى تقرير موقع واللا ).
*الآلية التنفيذية لصفقة القرن *
قبل الجواب على السؤال :لماذا صدر هذا الكلام الاميركي والاسرائيلي في هذا التوقيت؟ لابد من الحديث عن الآلية التنفيذية لصفقة القرن لا سيما بما يخص لبنان.
“بعدما توصل الطرفان الاميركي والاسرائيلي الى تفاصيل صفقة القرن “
وبعد اعلان ترامب في (16/12/2018) “ان القدس كل القدس ستكون عاصمة اسرائيل الأبدية.
وبعد الاحتفال (بتاريخ 14/5/2018) بنقل السفارة الاميركية من تل أبيب الى القدس.
جرت بين الطرفين مناقشة صيغة الآلية التنفيذية (لصفقة القرن )التي تطلبت اجراء سلسلة من العمليات العميقة والمعقدة ( سياسيا، اقتصاديا،مادياً، مالياً ،عسكرياً واستخباراتياً) والتي يجب تنفيذها تدريجيا دون الغوص في في المدى القريب أو البعيد.
ماذا تعني العمليات المعقدة والعميقة ؟
تعني التنسيق الكامل بين جميع غرف العمليات العسكرية -الامنية – السياسية – المالية – الاقتصادية الخ…والعمل كغرفة واحدة .
والهدف هو :
تدمير جميع القوى (بما يعني الدول ،الاحزاب ،المنظمات ،الهيئات ،الجمعيات ..) التي تقف حجر عثرة في وجه صفقة القرن . التي لا تكتفي بازالة فلسطين والفلسطينيين بل انها ستدفع نحو مسار استراتيجي يكرس القيادة الاسرائيلية لمنطقة الشرق الأًوسط كلها وتسخير كل ثروات الخليج والمنطقة لها.
ابلغت جميع دول الخليج: “صفقة القرن “ هي السبيل الوحيد لبقاء عروشكم “.
* ماذا حول لبنان*
في نظر الطرفين “ ان الوضع في لبنان يحتاج العناية القصوى لا سيما وان لبنان -حسب الاسرائيلي – يعني المؤسسة اليهودية منذ هرتزل وصولاً الى مراسلات بن غوريون وموسى شاريت . “وان لبنان يجب ان يكون ضاحية العبيد لاسرائيل وذلك بالتنسيق مع جميع الدول العربية الحليفة لاسرائيل ؟
وبرأي الاسرائيليين انه بعد سقوط اتفاق 17 أيار مع السلطة اللبنانية برئاسة أمين الجميل آنذاك قال الجنرال افرام سنية : “ لن نترك في بيروت كلباً ينبح !؟”.
سقط 17 أيار ولم يكن حزب الله موجوداً حيث كان في المرحلة الأولى من انطلاقته ،فكيف اليوم وقوة الحزب تعادل خبرات وقدرات كل الجيوش العربية .
على ضوء ذلك ، كان من البديهي أن تتطور المواجهة الاميركية- الاسرائيلية مع حزب الله في داخل لبنان وفي خارجه وفق خطة تكون نتائجها قاسية ،ليس على حزب الله وحده بل على لبنان ككل وتحديداً على حلفاء الحزب وبيئته ( وفق الخطة الاميركية -الاسرائيلية ).
التقت وجهات النظر الاميركية – الاسرائيلية – الخليجية على وضع حد للرهان في لبنان على براغماتية بعض الحلفاء الرئيسيين في لبنان التي لم تؤتِ ثمارها المطلوبة رغم توفر التغطية لهم .
على هذا الاساس ،
كان “الحراك الشعبي” الذي تزامن مع “الحراك الشعبي “ في العراق كقوة بديلة يعتمد عليها … ولكن الحراك خيب آمال الاميركيين وحلفائهم ولم يكن بالحشد والمستوى المطلوبين.
* سياسي لبناني (من 14 أذار ):من نام عن عدوه نبهته المكائد *
سياسي لبناني بارز من -14أذار – له علاقات اميركية- اوروبية- خليجية-ابلغ احد الموفدين الأميركيين الثلاثة :شينكر،ساترفيلد،هيل:”نحن نعرف من اين تهب الرياح الصفراء على لبنان، وما هي التداعيات الدراماتيكية .لذا اؤكد لكم (للموفد الاميركي) على ان لا امكانية لدينا جميعاً (14أذار ) من المواجهة العسكرية والأمنية لا سيما وان الجيش اللبناني قادر على حماية الأمن وليس قادراً لأسباب عديدة بأن يكون شريكا ً في المواجهة”.
وقال السياسي اللبناني البارز للموفد الاميركي :
“انني اعمل بشعارين هما :
الأول: “ من نام عن عدوه نبهته المكائد “
الثاني:” دائماً احذر مودة العدو لأن مودة العدو لا تنفع ولو قدم العسل”.
وقدم السياسي البارز النصيحة التالية للموفد الاميركي :”خنق العدو اقتصادياً -مالياً دون انعكاسات على الشعب اللبناني ومؤسسات الدولة ،ومحاصرته سياسياً (لبنانياً ،عربياً، دولياً،واقليمياً).
وختم السياسي نفسه بمصارحة ضيفه الأميركي: “في الزمن الماضي كان الكلام للعرب وكان الفعل للاسرائيليين .اما اليوم فالكلام لاسرائيل والفعل لحزب الله وايران”.
*ابرز القرارات التي تخص لبنان*
١)- قرار أممي في ما خص اللاجئين والنازحين الفلسطينيين والسوريين يقضي ب:
أ) – لا عودة تحت عنوان : تأجيل البحث بعودتهم الى ما بعد الحل السياسي سواء  بخصوص صفقة القرن اوسوريا.
ب)- ربط عدم العودة باعادة بناء هيكلية البناء الديمغرافي في الشرق الاوسط الذي تنخر كياناته صراعات عرقية وقومية ودينية وطائفية و مذهبية حيث بعضها يتعلق بعدم نضج خرائط المصير الجديد لشعوب المنطقة، وبعضها الآخر يتعلق بمآل صفقة القرن والصراعات على نفط وغاز المنطقة (ضمناً لبنان) . وحدود تقسيم العمل الجديد على النطاق الاقليمي من ضمن خارطة تقسيم على النطاق الدولي .
٢)- مؤتمر. سيدر ( السابق او اللاحق اذا حصل ): ابلاغ الحكومة اللبنانية: ان تنفيذ مقررات المؤتمر تقضي ب :
أ)- القبول بشروط تحويل جزء من الاستثمارات لمصلحة تشغيل اليد العاملة من النازحين السوريين وبالتالي تأمين إجازات عمل واقامات باعتبارهم نازحين يتمتعون بحقوق معترف بها دولياً ( التمهيد للتوطين).
ب)- الاخذ بالنصيحة السعودية بعدم صرف اموال في لبنان من دون مقابل واضح ومحدد اي لن يكون هناك دعم مفتوح او لفترة متوسطة او طويلة(بدأت دول الخليج بتطبيق ذلك ).
ج)- عندما يصل الدين الى ما بين 75- 100 مليار دولار اي بلوغ لبنان مرحلة الانهيار ،الامر يتطلب القبول بتوطين الفلسطينيين والسوريين عندها يشطب مبلغ ال100 مليار دولار ويعطى لبنان هبات بمبالغ معادلة.
د)- يجب مرافقة ذلك بحملة دائمة ومركزة اعلامياً بالإضاءة على حالة الفوضى المالية والضيق الاقتصادي.
ه)- اجراء الاتصالات المطلوبة مع الاتحاد الاوروبي من اجل زيادة برامج دعم جمعيات ومنظمات المجتمع المدني في كل من : لبنان، والضفة الغربية وغزة، وايران شرط ان تعمل هذه الجمعيات والمنظمات داخل مناطق جمهور وبيئة كل من حزب الله(في لبنان) وحركتي حماس والجهاد الاسلامي في غزة ،وفي الداخل الايراني.
فجأة وتنفيذاً لخطة العمليات العميقة تحركت غرف العمليات الخاصة بالآلية التنفيذية لصفقة القرن، حيث اعد قرار التطبيع بين اسرائيل والامارات العربية المتحدة والبحرين وبالتزامن صدر امر عمليات عبر “ موقع واللا “ الاسرائيلي على لسان مسؤولين اسرائيليين رفيعي المستوى، بأن هدف الإدارة الأميركية هو تحقيق التفاوض المباشر بين لبنان واسرائيل قبل موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية …فاضافة الى حل الخلافات على الحدود البحرية لم تجر اي مفاوضات سياسية مباشرة بين الجانبين  منذ 30 عاماً
وكشف ايضاًعلى نفس الموقع “واللا “: ان زيارة شينكر الاخيرة للبنان خصصت لاجراء محادثات مع وزراء ومسؤولين رفيعين في لبنان للتوصل لتفاهم على صيغة تسمح ببدء المفاوضات مع اسرائيل … وان شينكر اطلع وزيري الطاقة والخارجية الاسرائيليين على مضمون المحادثات مع الجانب اللبناني وقدم لهما مسودة محدثة لوثيقة مباديء لبدء التفاوض .. كما ابلغهما “ان هناك مرونة من الجانب اللبناني وان اللبنانيين باتوا اكثر استعداداً مما كانوا عليه في الماضي لبدء التفاوض في المضي قدماً..وانهم يدركون ان الوقت حان لتسوية القضية “.
هكذا كشف ان هدف زيارة شينكر هو التفاوض المباشر بين المسؤولين اللبنانيين والاسرائيليين… اي بدون وسيط اميركي او وسيط اممي (القوات الدولية ) …وقد نال شينكر ما يريد .
لم يصدر اي بيان يؤكد او ينفي لا عن الوزراء او عن المسؤولين الرفيعي المستوى -الذين ذكرهم شينكر – ولكن الصمت علامة الرضا …
بعد صدور العقوبات الاميركية على الوزير السابق علي حسن خليل، اصدرت حركة امل بياناً اعلنت فيه عن تاريخ اتفاق السير بترسيم الحدود البحرية في الجنوب اللبناني ، وهو يوم الخميس في التاسع من تموز الماضي (2020).
وقد احرج هذا البيان الجانب الاميركي الذي ثبت بعد زيارة شينكر للبنان واسرائيل انه تراجع عن الاتفاق المذكور الذي سيكون حول الآلية التقنية لترسيم الحدود ،اتفاق يشكل نصراً للموقف اللبناني و يحفظ الحقوق اللبنانية كما تعهد الرئيس برّي الذي حذر في خطابه بذكرى تغييب الامام السيد موسى الصدر من اي محاولة اسرائيلية لإرباك الساحة اللبنانية حيث ان الحركة ستتصدى لأي عدوان…
فضح الاسرائيليون عبر موقع “واللا” المستور وهو “الموافقة اللبنانية المبدئية على التفاوض المباشر مع العدو الاسرائيلي”.
وبالتالي تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود .وفهمت اسباب ادارة الظهر من قبل الرئيس المكلف للكتل النيابية ؟؟! واصراره على حكومة مؤلفة من اختصاصيين غير سياسيين!!؟
كما فهمت خلفية الرؤساء السابقين للحكومة لجهة وضع اليد مجدداً على الحكومة وتحديداً على وزارة المالية التي رشح لها احد اقرباء الرئيس السنيورة.
باختصار انهم يستعجلون تاليف الحكومة وفق الاوامر والرغبة الاميركية …اي بدون حركة امل وحزب الله …يا ليتهم يعدون الى العشرة ويراجعون التاريخ كيف قاد الرئيس نبيه بري انتفاضة السادس من شباط 1984 واسقط مع حلفائه بدعم من سوريا الأسد اتفاق 17 أيار الذي تمسك به الرئيس امين الجميل …ويا ليتهم يتذكرون كيف استعجلت القوات الاسرائيلية الانسحاب من بيروت بعد ان لاحقتها مجموعات المقاومة الوطنية وحركة امل …وكيف تقهقرت القوات الاسرائيلية في خلدة امام مجموعات حركة امل بمشاركة مجموعات من حزب الله وكان آنذاك في بداية مسيرته المقاومة.
لو يتذكروا كيف انسحبت القوات الاميركية والفرنسية(المارينز) من مواقعها التي كانت تتمركز فيها في بيروت وضواحيها ولا سيما في المطار ومحيطه…
وليتذكروا جيدا ان الجنوب تحرر من رجس الاحتلال الاسرائيلي بدون قيد او شرط بعد اكثر من 22 سنة من الاحتلال وذلك بفضل المجاهدين المقاومين في حزب الله بقيادة السيد حسن نصرالله  وافواج المقاومة اللبنانية -امل – بقيادة  الرئيس نبيه بري .
لم يحصل كما روج له الاعلام الاميركي والاسرائيلي وبعض الاعلام الداخلي ضربة كف لأي كان خصوصاً في القرى المسيحية… وقد ترك امر العملاء من جميع الطوائف الى القضاء اللبناني.
وليتذكروا ان انتصار المقاومة الاسلامية عام 2006 اهداه السيد نصرالله الى جميع اللبنانيين بدون استثناء … ولولا هذا التحرير والانتصار ما كنا على ما نحن عليه اليوم ….
ليتعظ من هم حديثون في تسلم زمام الأمور ان قوة لبنان في مقاومته وليس في ضعفه او في تلبية اوامر الاميركي او غيره ..
حذار المفاوضات المباشرة وحذار التفريط بنقطة ماء او بقعة نفط او بلوك من الغاز أو متر من المساحة البحرية الخالصة، وإذا فعلتم ستكونون من الخاسرين .
الاسرائيليون فضحوا المستور عبر موقع “واللا” ولجميع من التقاهم شينكر من اللبنانيين سواء من مسؤولين رفيعي المستوى ( كما جاء في تقرير واللا) وغير مسؤولين ، وسياسيين وغير سياسيين ، ان يدركوا :
١)- ان التفاوض المباشر مع العدو الاسرائيلي على جميع الاصعدة ممنوع منعاً باتاً وقطعياً . وكذلك مرفوض التفريط بالثوابت التي حددها الرئيس بري سواء لجهة آلية التفاوض ولجهة عدم التفريط بنقطة ماء او بقعة غاز او نفط او بذرةً تراب في الحدود البرية والبحرية .
٢)- الالتزام بالاتفاق الذي توصل اليه الرئيس بري مع المفاوض الاميركي وهو انتصار للبنان.
٣)- بقاء الملف بعهدة الرئيس بري طالما بقي الليل والنهار .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى