رأي

صراع الفاسدين المثلث(عماد عكوش)

 

بقلم د. عماد عكوش – الحوار نيوز

 

ثلاثة أطراف تتصارع اليوم حول من سيتحمل المسؤولية المادية التي وصلت اليها الحال في لبنان ، وكل طرف من هذه الاطراف يحاول ان يبعد عنه هذه المسؤولية . هذا الصراع يتراكم ويتأجج على نار هادئة ،وبدأت معالم هذا الصراع تتوضح بشكل كبير جدا، لا بل بدأت تأخذ طابع الصراع بين الادارات نفسها على تحقيق كل ادارة أو كل قطاع لمصلحته على حساب الادارات الاخرى ،كما حصل مع القضاء .

 أما هذه الاطراف فموزعة على الشكل الآتي :

الطرف الاول : الطبقة السياسية الحاكمة.هذه الطبقة استفادت لفترة طويلة من خيرات لبنان عبر التحاصص المذهبي والطائفي وما زالت تستفيد من ايرادات المؤسسات العامة وترفض التنازل عن هذه المكتسبات والتي تعتبرها ركنا اساسيا من أركان وجودها وصمودها على رأس المنظومة الحاكمة ، كما انها استطاعت ان تهرب أصولها وأموالها خارج لبنان وبالتالي تجنبت تحملها لثمن الانهيار المصرفي والاقتصادي وبالتالي اقتطاع جزء من ثرواتها عبر خطة اعادة التوازن المالي والاقتصادي .

الطرف الثاني : الطبقة الاقتصادية.هذه الطبقة والتي تتشكل من كارتلات مقربة من الطبقة السياسية أو ربما تكون شريكة للطبقة السياسية ،ومنها كارتال المصارف ، كارتال الشركات المستوردة للمحروقات ، كارتال الشركات المستوردة للادوية ، كارتال شركات الاسمنت والنحاس ، كارتال الشركات المستوردة للمواد الغذائية ، وشركات التأمين ، وغيرها من الشركات ، كل هذه الشركات اليوم تحاول ان تتهرب من مسؤولية ما حصل ولا سيما منها كارتال المصارف ، وبالتالي هي ترفض ان تتحمل المسؤولية والمشاركة في توزيع المخاطر ،وتريد أبعاد هذا الكاس عنها برمي المسؤولية على الدولة بكل تشعباتها .

الطرف الثالث : طبقة الحاشية.هذه الطبقة تمثل حوالي تسعين بالمئة من موظفي القطاع العام الذين دخلوا الوظيفة عبر التحاصص المذهبي والطائفي والحزبي ، والتي في الوقت نفسه تسيطر بشكل شبه كامل على قرار الادارة اليوم لناحية الفتح والاغلاق .ومن خلال التمعن بوجوه ممثلي هذه الطبقة تصل الى قناعة عن من هم هؤلاء والى اي أحزاب ينتمون ، وبالتالي فهؤلاء اليوم يريدون أيضا أبعاد المسؤولية عنهم عبر المطالبة بعودة رواتبهم الى ما كانت عليه قبل الازمة، وبالتالي عدم قبول تحميلهم ولو جزء من المسؤولية عبر تخفيض قيمة رواتبهم بفعل التضخم .

ان الصراع بين هذه الاطراف الثلاثة مستمر اليوم وسيستمر ولا يبدو ان هناك حلولا في الافق ،ولا يبدو ان أحد هذه الاطراف سيستسلم للطرف الاخر .

هذه الاطراف تعلم جيدا ان الشعب اللبناني غير قادر على تحمل الخسارة، لأنه لم يعد يملك شيئا ، خاصة بعد الحجز على ودائعه ، وانخفاض القدرة الشرائية لمداخيله والتي أثرت بشكل كبير على واردات الدولة والتي انخفضت الى أقل من خمسة بالمئة من الناتج القومي ،بعد ان كانت قبل الازمة تصل الى حدود العشرين بالمئة ، وبالتالي لا أمكانية لتحميله هذه الخسارة ، وأن هناك طرفا من الاطراف  أو حتى الاطراف الثلاثة مجتمعة، يجب ان يتحملوها أذا أرادو اعادة استنهاض الدولة والقطاع العام، والا فأننا ذاهبون حتما مع الاضراب المفتوح الى انهيار شامل للدولة وللقطاع العام ،وعلى رأس هذه القطاعات قطاع التعليم ، وقطاع الخدمات في الوزارات لا سيما في وزارة المالية ، ووزارة الاشغال والنقل، وأقصد مصلحة تسجيل السيارات .

الى متى ستبقى هذه المعركة قائمة ، وكيف ستنتهي ؟

 ننتظر الايام المقبلةة لتجيب عن هذه الاسئلة ..

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى