سياسةصحفمحليات لبنانية

قالت الصحف: جمود رئاسي بانتظار الموفد الفرنسي

الحوار نيوز – صحافة

يصل الموفد الفرنسي جان أيف لودريان بعد غد الأربعاء الى بيروت ،وعليه تكاد الاتصالات المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي مجمدة بانتظار ما ستخلص اليه جولة الموفد الرئاسي الفرنسي.

 

النهار عنونت: “في انتظار لودريان” عضّ الأصابع على أشدّه

 وكتبت صحيفة “النهار”: انتظرت القوى السياسية تسرب أي معطيات ملموسة من شأنها ان تحمل “علامات ” توافق او عدم توافق او “ابيض على اسود” او مساحات رمادية ، من محطتي باريس وطهران الأخيرتين ولكن هذا الانتظار المزدوج لم يلق الاستجابة الفورية بل بدا عالقا معلقا في انتظار محطة ثالثة .. وهكذا دواليك!

لقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الاليزيه والذي على أهمية ايلائه الملف اللبناني والازمة الرئاسية أولوية لافتة فيه فانه لم يطلق مؤشرات كافية للقوى اللبنانية حيال امكان توغل المحادثات بين الجانبين الى مقاربة قد تدفعهما الى الانخراط في ملف أسماء المرشحين من باب التفاهم او التنسيق او التمهيد لمهمة المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي الى لبنان جان ايف لودريان . وبعد هذا اللقاء البارز كان الانتظار الثاني اشد اثارة للغموض اذ ان زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان لطهران ، والتي اكتسبت أهمية مفصلية من زاوية تعزيز العلاقات الثنائية والمضي قدما في تطبيعها ، لم تتسرب عنها أيضا مؤشرات كافية تدل على ان لبنان طرح من ضمن ملفات “الاستقرار الإقليمي” او “عدم التدخل في الشؤون الداخلية” للدول في المنطقة .

بذلك ، تميل أوساط ديبلوماسية مطلعة الى الاعتقاد بان الخيبة الخارجية التي تسببت بها الجلسة الثانية عشرة لمجلس النواب بعدم انتخاب رئيس للجمهورية وبتطيير فريق الممانعة للنصاب لدى تقدم المرشح جهاد ازعور على المرشح سليمان فرنجية، لن تقترن بتدخلات حاسمة وسريعة كما راهن على ذلك بعض الافرقاء اللبنانيين ولا سيما منهم من لا يزالون يستبقون وصول المبعوث الفرنسي الى بيروت الأربعاء المقبل ب”الجزم” بان فرنسا لم تتخل بعد عن دعمها لترشيح فرنجية . وتاليا تستبعد هذه الأوساط ان تكون الازمة الرئاسية اقتربت من تبديل جوهري وجدي في المقاربات الخارجية اذ ان “دور لبنان لم يحن بعد” بمعنى إتمام التفاهمات الكبرى وان أسوأ مراحل الازمة الرئاسية تتمثل راهنا في افتعال العقبات والعراقيل الإضافية لمنع انجاز الاستحقاق إنجازا لبنانيا صرفا دونما رهن الازمة وتداعياتها للانتظارات الخارجية العقيمة .

ومع ذلك فان الأسبوع الطالع ستتداخل فيه تداعيات التعقيدات وعض الأصابع والتوترات التي تركتها الجلسة الانتخابية الأخيرة مع تجدد التجاذب النيابي والسياسي اليوم حول الجلسة التشريعية التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري لدرس مشروعي قانونين يتعلقان بتوفيرالاعتمادات لرواتب ومعاشات القطاع العام بكل اسلاكه حتى نهاية السنة ، اذ تقاطع قوى المعارضة ولا سيما منها كتل “الجمهورية القوية” والكتائب و”تجدد” وعدد من النواب التغييريين والمستقلين هذه الجلسة على أساس رفضهم الثابت لانعقاد جلسات تشريعية قبل انتخاب رئيس للجمهورية . وانتظر المؤيدون للجلسة موقف “تكتل لبنان القوي” من المشاركة في الجلسة او عدمها لتبين ما اذا كانت ستعقد اليوم ام لا. ولكن قرار التكتل كان في انتظار عودة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الذي توجه امس الى قطر. ووفق معلومات فانه توجه الى قطر للقاء المسؤولين الذين يتابعون الملف اللبناني.

مهمة لودريان
وفي غضون ذلك وتبعا لما كانت أوردته “النهار” قبل يومين تأكد رسميا في باريس ان المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى لبنان جان إيف لو دريان سيصل الأربعاء إلى بيروت لإجراء محادثات مع المسؤولين السياسيين، وفق مصدر دبلوماسي، امس. وأكّد المصدر نفسه لوكالة الصحافة الفرنسية أن تاريخ الزيارة في 21 حزيران مؤكد بعدما تحدثت وسائل إعلام لبنانية عن زيارة لو دريان بيروت “الأسبوع المقبل”. وتحدّث مصدر آخر مطّلع على الملف عن زيارة يوم الأربعاء، لكن لم يحدد أيّ من المصدرين المدة التي سيبقى فيها لودريان في بيروت ولا المسؤولين الذين قد يلتقيهم. وأجرى وزير الخارجية الفرنسي السابق جان إيف لو دريان محادثات مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا شاركته خلالها معطيات حول المناقشات التي أجرتها في الأشهر الأخيرة مع مسؤولين لبنانيين.وفي اليوم نفسه، كانت الأزمة السياسية اللبنانية في صلب المحادثات بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال مأدبة غداء. وشدّد المسؤولان على “ضرورة وضع حد سريعاً للفراغ السياسي المؤسساتي في لبنان” . وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان مساء الجمعة إن عدم انتخاب رئيس منذ ثمانية أشهر “يبقى العائق الرئيسي أمام معالجة الأزمة الاجتماعية الاقتصادية الحادة” التي يعانيها لبنان”. وأفادت معلومات أولية ان لودريان يزمع اجراء جولة واسعة من اللقاءات والمشاورات مع المسؤولين الرسميين والسياسين وان السفارة الفرنسية وجهت دعوات الى عدد وافر من النواب للقاءات مع لودريان في قصر الصنوبر من دون تحديد مهلة زيارته لبيروت التي يرجح ان تستمر لايام .

“بدم بارد”
وسط الأجواء المكهربة منذ الجلسة الانتخابية الأخيرة تصاعدت المواقف الانتقادية بحدة للكنيسة ممثلة بالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة . وسآل الراعي امس “كيف نستطيع مع شعبنا، الذي تكويه في الصميم هذه الأزمات، أن نقبل بمهزلة ما جرى في جلسة انتخاب رئيس للجمهوريّة الأربعاء الماضي، بعد ثمانية أشهر من الفراغ والإنتظار، حيث انتُهك الدستور والنظام الديمقراطيّ بدمٍ بارد، وتوسّع جرح الإنقسام والإنشطار، في وقتٍ يحتاج فيه لبنان إلى شدّ أواصر الوحدة الداخليّة؟ أهكذا نحتفل بمئويّة لبنان المميّز بميثاق العيش معًا مسيحيّين ومسلمين، وبالحريّات العامّة، والديمقراطيّة، والتعدّديّة الثقافيّة والدينيّة في الوحدة؟ أهكذا ننتزع من لبنان ميزة نموذجيّته، ونجرّده من رسالته في بيئته العربيّة؟”.

وكان البطريرك الراعي اعلن في اختتام سينودس أساقفة الكنيسة المارونية السبت ، وبمناسبة مرور 15 سنة على انطلاق اعمال المؤسسة المارونية للانتشار في لبنان وبلدان الانتشار انه “فيما شعبنا يعيش مأساته الإقتصاديّة والماليّة والمعيشيّة والإجتماعيّة، جاءت جلسة انتخاب رئيس للجمهوريّة الأربعاء الماضي بكيفيّة إيقافها عن مجراها الدستوريّ والديمقراطيّ، لتزيده وتزيدنا ألـمًا معنويًّا، وتجرحنا في كرامتنا الوطنيّة، وتخجلنا بوصمة عار على جبيننا أمام الرأي العام العالميّ، لا سيما والجميع يتطلّعون إلى لبنان بأمل انتخاب الرئيس، لكي يتمكّن من الخروج من أزماته”.واكد: “أمّا من جهتنا فلا نفضّل أحدًا على أحد، بل نأمل أن يأتينا رئيس يكون على مستوى التحديات وأوّلها بناء الوحدة الداخليّة، وإحياء المؤسّسات الدستوريّة، والمباشرة بالإصلاحات المطلوبة والملحّة”.

ودعا سينودس أساقفة الكنيسة المارونية في ختام اجتماعه النواب “إلى القيام بواجبهم الوطني والدستوري وانتخاب رئيس للجمهورية، ثم الإسراع في تشكيل حكومة مؤهلة وقادرة تمتلك برنامجًا إصلاحيًا ديناميًا بحيث يكتمل عقد السلطات ويتأمّن توازنها وتعاونها بإرادة وطنية جامعة” . وايد “تأييدًا كاملاً” مواقف البطريرك الراعي “الذي يقوم بالمساعي الحثيثة لتعميق التفاهمات بين جميع اللبنانيين. وقد أكدت هذه المساعي من جديد دور البطريرك المؤتمن التاريخي على كيان لبنان ووحدة أبنائه وعلى دور بكركي التي كانت وستبقى دارًا للتلاقي والحوار بين كل الأطراف اللبنانيين. ودعاه إلى متابعة هذه المساعي لجمع اللبنانيين وإقامة الحوار فيما بينهم، لأن هذا الحوار بات ضروريًا من أجل قراءة نقدية لأحداث الماضي وتنقية الذاكرة وفتح الطريق أمام المصالحة الشاملة”. وشدد على “التمسّك بالثوابت الوطنية، أي العيش المشترك والميثاق الوطني والدستور والصيغة التشاركية بين المكوّنات اللبنانية في النظام السياسي وتطبيقها بشكل سليم.”

وبدوره قال المطران عودة امس : “إثنتا عشرة جلسة لانتخاب رئيس لم تكن سوى عمليات إجهاض تمنع إنقاذ بلد، يكون وطنا لجميع أبنائه. لماذا هذا الأسر الذي يقبع فيه بعض النواب الذين يفترض بهم أن يكونوا أحرارا، وأصواتا صارخة بصراخ الشعب اليائس؟ النيابة ليست هروبا من المسؤولية بل هي تمثيل الشعب أحسن تمثيل. هل يؤيد الشعب حقا تصرف نوابه وتقاعسهم عن القيام بواجبهم الأول وهو انتخاب رئيس للجمهورية، لا بالطريقة التي يريدونها بل كما يمليه الدستور؟ هل أحسن التصرف من أدلى بصوته وغادر القاعة وكأنه غير مهتم لا بالبلد ولا بنتيجة الإقتراع؟ هل هكذا تكون الممارسة الديمقراطية؟”. وسأل ” هلضياع صوت أمر عادي لا يستحق الوقوف عنده أو الإعتراض عليه؟ ما هذه العبثية المدمرة؟ كيف سيبنى وطن لا يستطيع نواب الشعب فيه احترام الدستور وانتخاب رئيس، بجدية وديموقراطية، رئيس لكل البلد، يشارك في عملية انتخابه جميع النواب، ويكون خادما للشعب بأسره، لا لجماعات محددة فقط؟ ألم يحن وقت التخلي عن الأنانيات والمصالح من أجل إنقاذ البلد؟”.

 

 

 


الأخبار عنونت: تشريع الضرورة رهن الانقسام السياسي الرئاسي: هل يحمل لودريان حصيلة فرنسية – سعودية – إيرانية؟

 وكتبت صحيفة “الأخبار”: تنتظر كل الأطراف السياسية نتائج القمة السعودية – الفرنسية وزيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان لطهران لتستشفّ منها ما جرى بحثه في ما يتعلق بالملف اللبناني. وبدأت قوى بارزة تواصلاً مع الجهات الثلاث لجسّ النبض، حتى قبل وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت بعد غدٍ الأربعاء، في زيارة تستمر ليومين، يلتقي فيها الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، ويستقبل رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وممثلين عن كل القوى السياسية المعنيّة بالاستحقاق الرئاسي في قصر الصنوبر.

ورغم الانقسامات المحلية وجذورها السياسية والطائفية وحتى المصلحية، إلا أن لعواصم كباريس والرياض وطهران تأثيرات كبيرة على لبنان، وأي اتفاق أو خلاف بين هذه العواصم ينعكس بقوة على ساحته.
في ما يتعلق بالفريق الداعم لفرنجية، فإن الرهان هو على «عقلانية» سعودية تسمح بفتح الأبواب الموصدة لدى كتل وشخصيات نيابية مستقلّة، لتثبيت التسوية التي تحمل رئيس تيار المردة إلى قصر بعبدا. وفي المقابل، يراهن الفريق الخصم على برمجة جديدة للاتصالات الخارجية تجعل التسوية بصيغتها الأولى غير قابلة للاستمرار، ويأمل هؤلاء أن تنتج المحادثات الخارجية دعوة إلى سحب ترشيحه مقابل سحب الآخرين مرشحهم، والبحث عن خيار بديل. وبين هؤلاء وأولئك، ثمة من عاد للعمل، بقوة، من أجل ترجيح كفة قائد الجيش العماد جوزيف عون كخيار ثالث ووحيد. ويلعب القطريون بشكل خاص الدور المنسّق لهذه العملية، بتشجيع أميركي. وهم عادوا إلى طرح ترشيح قائد الجيش مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أمس.
وعشية وصول الموفد، حضر الملف اللبناني على جدول أعمال القمة التي جمعت في باريس ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وكان لافتاً قطع وزير الخارجية السعودي (الذي رافق بن سلمان إلى باريس) زيارته والتوجه إلى طهران السبت الماضي للقاء نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، قبل أن يعود إلى باريس فجر أمس الأحد حيث التقى لو دريان والمستشار الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل.
وقالت مصادر مطّلعة إن «ما دار بين ماكرون وبن سلمان أصبح في عهدة اللجنة المشتركة الفرنسية – السعودية»، مشيرة إلى أن «الكلام عن حوار لبناني برعاية فرنسية وعربية ليس دقيقاً»، وأن «لا أحد من القوى الداخلية يمتلك معطيات حاسمة عمّا دار في باريس، والجميع ينتظر ما سيحمله لو دريان معه، علماً أن غالبية التقديرات تشير إلى أنه سيأتي لاستطلاع الآراء من جديد».

وفي وقت استبعدت مصادر بارزة ما تردّد عن «حسم للملف اللبناني نهاية الشهر الجاري»، إلا أنها لفتت إلى أن «التقدم في العلاقات السعودية – الفرنسية لا بد أن يحمل تطورات إيجابية تساعد لبنان على الخروج من أزمته»، وأن «ما يناقش في الكواليس الخارجية يؤكد أن الملف اللبناني موجود على الرادار الخارجي ولو أنه ليسَ من الملفات الملحّة حالياً». وأكّدت أن «جلسات الانتخاب توقّفت في انتظار الموقف الدولي والحراك الفرنسي والسعودي والقطري، وما سيحمله الموفد الفرنسي».

الجلسة النيابية
وبانتظار تبلور الصورة الخارجية المتصلة بالملف الرئاسي، يُفتتح الأسبوع على مواجهة سياسية جديدة، بعد دعوة الرئيس نبيه بري إلى جلسة تشريعية اليوم، يقتصر جدول أعمالها على قانونين أقرّتهما اللجان النيابية، وسط سجال حول دستورية الدور التشريعي لمجلس النواب، وفي ظل التهديد بحرمان الموظفين في القطاع العام وأساتذة الجامعة اللبنانية من رواتبهم إذا لم يتم إقرار الاقتراحين. ولا يزال مصير الجلسة غير معروف لجهة تأمين النصاب، الذي لا يزال رهن الموقف النهائي لتكتل «لبنان القوي»، بعد إعلان كتلتي القوات اللبنانية والكتائب ونواب مستقلين ومعارضين المقاطعة.
وتساءلت مصادر نيابية في المعارضة عمّا إذا كان التقاطع الظرفي مع التيار الوطني الحر على دعم ترشيح جهاد أزعور سينسحب على الجلسة التشريعية، معتبرة أن «مقاطعة التيار الوطني الحر ستقوّي موقف المعارضة ككل لأنها ستظهر ككتلة صلبة في البرلمان». وهو أمر كان محل تشاور في اجتماع عُقد ليل أمس لكتلة نواب التيار برئاسة باسيل، وسط ضغوط من قواعد التيار بضرورة المشاركة وفصل ملف رواتب الموظفين عن الخلافات السياسية. وقال نائب من التيار إن ملف الرواتب مسألة حيوية لعشرات آلاف العائلات اللبنانية التي لم يعد دخلها يساعد على سدّ حاجاتها، ولا يمكن اعتبار الأمر غير ضروري. لكنّه أشار إلى أن القرار النهائي رهن الاجتماع، علماً أن عدم انعقاد الجلسة يجعل وزارة المالية من دون غطاء قانوني يسمح لها بصرف رواتب موظفي القطاع العام حتى نهاية السنة.

 

 

 

الجمهورية عنونت: الحسم بيد الخارج… لودريان يخيّر المُعطّلين: التسليم بحل رئاسي أو واقع مأسوي؟

 وكتبت صحيفة “الجمهورية”: سواء اقتنعَ المُكابرون والمزايدون والمعطّلون، أو لم يقتنعوا، فإنّ جلسة الفشل الثاني عشر في انتخاب رئيس للجمهورية طَوَت ما قبلها نهائياً، وفَرطت شمل العشاق وفرضت مقاربات جديدة للملف الرئاسي، بعيداً عن منطق التقاطعات المؤقتة التي سقطت مضرّجة بتصدّعات وتفسّخات غير قابلة للترميم، وبإحراجات يستحيل تبريرها أمام جمهور غدرت به مجموعات وقحة استثمَرَت على وجَعه، وعَربشت على أكتافه بشعارات ومحاضرات العفة التغييرية، وفي لحظة الحقيقة، انخرطت في ما ثبت بما لا يقبل أدنى شك أنه موقعها الطبيعي، كأدوات ناسفة لكلّ تلك الشعارات، نازِعة عنها آخر ورقة توت ساترة لكلّ مسار الخداع الذي انتهَجته منذ 17 تشرين الأول 2019.

باتَ الواقع الداخلي مكشوفاً بالكامل، ومفروزاً الى اصطفافات سياسيّة وانقسامات وأجندات متصادمة انسَدّت معها كل الآفاق التي يمكن من خلالها النفاد الى انفراج رئاسي، وعكست نفسها في 12 جلسة انتخابية فاشلة عَقَدها المجلس النيابي. وكذلك في مُسارعة اطرافها الى اعلان رفضها الإنخراط في أي مسار داخلي يُخلي سبيل رئيس الجمهورية ويُخرجه من زنزانة التعطيل، وهو ما عكسته المكابرات التي أحاطت بالدعوة الاخيرة التي وجّهها رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الحوار.

لا حل داخلياً

هذا المنحى، وعلى ما تقول مصادر سياسية معنية بالملف الرئاسي لـ«الجمهورية»، يؤكّد بما لا يرقى اليه الشكّ، انه بات يوجِب الاعتراف وبصورة أكيدة ونهائيّة باستحالة الرّهان على حلّ داخلي يكسر حلقة التعطيل، وانّ الامعان في سياسة دفن الرؤوس في الرمال وإخفاء حقيقة السبب الجوهري وأدوار مكوّنات الفراغ الرئاسي في تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، خلف الاصابع، ما هو سوى تذخير لهذه المكونات للإستمرار في هذا المنحى المُتسَيّد على المشهد الرئاسي منذ نحو ثمانية اشهر، وتمديده أشهراً اضافية وربما الى سنوات».

وإذا كانت مكونات التعطيل الرئاسي متسلحة في مضيّها في هذا المنحى، بتسلّطها على واقع داخلي متراخٍ امامها، او مستسلم لها، ليس فيه من يجرؤ على أن يردعها ويحملها على تغيير هذا السلوك الذي دَفّع لبنان واللبنانيين أثماناً كبرى، ويُنذر استمراره بأكلاف إضافية أشدّ ثقلاً وارهاقا في شتى المجالات. إلّا أنّ تلك المكوّنات، بحسب المصادر السياسية عينها، قد استنفدت كلّ ما لديها، وآخرها ما تَبدّى في جلسة الفشل الثاني عشر، وبالتالي هي بلغت آخر مداها وأدركت حدودها، وتِبعاً لذلك لن تستطيع ان تكمّل في هذا المنحى إلى ما شاء الله.

 

تسوية ملزمة

يتقاطَع ذلك مع معلومات موثوقة، قال مرجع مسؤول لـ«الجمهورية» انّها تَبعث على التفاؤل، لافتاً في هذا السياق الى انّ إشارات وصفها بـ«الجدية جداً»، بدأ رَصدها في أجواء حركة المساعي الخارجية تجاه لبنان، وآخرها لقاء الجمعة الماضي بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان. امّا فحوى تلك الاشارات فلخّصَها المرجع عينه بقوله: في موازاة الافق الداخلي الغارِق في مناخات الفرز والإنقسام وسَدّ كل طرق ونوافذ الانفراج الرئاسي بمتاريس واتهامات وسياسات وشعبويات حاقدة، هناك تسليم خارجي بعُقم واستحالة حلّ لبناني لأزمة الرئاسة. ومن هنا فإنّ المساعي الخارجية التي يتولاها أشقاء لبنان واصدقاؤه تشد بزخم واضح لإلحاق لبنان بمسار الإنفراجات الإقليمية».

 

وكشف المرجع عينه عمّا سمّاها «معطيات ديبلوماسية» نقلها بعض السفراء، تعكس انّ الملف اللبناني بات على نارٍ أكثر حماوة من ذي قبل، وانّ الجهد الذي يبذله الاصدقاء والاشقاء، وفي الصدارة باريس والرياض، قد أطلقَ صفّارة العدّ التنازلي لمقاربة جديدة وأكثر واقعية للملف الرئاسي، تمهّد لحلّ رئاسي من الخارج، عبر ما سمّاها المرجع عينه «تسوية ملزمة» يتولّد عنها رئيس للجمهورية في القريب العاجل».

 

امّا جوهر هذه التسوية، فقال المرجع انه لا توجد اي معطيات حول تفاصيلها، الا ان عنوانها العريض وجوهرها يرتكزان على اولويتين متلازمتين: رئاسة الجمهورية والحكومة. خلاصتهما انه اذا كان انتخاب رئاسة الجمهورية امراً ملحّاً، فإنّ حكومة ما بعد الانتخاب، برئيسها وتركيبتها لا تقل ضرورة وإلحاحاً وإمّا لماذا هذا التلازم، فلأن ثمة خشية لا يُخفيها الفرنسيون من ان عدم حسم الأولوليتين معاً قد يؤدي انتقال الازمة من كونها رئاسية، الى ازمة حكومية، تعقّد تسمية رئيسها وكذلك تأليفها، وتؤخر بالتالي ما هو منتظر منها من خطوات وإجراءات انقاذية واصلاحية تفتح الباب على مساعدات مالية يحتاجها لبنان بشدة، وهذا التأخير معناه مُفاقمة أزمة لبنان أكثر اقتصادياً وماليّاً.

 

مهمة لودريان: قائد الجيش

وسط هذه الاجواء، من المقرر أن يصل وزير الخارجية الفرنسية السابق جان ايف لودريان موفداً شخصياً للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ونقلت وكالة «فرانس برس»، عن مصادر، بأنّ لودريان سيجري محادثات مع المسؤولين السياسيين، وقد سبق له ان أجرى محادثات مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا شارَكَته خلالها معطيات حول المناقشات التي أجرتها في الأشهر الأخيرة مع مسؤولين لبنانيين.

وفيما لم تُشِر الوكالة الى المدة التي سيقضيها في لبنان، ولا الى برنامج لقاءات لودريان، أُفيد بأنّ السفارة الفرنسية وجهت الدعوة الى عدد من رؤساء الكتل والاحزاب اللبنانية للمشاركة في حفل غداء يقيمه لودريان في قصر الصنوبر ظهر يوم الجمعة المقبل.

وأبلغت مصادر ديبلوماسية مسؤولة الى «الجمهورية» قولها ان لودريان سيُطلق في لبنان «مهمة الفرصة الاخيرة»، التي تأتي في هذا التوقيت محصّنة بزخم كبير من اللقاء الاخير بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي.

وكشفت انّ لودريان يحمل معه الى بيروت طرحا جديدا يحظى بدعم دولي حوله، يتمثّل في انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية، بعدما ظَهّرت جلسة الانتخاب الاخيرة عجز مختلف الاطراف السياسية في تمرير خياراتها.

إلّا انّ مصادر سياسيّة تساءلت عن كيفية عبور هذا الطرح، خصوصاً انّ ثمّة اعتراضات مُسبقة أبدَتها بعض الجهات السياسية، لا سيما حركة «امل» و«حزب الله» الداعمان لترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ويؤكدان ان انتخاب قائد الجيش يتطلّب تعديلا دستوريا، وكذلك الامر بالنسبة الى التيار الوطني الحر.

ولفتت المصادر الى أن مهمّة لودريان تنطلق من ان هناك خيارين وحيدين امام القادة في لبنان، إمّا إدراك مصلحة لبنان وتغليبها على الحسابات السياسية والحزبية والتسليم بحل رئاسي يُفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية في وقت قريب جداً يَليه تشكيل حكومة على وجه السرعة، وإمّا «الانتحار الجماعي» عبر البقاء في دوامة التعطيل والانقسام، وهذا معناه فتح الباب واسعا امام سيناريوهات دراماتيكية، لا تهدد بتعميق الازمة المالية والاقتصادية فقط، بل تهدد وجود لبنان وبقاءه كدولة ووطن. ومعلوم في هذا السياق ان لودريان قد أطلقَ تحذيراً للقادة في لبنان مع بدايات الازمة فيه من المنحى الذي يسلكونه ويؤدي الى «الانتحار الجماعي»، في بلد شَبّهَه بسفينة التايتانيك التي تغرق ولكن من دون موسيقى. وأبدى تحوّفا جديا من ان نصل الى وقتٍ، مع تَفاقم ازمة لبنان واستمرار تقاعس القادة السياسيين وعدم قيامهم بواجباتهم تجاه بلدهم، يختفي فيه لبنان ونخسره كدولة ووطن.

 

عاطفة فرنسية وسعودية

وسألت «الجمهورية» مصادر ديبلوماسية فرنسية عن نتائج لقاء الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي، فاكتفت بالقول: ان الرئيس ماكرون والامير محمد بن سلمان تباحثا في تفاصيل الوضع في لبنان وتعقيداته، وأسّسا لما يمكن القيام به لمعالجة الازمة في لبنان.

وقالت المصادر ان المقاربة اللبنانية تقاطَعت عند عاطفة عبّر عنها الزعيمان تجاه لبنان، وارادة مشتركة بينهما بأنّ الضرورة باتت مُلحّة جداً لإنهاء المأساة التي يعيشها لبنان، والسيّد لودريان سيتحرك في مهمّته في لبنان على هذا الاساس، والتأكيد للقادة اللبنانيين على اختلاف توجهاتهم السياسية بأنه بات من المُلحّ أن يرتقوا الى مستوى مسؤولياتهم في العمل جديا لتعافي لبنان بسرعة، وإخراجه من مأزقه السياسي».

الى ذلك، نقلت مصادر ديبلوماسية لبنانية عما سَمّتها مستويات فرنسية مسؤولية تخوّفها وتحذيرها في آنٍ معاً من ان استمرار الوضع في لبنان على حاله من التعطيل لانتخاب رئيس الجمهورية، والتأخير في تشكيل حكومة انقاذ، من شأنهما أن ينحدرا بلبنان الى انفجار ووضع كارثي تشمل عواقبه كل اللبنانيين، وهو ما يضع الايليزيه والرئيس ماكرون كل ثقله في الملف اللبناني لتجنيب هذا البلد من ان ينزلق الى هذا الانهيار.

 

الجلسة التشريعية

على الصعيد التشريعي، من المقرر ان يعقد المجلس النيابي اليوم جلسة تشريعية برئاسة الرئيس نبيه بري، لدرس واقرار بنود مالية عاجلة متعلقة بفتح اعتمادات لصرف رواتب موطفي القطاع العام، حيث من دون إقرارها معناه ان لا رواتب للموظفين.

وكان جدول اعمال الجلسة محور اللقاء الذي عُقد بين رئيس المجلس ورئيس حكومة تصريف الاعمال، وبرغم ان هذه الجلسة مرجّح ان يكتمل نصاب انعقادها، خصوصاً انّ كتلاً اساسية تزيد عن الـ65 نائبا، قررت المسشاركة فيها، ومن بينها نواب التيار الوطني الحر الذي اعلن بعض نوابه انه «اذا كانت ثمة امور طارئة، واذا كان الحل متعذراً لرواتب القطاع العام» فإنّ الحضور ضروري، لوحِظ ان ثمة نوايا لدى بعض المكونات النيابية المعارضة للعمل على تعطيل نصاب الجلسة، حيث استبقوا الجلسة بإعلان عدم مشاركتهم فيها… وبات مؤكداً في هذا السياق عدم مشاركة نواب القوات اللبنانية وكتلة «تجدد».

 

الراعي

على صعيد المواقف، قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في عظة قداس الأحد امس، «إنَّ المسؤول الذي لا يصلي لن يسمع كلام الله في ضميره، ولا أنين من هم في دائرة مسؤوليّته. أليس هذا أصل أزمتنا السياسيّة في لبنان وما يتفرّع عنها من أزمات اقتصاديّة وماليّة ومعيشيّة واجتماعيّة وإنمائيّة؟ المسؤوليّة هي نوع من الأبوّة».

وسأل الراعي: «كيف نستطيع مع شعبنا، الذي تكويه في الصميم هذه الأزمات، أن نقبل بمهزلة ما جرى في جلسة انتخاب رئيس للجمهوريّة الأربعاء الماضي، بعد ثمانية أشهر من الفراغ والإنتظار، حيث انتُهك الدستور والنظام الديمقراطيّ بدمٍ بارد، وتوسّع جرح الإنقسام والإنشطار، في وقتٍ يحتاج فيه لبنان إلى شدّ أواصر الوحدة الداخليّة؟ أهكذا نحتفل بمئويّة لبنان المميّز بميثاق العيش معًا مسيحيّين ومسلمين، وبالحريّات العامّة، والديمقراطيّة، والتعدّدية الثقافيّة والدينيّة في الوحدة؟ أهكذا ننتزع من لبنان ميزة نموذجيّته، ونُجرّده من رسالته في بيئته العربيّة؟ فلا بدّ من عودة كلّ مسؤول إلى الصلاة والوقوف في حضرة الله بروح التواضع والتوبة والإقرار بخطئه الشخصيّ، لكي يصحّح خطأه، ويتطلّع إلى حاجة الدولة والمواطنين من منظار آخر».

وكان البطريرك الراعي قد أكد، في ختام سينودس أساقفة الكنيسة المارونية، أنه «فيما شعبنا يعيش مأساته الإقتصاديّة والماليّة والمعيشيّة والإجتماعيّة، جاءت جلسة انتخاب رئيس للجمهوريّة الأربعاء الماضي بكيفيّة إيقافها عن مجراها الدستوريّ والديموقراطيّ، لِتزيده وتزيدنا ألـمًا معنويًّا، وتجرحنا في كرامتنا الوطنيّة، وتخجلنا بوصمة عار على جبيننا أمام الرأي العام العالميّ، لا سيما انّ الجميع يتطلّعون إلى لبنان بأمل انتخاب الرئيس، لكي يتمكّن من الخروج من أزماته».

وختم: «أمّا من جهتنا فلا نفضّل أحدًا على أحد، بل نأمل أن يأتينا رئيس يكون على مستوى التحديات وأوّلها بناء الوحدة الداخليّة، وإحياء المؤسّسات الدستوريّة، والمباشرة بالإصلاحات المطلوبة والملحّة».

وفي بيان السنودس، دعا اساقفة الكنيسة المارونية النواب الى «القيام بواجبهم الوطني والدستوري وانتخاب رئيس للجمهورية، ثم الإسراع في تشكيل حكومة مؤهلة وقادرة تمتلك برنامجًا إصلاحيًا ديناميًا بحيث يكتمل عقد السلطات ويتأمّن توازنها وتعاونها بإرادة وطنية جامعة».

وأيّد الاساقفة «تأييدا كاملا مواقف البطريرك الراعي الذي يقوم بالمساعي الحثيثة لتعميق التفاهمات بين جميع اللبنانيين»، ودَعوه الى متابعة هذه المساعي لجمع اللبنانيين وإقامة الحوار فيما بينهم، حوار المحبة في الحقيقة، لأن هذا الحوار بات ضروريًا من أجل قراءة نقدية لأحداث الماضي وتنقية الذاكرة وفتح الطريق أمام المصالحة الشاملة. كما يؤكدون على تمسّكهم بالثوابت الوطنية، أي العيش المشترك والميثاق الوطني والدستور والصيغة التشاركية بين المكوّنات اللبنانية في النظام السياسي وتطبيقها بشكل سليم.

 

عودة

اما متروبوليت بيروت وتوابعها لطائفة الروم الارثوذكس المطران الياس عودة فقال خلال قداس الاحد امس: «إن بلدنا يعاني بسبب يد الشر التي تتلاعب به وتتقاذفه غير آبهة إلا بمصالح من استعبدوا أنفسهم لخدمتها. إثنتا عشرة جلسة لانتخاب رئيس لم تكن سوى عمليات إجهاض تمنع إنقاذ بلد، يكون وطنا لجميع أبنائه. لماذا هذا الأسر الذي يقبع فيه بعض النواب الذين يفترض بهم أن يكونوا أحرارا، وأصواتا صارخة بصراخ الشعب اليائس؟ النيابة ليست هروبا من المسؤولية بل هي تمثيل الشعب أحسن تمثيل. هل يؤيد الشعب حقا تصرف نوابه وتقاعسهم عن القيام بواجبهم الأول وهو انتخاب رئيس للجمهورية، لا بالطريقة التي يريدونها بل كما يمليه الدستور؟ هل أحسن التصرف من أدلى بصوته وغادر القاعة وكأنه غير مهتم لا بالبلد ولا بنتيجة الإقتراع؟ هل هكذا تكون الممارسة الديمقراطية؟ وهل ضياع صوت أمر عادي لا يستحق الوقوف عنده أو الإعتراض عليه؟ ما هذه العبثية المدمرة؟ كيف سيبنى وطن لا يستطيع نواب الشعب فيه احترام الدستور وانتخاب رئيس، بجدية وديموقراطية، رئيس لكل البلد، يشارك في عملية انتخابه جميع النواب، ويكون خادماً للشعب بأسره، لا لجماعات محددة فقط؟ ألم يَحن وقت التخلي عن الأنانيات والمصالح من أجل إنقاذ البلد».

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى