رأي

سامحينا يا غزة.. (حيدر شومان)

 

بقلم حيدر شومان – الحوار نيوز

 

 

سامحينا يا غزة… فبساتيننا تغتني بأشجار الحبور والجمال الخالص، والورود في ساحاتنا تنبت حاملة أريجها الساحر عند كل الأنحاء… وشمسنا لا يعتري شعاعها أي خطب، والبدر والنجوم وساحات الفضاء الرحيب…

 سامحينا ياغزة، فأطفالنا يهنأون ذاهبين إلى مدارسهم بصخب اللعب الذي يملأ حياتهم دون أن ينغص عليهم أي ألم أو حَزَن، وفي الأعياد يرتعون آمنين في كل الساحات ولا يخشون رصاصاً أو قذيفة أو صاروخاً، فالأمان يسيطر على كل الدروب… والناس عندنا يشترون حاجياتهم من كل مكان، فلا عوائق تمنع من الذهاب إلى السوق، والمحال لا تقفل أبوابها خوفاً من غدر الغادرين…

 سامحينا يا غزة، إذا ما نسيناك في غمرات تفاصيل الحياة الروتينية، وأكثرها سخيف غبي، وعشناها بعيدين عن آلامك وجراحاتك والموت المنتشر في جميع أرجاء ديارك… هل أصبحت معاناتك صوراً متكررة اعتدنا مشاهدتها فانثنينا عن التفاعل معها وانشغلنا في مكان آخر؟ هل أصبحت جراحاتك أنباءً يتكرر سردها باستمرار فما عادت تنطق بالأحزان؟ هل بات الموت عند جنباتك معزوفة روتينية مللنا سماعها أو أنها لم تعد تخاطب الوجدان كما كانت منذ بداية الحرب ؟

مضى عيد الميلاد، وبيت لحم ذرفت الدموع ولم تنم، وكنيسة القيامة نكست رأسها خائبة من خذلان من كانوا يقولون أنهم مسيحيون أحبة صادقون. والمسجد الأقصى انزوى وحيداً في بقعته بعد أن هرب من مسؤوليتهم المسلمون. لكن لا تقلقي يا غزة، فأشجار الميلاد في بلادنا وبيوتنا شامخة مزينة بكل ألوان الفرح، فلا بأس إن حزن أطفال فلسطين ويتّموا وقتلوا، وفرح أطفالنا، فلا ذنب لهم، ولن نريهم معاناة الطفولة في فلسطين، بل يجب أن يرتعوا ويلعبوا ويلههم الأمل، والله يبقى لأطفالكِ مكفكفاً دموعهم ودماءهم، ماسحاً للرؤوس اليتيمة بعد أن رحل الآباء.

سامحينا يا غزة، فسنحتفل برأس السنة الميلادية كما احتفلنا بعيد الميلاد، وسنرسل إليك التهاني وندعو لك بالأمن والسلام وهدأة البال، ولطفولتك الهائمة في كل الدروب السلامة والسؤدد.

لا تلومينا إن لم نرسل إليك الماء والدواء والغذاء، فاصبري وتحملي الجوع والعطش وآلام الجراحات بلا دواء، فإننا معذورون لأن إسرائيل لا تسمح لنا بفتح معبرنا، ولا قدرة لنا على تحديها، واعتدنا على ألا نتحداها، ولا شك أنك تعذريننا، فلا طاقة لنا على القيام بأعمال شجاعة، ولا بأس أن نتهم بالجبن والخذلان طالما أن زعيمنا سينام في هدأة الليل هانئاً آمناً لا يعكّر صفوة مزاجه أحد حتى الضمير، ومن قال إن الضمير العربي لا يزال ينبض بالحياة؟

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى