إقتصاد

النص الكامل لمداخلة حاكم مصرف لبنان أمام المجلس الإقتصادي: بحاجة لإصلاحات بعضها غير شعبي. .الوضع النقدي مستقر ولدينا القدرة على التعامل مع السوق.

إطلالة شاملة وشفافة لحاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة، قدم خلالها لوحة شاملة  أمام الهيئة العامة للمجلس الإقتصادي الإجتماعي، تناولت الأرقام الفعلية لموجودات المصرف المركزي وللدين العام في لبنان.
وعرض الحاكم سلامة من خلال المداخلة الرئيسية وأجوبته على أسئلة أعضاء المجلس، لتقنيات الوضع المالي وسبل تخطي الأزمات الراهنة والمتوقعة، مؤكدا على وجوب الإسراع في تأليف الحكومة والشروع في ورشة الإصلاحات الضرورية والتي قد يكون بعضها غير شعبي.
ونفى الحاكم أن يكون قد إقترح زيادة خمسة آلاف ليرة لبنانية كضريبة على سعر صحفيحة البنزين وقال: لسنا نحن في المصرف المركزي من يضع ويسنّ الضرائب، والحقيقة أننا كنا في لقاء تشاوري مع بعض النواب نتحدث عن سياسة الدعم للصناعة والإسكان وجرى إستعراض مجموعة أفكار أولية، وفجأة جرت حملة على خلفية الحوار والتعامل مع الأمر وكأن الضريبة باتت قائمة.
وردا على سؤال بشأن تأثير قانون العقوبات الأميركي الذي يستهدف حزب الله وتأثيره على القطاع المصرفي، أكد سلامة " أن لا تأثير لهذا القانون على القطاع لأننا إتخذنا كل الإجراءات وأصدرنا تعاميم سابقة، ولسنا بحاجة لتعاميم جديدة، والقطاع المصرفي اللبناني لديه مستوى عال من الإمتثال والجهات الرقابية تقوم بواجباتها".
وفي ما يلي النص الكامل لمداخلة الحاكم سلامة:
لبنان اليوم يواجه عدة تحديات .إن الإقتصاد اللبناني مدولر، لذا فإن الفوائد التي تؤثر على الحركة الإقتصادية، تؤثر أيضا على الإستقرار الإجتماعي ولا يمكننا ان نسيطر عليها بمجملها بسبب دولرة الإقتصاد.
رفع البنك المركزي الأميريكي، أمس، مجدداً الفائدة على الدولار الأمريكي بما سيؤثر على مستوى الفوائد في العالم بأسره ومنها بالتأكيد في لبنان.أزمة  2008التي خفضت الفوائد الى الصفر، إستفاد منها لبنان لأننا لم نقع بها، لقد استقطبنا اموالا الى لبنان وكنا قادرين على وضع فوائد أدنى مما هي حالياً ، لكن هذا الزمن انتهى.كذلك فإن البنك المركزي الأوروبي ينظر في رفع الفائدة على اليورو إبتداء من 2019.
دولرة الإقتصاد في لبنان تجعل الوضع الإقتصادي متأثراً بالحركة التي تحصل عالميا بالنسبة للفوائد.صادرات لبنان محدودة و لا يمكنه جلب عملات صعبة من الصادرات، لا يوجد حتى الآن مواد أولية كي يتمكن لبنان ان يصدرها  ونتأمل ان يحصل ذلك في مرحلة ما كالغاز و البترول، هذا الامر غير حاصل حاليا.
البنك المركزي مدرك لهذه الأمور وهو قام بعمل يستهدف تدعيم الثقة بإستقطاب العملة الصعبة، كي يتمكن من بقاء الإقتصاد في حركة دائمة.إقتصادنا مرتبط بمدى قدرتنا على استقطاب عملات صعبة الى لبنان والنمو في الودائع هو مؤشر أساسي.
في سياستنا، ما نقوم به هو من ناحية نتمسك بإستقرر سعر صرف الليرة، لأننا نعتبر ان  هذا الإستقرار هو عنصر ثقة لإستقطاب  رؤوس الأموال الى لبنان وهو من ناحية ثانية، عنصر مهم للإستقرار الإجتماعي لانه يحمي القدرة الشرائية للمواطنين. الأساس في هذا الإستقرار هو ان نترك سوق الفوائد حر.
هذه بعض الأرقام المتعلقة بالأوضاع المالية لغاية نهاية آب 2018. يوجد في مصرف لبنان حاليا ما يساوي  43 مليار وتسعماية مليون دولار كموجودات البنك دون ان نحتسب الذهب.وهذا المخزون من الدولارات جرى تكوينه تدريجيا بعدة طرق، وهو اليوم العنصر الأساسي الذي يُبقي الفوائد في لبنان، ولو ارتفعت ، لا زالت اقل مما معمول به في عدة دول في المنطقة بإستثناء الدول النفطية.
الودائع في القطاع المصرفي تنمو، خلافا للشائعات. نترقب أن يبلغ النمو بالودائع للعام  الحالي بين 4 و 5 % و هذا مبلغ  مهم لان مجمل الودائع الموجودة  تساوي بحدود 183 مليار دولار، موزعة بين العملة اللبنانية و الدولار، هناك ما يساوي 55 مليار دولار بالليرة اللبنانية و هناك ما يساوي 127 مليار دولار بالعملات الأجنبية . بمعنى ان الدولرة حاليا، في حال إستثنينا ودائع القطاع العام، هي بحدود 69,5% . وقد وصلت الدولرة في  اسوأ الأيام  ل 72% ، بعبارة اخرى مصرف لبنان لديه القدرة بسبب موجوداته بالعملات الأجنبية للسيطرة على سوق القطع ولا نتصور أن يظهر طلب غير إعتيادي، نظرا الى الأرقام التي تحدثت عنها.

ميزان المدفوعات في لبنان مؤشر مهم. ونحن لغاية آخر آب لدينا عجز بحدود مليار ومئة مليون دولار في ميزان المدفوعات، إنما عندما نحتسب ميزان المدفوعات نعتبر، تبعاً لإرشادات  صندوق النقد الدولي، أن الودائع التي تدخل لغير المقيمين تحسم في ميزان المدفوعات وهذه الودائع للعام الحالي زادت مليار وثمانماية مليون، وهذا يعني ان ميزان المدفوعات إيجابي ولكن ليس إيجابياً كما كان قبل ان تبدأ الحرب في سوريا.
في ما يتعلق بمعدل الفوائد المعمول بها في السوق، وكما تعلمون نحن نأخذ المعدل؛ نسمع بفوائد اعلى ونسمع بفوائد ادنى، ولكن عندما نُدَخّل كل المعطيات ومنها القروض المدعومة، يتبيّن ان المعدل على اللبناني هي بحدود 8.81 بالمئة وعلى الدولار هي بحدود 8.12 بالمئة، هذا المعدّل، وكما هي حركة الفوائد في العالم و"الخضات" التي تحصل في الأسواق الناشئة، المعدل في 2019 سيرتفع وهنا أهمية الثقة، كي يبقى الإرتفاع مقبولاً ولا ينعكس سلباً على القطاعات الإقتصادية.
النمو في لبنان للعام الحالي بحدود 2% بحسب إحصاءاتنا، إنما التأخر بتشكيل الحكومة ربما ينعكس إنخفاضاً في توقعاتنا للنمو، لأن هناك جزءا من هذا النمو يتأتى من الإنفاق الذي يقوم به القطاع العام.
هناك عدة توقعات دولية وعالمية تتراوح بين 1.50 و 2.3 بالمئة، إنما بالنسبة للبنك المركزي، نحن نتوقع النمو بحدود 2%، وإن نسبة النمو واقعية بالنسبة للمنطقة، فالمملكة العربية السعودية يُتوقع ان يبلغ النمو لديها 2%…أما في المنطقة العربية ككل، إذا اخذنا معدل النمو، هي بحدود 2.3%. والسبب ان الأوضاع بالمنطقة غير مستقرة أمنياً وسياسياً وغير مستقرة في القطاع العقاري، القطاع المهم لكل الإقتصادات العربية.
كل هذه العناصر أثّرت في تدني النمو في المنطقة. عادة كنا نتحدث عن نسبة نمو بالمنطقة تبلغ 4 الى 5 بالمئة، الآن بلغ النمو نصف ما كان عليه سابقاً. وهذا الأمر يؤثر على لبنان، لأن التحويلات الى لبنان ، هي جزء أساسي من الإقتصاد اللبناني وجزء مهم من تمويل الإقتصاد اللبناني.
الدين العام في لبنان بلغ حتى نهاية آب 2018 بحدود 82.898.000.000، وأنا هنا دقيق لأننا نسمع أحياناً ان الدين العام هو بين 82 مليار و 85 مليار.
هذا الدين ينمو اكثر من النمو الإقتصادي، وهذا مؤشر لا يساعد الإقتصاد اللبناني، لذلك نحن توجُهنا يتمثل في الحدّ من توسع القطاع العام وإيجاد الطرق لتحفيز النمو عن طريق القطاع الخاص لأن ذلك يعطي نتيجة افضل للبنانيين لجهة إيجاد فرص العمل والشفافية ومن حيث تثبيت موقعنا في المنطقة.
 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى